أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صفاء صالح - مسؤولية النخب والمثقفين في معالجة المسالة الطائفية وبناء العراق الديمقراطي















المزيد.....

مسؤولية النخب والمثقفين في معالجة المسالة الطائفية وبناء العراق الديمقراطي


صفاء صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 12 - 12:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مسؤولية النخب والمثقفين في معالجة المسالة الطائفية وبناء العراق الديمقراطي
المفكر الواعي هو الذي يحس بالمسؤولية نحو مجتمعه ويستطيع أن ينقل الوعي من مجالس النخب إلى عقول الناس وقلوبهم من أجل المشاركة في معالجة الواقع وتحريك الوعي ونشر النور وكشف التناقضات الاجتماعية التي تصادر قيمة الإنسان والهدف الكبير هو الارتقاء والنهوض بواقع الإنسان وحمايته من كل أنواع الاستغلال الذي يمارس في حقه سواء بلباس الدين أو غيره... من التعاريف الجميلة للمثقف عند الدكتور علي شريعتي: هو المهندس الثقافي في المجتمع ويكون دوره باستخراج الكنوز الثقافية العظيمة لمجتمعنا وتنقيتها وتبديل هذه المواد التي سببت الانحطاط والجمود إلى طاقة وحركة
الحديث في المسالة الطائفية حديثا ذا شجون فكثيرا ما اكتوت بنارها المجتمعات على اختلاف أنواعها فخسرت أبناءها وأموالها وشتت شملها وشوهت عقائدها وأغرت أعدائها بها حتى وصلت هذه الشعوب بعد طول محنة وعظيم خسارة إلى قناعة مهمة هي: إن إذكاء نار الفتنة الطائفية لا يخدم مصلحة المجتمع ولا يحقق أهدافه الشاملة وان المنطق العقلائي يقتضي التعايش بين أبناء الأديان والطوائف المتعددة لان التنوع من طبيعة الأشياء وفيه مكامن الإبداع والتطور والرقي.
إن هذه القناعة هي التي استخلصتها الشعوب الأوربية بعد أن أرهقتها نزاعات الطوائف بما أثارته من حروب طاحنة امتد بعضها إلى مائة عام فلما تجاوزت هذه النزاعات وعملت نخبها السياسية والثقافية باتجاه التعايش استطاعت النهوض من واقعها المتخلف وسارت في سبل الحرية والديمقراطية والرقي التكنولوجي والاقتصادي...
وفيما يتعلق بالعراق، نجد في هذا الوقت حديثا متناميا في المسالة الطائفية، يحاول البعض من خلاله إثبات إن الشعب العراقي لا توجد فيه أزمة طائفية وان ما يبدو من مظاهرها ما هو إلا نتيجة لمخططات إقليمية ودولية مشبوهة لا تريد لهذا الشعب الاستقرار والازدهار. أما البعض الآخر فيصر على وجود أزمة طائفية عميقة إذ تسعى من خلالها كل طائفة إلى تحقيق أقصى المكاسب في مجالات الحكم والإدارة والثروة على حساب الطوائف الأخرى ولأجل تحقيق هذا الهدف يتم تصفية الخصوم وإرهاب الآخر حتى يظن المتابع لهذا الخطاب إن كل طائفة في العراق لديها مخططات تآمرية شبيهة ببروتوكولات حكماء صهيون تسير على هداها لتحقيق الأهداف المذكورة آنفا.

إننا عندما نحلل المسالة الطائفية في العراق يجب أن نمتلك جرأة الصدق والصراحة التي من خلالها نكتشف أن توهم عدم وجود نزعة طائفية داخل المجتمع العراقي وإلقاء عبأ هذه الأزمة على الخارج ما هو إلا تظليل خطابي وفذلكة فكرية تتسم بالمثالية البعيدة عن تشخيص الواقع وسبر أغواره أما المبالغة في التركيز على الطائفية فانه ينطوي على عدم إيمان بالمصلحة الوطنية وعلى نزعة رجعية تحاول أسر الذات العراقية في حلقات فكرية ماضوية مغلقة لتمنعها من الانفتاح على العصر بكل ما فيه من تحديات وتجليات ولتحقق مصالح تلك النخب الهامشية الباحثة عن سند شعبي لها من خلال تزييف وعي الناس وتغذيتهم بأفكار عدائية تزرع الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد والدين الواحد ولعل أصحاب فتاوى التكفير والتفسيق وإباحة دماء الناس وأموالهم وأعراضهم هم المثل الصارخ على هذا الخطاب.

لقد عاش الشعب العراقي عبر تاريخه الطويل وهو عبارة عن خليط متنوع القوميات والأديان والطوائف لكنه خلال هذا التاريخ كان محكوما بقبضة الاستبداد وسطوة الطغاة الذين حرصوا على إذكاء نار الطائفية بين أبناء المجتمع لينشغل بقضايا ثانوية لا قيمة لها فيما يأمن الحاكم المستبد في برجه العاجي ويطرح نفسه حاكما وجلادا حسب ما تقتضيه مصلحته وهذا الأمر جعل طوائف الشعب العراقي على الرغم من تداخلها عن طريق المصاهرة والعمل والعيش المشترك تعيش في فضاءات ثقافية مغلقة عمل الفقر والتجهيل والانفراد بالحكم على تضخيمها وتكريسها وتعنيفها إن وجود هذه الفضاءات الثقافية المغلقة لا يقتصر على عامة الشعب بل يشمل أيضا نخبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولعل من ابرز الأدلة على وجودها هو إن العراقي من طائفة معينة عندما يلتقي بآخر من طائفة أخرى غالبا ما يقتصر الحديث بينهما على العمل والسؤال عن الحال والمكان ولا يمتد ابعد من ذلك فكل منهما له رؤيته التاريخية ومرجعيته الثقافية المختلفة عن الآخر لذا تكون الرموز التاريخية ومظاهر العبادة وقضية الحكم محل خلاف وخطوط حمراء يعرف كل منها أن عليه أن لا يصل إلى تخومها لذلك بقيت طوائف العراق مستلبة تاريخيا ومحصورة بقناعات ثقافية لم يسمح طول عهد الاستبداد بالخروج منها للوصول إلى قناعات جديدة تخدم قضية التعايش وتطيح بالطغاة وتعطي الفرصة إلى بناء فضاء ثقافي عراقي واحد بارز المعالم إذ كلما سنحت فرصة للتفاعل والحوار بين الطوائف ظهر سيف الحاكم وقضى عليها

