|
أحلام مشبوبة
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4317 - 2013 / 12 / 26 - 23:30
المحور:
الادب والفن
" لعباس بنفرناس " يكون عادةً في أبهى حالات مزاجه، حينما يعود من المدينة مُختزَن الذاكرة بمَشاهد حديثة، مثيرة، تمتّ للجنس الأخر. وها هما صديقاه، في هذا المساء الملتهب، يشجعانه على بذل الجهد ليكون جديراً بحضور إحدى أكثر المطربات اللبنانيات شهرةً، بله فتنةً. ثمّة، في ساحة المدينة، التي لا تقلّ شهرةً، كانت جماهير غفيرة تشهدُ حفلَ نجمة الغناء والاغراء. وإذاً، كان من سعد فأل " لعباس " أن يقفَ مع صديقيه خلفَ زوجٍ فتيّ من الأوربيين، بدا من مظهرهما أنهما سعيدان بصوت المطربة الحسناء، على الرغم من حقيقة جهلهما اللغة العربية. بدَوره، كان صاحبُ المزاج أقلّ اهتماماً بمعرفة حقيقة أخرى؛ وهيَ أن مطربته الأثيرة، الجميلة، قد سبق وسلّمت وجهها لمباضع جراحة التجميل. الأرض مشتعلة تحت أقدام الجمهور، بفعل الحرارة المتبقّية من شمس الهاجرة، المندحرة. ولكن بخصوص " لعباس "، كان هناك سببٌ أكثر وجاهة لإحساسه بالاختناق. فالمؤخرة العارمة لهذه الفتاة الأجنبية، المكنوزة طيّ كولون ضيّق وبرّاق، كانت منطبعةً على شبكتيّ عينيه. رويداً، وتبعاً لتصاعُد حماس صديقيه، راحَ الأخرقُ يَسحبُ عضوه من مكمن بنطال الجينز، القذر والخلِق. ردفٌ لا يُرام، وعينانٌ تفاقمَ جحوظهما. لا عُري تلك المطربة، ولا رقصها المجنون، ليلعبان بعدُ على أوتار الشهوة، المتفجرة. وهلة، على الأثر، وكادَ السرّ أن يُفضحَ على الملأ: الكَاوري { الأجنبيّ النصرانيّ }، كان يهمّ بمداعبة ردف صديقته، حينما مرّت كفه على مادة الشهوة، اللزجة. فما أن انتبهت الصديقة للأمر، فحطت يدها أيضاً على ذات البقعة المبتلة، حتى بدت أنها على وشك التقيؤ. عند ذلك، وبدون حاجة للنطق بنأمة، سَحَبَ الصديقان الرفيقَ المتورّط ثمّ مضيا معه خِلَل الزحام الخانق. حينما كان " لعباس " يسير بتثاقل أمام رفيقيه، فإنه لم يكن ليفطن إلى اشاراتهما المتفكّهة بجرمه الكبير. فقد كان آنئذٍ، ولا غرو، رخيَّ البال. بيْدَ أنّ مسألة ملحّة، في المقابل، عكّرتْ صفوَ مزاجه: " عليّ أن اغتسلَ.. فما العمل؟ "، خاطبَ من ثمّ صديقيه. نظر كلاهما هنيهةً إلى الفتى البليد، الرخو. وما لبثا أن انفجرا في قهقهة مديدة، كانا قد حبساها مطوّلاً على الأرجح. وإذ ظهرَ الكدَرُ على ملامح وجه " بلعباس "، اللحّيم، فإنّ الآخرَيْن راحا يربتان على ظهره بطيبة، قبل أن يبادرا إلى ابلاغه بخطّة المسير. هكذا تنقّل الأصدقاء الثلاثة، في طريقهم إلى مطعم الوجبات السريعة، بين محطات " شارع محمد الخامس "، العديدة، المتفاوتة الإنارة. ثمّة، عند الحائط الواطيء للحديقة المستلقية تحت أسوار المدينة القديمة، كانت العتمة من الكثافة أنّ الأصدقاء الثلاثة كادوا أن يصطدموا بأحدهم. هذا الشخص، كما بان لهم في الحال، كان من عصبة المدمنين على المخدرات، الذين دأبوا على الانطواء في هذا