|
حوار العيون
الرفيق طه
الحوار المتمدن-العدد: 4334 - 2014 / 1 / 14 - 16:46
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
دخل الوكالة التجارية ، ادار وجهه يمينا ثم يسارا ، حرك بذلته و لملمها . بذلة متناغمة مع وسامة وجهه و قامته الكاملة . كان المكان هادىًا جدا ، لا يمزق صمته الا صوت الهواتف النقالة و اشارة اللوحة المنظمة للزبناء. اتجه احمد نحو الة موزعة الارقام . سحب رقمه و ادار وجهه نحو كراسي الانتظار . تصادفت عينه نحو منقبة تسحب محفظتها من الكرسي المجاور و عينيها تقول من تحت الثوب هذا كرسي فارغ لك . من شدة حياىًه اكمل دورته على الجالسين ليجد مكانا فارغا بجانب شيخ طاعن في السن . قبل الجلوس سلم على الشيخ الذي دعا له بالربح و الرضى ، قال امين و جلس . جلب ورقة الترقيم من جيبه و تاكد من رقمه و نظر للوحة الاليكترونية و اعاد الورقة لجيبه .جلب هاتفه النقال . لم يكن يقصد اظهار نوعه الفاخر ، و لكنه فقط يشعر بحرج وسط اناس لا يعرفهم، لذلك يبحث عن اي شيء يشغل به نفسه . رن الهاتف و وضعه على اذنه اليمنى ليجيب بثبات و بصوت خافت ، رفع عينيه دون هدف لتسقط على المنقبة . لم ير منها غير عينيها وسط كومة من الثوب الاسود الداكن . انفتحت عينيها بين الثوب طويلا ثم اغلقت و فتحت مع حركة تشير لابتسامة واضحة . يتكلم احمد لمخاطبه في الهاتف دون ان يسمع احد ماذا يقول ، بل هو نفسه لا يعرف ماذا يقول . بقدر ما يشعر باهمية المكالمة في هذه اللحظة ، يشعر بصعوبة الاستمرار فيها خاصة ان المخاطب على الهاتف لم يالف التمتمة في اجوبة احمد . لم يعد احمد يشعر لا بسعة المكان و لا بمن فيه و لا بمن يكلمه على الهاتف ، لكنه وجد نفسه في بحر ليس له حدود غير اهذاب عيون المنقبة . فقد كل الاحاسيس بذاته كاملة . يشعر بذاته و كانها كرة تتقاذفها امواج البحرالعاتية . انقطعت المكالمة ، و اعاد احمد الهاتف لجيبه ، يشعر بحرارة في اذنه اليمنى و بعرق ينزل من اعلى ظهره الى وركه ، و عيناه منحنيتان للاسفل . لحظة و انتابته رغبة في اعادة اكتشاف ما عاشه و شعر به اثناء المكالمة . رفع عينيه بحذر شديد نحو المنقبة من الاسفل نحو الاعلى ، الثوب المتدلي و الفضفاض لم يسمح لعينيه بالرسو على شيء ما ، الا حركة اليدين المخفيتين و هي تقلب اشياءا بمحفظتها . و كان السيدة تقصد التنكر للحوار الذي دار بين عينيهما . لكن احمد اصر ان يبقي نظره على المنقبة حتى يعرف ما حقيقة الامر . اطالت السيدة البحث في محفظتها و اشياء داخل ثوبها دون ان تهتم بمن حولها . رنت اللوحة الاليكترونية و نهضت المنقبة من الكرسي . سرقت نظرة من عيني احمد و هي تتجه نحو الشباك . تابع هو خطواتها دون احتسابها الى ان توقفت امام الشباك . ركز نظره عليها من خلف دون ان يعرف عنها شيىًا سوى قامتها و شكل وقوفها الذي يظهر انها شابة في العشرينات من عمرها . الثوب الاسود يخفي كل شيء سوى كتفيها ، و رغم ذلك بقي احمد يلقي نظره عليها الى ان رنت اللوحة معلنة رقما اخر و مشيرة لنفس الشباك . استدارت السيدة و اتجهت لكرسيها ترتب اوراقا و اشياء اخرى داخل محفظتها دون اي اهتمام بالحضور . بعد لحظة وقفت و رمت نظرتها لاحمد و اتجهت نحو باب الوكالة . تابعها احمد بعينيه الى ان خرجت و غابت عن نظره . في هذه اللحظة لمسه الشيخ بركبته و قال له اعطني رقمك و خذ هذا . مد احمد الورقة للشيخ و اخذ منه الاخرى دون ان يعرف السبب لان وقار الشيخ لم يسمح له بالتفكير او التردد . قال الشيخ و يده على ركبة احمد ،و بصوت جد منخفض لا يسمعه الا احمد، انا لا ينتظرني شيء غير صلاة الظهر و موعدها بعيد ، اما انت فان السيدة المنقبة ستتاخر عنها خارجا . ابتسم احمد بحرج و حشمة ، و نهض نحو الشباك .