أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - مركزية الرئيس في النظام السياسي السوري















المزيد.....

مركزية الرئيس في النظام السياسي السوري


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 4324 - 2014 / 1 / 3 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ليس خافيا مركزية دور الرئيس في كل الأنظمة الديمقراطية الرئاسية، لكنها هنا مركزية قانونية، كل جانب من جوانبها يحدده قانون، ولا يستطيع الرئيس تخطي الحدود التي يرسمها له، وهي قبل كل شيء مركزية مفوضة من قبل الشعب يمارسها تكليفاً.
غير أن مركزية الرئيس في الأنظمة الدكتاتورية، والاستبدادية تختلف كثيراً عنها في الأنظمة الديمقراطية، بل تختلف بين النظام الدكتاتوري والنظام الاستبدادي أيضاً. في النظام الدكتاتوري، أو ذي الطابع الدكتاتوري، يشكل بناء الدولة محور اهتمامات النظام، في حين أنه في النظام الاستبدادي، وخصوصا من نمط الاستبداد السوري ( أي الاستبداد المنبثق من رحم ما يسمى بالشرعية الثورية)، كل شيء فيه يتمحور حول بناء السلطة واستقرارها وديمومتها، على حساب بناء الدولة والمجتمع.
في النظام الدكتاتوري، حيث يجري التشدد في تطبيق القانون، فإن آليات اشتغال النظام، ونتيجة لبناء الدولة وتطورها، يعاد تكييفه باستمرار في ضوء متطلبات بناء الدولة. وعندما يؤدي الفعل التراكمي فيه إلى طرح مهمة التغيير، كمهة تاريخية، فإن الإجابة عن أسئلتها تكون أكثر سهولة بالمقارنة مع الأنظمة الاستبدادية، إذ يكفي هنا إزاحة " الصدفة الواقفة في طليعة الحركة" بحسب إنجلز، أي السلطة السياسية، حتى يصير طريق التغيير في كامل بنى النظام وفي جميع مستوياته سالكاً.
أما في النظام الاستبدادي فإن الرئيس يتغول في السلطة، التي بدورها تتغول في الدولة والمجتمع، بحيث يصعب الحديث عن دولة، بل عن سلطة متغولة، فإن إزاحة الرئيس، أو إسقاط السلطة، قد يتسبب في انهيار الدولة والمجتمع على حد سواء، كما حصل في ليبيا مثلا، وقبله في العراق، وكما يحصل في سورية. بطبيعة الحال كما أن الأنظمة الدكتاتورية ليست كلها متماثلة فإن الأنظمة الاستبدادية ليست متماثلة، وبالتالي فإن طريقة تغييرها تختلف أيضاً.
في سورية، ومنذ أن استولى حافظ الأسد على السلطة فيها في عام 1970، في انقلاب أبيض كان يعد له منذ سنتين على الأقل، حتى جعل من نفسه محور النظام برمته، منه وإليه تنتهي جميع علاقات النظام الداخلية وترابطاته، وحتى أشخاصه. فهو لم يسمح طيلة فترة حكمه التي امتدت نحو ثلاثة عقود ببروز أية شخصية من شخصيات النظام، إلا بالقدر الذي يريده هو، ولأداء الدور الذي يطلبه منه.
وعندما حل أبنه، الرئيس الحالي بشار الأسد، محله في هرم السلطة، في عملية تسليم واستلام، هي الأخرى كان يجري الإعداد لها منذ بضع سنين على الأقل، بقي النظام على حاله يعمل بقوة العطالة السابقة، لكن موقع الرئيس فيه، في البداية، لم يكن محورياً، كما كان في عهد والده، من جهة؛ للاختلاف الجوهري بين كاريزمية كلا الرجلين، ومن جهة ثانية بالنظر إلى استمرار وجود طاقم والده في الحكم.
غير أن نمط الحكم الذي بناه حافظ الأسد لا يكون، ولا يستمر بالوجود، بدون محورية موقع ودور الرئيس فيه، وهذا ما عمل الرئيس الابن على تحقيقه في عام 2005 بعد أن أزاح جميع رجالات والده من السلطة، والإتيان برجاله الخاصين. منذ ذلك التاريخ صار النظام السوري يتحدد بدلالة رئيسه فيسمى نظام بشار الأسد، كما كان يسمى في حينه نظام والده بنظام حافظ الأسد، وبذلك أعيد تطويب البلد لرئيسها من جديد،أو لعائلته الدالة عليه، فعادت تعرف بـ "سورية الأسد".