من اجل خلق التعايش السلمي نحتاج إلى نخب سليمة النية وحسنة الثقافة تحرص على تهدئة المخاوف المتوقعة وترفع الشوائب الطائفية العالقة في ثقافة الأفراد لكي يتحولوا من مرحلة الحذر من الآخر إلى مرحلة الثقة به والإقبال عليه والتعايش معه ويمكن أن نسمي هذه بمرحلة انتقالية ثقافية إذ في هذه المرحلة سوف تكون هناك فوضى ثقافية يختلط فيها الماضي بالحاضر ما بين رؤى تاريخية خادعة ومشاكل آنية ملحة وأمال مستقبلية يطمح الأفراد اليها وسوف تؤدي هذه الفوضى إلى إرباك تفكير الأفراد وتهييج عواطفهم.
في هذه اللحظة ستبرز اهمية النخب الاجتماعية والسياسية والثقافية في تهدئة الرأي العام وترتيب القضايا حسب الأولويات وشرح فوائد الانفتاح والتعايش ومخاطر الأنغلاق والتصارع وطبيعة تحديات العصر وحقائقه وذلك لأجل أن تمر هذه المرحلة الانتقالية بسلام ويبرز فضاء ثقافي واحد يحتوي جميع أبناء الطوائف في ظل الهوية الوطنية الموحدة وسينظر عندها إلى الصراع الطائفي على انه حدث يستحق أن يرقد في متاحف التاريخ أما إذا لم تبرز مثل هكذا نخب في هذه الفترة الحرجة من حياة الشعوب وكانت النخب مصلحية تهييجية تلعب على وتر العواطف الطائفية فستحول مرحلة الحذر الطائفي إلى مرحلة احتراب داخلي يهلك فيه الكل .
إن مشكلة العراق الحالية في مجال الطائفية هو وجود بعض النخب غير المدركة لمتطلبات المرحلة لذا نجدها تكتب بمنطق طائفي وتتكلم بمنطق طائفي وتتحاور بمنطق طائفي سواء مع الداخل العراقي أو مع قوى إقليمية ذات سياسات محشوة بالمنطق الطائفي وهذه النخب هي التي ساعدت على بروز فتاوى التكفير والتفسيق والإباحة للآخر كما ساعدت من خلال خداعها وتضليلها لأبناء طائفتها على خلق بيئة تحتوي الإرهابيين من الطائفيين القادمين من خارج الحدود لكن يجب أن تدرك هذه النخب إنها بسلكونها غير الصحيح هذا إنما تغامر بحاضر العراق ومستقبله وتنمي مشاعر الحقد والكراهية والعداء بين أبناء الشعب في مرحلة من حياة الشعوب تكون فيها أحوج ما تكون إلى الهداة الذين يبحرون بسفينتها نحو شاطئ التطور والترقي وبناء النموذج في ظل ثقافة التعايش السلمي.
إذن نخلص مما تقدم إلى حقيقة أن نخب العراق الحالية تقع عليها مسؤولية جسيمة في معالجة المسالة الطائفية وبناء العراق الديمقراطي الحر بثقافته ونظام حكمه فعليها أن تتحمل هذه المسؤولية بجدارة وإلا فالمخاطر جسيمة والتاريخ لا يرحم في أحكامه
.



#صفاء_صالح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضياع الهوية العراقية بين صفوية الشيعة وناصبية السنة
- شخصيات كونية / المثقف الكوني هادي العلوي (1933-1998)
- الترسبات في اللاوعي العراقي


المزيد.....




- المغرب حصل عليها مؤخراً: ما هي منظومة ستينغر الأمريكية قاتلة ...
- اقتحامات بأنحاء الضفة واشتباكات بين فلسطينيين وأجهزة السلطة ...
- تهديدات رسوم ترامب تضع ورشة ألمانية ريفية أمام معضلة شائكة
- -تيمو- و-شي إن- تعلنان رفع الأسعار في أمريكا بسبب رسوم ترامب ...
- عشرات القتلى والجرحى في غارات إسرائيلية استهدفت خيام نازحين ...
- موسكو تؤيد الحوار بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية
- انفجار في موقع لاختبار الصورايخ بولاية يوتا الأمريكية (صور) ...
- رئيس الوزراء الفرنسي يعرب عن قلقه حيال الوضع الصحي لصنصال وي ...
- الهند تصنع جيلا جديدا من السفن الحربية
- الوجه المظلم للأبوة .. اكتئاب الآباء يترك آثارا مدمرة على سل ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صفاء صالح - مسؤولية النخب والمثقفين في معالجة المسالة الطائفية وبناء العراق الديمقراطي