جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4334 - 2014 / 1 / 14 - 01:05
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
حائط من الكراسي
اتذكر و انا تلميذ في الابتدائية عندما كانت والدتي تقول لي: ابني اذا وجدت نفسك يوما ما في مكان منعزل بعيد و مظلم و سيطر عليك الخوف اقرأ اية الكرسي (الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تاخذه سنة و لا نوم له ما في السماوات و ما في الارض..). كنت اعتقد بان الله سوف يقوم ببناء حائط قوي من الكراسي ليحفظني من كل مكروه بمجرد قراءة الاية السحرية و لا يستطيع احد ان يخترق هذا الحائط.
دعني اقول لك فعلا و بسبب ايماني العميق سابقا تبددت المخاوف جميعها سرعان ما انتهيت من تلاوة الاية السحرية اما اليوم و لاني لا اؤمن بحيطان الكراسي و لا بالاعراش ينتابني خوف رهيب اذا تيهت طريقي في الليل في مكان بعيد خارج المدينة.
تقول دراسة جديدة لـ Michigan State University بان الانسان المادي بعكس الانسان الروحي يخاف اكثر و هو فريسة اسهل للاستغلال و يعاني من مشاكل نفسية اكبر عندما يمر بخبرات مرعبة سواء كانت كوارث طبيعية او حروب و يميل الى التعويض القسري عن هذا القلق بالاستهلاك و هو عادة اقل ثقة بنفسه. تؤكد الاستاذة Ayalla Ruvio من معهد MSU التجاري بان الانسان يميل الى الزيادة في الشراء و الاستهلاك كلما زادت المصائب و الكوارث و لكن في النهاية يؤدي هذا الاستهلاك القسري الى انهيار و تعب اكثر.
يمكننا ان نقول ان المادية تزداد بزيادة الكوارث. طبعا ليس المقصود بالانسان الروحي هنا المؤمن الذي هو اكثر مادية من الملحد بل الذي يتجرد و يستغني. اثبت بحث اجري على 170 مواطن من مدينة اسرائيلية عام 2007 تعرضوا لقصف فلسطيني مستمر و خوف 855 مواطن امريكي من الموت ان العلاقة بين الخوف و المادة اعمق عما نتصور:
المادة = زيادة الخوف و المشاكل النفسية و قلة الثقة بالنفس و سهولة الوقوع كفريسة للاستغلال
و هذا يعني ان المادي هو المستهلك الافضل اي ان بفضل اخبار المصائب الكوارث في وسائل الاعلام يمكن خلق محيط من الخوف و الذعر لاجل دفع الناس الى الشراء و الاستهلاك اي ان هناك علاقة وثيقة بين اخبار الكوارث في التلفزيون و زيادة مبيعات الشركات.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