أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوس حسن - الشعر بين نبوءة النفس وعتمة الاغتراب














المزيد.....

الشعر بين نبوءة النفس وعتمة الاغتراب


أوس حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4331 - 2014 / 1 / 10 - 23:37
المحور: الادب والفن
    


الشعر بين نبوءة النفس وعتمة الاغتراب ( انطباعات وتأملات)
-1-
في صغري كنت دائما ً ما أحضر المهرجانات الشعرية،كنت مغرما ً بالشعر لدرجة أني تصورت الشاعر سوبرمان،كنت أحيانا ًأرى ما لا يُرى،أرى بقلبي وألمس جوهر الأشياء،أرى الخطب الرنانة للشعراء والكلام الفارغ من المحتوى، لكن في نفس الوقت كان نظري يمتد عميقا خارج القاعة إلى الشاب الذي يبيع القهوة والشاي وهو يرتجف بردا،ليعود في نهاية المساء ويطعم أطفاله الجياع،بينما كان الشعراء يخرجون بمعاطفهم المخملية الفاخرةوكروشهم ومؤخراتهم يخرجون بزعيقهم وأصواتهم العالية، ويركبون أفخم السيارات،متجاهلين النظر إلى هذا الإنسان المعذب،لا يملكون أي عمق بالحياة،ولا يملكون أي رهافة شعرية،سوى تلميع وجوه السلطة الكالحة والنفخ بالأبواق لكل زائف واستنساخي، يقتلون الجمال كل يوم مرات عديدة،ويقتلون الوردة وعطرها الجميل بأشواكهم المعتمة.كثير من هؤلاء الشعراء تحولوا فيما بعد إلى وعاظ أو تجار،وكثيرمنهم استلموا مناصب ادارية في مديرية ثقافية أو دار نشربعد أن تركوا الشعر نهائيا ً واحتقروه في داخلهم إلى الأبد
لكي تكون حقيقيا ً وعميقا ً ولكي تشعر بالاغتراب الذي يحدد موقفك الجوهري والمعرفي من الوجود ويُكسب ذاتك ذاتا ً أخرى:...
قدم الورد للطفلة الشقراء بائعة الحلوى في الحديقة واشتر منها قطعة ،ساعد أي فقير معدم تجده بلا مأوى على أرصفة الطرقات،ساعد المرأة الكبيرة في السن على حمل الأكياس وعبور الشارع،ابتسم في وجوه البسطاء،سافر معهم في أحلامهم وغيبياتهم المتيافيزيقية، فهم ضحية خديعة كبيرة حاكها المثقفون والسياسيون ورجال الدين، تأمل وجوه الناس العابرين في الشارع،تأمل قلوب العاشقين الغرباء في زوايا المقاهي، فالشعر صراعات وتناقضات ومعاناة، وليس ترفا ً فكرياً وزخرفة لفظية تعتلي بها المنصات وتخطف الأضواء وتحصد التصفيقات والمفرقعات ثم تنفجر وتختفي كبالونة أو فقاعة،الشعر كالنبوءة مهنة صعبة جدا، تهتم بقضايا الإنسان المصيرية وتتغلغل إلى أعماق أعماقه، الشعر هو الذي يحفز الوعي ويثير التساؤلات وهو الذي سيكون قادراً على التغيير أخيرا ً، فالشاعر الحقيقي كالنبي يُرجم بالحجارة ويتهم بالجنون ،كن معتما ًقليلا ً ليتوهج الآخرون،تأمل موقفك من الحياة والموت والوجود، وأنت تقترب من الحقيقة يوما ً بعد يوم عد إلى البيت وابك بكل ما أوتيت من شعر،وأكتب القصيدة بكل ما أوتيت من دمع،اعزف على جميع أوتار القلب الإنساني واكتب القصيدة على الأرض،قبل أن توثق تاريخها في أوراقك البيضاء.

-2-
آية الغريب
حتى أحلامك صارت مبتورة،وتحاول الهرب منك،لكنك لم تعرف أيها الغريب،..أن في بطن كل حلم ..حلمٌ آخر،تموت أحلام وتولد أحلام،وما بين الموت والولادة تلوح لك القصيدة من بعيد كطائر ذهبي يبتلع الشمس ويطوي السماء بجناحيه. القصيدة هي الحلم الأزلي والأبدي،الذي سيسطر المعنى العميق والجوهري لكل تفاصيل الحياة وجوهر الأشياء الغامضة.
القصيدة هي وجود آخر تتشظى فيه الأزمنة والأمكنة.القصيدة هي تراتيل الحقيقة والجمال،تراتيل الإله الجريح في قلبك.لا شيءيبدو جميلا ً إلا ما يراه القلب جميلا ً.القلب هو حكمة التائهين،ربيع المنسيين خلف الفصول المظلمة،وقد نموت مرارا ًولا نعرف أن الحقيقة تكمن في القلب.اكتب من القلب أيها الغريب،فعندما تختلط دموعك بدخان سجائرك،وعندما ترفض روحك كل شيء زائف في هذا العالم،لن يروا منك إلا هيكلك الفارغ الممتلىء بضجيجهم الأسود،لن يروا منك إلا مراياهم المعتمة، لن تراك إلا فراشة ندية وقمر حزين وطائر وحيد هم بالرحيل وقت الغروب ،لن يراك إلا ذلك الصدى البعيد،صدى الذكرى القادمة،تلك الذكرى التي لم تولد بعد،وأنت أيضا جواب لسؤال لم يولد بعد. اكتب من القلب أيها الغريب،اكتب لتلك القديسة في عيد غيابها،اكتب لذلك الإنسان المعذب على الأرض،لكنك سترحل يوما ً ما أيها الغريب،سترحل حتما ً،وستمر الأزمان من بعدك وأنت جالسٌ على عرشك المضيء تنشد لحن الخلود،ستمر الأزمان من بعدك،وستبقى القصيدة أوراقا ً مضيئة تتناثر على هذا العالم المعتم.



#أوس_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائد للبيع حضارة للإيجار
- (من مذكرات خمسون عاما ً من الرحيل بين المنافي ) للشاعر العرا ...
- صناعة العنف
- فجر النهايات
- صناعة الوهم عند العرب هل هي موهبة فطرية أم مهارة مكتسبة؟
- -رحلة إلى ملكوت الله-
- لوحات شتائية من ذاكرة مساء هرم
- قصائد لهاينرش هاينه ترجمها عن الألمانية رياض كاظم السماوي
- قصائد لهاينرش هاينه ترجمها عن الألمانية رياض كاظم السماوي
- بالأمس
- سنابل الوجع
- ناجي عطالله وفرقته الناجية /
- خديعة
- قناع الوالي
- قصائد قصيرة /2
- صوت من مقبرة الأحياء ...((نص))
- ليلك يا شام
- قصائد قصيرة..بقلم اوس حسن
- (( تحذير للغرباء))


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوس حسن - الشعر بين نبوءة النفس وعتمة الاغتراب