|
سيرَة حارَة 8
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4336 - 2014 / 1 / 16 - 13:22
المحور:
الادب والفن
1 " هدو "، الله يستر عليها دنيا وآخرة، كانت تعتقد أن قريباتها يعشن في بلاد السودان ( السويد !!! )، إلى أن لحقت بهن بعد حوالي عقد من الأعوام إثر زواجها بأجد المناضلين العراقيين، فدهشت لمرأى الشقراوات الحوريات فيها....! في الزيارة الأولى للوطن، جلبت " هدو " هدايا كثيرة لأسرتها وأقاربها وحتى جيرانها. ولكن، في المرات التالية عندما كانت تزور الحارة، صارت تبيع الهدايا: " هذه موضة في الثويد "، هكذا كانت تقول لمن كان يعاتبها....! إثر خلاف بسيط مع زوجها، قامت بتطليقه فوراً؛ لأن الطلاق موضة في الثويد ( السويد ) على حد قولها. ثم عادت ذات صيف للشام، وكان الجو حاراً للغاية. اجتمعت مع قريباتها في منزل أهلها، فراحت تتأفف من الحرّ. فما هي إلا برهة، حتى رفعت الباروكة عن رأسها الحليق تماماً، فأصاب الرعب من كن حولها وبدأ بعضهن بالصراخ. عند ذلك، التفتت إليهن " هدو " وقالت باستغراب: " العمى.. شو ما بتعرفوا أنه الحلاقة على الصفر هي موضة في الثويد؟ "........!!
2 " حسون "، رفيق الطفولة والشباب، قبض أول دفعة فلوس من المتعهّد الذي سيحوّل منزل أسرته إلى بناية شامخة، مطلة على شارع أسد الدين. فقام صديقنا صلّح أسنانه وحسّن مظهره. بعد ذلك، قرر أن شكله سيكون أكثر هيبة بالنظارات الطبية. ولكن هذا خلق له أكثر من مشكلة لاحقاً. ففي أحد الأيام، كان ينتظر الباص في مركز الشام. فما أن ركب وسط الزحام، حتى انتبه بعد دقائق إلى أن سير الباص يتجه صعوداً أكثر من اللازم. عندما أطل من النافذة، عرف أنه في الطريق الخطا. فبدأ يصرخ بالسائق أن يقف، ولكن هذا استمر حتى المحطة التالية. لما توقف الباص، سأل " حسون " الشوفير: " أهذا ليس باص ركن الدين؟ "، فأجابه هذا: " بل إنه باص الشيخ محي الدين "....! في يوم آخر، توجّه صديقنا إلى مركز الفيحاء لتبديل هويته بأخرى جديدة. هناك، لاحظ أن الموظفة تطلعت في عينيه ثم كتبت شيئاً. فلما استوضحها، فإنها أخبرته بأن كتبت أن لون عينيه بني. عندئذٍ، رفع " حسون " النظارة الطبية عن عينيه وصاح بالموظفة بغضب: " انظري جيداً من فضلك! ". ارتبكت الفتاة المسكينة، فأنجدها زميلها الذي التفت إلى صديقنا وسأله: " أخي ماذا كان مسجلاً عن لون عينيك في الهوية السابقة؟ "، فأجابه: " عسليتان "........!!
