أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - سلميتنا أقوى من الرصاص














المزيد.....

سلميتنا أقوى من الرصاص


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4321 - 2013 / 12 / 30 - 16:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الرصاص أداة قتل، وما يجمعه بلفظة ’سلمية‘ هنا هو إمكانية أن يكون مفعول السلمية أقوى من مفعول الرصاص، ليس في قتل الخصم والتخلص منه بدنياً لكن في القضاء عليه معنوياً، ونبذه مجتمعياً، وإقصائه سياسياً. حينئذ يصبح الخصم المصاب برصاصة ’سلمية‘ من هذا النوع كأن لم يكن، بلا صوت أو تعبير أو فعل قادر على أن يحرك نفسه أو الوجود من حوله في أي وجهة أينما كانت. هكذا تتحول ’السلمية‘ إلى ’سلاح إبادة‘ لروح الإنسان ووعيه، مخلفة ورائها مجرد هيكل بشري لا يصلح لشيء. بهذا المعنى، قد تكون ’السلمية‘ سلاحاً أقوى من الرصاص حقيقة.

عندما زعق المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، د. محمد بديع، بأعلى صوته من فوق منصة رابعة العدوية عقب الإطاحة بجماعته من الحكم بعد 30 يونيو بهذه العبارة الدالة ربما لم يكن يقصد أن ’سلميته‘ هذه تفضي إلى القتل، ولا يمكن التشكيك في نية الرجل آنذاك دون دليل مادي يدينه هو شخصياً. على الجانب الآخر، لا يدخل الشك عقل أحد أيضاً في أن المرشد العام نفسه وأعضاء جماعته وأنصارها في ذلك الوقت تحديداً كانت تتملكهم جميعاً غضبة موثقة بالصوت والصورة ورغبة مجنونة وعزيمة لم تلين إلى اليوم موجهة بقوة ضد كل الذين قد أطاحوا أو ساعدوا في الإطاحة بهم للتو من مقاعد السلطة. لا شك في أن المرشد وجماعته وأعوانه كانوا في ذلك الوقت ولا يزالون حتى اللحظة ’يكرهون‘ جميع هؤلاء الذين قد ’انقلبوا‘ ضد حكم الجماعة وأعوانها وعزلوا د. محمد مرسي بعد 30 يونيو.

نحن، هكذا، أمام ’كراهية‘ مؤكدة، لكن في الوقت نفسه من دون أن تنفجر في ’عنف‘ ضد هؤلاء الخصوم الحقيقيين أو المزعومين. هل يمكن أن يشك أحد في ’كره‘ الجماعة الشديد لرموز سياسية كبيرة ممثلة لملايين المصريين الآخرين مثل وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي أو رئيس حزب الدستور ونائب الرئيس المؤقت السابق د. محمد البرادعي؟ هي، إذن، سلمية قد لا تمارس العنف المادي حقيقة، لكنها في الوقت نفسه تخزن بداخلها غضب وكراهية وحقد وغيظ ورغبة في الثأر والانتقام بلا حدود؛ أو ربما هي ’سلمية الكاظمين الغيظ‘، التي كان يقصدها فضيلة المرشد. لكن حتى لو استطعت أن تكظم الغيظ، هو لا يزال كامن في العقل الباطن مستتر بابتسامة بلاستيكية مصطنعة في انتظار الشرارة- المظلومية- المناسبة حتى ينفجر في بركان عنف وحمام دم لا يتوقف.

’السلمية‘ الحقيقية هي حالة ذهنية أولاً قبل أن تكون بدنية ثانياً. هذا يعني أنه لا يكفي لكي تدعي السلمية أن تقدر على أن تملك نفسك من العدوان البدني على الآخرين فقط؛ قبل ذلك، وأهم منه، هو أن تملك من القدرة والشجاعة ما يكفيك- مهما كانت المبررات الحقيقية- لمقاومة نوازع الكره والعدوان داخل عقلك وأفكارك، حتى فيما بينك وبين نفسك. طالما بقي الغضب والكره والعدوان الداخلي مؤججاً، عندئذ لا تكون المسألة أكثر من بعض الوقت حتى ينفجر في حمم ونيران حارقة حقيقية تلتهم كل ما يعترض طريقها.

مؤخراً، بقرار إداري لا حكم قضائي، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية". هذا، من حيث الشكل القانوني، تجني واضح على الجماعة، التي تتدعي عدم التورط في أعمال عنف صريحة مثل تفجير مديرية أمن الدقهلية بالمنصورة الذي ادعت المسؤولية عنه جماعات جهادية متطرفة تتبنى العنف صراحة مثل "أنصار بيت المقدس". على الجانب الآخر، على صعيد العمل السياسي، هناك من يتهم الجماعة بأنها منذ دخلت دنيا السياسة قبل ثمانية عقود وهي تخدم بمثابة ’مخزن كراهية‘ لا ينضب من المظلوميات، والذي تستولد وتسلح منه بقية الجماعات والتنظيمات الجهادية العنيفة الأخرى، التي تتنصل الجماعة من أي ارتباط تنظيمي بها. حتى إذا كانت الجماعة محقة في ادعائها تبني الوسائل السلمية ونبذ العنف وعدم الارتباط التنظيمي بالجماعات الجهادية المسلحة، لا يزال السؤال كبيراً: وماذا عن الارتباط العضوي؟

في سؤال آخر، أين تحديداً يمكن أن يبدأ ’الإرهاب‘؟ هل هو يبدأ من لحظة تشغيل ’الدماغ‘ بمشاعر وأفكار وخيالات عنيفة، أم فقط من لحظة رفع الذراع بحجر أو قنبلة مولوتوف أو سكين أو مسدس، أو قيادة سيارة مفخخة أو ارتداء حزام ناسف؟ وإذا كان الإرهاب الحقيقي يبدأ من لحظة أن تمتد له اليد فقط، لماذا إذاً كافة المواثيق والأعراف الدولية تحظر المواد التي تحض على الكراهية وتعاقب المتورطين فيها، حتى لو كانت قصاصة ورقية أو مقطعاً سينمائياً؟

أليس ذو دلالة لافتة أن تجتمع لفظة ’السلمية‘ مع ’القوة‘ و’الرصاص‘ في عبارة واحدة مكونة من ثلاث كلمات فقط وحرف جر واحد؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شلباية ولميس، وكمان أم أيمن
- هل مصر على فوهة فوضى؟
- الأنثى الداجنة
- هيا بنا نقتل إسرائيل
- حكومتها مدنية
- باشاوات ثاني؟!
- وهل ماتت دولة الإسلام؟!
- دولة الإسلام- دينية، عنصرية، متخلفة
- إيران الإسلامية تحتمي بالقنبلة النووية
- برهامي، ومثلث الرعب الإسلامي
- الإرشادية تمثيل الإلوهية على الأرض
- الأزهر سبحانه وتعالي
- تحذير: للكبار فقط
- بأمر الواقع، السيسي رئيساً.
- ثورة دي، ولا انقلاب؟!
- رثاء
- كبير الإرهابيين، إمام المغفلين
- في حب الموت
- حين تعبد الديمقراطية
- في آداب القتل الشرعي


المزيد.....




- ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف ...
- زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
- -خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
- الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
- ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات ...
- إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار ...
- قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
- دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح ...
- كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع ...
- -كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - سلميتنا أقوى من الرصاص