أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راسم عبيدات - الحكيم الذي غادر مبكراً















المزيد.....

الحكيم الذي غادر مبكراً


راسم عبيدات

الحوار المتمدن-العدد: 4328 - 2014 / 1 / 7 - 11:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في ذكرى رحيلك السادسة أيها الرفيق الأجل، يختلط الحبال بالنابل،ويتولد لدي شعور بأن رحيلك المبكر أغناك عن رؤية ما وصلنا إليه،مرحلة ما بعد الزمن الرديء والحراشي،وما بعد مرحلة الإستنقاع-أي الإنهيار الشامل-،حركة وطنية بكل الوان طيفها السياسي تنهار،وسلطتان لا تمتلكان السلطة تتنازعان وتتصارعان على الإمتيازات والمصالح والمراكز باسم الوطن،وحقوق شعبنا وثوابته الوطنية تذبح على مذبح الفئوية والأجندات الخاصة،حيث تجري عملية تصفية للحقوق والثوابت وهناك مخاطر جدية وحقيقية قد تدفع بقضيتنا للتصفية وثوابتنا للتبديد والضياع،إنها مرحلة يصعب علي توصيفها لك بمفردات السياسة أو المنطق الجدلي الماركسي او حتى الهيجلي،فالحالة خارج التوصيف العادي أو ما قرأناه وتعلمناه في الكتب والأدبيات والكراريس،السلطة والمعارضة متماهيتان،تضيع الفواصل والتخوم بينهما،فلا فرق سوى باللغة والشعار،لا تعرف هذا القائد أهو يمين أم يسار،وفي أحسن الأحوال المعارضة الرافضة نصف ملوطة،ومن تحمل راية المقاومة منها تحملها كشعار بفعل مؤجل،او تمارسه بخفوت وخجل وعلى إستحياء.
انا أشد ما يؤلمني وأكثر ما يحزنني ولا اعرف أحياناً تختلط لدي المشاعر،وأقول لربما مغادرتك المبكرة، كانت فيها راحة لك من كل ما آلت إليه المرحلة من قرف وإسفاف وإبتذال،أنك لا تستطيع ان تكون شاهدا على العصر،وحتى لو كنت حياً في هذا الزمان فشهادة الثوريين مشكوك ومطعون فيها،ويا رفيق القيد والدرب حتى لو أن الشهداء سيعودون،وعلى رأي الراحل الروائي الكبير الطاهر وطار،فهناك من سيمنعون عودتهم بالقوة،فالثورة لم تعد هي الثورة ولا هي كذلك الأحزاب والفصائل،الان المتسلقون ومدعي البطولات كثر،ولكن لا بأس فأنت غادرت في عنفوان مجدك وقمة عطاءك.
أعرف بأنك رحلت بلا عودة، فالموت لا نستطيع التمرد عليه،كما هو القيد او السجن والسجان،فكم مرة تمردنا على ذلك،وكم مرة قهرنا السجن وقتلنا الوقت بالضحك؟؟،وكم مرة إستفزينا رفيقنا ناصر القابع الان في سجن النقب الصحراوي،والذي هو رجل في زمن تعز فيه الرجال؟؟؟،وكم مرة جلسنا نسمع منه عن ما تعرض له من مواقف وطرائف ومغامرات اثناء رحلته للعلاج في الخارج؟؟،وعندما كان يحين دورنا،كنا نقول له الوقت تأخر،ونحن ليس لدينا مغامرات مثلك....وهكذا دواليك،،ومن ثم أقف انا في وسط الغرفة وبصوت جهوري أقول لكما نكون او لا نكون ولأنهي الجملة بالقول "نا كون ....نا كون..نا كون "،حيث أن ما يسمى بمحكمة العدل العليا (45) يوماً بالتمام والكمال،لم ترد على إستئنافنا بالإفراج عنا،وليأتي القرار في اكثر من(20) صفحة بأن هؤلاء من يستغلون العمل الإغاثي والإجتماعي لزرع "الإرهاب" في عقول الأطفال وصغار السن،ويريدون زعزعة أركان الدولة،ولم يكتفوا بذلك،بل إنتدبت "الشاباك،باحث سمته مختص ب"الإرهاب" ليقدم شهادة ضدنا،في إطار الحرب علينا ومحاولة تهويل وتضخيم القضية،ومنع إطلاق سراحنا،وكنت تقول لن ينالوا من عزائمنا،ولن يستطيعوا مهما لفقوا من حجج وذرائع وتهم،أن ينالوا منا.
وكم مرة في أثناء اعتقالنا الأخير في عام 2005،كنت تحرص على ان نحضر معنا الكتب والأقلام للرفاق في السجون الأخرى،ولا تنسى ان نحضر الشكولاتة والبسكويت للأشبال والرفاق الصغار الذاهبين معنا للمحاكم،والذي هم جزء كبير منهم تجربته الإعتقالية الأولى،حيث كنا نشد من عضدهم وازرهم.
طالت "حبستنا" في المسكوبية،ووضعونا كنوع من الإنتقام في غرف المدنيين،وفي تلك الغرف لا توجد حياة منظمة،ويعيشون كما هو السمك الكبير يأكل الصغير،وكانت تبدو على تعابير وجهك علامات الإستغراب،عندما كنت احدثك بقضاياهم،فمنهم سارق السيارات ومنهم تاجر المخدرات ومنهم من رفعت عليه زوجته قضية لضربها،ومنهم من هو لوطي او مزور،او معتقل على ما يسمى بالدخول غير الشرعي للقدس وفلسطين الداخل،كنت تقول لي،هل هؤلاء من القدس؟؟؟،وكنت أقول لك نعم،وأبعد من ذلك،حيث تمارس الرذيلة والفاحشة وتعاطي المخدرات في المقابر،وهناك من يسرقون القبور ويبيعونها،وهناك من يوسعون محلاتهم التجارية على حساب القبور،فيزداد إستغرابك وإستهجانك.
كنا نكون عشرة بالغرفة وفي الصباح عشرين،لا نجد مكاناً للنوم،كنا نعتقد بأن الأمور ستصبح منظمة،حيث كنا نضع ما نجلبه من"كنتينا" من الخارج تحت تصرف الغرفة،ولكن سرعان ما إكتشفنا بأننا نجدف عكس التيار،وبان الوقت ليس وقت مكارنكو،فالوضع متغير بإستمرار ولا ثبات فيه،ولا إمكانية للتنظيم والضبط،فالمسكوبية هي محطة توزيع للسجون.
اليوم يا رفيقي أنت ذهبت برحلتك السرمدية الأبدية،وتفرق شملنا،لم يعد يجمعنا لا قيد ولا رحلة مشتركة في"البوسطة" أو المحاكم الطويلة والمتقاربة،والتي هي نوع من العقاب،فأنا طحنتني الحياة والهموم،وتشغلني كثيراً هموم القدس والوطن،فالقدس التي خرجت لوداعك عن بكرة أبيها وبكتك يوم رحيلك، الآن تتعرض للذبح من الوريد للوريد،ولا احد يلتفت إليها لا سلطة ولا احزاب ولا فصائل ولا عرب ولا مسلمين،حيث تستباح شوارعها وحواريها وأزقتها وأقصاها يومياً من قبل زعران المستوطنيين،يعربدون ويمارسون شذوذهم وطقوسهم التلمودية وأساطريهم،وكذلك "غول" الإستيطان"المتوحش" لم يترك لنا أي أرض للبناء عليها،وكذلك التعليم يؤسرل والشوارع تعبرن والتراث يسرق والتاريخ يزور والإنتماء يشوه.....اما المشروع الوطني فقد أضحى مزرعة للبعض ومشروعاً إستثمارياً....واما من إنتميت إليه ونضالت عبره وخلاله من أجل الوطن والحرية والعدل والمساواة..الخ،فأنا لست بمطلع وبعارف ولكن الحال،ليس بأحسن من حال بقية مكونات ومركبات العمل الوطني والإسلامي،حيث شمولية ازمة المشروع الوطني.
أبا وسام الرفيق المعطاء والمميز،أنا احسدك صدقاً الان،ليس فقط لأنك رحلت جسداً وذكراك وتعاليمك وأفكارك وقيمك ومبادئك خالدة وحية بين رفاقك وأبناء شعبك ومحبيك،بل لأنك الان ترقد في سلام،وأظنك لو أمد الله في عمرك،لربما لم يحتمل صدرك ولا قلبك،ما وصل إليه الحال لا على المستوى الفصائلي والحزبي،ولا على المستوى الشعبي،ولا ممارسات وأفعال السلطة القائمة،فلربما مت غيظاً أو قلت هذه مرحلة وسخة،وأنا سأحافظ على طُهري ونقاوتي بعيداً عن كل ما هو قائم.
أبا وسام الكثيرون في هذه المرحلة فقدوا البوصلة والإتجاه،والكثيرون يعتقدون بان هذا زمن المغانم لا المغارم،والمؤامرة كبيرة على كل شيء وتطال الجميع،فالمشروع الوطني والثوابت،كيري يريد ان يجهز عليها،في أسوء لحظات الضعف الفلسطيني والعربي.
وفي ذكراك السادسة لا يسعني إلا القول،بأنه مهما كانت المرحلة سوداوية والطريق صعب وشاق،ولكن انا على ثقة،بأن فلسطين لن تكون عاقراً،فهذا الشعب مضحي ومعطاء،ولكن تعوزه قيادة بحجم تضحياته سلطة واحزاب.