3 من ألقاب أولاد الحارة، كان المرء يعرف شخصياتهم. وكان " أبو عنتر " و " علي بطل " من قبضايات الحارة وربطتهما صداقة متينة في شبابهما. إلى أن قرر " علي بطل " أن يترك حياة العزوبية، فتزوج فتاة من دمشق القديمة.... ذات مرة، شكا بطلنا لأصدقائه من خلاف حصل مع شريكة حياته وأنها " حردانة " في بيت أهلها. ما أن اختلى " أبو عنتر " مع الشباب حتى طلب من بعضهم أن يرافقه في الغد إلى منزل حمي " علي بطل "، لكي يحاول التوفيق بين الزوجين المتخاصمين: " وستكون مفاجأة لصديقنا علي، حينما تعود هي إلى منزله "، قالها بثقة.... في اليوم التالي، عندما قرع " أبو عنتر " ورفيقه بابَ أولئك الشوام، ظهر ابنهم كي يسأل عن مرادهما. فقالا له أنهما يرغبان بمحادثة أبيه بشأن شقيقته زوجة " علي بطل ". وإذا بهذا الغلام يصرخ بهما: "انقلع من هنا، ولاه انت وهو ! ". فقال له " أبو عنتر " بلطف " عمو، انده لوالدك لأن الحديث هو بين الرجال " " يلعن أبوك على أبو الرجال، ولااااا "، أجاب الغلام مجدداً وأتبع ذلك بدفع الوسيط في صدره. هنا، جن جنون " أبو عنتر " فانهال ضرباً بالفتى غير المؤدب....! عندما عاد الصديقان من تلك الزيارة الخائبة، قررا ألا يفتحا موضوعها لأحد. ولكن، ما ان مضت بضعة أيام، حتى جاء " علي بطل " إلى صديقه " أبو عنتر " ليخبره بأنه تسلّم ورقة من المحكمة، تفيد أن زوجته تطلب الطلاق........!!
4 عبد الكريم الأيوبي، " أبو عناد "، كان شخصية وطنية واجتماعية، محترماً من قبل أهالي الحيّ؛ وخصوصاً في حارته، الممتدة من " جسر النحاس " إلى " ساحة شمدين ".... في بداية السبعينات، كانت الأحزاب الكردية ما تفتأ مضيقاً على نشاطاتها في سورية البعث. آنذاك، شاء رفاق حزب " البارتي " أن يعقدوا اجتماعاً طارئاً ( كونفرانس )، ولكنهم احتاروا في اختيار المكان المناسب، الذي لا يجلب شبهة المخبرين. وبما أن " أبو عناد " كان يقدّس البارزاني الكبير، فإنه رحّب بعقد الاجتماع بمنزله عندما طرحت الفكرة عليه. بعد عدة أيام، قامت دورية للأمن باقتياد " أبو عناد " إلى الفرع. هناك، أنكر الرجل أن يكون قد استضاف اجتماعاً حزبياً في بيته، مؤكداً أن الضيوف كانوا من أبناء حارته وأنه مستقل الخ.... حينما تدخل بعض المتنفذين من الحارة، بشأن القضية، قيل لهم أن المسألة سوء فهم وأنه سيطلق سراح الموقوف في الغد. وهذا ما حصل، فعلاً. ولكن، ما أن وصلت السيارة التي تقل " أبو عناد " إلى مدخل الحارة، حتى كان أهاليها قد هرعوا جميعاً لاستقباله، لتنطلق الزغاريد والتهليلات مترافقة مع اطلاق كثيف للنار. خرج المحتفى به من السيارة، ثم سار نحو منزله وهو محاط بذلك الجمهور العريض من المهنئين. فما أن مرّ بغلام في نحو العاشرة من عمره، حتى ربتَ على رأسه مداعباً ثم سأل مرافقيه: " من هذا الولد؟ " " ياوو، ألم تعرفه حقاً؟.. إنه ابن جاركم فلان "، أجابوه. هنا، قال " أبو عناد " بلهجة تعبّر عن الدهشة والاستغراب: " ما شاء الله! قبل أن أعتقل كان هذا الولد صغيراً جداً، حتى أنني لم أتعرّف عليه الآن "........!
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل عَظمة
-
أحلام مشبوبة
-
الشاطيء الشاهد
-
النمر الزيتوني
-
فكّة فلوس
-
القضيّة
-
الطوفان
-
مسك الليل
-
خفير الخلاء
-
البرج
-
طنجة؛ مدينة محمد شكري 3
-
طنجة؛ مدينة محمد شكري 2
-
طنجة؛ مدينة محمد شكري
-
سيرَة حارَة 7
-
في عام 9 للميلاد
-
سيرَة حارَة 6
-
سيرَة حارَة 5
-
سيرَة حارَة 4
-
في عام 10 للميلاد
-
سيرَة حارَة 3
المزيد.....
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|