|
اليسار في المغرب، واقع و آفاق في ضوء حركة 20 فبراير و انتفاضات الشعوب المغاربية و العربية.
عبد الغني القباج
الحوار المتمدن-العدد: 4312 - 2013 / 12 / 21 - 06:12
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
ماذا تبقى المشروع اليساري السبعيني المغربي، من شروط نشاته خلال سبعينات القرن الفارط...؟ سؤال يطرح إشكالية أساسية بل واقعية بالنسبة لليسار الماركسي في المغرب. أنا ماركسي و لا أطرح على نفسي هذا السؤال كذات، لأنه من بديهيات الماركسي أنه لا ينظر للحركة الماركسية اللينينية المغربية انطلاقا ذاته بل من حركة التاريخ و من أثرها فيه و في واقع الصراع الطبقي بكل تجلياته السياسية و الاجتماعية و الثقافية اليوم و من نقد أخطائها التي جرت تحت القمع الأسود الذي مارسه نظام الحسن الثاني منذ ضد قوى المعارضة و الحركة الاجتماعية و الانتفاضات الجماهيرية منذ ستسنات القرن الماضي. كما عانت من هجوم و قمع نظام الحسن الثاني القوى اليسارية الوطنية، قوى الإصلاحية المخزنية (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية و الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و التحرر و الاشتراكية/التقدم و الاشتراكية).. و هنا لا ننسى المهدي بنبركة كفاعل سياسي ثوري و كرمز لمناضلين و مناضلات يساريين و وطنيين تمت تصفيتهم من طرف النظام السياسي، دهكون ورفاقه، زروال، سعيدة لمنبهي،جبيهة رحال، كرينة، بلهواري، دريدي تهاني.. بنعيسى الجيد، المعطي بوملي... و اللائحة طويلة... أو من طرف الرجعية الإسلاموية التي اغتالت اليساريين عمر بنجلون، بنعيسى الجيد و بوملي .. و لا أنكر أن الحركة الماركسية اللينينية المغربية ارتكبت أخطاء سياسية تكتيكية تجلت في نخبويتها أهمها: - الشبيبة التعليمية كطليعة تكتيكية، و هي شبيبة ظلت عموما منفصلة عن الطبقات الشعبية بصفة عامة، منفصلة عن الطبقة العاملة و الفلاحين و عموم الفئات الاجتماعية الشعبية رغم، و هذه مفارقة، أن أغلب نخب الحركة الماركسية الينينية المغربية من أصول اجتماعية شعبية! - غياب برنامج ديمقراطي مرحلي، يكون الجسر لحضور اليسار الماركسي السياسي و الاجتماعي و الثقافي في وعي الطبقات الشعبية للمساهمة في فرز طلائع من الطبقات الشعبية (عمال، فلاحين، مأجورين، فئات محرومة...).. - تبني خطاب حرب التحرير الشعبية و الحركة الماركسي اللينينية المغربية في بداية نضالها السياسي و الجماهيري، دون توفر الشرط الموضوعي للثورة، بالنظر لعدم فهم أن حرب التحرير الشعبية في تلك المرحلة، مرحلة النصف الثاني من ستينات و بداية سبعينات القرن الفارط في غياب الشرط الموضوعي، أي قوة اجتماعية ديمقراطية ثورية، هي تتويج لانخراط الطبقات الشعبية في النضال الاجتماعي و الثقافي الثوري و انخراط وعيها و ممارستها في النضال السياسي الديمقراطي الثوري ضد استبداد السلطة المخزنية و التحالف الطبقي الكمبرادوري السائد آنذاك. - الإذقاع النظري بما يعني عدم تطبيق نظرية التحليل الملموس للواقع الملموس للتشكيلة الاجتماعية المغربية و للصراع الطبقي مما أدى إلى تبني أطروحات لينين دون اجتهاد يجسد ارتباط الماركسية بالواقع المغربي و العالمثالثي، أي الإقرار بضعف كمي و نوعي للطبقة العاملة و تخلف البنيات الاجتماعية و الفرز الطبقي بالنظر لسيادة دولة استبدادية (المخزن كمؤسسة سلطوية