سلام كاظم فرج
الحوار المتمدن-العدد: 4322 - 2013 / 12 / 31 - 07:57
المحور:
الادب والفن
سوريا الامس / قصة قصيرة
سلام كاظم فرج..
(يامنية النفس ما نفسي بناجية.. وقد عصفت بها نأيا وهجرانا.. من اغنية لعبد الوهاب....)
انصحك ان لاتراها.. قالت له شقيقته وهي تسعل,لم يكن قد احتفظ بصورة لها فقد احترقت كل صورها في حريق مكتبته قبل عدة سنوات,, لكن زوجه وهي تقلب بعض دفاتره القديمة مافتئت تسأل عن صورة فتاة حسناء منتزعة من مجلة قديمة مختبئة بين ثنايا الدفاتر,, كان يعطيها اعذارا واهية في كل مرة .
والعذر الوحيد الصحيح ان الصورة المنتزعة من تلك المجلة العتيقة لفتاة تشبهها ,, كانت قد اجريت معها مقابلة عابرة بمناسبة فوزها بجائزة ادبية بسيطة..
فتاة الصورة بعمر التاسعة عشرة تقريبا.. حين انتزع الصورة كانت فتاته (وأسمها سورية..) قد رحلت مع زوجها الى سوريا وكانت بعمر الثلاثين,
كانت قد غادرت بغداد لتستقر في دمشق,,
انصحك ان لا تراها.. كان سعال شقيقته عنيفا هذه المرة حتى شعر ان عدواه قد تسللت اليه فراح يسعل..
( عند فراش شقيقته المريضة ثمة راديو تنطلق منه بصوت خفيض اغنية طالما احبها لمحمد عبد الوهاب... اعتقد ان عنوانها.. همسة حائرة.. كان وهو يحاور شقيقته يبذل جهدا لكي يتذكر اسم الشاعر الذي كتب القصيدة التي حولتها أنامل عبد الوهاب الى لحن جميل واغنية حالمة.. لكنه لم يفلح ..)
سألها مشفقا.. ولكن .. ليش؟؟!!
لمَ تمنعيني من رؤيتها؟؟
همست وهي تكاد ان تلفظ انفاسها..
سيتبدد الحلم.. حلمك الذي احتفظت به لخمسين سنة مضت
سيتبدد الجمال الذي طالما اجلسته في حضنك .. وداعبته في خيالك.
.(وحولنا الليل يطوي في غلائله.. وتحت اعطافه نشوى ونشوانا.. / همسة حائرة.)
سوريا منهكة.. مهدمة.. لا أسنان.. لابريق من جمال.. لا مسحة من رقة...
(ثم انثينا وما زال الغليل لظى,, والوجد محتدما/ والشوق ظمآنا.. / همسة حائرة..)
هلا بقيت على حلمك الجميل لكي تأخذه معك الى القبر..
غرق وشقيقته في سعال طويل ,, طويل ..يشبه ليل الشعوب المقهورة التائهة...
من قوة السعال كان صدره ينتفض وامعائه تتألم.. ولم يعد رأسه يستطيع التفكير بكيفية الوصول الى فتاته لتعزيتها بمناسبة عودتها من دمشق . ولا بأسم الشاعر الذي كتب القصيدة... .
#سلام_كاظم_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