(...). جمع اوراقه و بطاقته و عاد للشيخ شاكرا على الجميل بهدوء تام ،. اتجه الى خارج الوكالة . بلهفة غير متناهية و كانه يبحث عن شيء مفقود، ينتظر روًية اللون الاسود . المنقبة تقف قرب الساحب الاليكتروني .ابتسمت بعينيها و من تحت ثوب حركات وجهها تشير لابتسامة الوجه . اتجه احمد نحوها بخطوات متسارعة و هي تقترب منه بثقل . سحبت ورقة بيضاء بين سواد الثوب و امدتها له و اتجهت نحو سيارتها الفاخرة المتوقفة بالقرب . يراقب احمد خطواتها الى ان تحركت السيارة و اشارت له بقبلة بيد على الفم . فتح الورقة التي كتب عليها : " لن اضيع وقتك اكثر و هذا رقم هاتفي الشخصي و عنواني ..............." قبل الورقة ووضعها في الجيب الايسر لقميصه و هجر المكان . طه 13/01/2014
#الرفيق_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقاء صامت
-
اعتبار العدل و الاحسان جزء من الحراك المغربي خسارة للرهان .
...
-
اعتبار العدل و الاحسان جزء من الحراك المغربي خسارة للرهان .
...
-
مصر بعد سوريا و العراق ... امريكا تدمر المنطقة 2 ( ذرائع الت
...
-
مصر بعد العراق و سوريا .. امريكا تدمر المنطقة 1
-
تسييس العفو و اعفاء السياسة ملاحظات اولية في العفو عن البيدو
...
-
مصر بين شرعية النص و شرعية الميدان. الجزء الاول
-
مصر: الاخوان ، الجيش و المعارضة اي سيناريو
-
البيان في علاقة 20 فبراير بالعدل و الاحسان
-
فاتح ماي/ ايارللعمال اية علاقة ببن كران ؟
-
اليسار و اشكالية النضال الدمفراطي ( مساهمة في ندوة psu 7/8/1
...
المزيد.....
-
مقررة أممية: اعتداءات إسرائيل على النساء الفلسطينيات جزء من
...
-
بين القابلة والطبيبة النسائية.. قيود اجتماعية تعيق وصول النس
...
-
مقتل سيدة على يد شريكها.. إسبانيا تسجل أول ضحية للعنف ضد الن
...
-
من تعدد الزوجات الى التطاول الجنسي على الأطفال
-
“رابط متاح” التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 بال
...
-
بالصور| وقفة احتجاجية في ساحة الفردوس ضد تعديل قانون الاحوال
...
-
رابط مُفعل للتسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 بالج
...
-
ضجة فيديو ممرضة ترقص فوق رأس مريض.. شاهد ماذا كان مصيرها
-
استمتع بأجمل اغاني الاطفال على قناة كراميش بترددها الجديد 20
...
-
قافلة الاطفال الجرحى والمرضى وعائلاتهم تتجه الى معبر رفح للع
...
المزيد.....
-
العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا
/ وسام جلاحج
-
المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما
...
/ محمد كريزم
-
العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا
...
/ فاطمة الفلاحي
-
نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟
/ مصطفى حقي
المزيد.....
|