|
تجربة العيساوي دروس وعبر
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 4315 - 2013 / 12 / 24 - 11:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أمس عانق الأسير القائد المقدسي سامر العيساوي الحرية،ليعود ظافراً منتصراً الى مسقط رأسه في قرية العيساوية التي تبعد فقط عدة كيلو مترات عن الأقصى والقيامة فقط،الأقصى الذي يتعرض لمخاطر التقسيم الزماني والمكاني الفعلي على يد العصابات والجمعيات الإستيطانية المتطرفة،سامر شكل حالة استثنائية على صعيد الحركة الأسيرة الفلسطينية،وهذا ليس لكونه خاض فقط اطول ملحمة بطولية على صعيد الحركة الأسيرة فلسطينياً وعربياً ودولياً،ملحمة الأمعاء الخاوية،والتي امتدت لتسعة شهور ونيف،بل لكونه أعاد تجليس الهرم لكي يجلس على قاعدته بدل رأسه،بالقول بأن الإرادة والثبات على الموقف والمبدأ قادرة على تحقيق الإنتصارات،وان إستدخال الهزائم او ما يسمى بالواقعية و"الكف لا يناطح المخرز"،لن تحرر وطناً ولا أسرى ولن تصنع حرية،وأثبت وبرهن القائد سامر بالممارسة والفعل والتضحية،بأن إمتلاك ذلك يمكن ان يحقق النصر على اعتى القوى الفاشية والمتغطرسة،فهو رفض كل أشكال المساومات،متسلحاً بإرادة وقرار جريء وعزيمة لا تلين، رافعاً شعاره الناظم بأن لا عودة إلا للعيساوية،وغير ذلك الشهادة في سبيل الوطن والحرية،ولا اخفيكم القول بأننا سعينا الى إجراء نقاش مقدسي حول خطوة سامر بعد مضي ما يقرب من سبعة شهور على قيامه بالإضراب عن الطعام،حيث كنا نبحث عن مخرج،لا يجعل سامر يعود الينا محمولاً على الأكتاف،فنحن نريده حياً نستلهم من تجربته ونبني عليها للمستقبل،ولا أخفيكم بأنه كانت تساور البعض منا شكوكاً بأن هناك من يدفع بسامر نحو هذا الخيار من أجل ان يتسلق على تجربته ونضالاته وتضحياته،ففي مثل هذه المعارك غير المعهودة في النضال،تصبح هكذا شكوك مشروعة، ونحن كان هاجسنا سلامة سامر وعودته حياً،وان تكون تجربته بروفة لمعارك إعتقالية اوسع وأشمل،ولكن كل اطروحاتنا وتنظيرتنا سقطت امام صمود هذا العملاق،حيث كان هناك جزم وحزم بأن لا خيار سوى ما إختاره سامر،النصر او الشهادة،والمطلوب فقط دعم صموده وتنظيم اوسع عمليات تضامن واحتجاجات ومسيرات واعتصامات ومظاهرات شعبية وجماهيرية دعماً ونصرة لخطوته النضالية. والدرس الآخر المستفاد من تجربة القائد العيساوي،هي قضية رفض الإبعاد،تلك القضية الخطيرة،التي قلنا انها واحدة من مثالب صفقة التبادل،صفقة الوفاء للأحرار،على الرغم من تثميننا وتقديرنا العالي لها،التي أبعدت قسراً ما لا يقل عن 40 % من الأسرى المحررين عن ديارهم وبيوتهم،والقول بأن من أبعدوا الى غزة، ذهبوا الى وطنهم،كلام لا يصمد أمام الوقائع والحقائق،فالذاهب الى أرض الوطن غزة وغيرها يكون بإرادة وخيار حر طوعي وليس إلزام قسري،فنحن من تجربة مبعدي كنيسة المهد عام/2002،كان علينا ان نستلهم الدروس والعبر،حيث تم إبعادهم بشكل مؤقت لمدة ثلاث سنوات،ولم يعد أحد منهم حتى الان، فالمبعد المناضل عبدالله داود الذي إستشهد في الخارج،لم يسمح بدخول جثمانه ليدفن في أرض الوطن،وكذلك حال كل الأسرى الذين جرى إبعادهم في صفقة الوفاء للأحرار،وانتهت مدة إبعادهم،لم يوافق الإحتلال على عودة أي منهم،فهذا الإحتلال خبرناه وعرفناه جيداً،لا يلتزم بأية اتفاقيات ولا أعراف ولا مواثيق دولية،تعتمد على حسن النوايا أو غير موثقة وموقعة من أطراف دولية ضامنة لتطبيقها وتنفيذها،وحتى تلك الموقع والموثق منها كثيراً ما يخرقها ولا يحترمها،وقد وعى الأسير القائد العيساوي الدرس والتجربة جيداً،برفضه كل صيغ الإبعاد التي طرحت عليه،وأصر على العودة إلى مسقط رأسه في