|
............القرار.............
عادل الامين
الحوار المتمدن-العدد: 4326 - 2014 / 1 / 5 - 10:45
المحور:
الادب والفن
خرج ابو خالد من الوكالة يقود الخادمة الفلبينية الجديدة التي يخيم عليها الصمت الجليل والتوجس إلى البيت حيث ينتظره ضفدع كبير..منذ أن تزوجها قبل عشر سنوات وأنجب منها طفليه خالد وريم ظلت تمارس نقيق لا يطاق وترهقه بالمطالب التي لا تنتهي ، وتغيير الخادمة في السنة مرتين ، أحياناً بسبب الغيرة وأحياناً روح التسلط والاستبداد،فقد كان يسكنها طاغية من العهد الأموي.. دلفا إلى داخل المنزل،اندفع الطفلين لتحية الخادمة الجديدة وخرجت أم خالد ورمقتها شذراً في ازدراء ، كأنها تنظر إلى صرصار..وتمتمت في نفسها"لا باس...إنها عاطلة عن الجمال..وليس فيها ما يجعلها منافس حقيقي ليها وهي التي تملك المال وكل مستحضرات التجميل في العالم"... *****
استمرت الحياة عادية ورتيبة لدرجة الملل في البيت ،الخادمة في صمتها الجليل ،تعد أجود الطعام، الأطفال السعداء يلعبون معها دون أي ضجر...يتم نظافة البيت بصورة راتبة مع ابتكارات جديدة في كل موسم...وأحياناً يتجاذب معها أبو خالد بعد أطراف الحديث ،حين تضع الأطباق أو ترفعها من المائدة... - كيف هم اهلك في الفلبين؟! - نحن سبع بنات وولد وحيد يدرس الطب - ما شاء الله..يدرس الطب - نعم..وكلنا نعمل من اجل ان يتخرج طبيب ويعيلنا...أبي باع كليته وأسقمه المرض من اجلنا وتوفت أمي منذ سنوات..فاضحي يعاقر الخمر.. ثم يخيم عليها الحزن النبيل ..وينهض أبو خالد الذي كان يتعامل معها بسخاء وهو يقدر الإنسانية بحكم دراسته في بريطانيا ورؤيته لعالم آخر..وكان يسعده أن يأخذها نهاية كل شهر إلى الو سترن يونيون..عندما تريد تحويل أموالها..و يسعده انه يراها سعيدة فقط في ذلك اليوم...عندما تحول مصاريف أهلها .. ***** عندما يخرجون معها للسفر في العطلة السنوية يدور بعض لحديث في السيارة - ماذا كنت تعملين من قبل؟ - كنت مدرسة لغة انجليزية،ثم ذهبت إلى وكالة التخديم ،قاموا بتعليمي اللغة العربية وفنون الطبخ الشرقي..ورعاية الأطفال والديكور وأحرزت المرتبة الأولى... - نعم أنت كذلك...تتمتعين بروح عمل وتفان عالية وتقدمين طعام جيد يؤهلك للعمل في فنادق خمس نجوم.. يحمر وجهها خجلا..وتلوذ بالصمت.. ضاعف لها راتبها بعد أن صارت تعلم ابنيه الذكيين أيضا اللغة الانجليزية،وأصبحا يتقدمان في المدرسة ويحصدان الجوائز..التي لا تعبأ بها ام خالد ويبدو إنها تفضل أن تعيش في عالمها الخاص مع النسوة في الجوار والتسوق في المدينة، يحتفي بنجاحهما الأب والخادمة الفلبينية..ومضت السنين ودارت الأيام.. حضر إلى البيت محملا بالأكياس يتضور جوعا وينضح بشرا بعد أن وقع لهم العطاء في مقاولات كبيرة..سره أن يكون ضفدعه الكبير يغط في النوم..قامت ماريان بإعداد الطعام ، جلس أبو خالد خلف الطاولة...يحدق فيها وهي تتنقل بين المطبخ والطاولة - ماريان...سيتخرج أخيك من الكلية هذا العام أليس كذلك؟ - نعم بابا.. - هذا أمر مبهج قد نسافر نحن والأولاد إلى الفيليبين معك هذا العام ارتبكت ولم تقوى على الإجابة ودخلت المطبخ..وعادت تحمل إبريق الشاي والكبابي،أردف أبو خالد - ماريان...هل تتزوجيني؟؟ - .............. صعقتها المفاجئة وأفلتت عدة الشاي بكاملها فسقطت على الأرض واحدث ذلك دوي هائل ،افسد الشاي الحار السجاد الفاخر...هبت ام خالد مذعورة وجاءت مندفعة ولطمت ماريان التي ولت هاربة وباكية إلى المطبخ،أسفاً على تلف السجاد الثمين..نظر الطفلين إلى أمهما في ازدراء وقد أربكهما سلوكها المشين واندفعا إلى غرفتيهما باكيين على الهوان الذي حاق بمدرستهما المحبوبة ...أما ابو خالد فقد انفجر كامل البركان الذي كان يغلي في داخله طيلة العشر سنوات العجاف ..وهب كالملسوع زاعقاُ فيها:- - ان طالق...ولا مكان لك في هذا البيت بعد اليوم..!!! ثم حمل كل ما في الطاولة من أواني وزجاجيات وقذفها في أرجاء الغرفة..واستدارت ام خالد وولت ترجف رعبا ودخلت غرفتها وعادت تحمل حقائبها وتنادي ولديها... خرجوا إلى الطريق وأوقفوا سيارة ليموزين في طريقها إلى بيت أهلها في الضاحية البعيدة من المدينة... ***** سافر أبو خالد إلى الفلبين مع ولديه... وأنجز ما وعد...وبقيت أم خالد تضرب أخماس في أسداس في بيت أبيها...بعد أن عرفت تماما المثل العربي القديم"اقرب طريق إلى قلب الرجل معدته"...وإنها ارتضت أن تكون مجرد"ثقب" أو آلة لإنجاب الأطفال... ولم يسمع منها زوجها الرائع يوما كلمة واحدة...تحسسه بأنه إنسان....وليس صرافة ترتدي شماخ ونظارة طبية مصقولة تشع خلفها عينان غاية في الطيبة والذكاء والحنان ايضا... **** *كاتب سوداني مستقيل من" قطيع المثقفين" لأسباب تتعلق بموت الروائي السوداني بهنس في شوارع القاهرة بردا وجوعا...
#عادل_الامين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيرة مدينة: مكتبة ابي
-
لماذا يموت المبدع السوداني على قارعة الطريق؟
-
الذكاء الاصطناعي والذكاء الطبيعي
-
عيد بأي حال عدت يا عيد!!
-
البنتاجون المصري
-
إبداع تمرد وانفصام الإخوان المسلمين
-
سنأوي الى جبل يسمى الشعب
-
زينب والاسد
-
الخيل الحرة
-
............جورنيكا الخوف..........
-
لماذا اختار الجنوبيين الانفصال في السودان ؟؟!!
-
العودة الى ارض حفيف الاجنحة
-
حضارة السودان
-
الروح ما بتروح
-
الروح لا تروح
-
سيرة مدينة:الشيخ حسن ود وحسونة
-
السكة الحديد والثورة الاجتماعية في اليمن
-
الاشتراكية السودانية
-
حدث في معرة النعمان
-
الاقلية الانتهازية التي تحكم بلدين
المزيد.....
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
-
انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني-
...
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|