أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كارين عائق - سَفَر














المزيد.....

سَفَر


كارين عائق

الحوار المتمدن-العدد: 4335 - 2014 / 1 / 15 - 12:45
المحور: الادب والفن
    


"احزمي الحقائب ،أمتعتك وأمتعة الأطفال.يجب أن تنزحوا الى القرية المجاورة".اغتالتني كلماته التي جاءتني حادة ،ثقيلة بعد صلاة الفجر.
في الماضي كنت أجلس منتظرة بعد صلاة الفجر ليأتيني كبيراً ،عظيماً فوق كل شيء ،بإيمانه الشعبي الرقيق-;-في صباي كنت قد قررت ألا أرتبط إلا بمن أرى فيه إلهي .الآن وبسبب نزوحنا أدركت أن الإله لا يمكن أن يكون حكراً لي فقط.
هناك متسعاً من الوقت لأفكر بماذا يمكن أخذه من أمتعة أو حتى تحضير بعض الأطعمة للأطفال وألعابهم المفضلة وكأني أحاول أن أحزم لهم عالمهم معهم في حقيبة نزوحنا . ،كان هذا أصعب ما واجهته أن أخلق وطناَ لأطفالي ناهيك عن الجهد الذي كنت أبذله لأشعرهم بأن كل شيء عبارة عن لعبة وهروبنا عبارة عن نزهة ،لكي أبعد عنهم الخوف على الأقل.
الا أن الوقت ضاق بي لأحجِّم حنين الماضي والحاضر للبيت الذي أحببت فيه إلهي....
تكدسنا نحن النسوة والأطفال خارجاً،بات كل الرجال رجالنا والنساء, نساء جميع الرجال، حتى الأطفال. طلبتُ من ابني و ابنتي الإمساك بمعطفي بقوة -;-اذ لم تعد يداي تتسعان سوى لابنتي الصغيرة والحقائب.
شعرت حين لامست أيديهم الصغيرة معطفي وكأن كل يد تلامس زاوية من زوايا قلبي حتى اذاما بقيت زاوية فرغت منها يد طفل، أسرعت الى زرع نظراتي على طفل إحد ى الأمهات، فما زال له متسعاً في قلبي ......
كان هذا حال كل النسوة، ننظر بصمت الى بعضنا البعض، نحتضن أطفالنا وأطفال الآخرين بصت-;- فكل منا تعرف أنها قد تكون المشروع الجديد المنتظر الذي قد يطبقه الموت على أرض الموت. الى أن جاءنا صوت امرأة ترك الزمن آثاره بقسوة النظام على وجهها، تقول بصوت متهدرلا يخلو من الأنوثة :"دعونا نهب الى الصلاة أيتها النسوة، فلا أحد يدري ما المُخبأ لنا" ذهبنا خلفها وبصمت أيضا , الا أنه لُوِّنَ بطمأنينة خفية استنبطها صوت المرأة اليشوعي الذي فجر جدار الخوف، ّكما زلزل بوق يشوع جدار أريحا.
بعد الصلاة تكدسنا مرة أخرى، الا أن المكان اختلف،وقفنا كالأغنام في الشاحنة أمام أزواجنا.سارت بنا الشاحنة الى القرية المجاورة،استقبلنا أهلها بكل حرارة و أسى خال من الشفقة وكأنهم يقولون:"ذات المصير ينتظرنا ......اشتدت عزيمة الشيطان وهانت عزيمة...."
دخلنا بيوتهم ،تشبه بيوتنا كثيرا ،متواضعة كنظراتهم.حاولت اللعب مع أطفالي ،اطعامهم بقصد ادخال روتين الحياة اليومية ،الاعتيادية..
حبيبي،لم أعد أفكر به إلا مساء حين أخلد الى النوم "أكان من الضروري اشتراطي رؤية الهي في الرجل الذي سيشاركني بي وبالحياة؟!كان يجب أن أكون أكثر ذكاء من هذا وأعرف أن الإله لا يمكن أن يكون لي وحدي فقط فالإله الذي في داخله ملك للجميع.....الا أني أعود فأقول "ولهذا السبب أحببته ،لرجولته ،لجبروته ولبراءته أمامي".
مضت أيام ونحن نصارع المجهول ،ما من أحد من النسوة تعرف ماالذي ينتظرنا ولا حتى المصير الذي واجهه أزواجنا الى أن فاحت فجأة رائحة الموت بالقرية التي نزحنا اليها ،ثقبت أعينا جبروت الموت على أجساد بعضاُ من رجالها.
فوجِئت كيف ولماذا؟معظم سكان هذه القرية من العجزة ،النساء والأطفال النازحين.لم تكن مرئية والآن تزلزل جحافل الموت أرضها والموت يخم قاسياً ،غريباً ،مخيفاً.
هرعتُ أحفر في أرض المنزل التبني الذي نقيم فيه وجاء بعض الرجال الطاعنين في السن لمساعدتي .حفرتها بحيث تتسع لخمسة أوستة أطفال في وضعية الوقوف.لم يعد الآن بمقدوري الا أن أصارح الأطفال بالحقيقة ،فطلبت منهم الصمت و أن يمثلوا دور الأموات في حال عثر عليهم أحد مانحي الموت،أنزلنا الأطفال الى الحفرة ،كنا منهمكين جداً في انزال أكبر عدد ممكن من الأطفال ووضع البسط فوق الحفرة -;-الى أن طعنت مسامعي صوت المرأة الطاعنة في السن ذاتها خارج المنزل،على الشارع الضيق تقول لأحد جنود الموت بصوت مرتجف ،مخنوق الجبروت , منهزم:"اتركوه لي، ألا يحق لي أمنية واحدة قبل أن أُقتَل!اتركوا جثة ابني لي أتوسل اليكم، أنا بيدي هاتين سأعيث بهافساداً، أرجوكم اتركوا لي هذه المهمة......."



#كارين_عائق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم جسد


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كارين عائق - سَفَر