العيساوية،وكذلك فترة الحكم أصر على ان تكون مقرة وموثقة بتوقيع المحامين وقضاة محاكم الإحتلال،وليس عبر وعود شفوية من اجهزة قمع ومخابرات صهيونية تتنصل منها بعد إنتهاء الخطوة النضالية مباشرة. والدرس الآخر المستفاد من تجربة الأسير القائد العيساوي،هو البيئة الحاضنة للأسير العيساوي،فهو ولد وتربى في عائلة مناضلة قدمت الشهداء والجرحى والأسرى،فقد إستشهد شقيقهم فادي في المناشطات التي اعقبت مجزرة الأقصى/1994 وكان نشاطاً في الإنتفاضة الأولى- انتفاضة الحجر،وكان احد قادتها الميدانيين،اما شقيقه مدحت الذي عرف طريقه لسجون الإحتلال اكثر من مرة،فقد تحرر من الأسر قبل أسبوع على تحرر القائد سامر،وكذلك شقيقيه شادي ورأفت كانوا معتقلين سابقين وشقيقتهم المحامية شيرين العيساوي،أما الوالدين "أبو رأفت وأم رأفت"فهم نماذج صارخة في التضحية والفداء والصمود والتحدي والكفاح والنضال،وانا لا أبالغ بان والدتهم ضربت مثلاً رائعاً ومميزاً في قوة أعصابها وتحملها وصبرها،وأنا واثق بأنه لو كانت أم غير هذه الأم الفولاذية،لمارست كل أشكال الضغوط على إبنها من أجل ان يفك إضرابه المفتوح عن الطعام،وذلك بغريزة الأم التي لا تريد أن تفقد او تخسر إبنها،ولكن تلك الأم النموذج والرائعة تحملت ما لا تتحمله الجبال،فقالت أنا مع خيار ابني،فإما حرية او شهادة،وهذا قرار يحتاج الى جرأة عالية وأعصاب فولاذية ودرجة غير مسبوقة من الإنتماء. نعم البيئة الحاضنة من الأسرة والأصدقاء والرفاق والجماهير،لعبت دوراً مركزياً في معركة القائد سامر الإعتقالية،وانا واثق بأنه لو كان هناك إحتضان رسمي بالمستوى المطلوب،لأمكن تحقيق هذا النصر بزمن أسرع،وهذا النصر يجب أن تستلهمه وتتعلم منه القيادات التي تقامر بحقوق وثوابت شعبنا عبر مفاوضات عبثية ،لن تؤدي سوى الى المزيد من ضياع وخسارة تلك الحقوق وتبدد مشروعنا الوطني،فأظن بأن ما يحمله كيري من مشروع سياسي لحل إنتقالي،سيصيب من مشروعنا الوطني مقتلاً،وهذا المشروع أخطر من أوسلو كثيراً. الأسير القائد العيساوي،حقق إنتصارا كبيراً،انتصاراً يحق لسامر ولعائلته ولرفاقه ولحزبه ولثورته ولكل أبناء شعبه أن يفخروا به،فهذا انتصار يسجل،في ظل تراجع شهدته وتشهده اوضاع الحركة الأسيرة الفلسطينية،والتي عليها أن تدرك جيداً بأنها مستهدفة كمجموع وليس كأحزاب وفصائل منفردة،وبدون وحدة اداتها التنظيمية الوطنية،فلن تستطيع تحقيق إنتصارات جدية وحقيقية.
القدس- فلسطين 24/12/2013 0524533879 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طبخة -كيري- أسوء من اوسلو
-
وطن يهدم على مذبح العشائرية والقبلية
-
القدس.....القدس....القدس....؟؟؟؟
-
أعيادكم ....أعيادنا فالوطن واحد والشعب واحد
-
قطر.....تقطر سماً
-
المنخفضات السياسية....اخطر من المنخفضات الجوية
-
ترميم التحالف الأمريكي- الإسرائيلي - السعودي
-
خدمة وطنية فلسطينية بدل خدمة وطنية اسرائيلية
-
رحيل مانديلا وجياب....خسارة لكل الثوريين
-
-برافر- وفشل المفاوضات بروفة لإنتفاضة اوسع وأشمل
-
المطلوب صندوق فلسطيني وخارطة طريق لدعم القدس
-
ايران.....والمعادلات الجديدة في المنطقة.
-
القدس تنتصر للفئات المهمشة رغم قيدها وألمها
-
الحجيج الى موسكو لماذا...؟؟؟
-
هل ستنجح اسرائيل والسعودية في منع توقيع الإتفاق الإيراني - ا
...
-
الفصائل الفلسطينية ...إحتفالات ومهرجانات
-
السعودية وملفات المنطقة
-
في الذكرى الخامسة والعشرون لإعلان الإستقلال لا إستقلال تحقق.
...
-
جولات كيري المتكررة -نسمع طحناً ولا نرى طحيناً -
-
سقط الإبراهيمي....وسقط اللا عربي..
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|