حاكمة) و رأسمالية ريعية متخلفة و تسييد ثقافة تقليدية (التعليم، الزوايا، الأعيان، البنية القبلية...). و لنكن واضحين! لا يمكن لليسار أن يمارس سياسة يسارية فعلا دون نظيرة يسارية. مع العلم أننا نلمس غالبا اليوم داخل اليسار الراديكالي المغربي نوع من التلفيق النظري، أي اعتبار الديمقراطية مرتبطة عضويا بالليبرالية! و عكس ذلك استطاع اليسار الراديكالي في أمريكا اللاتينية أن ينجز تطورا نوعيا للتصور الديمقراطي اليساري الذي فك ارتباطه مع التصور الليبرالي و النيوليبرالي للديمقراطية. لقد مارس اليسار الجديد المغربي نقدا إيديولوجيا و سياسيا و تنظيميا صارما لهذه القوى، كما أن تيارات من الحركة الماركسية اللينينية المغربية مارست النقد الذاتي و نقد أخطائها التكتيكية بعد مرحلة القمع الأسود، الاختطاف و الاعتقالات، الذي مارسها النظام السياسي لاجثتاته منذ 1972 إلى منتصف الثمانينات. و كان و لا زال هذا النقد، سواء نقد القوى الإصلاحية المخزنية أو النقد الذاتي، سديدا و علميا و واقعيا و موضوعيا. و بالتالي أؤكد أن هذا النقد بأبعاده الإيديولوجية و السياسية و التنظيمية لا زال راهنا بالنسبة لي، بالطبع مع التأكيد على أن هذا النقد، بشقيه النقد الذاتي و نقد قوى الإصلاحية المخزنية، لا بد أن يتأسس على الواقع السياسي الملموس الراهن: * أولا واقع طبيعة النظام السياسي كنظام مخزني تبعي (مخزني اي استمرار فعلي للاستبداد و شكلية مؤسسات الدولة، و تبعي أي سيادة رأسمالية متخلفة و خاضعة بالكامل اقتصاديا و سياسيا للرأسمالية الامبريالية المعولمة) و واقع التحولات الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية. * ثانيا واقع المغرب بعد انبثاق حركة 20 فبراير، على خلفية "الثورة العفوية" للشاب البوعزيزي و الجماهير التونسية ضد ممارسة نظام زين العابدين بنعلي و قواته القمعية، حركة 20 فبراير كعلامة فاصلة و انعطاف سياسي تاريخي في الصراع الطبقي السياسي و الاجتماعي و الثقافي و كحركة مناهضة في جوهرها للاستبداد المخزني و متطلعة لديمقراطية حقيقية جديدة مناهضة لليبرالية و للرأسمالية المتوحشة. و كان طبيعيا أن لا تشارك قوى الإصلاحية المخزنية (الاتحاد الاشتراكي و التقدم و الاشتراكية ...) في النضال الجماهيري لحركة 20 فبراير. * واقع اليسار الإصلاحي المخزني و واقع اليسار الراديكالي باختلاف فصاءله السياسية و الطلابية. و هو واقع التشتت و الصراعات و التناقضات الثانوية و تضخيمها. * كما أن هذا النقد يطال كذلك قوى أخرى على يسار قوى الإصلاح المخزني، على الأقل هي على يسار هذه القوى في الخطاب و المواقف و ليس في الممارسات، و هي القوى التي لها موقف إصلاح النظام السياسي المخزني التبعي، عبر وهم "دمقرطته"، و هو موقف لم يتعلم و لم يستفد من دروس الصراع الديمقراطي في المغرب، دروس أكدت استحالة أي تطور ديمقراطي في ظل نظام مخزني تبعي لأنه موقف يطرح وهم إمكانية الإصلاح الديمقراطي دون تغيير طبيعة النظام و جوهره الاستبدادي الذي، ظل يحاول، في كل المنعطفات السياسية التي شهدها المغرب، أن يلبس، عبر الدستور و القانون و الانتخابات و البرلمان، لباس "ديمقراطية" تبقى في نهاية التحليل مزيفة. و بالتالي أعتقد جازما أن المشروع اليساري السبعيني الماركسي، مع مراجعته العميقة و ممارسة نقده الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي، لا