أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - اوراق على رصيف الذاكرة ،،3















المزيد.....

اوراق على رصيف الذاكرة ،،3


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4334 - 2014 / 1 / 14 - 13:55
المحور: الادب والفن
    


فوق التل ... تحت التل!!!؟3

الرائد
الطبيب نافل...ضابط التوجيه السياسي والرفيق البعثي منذ أن كان معي طالبا في كلية الطب .. لم. تغير الرتبة والشهادة والموقع الحزبي من طباعه القروية و أصالته وتربيته.. كان فقيرا وذكيا جدا .. عرفته في الكلية يكتفي بالمحاضرة التي يلقيها علينا الأستاذ .. يحفظها مباشرة .. اضطرته الظروف للتطوع في الجيش وهو طالب في الكلية، فكان لزاما عليه أن ينتمي للحزب القائد... كنا نثق بشهامته ونبله فنتجرأ ونطلق النكات المحضورة التي كثرت أثناء الحرب والتي يكفي سرد أحدها لأرسال راويها الى خشبة الإعدام أو يكون مصيره طعاما للكلاب!!! كان يبتسم وأحيانا يضحك كثيرا  ثم يسكتنا بتهديد قاس .. ثم بعد أن يأخذ نفسا عميقل من سيجارته يعود الى نصحنا بالكف عن ذلك اللهو الخطير.. أحيانا كان يقول محذرا ؛ سبوا عفلق ، أضحكوا على عزت ، ولكن إياكم والسيد الرئيس.... كان في موقع حساس وحساس جدا.. لكنه وأثناء رحلات صيد كنا نقوم بها بين الحين والآخر وحين تهدأ الجبهة، كان يتحرش بنا مستفسرا : أما من جديد!؟ 
كان يخلط بين الجد والهزل لكنه لم يتزحزح يوما عن أصالته .. كانت يعمل في وسط وسخ مكون من شلة من الانتهازيين والقتلة والمجرمين!!.. كانوا لايكتفون بالبحث عن (أعداء الحزب والثورة) بل كانوا يؤلفون القصص ويكيلون شتى الإتهامات للآخرين من أجل الإيقاع بهم وصعود سلم الخزي عاليا نحو قمة القمامة
كنا نناقش المشكلة التي نحن فيها أنا والطبيب نافل.. تجاوزت عليه بما أحفظ من أنواع الشتائم والكلمات النابية وحيث يخلو بنا المكان.. كان يكتفي بالإبتسام.. عاتبته كثيرا واتهمته(جزافا) بأنه كان يستهدفني باختياره لي عضوا في تلك اللجنة ولديه عشرات الضباط الأطباء الدائميين ومن مختلف الرتب والدرجات الحزبية .....أجابني وهو يبتسم : نعم اخترتك لأن ن ض (اب..) أوصلك بتقارير( مدحه!)الى حد الذقن وأنا بهذه اللجنة وضعت يدي على رأسك لكي أرسلك الى قاع البحر..!!
أضاف وقد أغمض عينيه؛ الوقت يداهمنا وهؤلاء الجنود أخواننا وظروف المعركة وساحات القتال تجبر الإنسان أحيانا أن يحتمي بأخيه تفاديا للرصاص.. 
أرسل إلينا الطبيب العدلي بطائرة حوامة! .. رافقه هذه المرة عقيد استخبارات مرسل خصيصا من قبل قائد الفيلق..!! أصبحت قضية أولئك الجرحى الشغل الشاغل له.. يمكن أنه قد تصور إعدام هؤلاء سوف يعقد له راية النصر وحسم المعركة...
حين قام الطبيب العدلي بفحص جروحهم علق قائلا: وماذا تنتظرون ؟! هذه كلها إصابات متعمدة لا شك فيها!!!
تهلل وجه ضابط الإستخبارات  العضو في اللجنة فرحا وقال وكأن حملا ثقيلا قد أزيح عن كاهله: إذن سوف أخبر السيد القائد بالقرار!!
كنا قد توقعنا مسبقا رأي الطبيب العدلي ،هذا، لكننا ضابط التوجيه وأنا كنا نراوغ من أجل كسب الوقت وإطالته لعل أمر آخر سوف يستجد.. قال لي رائد نافل: سوف يكون لك الشرف بأن تدفن مع رفيق حزبي تكن له الكراهية والحقد منذ زمن طويل!! أضاف : لو اخترت فلان لكانوا هؤلاء معدومين خلال ساعات!! أضافت كلمات زميلي لي دافعا وقوة إضافية للمراوغة والإصرار على إنقاذ أولئك المساكين!! بل كان لوجوده معي وإسناده لي عاملا مهما ومصيريا لمقاومة رغبة القائد... 
تذكرت ذلك العقيد الجريح الذي استلته عناصر الإستخبارات من ردهة الطوارئ قبل عام وهو يهتف بحياة السيد الرئيس !! كان قد أصيب  بقفا قدمه اليسرى بإطلاقة شمت رائحتها عناصر المنافقين!!  
 اتفقنا على محاولة إقناع الطبيب العدلي بايجاد بابا من أبواب الرحمة في هذه الورطة .. كان مترددا وخائفا بل مرعوبا من اتخاذ قرارا نهائيا.. قلت له أمام ضابط الإستخبارات: سيدي هؤلاء جنود القوات الخاصة ومن لواء  العقيد كامل ساجت الذي يعتز به السيد الرئيس القائد حفظه الله!! فغر رائد نافل فاه وهو يتابعني .. أضفت:  نعم معظم الدلائل تشير الى أذية النفس ولكن وجود الوشم البارودي حول الجروح وبداخلها يجب أن يؤكد بالتحليل الكيمياوي ولذا أطلب أن  نقص من الجروح أجزاءا ونرسلها الى مختبر الطب العدلي في بغداد لكي لا نظلم جنود القائد صدام حسين!!!
عقدت المفاجأة ألسن الأعضاء حين أقحم إسم السيد الرئيس! ابتسم رائد نافل واستشاط غضبا وخوفا ورعبا ضابط الإستخبارات... 
كانت الساعة قد جاوزت الواحدة فجرا..  غادرنا ضابط الإستخبارات حاملا هذا الرأي الى مراجعه وعدنا الى المستشفى ... كانت سيارات الإسعاف لا زالت تنقل المزيد من الجرحى والشهداء..
دلفت الى صالة العمليات وأنا خائف من أن تزورني مفرزة من زوار الليل .. في الصباح ذهبت الى مركز الشباب لكي أتابع الجرحى العشرين الذين أخذت جروحهم تتقيح ! كان الراديو يبث أناشيد فرح وانتصار!!  
لاحضت أن المركز يسوده هدوء غريب وغير عادي.. تزايدت دقات قلبي وأصبحت أحسها كدقات مطرقة تكاد أن تخترق أضلعي..  كانت باحة المركز كبيرة وترائى لي أن ممر الدخول أصبح طويلا وطويلا جدا.. كنت أسمع الأغاني وأناشيد الإنتصار وهي تصدح بها مكبرات الصوت كانت تدق في مسامعي كأنها عواء الذئاب!! كانت وجوه جنودي المصابين ماثلة أمام عيني وعيونهم ترنو إلي معاتبة وهم مقيدين ويسحلون نحو خشبات الإعدام... لمحت كلبا قد خرج من باب المركز وقد ولى هاربا حين رآنا وهو يخفي ذيله بين سيقانه الخلفية  بذل وخوف..كانت الردهات خالية .. !! قلت في داخلي : عملوها إذن؟؟!!!سارع جندي بالإجابة على تساؤلي قبل أن أسأل: سيدي، لقد جاء القائد بنفسه فجرا وأطلق سراحهم مستصحبا إياهم للتكريم !! أضاف فرحا: سيدي لقد خاطبهم السيد القائد : أولادي كلكم أبطال وكانت إصاباتكم نتيجة اشتباك بطولي قريب...

