كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 12 - 11:20
المحور:
الادب والفن
انتبهتُ إلى صحن الحلويات الذي تركته لها في الصباح لتتناوله مع القهوة فوجدتها لم تمسسه.
سحبته من فوق الفرن الكهربائي ووضعته أمامها مجددا و قلت: ألا تعجبك هذه الحلويات؟
قالت: لا أبدا و لكني انشغلت بترتيب الغرف على أن أتناولها عندما أنتهي مما بيدي.
كانت على درجة كبيرة من التعفف فلم تكن من أولئك الذين يتساقطون على الطعام كالذباب لمجرد أنه أعطي لهم مجانا رغم أنهم ليسوا بجوعى و لا بمحرومين حتى أنهم لا يأكلون فوق شبعهم فقط بل يعمدون إلى ملئ جيوبهم بكل ما تيسر لهم إخفائه عن العيون المتلصصة و لو قدروا لحملوا كل ما طالت أيديهم و اتسعت له جيوبهم.
لم تكن من أولئك أبدا، فقد كانت مكتفية رغم فقرها و قانعة بما أخذت من نصيبها في الدنيا و قد كانت بقلبها الكبير تريد أن تعطي أكثر بكثير من أن تأخذ حتى أنها حين قصّت عليّ قصّة حالها البائس فان ذلك لم يكن من باب استدرار عطفي لاستدرار نقودي، كما تفعل أكثر المعينات اللاتي ينطلقن في سرد معاناتهن مع الفقر بمجرد أن يدخلن بيتك، هي فقط كانت تريد أن تتخلص من شجون تجثم بداخلها و لم تجد لها تصريفا حتى لدى أقرب الناس إليها و لم يكن ذلك إلا لحرصها على عدم إيذائهم بهمومها بعد ما رأت من أذى الدنيا عليهم.
لقد اقترحتُ عليها أن تأتيني دون علم مدام سعاد لتأخذ هي كامل المبلغ عوض أن تعطي أكثر من نصفه لصاحبة الشركة لكنها اعتذرت لي شاكرة بعد أن أفهمتني أن مدام سعاد هي التي توفر لها شغلا و أجرا ثابتا لذلك لا يمكن أن تنقطع عن العمل معها إلا إذا وجدت عملا قارا فقد جرّبت العمل في بعض البيوت لكنهم يوما يستعينون بها و أياما لا يطلبونها كما أنها جربت إعطاء دروس خصوصية لكن أكثر الأولياء ماطلوها في الخلاص رغم أنهم ميسورين و رغم أنها لا تطلب أجرا عاليا مثلما يفعل الأساتذة و المعلمين حتى أن وليّة تلميذ رفضت إعطاءها أجرها و أرسلت لها الخادمة لتطردها بدعوى أن نتائج ابنها لم تتحسن بل تراجعت بعد أن درّسته.
و لقد علقت سناء على ذلك تسألني: هل أنا مدرب كرة يا مدام حتى يكون مآلي الطرد و عدم دفع مستحقاتي إذا جاءت النتيجة سلبية؟ إن المشكلة في ابنها و هي تعرف ذلك لكنها أرادت فقط أن تسرق جهدي...
-يتبع-
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