لقد بنى حافظ الأسد نظامه على أربعة دعائم أساسية هي: أولاً؛ منع أية حياة سياسية طبيعة في سورية، بما في ذلك في حزب البعث ذاته، وفي الأحزاب المتحالفة معه، إذ تم تحويلها إلى مجرد أجهزة للسلطة. وثانياً؛ تقوية أجهزة الأمن والجيش وربطها به شخصياً. وثالثاً؛ التحالف مع البرجوازية السورية، وخصوصا البرجوازية الدمشقية والحلبية. ورابعاً التحالف مع رجال الدين وخصوصا رجال الدين السنة. وفي توزيع للأدوار غير معلن، لكنه معروف، فقد أوكل للأجهزة الأمنية والعسكرية مهمة الحفاظ على النظام بالمعنى المباشر، ومن أجل ذلك فقد منحها امتيازات واسعة، وتغاضى عن فسادها، بل أصدر قوانين تحول دون مساءلتها عما ترتكبه من جرائم، مما سمح لها بالتغلغل في جميع مفاصل الدولة والمجتمع. إضافة إلى ذلك فقد ركز في بنائها على الحضور المكثف والواسع فيها للعناصر الموالية له عضوياً.
أما فيما يخص تحالف النظام مع البرجوازية السورية وتأمين ولاءها له، فقد أناط هذه المهمة ببرجوازية النظام البيروقراطية (حيتان النظام الجدد) لتولي هذه المهمة وذلك بنسج شراكات مع البرجوازية التقليدية، وهي برجوازية مدينية سنية الانتماء المذهبي في غالبيتها الأعم، لاقتسام فائض القيمة المنتجة خصوصا في قطاع الدولة الاقتصادية، مما ساعد في تحولها شيئا فشيئا إلى برجوازية طفيلية وكمبرادورية.
وإذا كان تأمين تحالف النظام مع البرجوازية السورية، تطلب منه تقديم تنازلات كثيرة لها على الصعيد الاقتصادي، في مقابل تخليها عن دورها السياسي التاريخي المفروض أن تؤديه في ظروف التحولات الرأسمالية، فإن تأمين ولاء فئة رجال الدين له لم يكن يتطلب منه الكثير. فشيء من تحسين امتيازاتهم المعنوية والمادية الشخصية، إضافة إلى منحهم فسحة واسعة نسبياً لممارسة شعائرهم الدينية، وبناء دور العبادة، ومعاهد تحفيظ القرآن، كانت أكثر من كافية لتأمين ولائهم له ومنحه غطاء أيديولوجيا دينيا، كان بحاجة إليه.
نظام مبني بهذه الطريقة، لا يقيم أي وزن للشعب، الذي هو بالنسبة له ليس أكثر من دهماء تملأ الشوارع، عندما تؤمر بذلك، ليعلو صراخها " بالروح بالدم نفديك يا ...."، من الطبيعي أن لا يتوقع رئيسه أن ينتفض ضده، وعندما انتفض بعضه بتحفيز شديد من انتفاضات الشعوب العربية في تونس ومصر واليمن وغيرها، جاءه الرد بالنار، في استدعاء وظيفي لدعائمه الأربعة السابقة الذكر لتؤدي دورها، فأدته بأمانة إلى حد كبير.
النظام السوري لا يقبل الإصلاح، بل يقبل الكسر بتدخل عسكري خارجي،كما حصل بالنسبة لنظام صدام حسين، ولنظام معمر القذافي، لكن هذا لن يحصل في سورية لأسباب عديدة لا مجال لذكرها هنا، ومن الصعوبة بمكان أن يسقط نتيجة لصراع عسكري داخلي، كما برهنت على ذلك نتائج الانتفاضة المسلحة ضده خلال ما يزيد على سنتين ونصف من عمرها، لأسباب عديدة لا مجال لذكرها هنا أيضاً، لكنه يقبل التفكيك، وهذا ما سوف يكون موضوع حديث آخر.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع دستور مقترح
- السياسة عندما يرسمها الأمنيون
- مؤتمر جنيف2 وأراء الناس به
- المعلن والمستور في الخطاب الدبلوماسي الأمريكي
- جهل مركب أم حملة إعلامية ظالمة
- الواقعية السياسية تنتصر أخيراً
- أوهام تعاند السقوط
- مؤتمر جنيف2 وسقوط الأوهام
- حظوظ مؤتمر جنيف2 بين النجاح والفشل
- ويبقى للتاريخ قول....
- أسئلة مشروعة
- بانوراما الثورة
- مذكرة تنفيذية لرؤية هيئة التنسيق الوطنية للحل السياسي التفاو ...
- مثقفون وسياسيون رعاع
- عفوا مانديلا نحن غير
- للامنطق في - منطق الثورة والمعارضة-
- السوريون وخطة كوفي عنان
- روسيا والدم السوري المسفوح
- مبادرة كوفي عنان إنقاذ للنظام السوري
- عام على الثورة- الشعب يزداد تصميماً


المزيد.....




- كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
- إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع ...
- أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من ...
- حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي ...
- شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد ...
- اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في ...
- القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة ...
- طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
- الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
- الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - مركزية الرئيس في النظام السياسي السوري