عبدالعليم معلا التوم
الحوار المتمدن-العدد: 4318 - 2013 / 12 / 27 - 22:01
المحور:
الادب والفن
الحقيقة عند هابرماس لا تنفصل عن رهانات الكلام واللغة المتداولة، بل إنما تنبعث من داخل المحادثات وصيغ التبادل، الهادئ تارة والساخن تارة أخرى، الذي يحصل بين الذوات المنتجة للتواصل ومن هذا المنطلق فإن هابرماس يساهم بنظريته الإجمالية للحقيقة في "جنازة" الحقيقة المتعالية وفي الوهم الدائم بامتلاك الحقيقة الواحدة ولا سيما في زمن خلقت فيه الحداثة صيغا متعددة للحوار وللصراع ومجالا عموميا له آليات تكشف عن مختلف الحقائق في سياقات ومجالات للقول متحركة دوما .
وفي المحصلة نقول إن النقاش هو أساس التواصل وأن التواصل عند هابرماس غدا الفاعلية الوحيدة التي في إمكانها إعادة ربط الصلة بين أطراف هذا العالم متقطع الأوصال، عالم فقد كل مرجعياته ونقاط ارتكازه، وانقطعت صلة الحميمة بالإنسان، وعوض التقدم والمحبة والسلام ساد الاستبداد والعنف، حتى صار هذا العنف كما يقول إريك فاي موضوعا محوريا من مواضيع الفلسفة في المرحلة المعاصرة. إن المفارقة الكبرى، وهذه اللحظة ربما تمثل اللحظة الثالثة في تراتبية اللحظات المؤثرة – سلبا- في مبحث فلسفة التواصل، هي أن هذا التواصل الأصيل الذي نفتقده جميعا، وليس هابرماس وحده يتم على مرأى ومسمع من الثورة الكبيرة التي يعرفها عالم الإتصال والإعلام بمعناه الإبلاغي الآلي المباشر. ثورة شملت كل مناحي الحياة في أدق دقائقها، ووصلت إلى أبعد نقاط الأرض وأكثرها انعزالا. أليس هذا التناقض الواضح بين تواصل إنساني مرغوب ولكنه مفقود، وبين وفرة إعلامية شكلانية جعلت الإنسان أكثر غربة، بل أكثر اغترابا وأقل تواصلا. هنا مكمن الخطر الذي كان قد تنبأ به عالم المستقبليات والسوسيولوجي الأمريكي ألفين توفلر. ومن هنا فإن التجربة التواصلية تأتي من العلاقة التفاعلية التي تربط شخصين، على الأقل داخل العالم المعيش وفي إطار من التوافق اللغوي والتذاوتي. ومن ثم فإن كل شخص أو فاعل يملك القدرة على الكلام والفعل يمكنه أن يشارك في التواصل، وأن يعلن إدعاءاته للصلاحية، لكن شريطة أن يراعي مقاييس المعقولية والحقيقة والدقة والصدق.
#عبدالعليم_معلا_التوم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