#راسم_عبيدات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطر والإخوان حب وزواج فاشل
- ما المطلوب بعد فشل جولة كيري العاشرة...؟؟؟
- لا تتركوا أسرى الداخل وحيدين.....؟؟
- الفتنة المذهبية والطائفية على أبواب بيروت
- مفاوض عن مفاوض بفرق
- معايدات
- تجربة العيساوي دروس وعبر
- طبخة -كيري- أسوء من اوسلو
- وطن يهدم على مذبح العشائرية والقبلية
- القدس.....القدس....القدس....؟؟؟؟
- أعيادكم ....أعيادنا فالوطن واحد والشعب واحد
- قطر.....تقطر سماً
- المنخفضات السياسية....اخطر من المنخفضات الجوية
- ترميم التحالف الأمريكي- الإسرائيلي - السعودي
- خدمة وطنية فلسطينية بدل خدمة وطنية اسرائيلية
- رحيل مانديلا وجياب....خسارة لكل الثوريين
- -برافر- وفشل المفاوضات بروفة لإنتفاضة اوسع وأشمل
- المطلوب صندوق فلسطيني وخارطة طريق لدعم القدس
- ايران.....والمعادلات الجديدة في المنطقة.
- القدس تنتصر للفئات المهمشة رغم قيدها وألمها


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راسم عبيدات - الحكيم الذي غادر مبكراً