ملاحظة أخيرة
( رواية حقيقية عشتها لحظة بلحظة ... في اليوم التالي كنت في العيادة الخارجية  لمستشفى العمارة العسكري .. راجعني نفس الجنود وكل منهم معلق على صدره نوط الشجاعة والبعض منهم يحمل توطين... أحدهم كان يحمل نوط الشجاعة وزينت كتفيه ب كوكبة ... فصار ملازم ثاني..أثار ذلك لدي تساؤلا فاخترت أحد الجنود المكرمين ؛ زميلي في ثانوية الحي فسألته عن ذلك  ولا زال مكتئبا: سيدي لقد كان بالفعل اشتباكا قريبا.. لقد أخذ السيد الرئيس برأي السيد آمر اللواء كامل ساجت ورفض رأي الفخري! أما الملازم الثاني الذي سألت عنه فهو طباخ السيد قائد الفيلق!!!!  ثم أضاف منكسرا وبنبرة حزينة: سيدي أرجوك أتركني ! ينتظرني ماراثون من نوع آخر مع صديقي الذي سوف يلتصق بي راكضا .. عزرائيييييييل....)
 



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوراق على رصيف الذاكرة...3
- اوراق على رصيف الذاكرة....4
- اوراق على رصيف الذاكرة ...2
- اوراق على رصيف الذاكرة 1


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - اوراق على رصيف الذاكرة ،،3