|
قميص أسود
امال طعمه
الحوار المتمدن-العدد: 4333 - 2014 / 1 / 13 - 17:25
المحور:
الادب والفن
وقفت تعاين قميصا اسود اللون ذو طابع انثوي مغري ..بالحقيقة شعرت انه جذاب وان هذا القميص صنع خصيصا لها وان صاحب المحل اخفاه عمدا عن عيون الناس كرمالها! فقد وجدته معلقا بين عدة قمصان ذات الوان غامقة كلها نفس الموديل ولكن هذا القميص المختبئ بينها كان مختلفا شعرت بانه مكافأه اليوم لها! بل مكافأة عن ايام مضت! تذكرت كل الذي مضى وتحسرت على ما ذهب الى غير رجعة لمعت نظرة حزن من عينيها فجأة، وبدات دمعة تسيل على خدها مسحتها بسرعة هي غير مستعدة الان للبكاء مضت اشهر واشهر وهي تبكي في داخلها ، الان فقط ما يعنيها شراء ما يلزمها والعودة بسرعة الى المنزل لا مجال الان للبكاء امام الزبائن وامام صاحب المحل!
تفحصت القميص مرة اخرى لم يعد يعجبها ؟ هل بسبب لونه؟ لون السواد هو لون الحزن ولكنه بنفس الوقت هو لون اغراء قد تعودت على الحزن واتقنت – كما قال لها مرة- فنون الاغراء..؟
فما المشكلة فيه اذن؟انه ليس الحزن الذي قد يعطيه لونه الاسود بل الاغراء الذي يوحي به!اغراء لبس شيء مغري وهي الارملة الشابة الذي توفي زوجها الشاب منذ فترة قصيرة!نعم مضت سنة وبضعة اشهر وما زالت تلبس ملابس سوداء اللون .. وليس اية ملابس سوداء! بل كانت قمصان طويلة فضفاضة وبناطيل واسعة كلها سوداء اللون !رمت القميص بعيدا عنها! شعرت ان ليس من حقها لبس مثل هذه القصات! لم يعد الاغراء والشعور بالانوثة متاحا لها ..هنالك اشياء اخرى اهم ..هي مسؤولة لوحدها عن ولدين صغيرين !توفير المسكن والملبس والمأكل لهم هو هم كبير يتجدد مع كل صباح يطلع بشمسه عليها! فهل لها ان تفكر بما يلبس جسدها الشاب! قطعة قماش مناسبة تسد عنها النظرات وسوداء اللون !هي فقط ما تحتاجه الان. مات زوجها فلمن ستلبس المغري والانثوي؟؟ ماذا سيظن الناس بها ؟واذا ارادت ان تلبس مثل هذا القميص في ايام حدادها الطويل فلم الحداد اصلا ولم السواد؟ تذكرت ايام سبقت حدادها تذكرات الاغراء الذي كان يحدثه اللون الاسود لزوجها اذا لبسته؟ كان يحب اللون الاسود..ها انا البسه باستمرار ! علي ان انهي بسرعة، تذكرت ولديها اللذان تركتهما في المنزل مع جدتهما لحين عودتها، امسكت باحد القمصان السوداء، تفحصته طويل فضفاض، سأشتريه واعود بسرعة.
انهت تسوقها في عالم اللون الاسود وذهبت معاودة لمنزلها ،لاحت على شفتيها ابتسامة خفيفة ساخرة وهي تتذكر كلام حماتها عما يجب ان تلبسه ،قالت لها مرة: - ان كنت لا تحبين ان تلبسي الاسود بعد اليوم، فلا بأس ،لكن لا تلبسي الوان فاقعة، فقط غامقة ليس من اجل الحزن فالحزن في القلب لكن من اجل كلام الناس! لكنها لم تلبس سوى الاسود..لم تتعب نفسها في تحديد واختيار ما يليق وما لا يليق من الالوان وفقا لنظريات حماتها عن الحزن وكلام الناس !
احست بان الحزن صار شيئا ثانويا والفراق اصبح امرا عاديا..هنالك شيء اخر يثقل على القلب فيصبح الهم همين! المشكلة في حالة البؤس التي يجب ان نظهرها للناس.لايجب ان نظهر اقوياء ويجب ان نبكي باستمرار كلما جاءت سيرة احد الاحباء الذين فارقونا الى عالم اخر(ربما هذا الجانب من الحزن مخصص فقط للمراة)!وكان الامر اوتوماتيكي تذكرت كلام جارتها لها بعد انتهاء ايام العزاء وكأنها تلومها: - انت لم تبك كثيرا لكنني اعرف انك كنت تحبينه وهو يعز عليك ! هل البكاء يعبر عن درجة الحزن قد نبكي ونحن فرحين انها الصورة الازلية الموجود في الاذهان، البكاء الهستيري، والكثير من النواح يدل على درجة حب اقارب الميت له! لم تبك هي كثيرا امام الناس ! لم تشعر بالحاجة الى نظراتهم المليئة بالدموع والمليئة اكثر بالشفقة!ارادت ان تكون قوية لتتابع مشوار حياتها ولا تستسلم للياس وكآبة الحزن!
وصلت منزلها فتحت الباب ، رأت ولديها في غرفة الجلوس، شاهداها تدخل، فركضا اليها ،عانقتهما وكأنها لم ترهما منذ زمن! حضرت الطعام لهما وخلدا الى النوم ..جلست قليلا مع والدتها بعدها ذهبت لغرفتها لتنام اخيرا. تطلعت الى النافذة لقد بدات تمطر ..تأملت حبات المطر النازلة على حافة نافذتها!وشعرت حينها برغبة قوية بالبكاء، بكت كثيرا ..مثل كل ليلة!! ونامت والدموع لم تجف على وجنتيها بعد!
#امال_طعمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هذه الحياة(1).. بانتظار الخبر السعيد
-
تمرد تحت المطر
المزيد.....
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
-
الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي
...
-
رحيل عالمة روسية أمضت 30 عاما في دراسة المخطوطات العلمية الع
...
-
فيلم -الهواء- للمخرج أليكسي غيرمان يظفر بجائزة -النسر الذهبي
...
-
من المسرح للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين، من هو زكريا الزبي
...
-
اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|