|
اوراق على رصيف الذاكرة...3
طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)
الحوار المتمدن-العدد: 4334 - 2014 / 1 / 14 - 22:10
المحور:
الادب والفن
أوراق على رصيف الذاكرة. 3
سارع المتواجدون لإنقاذ الجندي المعدوم من ذلك الطبيب الوحش اذي انقض على رقبته .. كان الجندي مستسلما وكأنه يستعجل الموت والخلاص.. لم يبد أية مقاومة ولا إعتراض.. فقط أخذ يردد ما كان يستجدي به .. الخاطر الحسين .. امويه!!! كان ن ض (اب) ينظر الى وكيل الآمر مستفسرا ومتحفزا وكأنه متسابق ينتظر لطلاقة البدء بالركض! وبصورة مفاجئة وضع الوكيل حدا لحبرته وتردده فأوعز للجنود بجلب عربة نقل وأمر بحمل المعدوم الى ردهة الطوارئ لإسعافه فورا.. سارع الجنود وهم غير مصدقين بحمله فورا وكأنهم كانوا يتمنون ذلك القرار..صنعوا له من سواعدهم نقالة قبل أن تصل العربة وانطلقوا به مسرعين ... تجمع عدد كبير من المضمدين حول المعدوم!! كل كان يحاول أن يبدي مساعدة لإنقاذه .. وكأنهم مجموعة من البشر تجد في إطفاء نار شبت بملابس أحدهم... تحول القاووش الى خلية نحل .. هذا يحاول أن يجد وريدا في ساعد المعدوم وذاك يمسح وجهه بقطن مبلل ،، وآخر يدني من فمه قدح الماء ويسند ظهره يساعده الآخر... لمحت الدموع وهي عالقة بعيون المنتسبين وهم يحاولون أن يكبحوها خوفا من أعين المتلصصين! قام أحد المنتسبين بنزع حذاء المعدوم ثم أخذ يوسع بمقصه فتحة السروال التي خلفتها الإطلاقات .. كان يتلفت حذرا ولمحته يقص أثناء عمله أجزاء من السروال مشربة بالدم المتيبس ويلقيها في سلة في أسفل السرير.. لاحضت أنه قد تبع إحدى الخرق منحنيا ثم قام بدسها بخفة وحذر في جيب سرواله !!! واستمر في تنظيف وتضميد الجرح.. أمر الوكيل بتحضير قنينتي دم وأوعز للمخدر بأن يسبقه الى صالة العمليات ثم مسك يدي وألقي نظرة نحو ن ض (اب) الذي كان يراقب الوضع باهتمام مفضوح ويقوم برحلات مكوكية الى بدالة المستشفى التي كانت قريبة من القاووش... سحبني الوكيل واتجه الى غرفته وهو يوعز الى الطبيب المقيم لإخباره عن حالة المعدوم.. ثم خاطبني بصوت مسموع : لديك حالة أخري من حالات البتر التي لا تستسيغها!! في غرفة الوكيل ألقى كل منا جسده على الأريكة متهالكا بعنف كحجارة كبيرة ألقيت في النهر..أستل سيجارة وناولني أخري وقمنا تنفث الدخان في فضاء الغرفة بشراهة وسكون... انتفض الوكيل فجأة وقال باشمئزاز وحدة : بربك هل رأيت وحشا كهذا الجبان ؟! والله سوف أرسله الى جحور منطقة الحرام في الجبهة.. كنت أعرف أنه كان يقصد الدكتور(ح)!! ذاك الذي انقض على رقبة المعدوم! أجبته : جبان ثم أضفت مستفزا الوكيل الذي كان يحرك يديه في الهواء بعصبية وهو يتكلم .. ما أن تنقله حتى يرديك بتقرير مذنب ذو عشرة زعانف.. أضفت: الآن هو وطني غيور بنظر الرفيق ن ض (اب) !! ثم أكملت سخريتي بقولي: كان من حقه أن يخاف .. كان قد قام بفحص الجنود المعدومين في ساحة الإعدام وقد قرر أنهم قد ماتوا، وما بقاء هذا على قيد الحياة الا دليلا على فشله كشاهد و تعمده ( في نظر الحزب والثورة) إشاعة الفوضى... تنفذ عملية الإعدام من قبل فصيل كامل.. يتوزعون على إرسالين أي سطرين من الرماة. السطر الخلفي واقف والأمامي يبرك جالسا مستندا كل من أفراده. على ركبة والأخري يثنيها بزاوية قائمة تسند بندقيته المصوبة نحو الهدف! وكلهم يرمون نحو صدور الضحايا.. لكن الذي يحدث عادة كما فسر الوكيل، هو أن بعض الرماة يرمون في الهواء تفاديا لذنوب القتل!! أو يصوبون نحو أجزاء ليست قاتلة وهذا الجندي مثال.. أضاف : ثم يأت ضابط حقير فيرمي رؤوس من لم يقضوا بما يسمونه ( طلقة الرحمة) .. قلت له : انه محظوظ وسوف يعفي عنه السيد الرئيس ثم أضفت مستفزا السيد الوكيل الذي عرف عنه الحذر عادة: سبق وأن عفى الزعيم عن حالة مشابهة عام 959!! أصبت منه مقتلا حين تطرقت للزعيم فأجاب بحدة : إش يا رجل والله إن سماك ن ض ( اب) سوف يكون مصيرك كهذا المعدوم ثم أضاف ؛ إستر علينا بروح جدك.. فتح الباب ودخل ن ض (اب) منتصبا كأنه الرمح وكأن كلمات الوكيل قد شفطته من قاع حفرة الخراء! أدى التحية بتثاقل مفضوح وهو ينقل نظراته بيننا ثم أخبر الوكيل بأنه أرسل موقفا بالموضوع الى استخبارات الفيلق وقد أوصوا بالإستمرار بإسعاف المعدوم .. نهضنا كلينا في آن واحد وهمست للوكيل متفاخرا : ها ألم أقول لك سيدي!!؟ ،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كانت ردهة الطوارئ كبيرة وقد احتفظت لوحدها بإسمها القديم : القاووش.. كان لها باب ضخم من خشب الصاج القديم الذي لا ينفتح بسهولة .. سبقني الوكيل بفتح الباب وقد أعنته على فتح المصراع الثاني الذي كان رطبا وتفوح منه رائحة الخشب القديم المتعفن..
يتبع
#طالب_الجليلي (هاشتاغ)
Talib_Al_Jalely#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اوراق على رصيف الذاكرة....4
-
اوراق على رصيف الذاكرة ...2
-
اوراق على رصيف الذاكرة 1
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|