المكان. " لعباس.. تعال وانظر إلى تلك الكَاوري "، هتفَ أحد الأصدقاء بنبرة مستهترة. المُنادى، كان عندئذٍ منزوياً أمام المبولة المزدوجة، وقد بدا منهمكاً في تنظيف شيئه. هذا العضو المرتخي، ما عتمَ أن انتصبَ حالاً بعدما انتعظ صاحبه بفعل المشهد المثير، الأكثر جدّة. ففي الحمّام المقابل، المخصص للنساء، كانت فتاة أجنبية قد استهلت للتوّ رفعَ طرف تنورتها، كي تصلِحَ من شأن جوربيها السود، الرقيقين، الشبيهين بشبكة العنكبوت. إذاك، كان " لعباس " قد خطا نحوَ المغسلة مع عضوه البارز من فتحة الجينز، والمنتصب كجدعة نخلة مقطوعة. هذا المنظر، جعلَ أحد روّاد المطعم يغادرُ الحمّامَ ساخطاً، مدمدماً بعبارات مبهمة. في تلك اللحظة، التقت العينان الجاحظتان بعينيّ الفتاة الشقراء، التي كانت قد أنزلت بسرعة طرفَ تنورتها. غيرَ أنّ عين القضيب، الوحيدة، كانت قد تملّت جيداً فتنة اللحم الناصع، الرَخِص. " هيا لعباس.. اصمدْ قليلاً ولا تجبن "، حثّه أحد رفيقيه من الخلف. في الأثناء، وعلى حين فجأة، كانت فتاة أخرى قد همّت باجتياز عتبة الحمّام، فنطقت عيناها من تحت الخمار السميك بما يُنبي عن الهلع. فكان صُراخ وهَرَجٌ وعِراكٌ. ثمّة، في الدور الثاني من مطعم الوجبات السريعة، خيّمَ صمتٌ ثقيل جعلَ الهواءَ على مُنقلبٍ آخر، مَعدنيّ. من مدخل الترّاس الزجاجيّ، أين وقف عددٌ من الشرطيين، كان من الممكن رؤية شابّ غليظ الأطراف، قد انتصبَ بطوله فوق إحدى الطاولات الخشبية، المحاذية للسور. هذا، كان يبسط يديه على وسعهما، متخذاً شكلَ الصليب. " لعباس "، من ناحيته، كان يحسّ بأنه أضحى طيراً. إلى الأسفل، وعلى مرمىً من العينين الجاحظتين، بدا حشدُ الناس يتنامى باضطراد. إلا أن تينك العينين، على أيّ حال، لم تلحظا وجودَ شابين صديقين كانا يثيران الحشدَ بالتعليقات الساخرة. هناك، كان رجال الأمن يحاولون عبثاً ابعاد هؤلاء المتطفلين. وبدون جدوىً أيضاً، بدَتْ محاولات زملائهم، الموجودين على تراس المطعم: " اسمع، يا هذا.. لا أحد يتهمك بشيء. لقد سبق واستجوبنا بعض العمال والزبائن هنا، فأكّدوا لنا أن الموضوعَ مجردُ سوء فهم "، كانوا يخاطبون الفتى الأخرق بلهجة تجمع بين الشفقة والشدّة. ولكن " لعباس " ما عادَ يسمع شيئاً؛ لأنه صارَ طيراً. أجل، فالريش بدأ بالنموّ في سرعةٍ ملحوظة على يديه وساعديه. بغتة، ارتجّ الجمعُ المُحتشد في الأسفل، حينما انطلق الطائرُ مُحلّقاً فوقهم مباشرةً.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشاطيء الشاهد
-
النمر الزيتوني
-
فكّة فلوس
-
القضيّة
-
الطوفان
-
مسك الليل
-
خفير الخلاء
-
البرج
-
طنجة؛ مدينة محمد شكري 3
-
طنجة؛ مدينة محمد شكري 2
-
طنجة؛ مدينة محمد شكري
-
سيرَة حارَة 7
-
في عام 9 للميلاد
-
سيرَة حارَة 6
-
سيرَة حارَة 5
-
سيرَة حارَة 4
-
في عام 10 للميلاد
-
سيرَة حارَة 3
-
في عام 11 للميلاد
-
سيرَة حارَة 2
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|