عمر حمَّش
الحوار المتمدن-العدد: 4330 - 2014 / 1 / 9 - 17:03
المحور:
الادب والفن
مُختبر!
قصّة قصيرة
عمر حمَّش
كان على باب بيتِه؛ يزجي الوقت في فتلِ شاربيه، ومداعبة العلبةِ الملقاة على أريكتِه المنتشة!
هو لا يُدخّن؛ لكنّه يتناولها؛ ليقول:
- سيجارة!
فيتفحصُ لهفةَ القادم، ويتتبعُ يده الراجفة!
يهزُّ رأسه؛ وهو يتمتمَ: الصغيرُ.. صغير!
صارت هوايته .. وزقاقُه صار زقاق المصيدة، راقت له لعبةُ انتظار )الكبير ) من بين الذين يرتفعون، ويهبطون .. وهم يلاحقون سيجارةَ أصابعه الساحرة ..!
لم يعلن الاستعصاء أحد، لم يرفعْ أنفه أحد؛ ولم يقل أحدٌ: لا!
الوجوهُ تأتي في حضرة علبتِه .. وتروح ... يأخذون، ويقولون: شكرا!
فيبصقُ هو، يقولُ:
- الصغيرُ .. صغير!
اليوم نفذت سجائرُ علبتِه إلا واحدة .. ظلّت وحيدةً مستيقظة !
أقفل عليها مبتسمًا!
قال: أنتِ برجل!
قال: لكِ فارسُك يا حلوتي!
قال: قبيل المغرب .. ثمَّ نقوم ..!
على هذا ظلَّ .. يُعلي طرفي شاربيه كلما هويا، ويعيدهما شارة نصرٍ للطريق؛ إلى أن هبط أحدهم ..!
تفرسه قليلا .. حدّثه قليلا .. مازحه قليلا .. ثم امتدت ذراعه إلى علبته
( المهملة )
- سيجارة!
رفضَ الرجل .. فألحَّ عليه .. أقسم .. قام .. قعد .. لكنه ظلَّ صُلبًا مستكبرا!
أعاد المحاولة .. تشابكت الأيادي .. تناثرت العبارات .. جُنّ جنونه .. رجاه .. شدّد .. ولمّا يئس؛ رمى العلبة في عجب ..!
استرخى جواره ... أغمض عينيه .. قال بصوتِ قاضٍ يُصدرُ حُكما:
- كبيرٌ أنتَ .. وربّ الناس!
ولمّا غادره الرجل؛ شهق؛ عندما فتح علبته .. ووجدها فارغة ..!
عاود شاربيه .. يفتلهما مع همهمةٍ.. ويُحدّقُ في الزقاقِ متأملا!
#عمر_حمَّش (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