زال مشروعا راهنا لأنه مشروع الدولة الديمقراطية و التحول الاشتراكي القادر على تحرير الانسان المغربي و الشعب المغربي من سيطرة النظام المخزني التبعي و إيديولوجيته الليبرالية المتخلفة و الدينية المتخلفة و اقتصاده التبعي و "ديمقراطيته" المزيفة. و أعتقد أن ثورات الشعوب المغاربية في تونس و ليبيا و العربية في مصر و سوريا و اليمن و البحرين... و انتفاضة حركة 20 فبراير في المغرب تؤكد حاجة و راهنية ما كان يطرحه اليسار السبعيني الماركسي في عموميته (الثورة الديمقراطية الشعبية)، و ليس في أساليبه (حرب التحرير و الكفاح المسلح)، مع العلم أن فصيل من الحركة الماركسية اللينينية المغربية كان يطرح كذلك الثورة الديمقراطية الجماهيرية كبديل للإصلاحية المخزنية. و ما جرى من دخول الاتحاد الاشتراكي و التقدم و الاشتراكية بدون شروط، و في أوج النضال الديمقراطي الجماهيري لحركة 20 فبراير، في الآلية الحزبية المواكبة لـ"لجنة تعديل الدستور" التي أسسها الملك على إثر خطابه يوم 9 مارس 2011، و ما جرى من مشاركة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي و المؤتمر الوطني الاتحادي في هذه الآلية، إضافة إلى نقابة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل و الاتحاد المغربي للشغل المحسوبين، تجاوزا، على اليسار، كل ذلك يؤكد الخط الإصلاحي الذاعن (la ligne réformatrice cooptée ) لهذه القوى لتصور و خطة و برنامج النظام السياسي المخزني التبعي. و لا ننسى أن هتين المركزيتين النقابيتين قبلتا العودة إلى الحوار الاجتماعي، بعد فشله، مع الحكومة بوزيرها الأول عباس الفاسي و بالتالي سقطتا في شرك المخزن الذي جرهما إلى اتفاق 26 أبريل 2011 لقطع الطريق عن القواعد النقابية كي لا تشارك و تنخرط في نضالات حركة 20 فبراير آنذاك. و بالتالي لا بد لليسار الراديكالي، على الأقل اليسار المنحدر من الحركة الماركسية اللينينية المغربية (النهج الديمقراطي، الحزب الاشتراكي الموحد، الفصائل الطلابية القاعدية الماركسية و الماوية و التروتسكية...) أن تتجاوز، بالنقد و النقد الذاتي، خلافاته الثانوية و تتحالف فصائله على أساس التصور المشترك لحركة 20 فبراير، كحركة ديمقراطية جماهيرية، تصور يمكن تحيينه و مراجعته في ضوء تطور الصراع الطبقي السياسي و الاجتماعي، و التحليل الملموس لواقع المغرب و أين يتجه الصراع الطبقي السياسي و الاجتماعي و الثقافي، و الخطة السياسية للممارسة الوازنة و الفاعلة في هذا الصراع من موقع الجماهير الشعبية التي عبرت خلال الزخم النضالي لحركة 20 فبراير عن استعدادها للنضال، و بلورة على أساس ذلك قوة اجتماعية ديمقراطية جماهيرية واعية و قادرة على قيادة النضال الجماهيري الديمقراطي و فرض الانتقال إلى نظام سياسي ديمقراطي يحدث قطيعة مع النظام المخزني التبعي. بالإمكان ان نتحدث حول هذا الموضوع و نتساءل عما يفيد الانتصار فالمعطيات القابلة للقياس وباعتماد مؤشرات، حصلية ما ينيف عن أربعة عقود من النضال و الكفاح المستميتين؟ و بقياس الخسارة و الربح،ماهي الحصيلة الفعلية؟ أعتقد أن السياسي اليساري الماركسي المناضل الذي يهزمه واقع اليسار اليوم و أطروحاته السياسية الرائدة في جوهرها، و ليس كما مورست. فالجوهر الاطروحات النظرية و السياسية للحركة الماركسية اللينينية، باستثناء رومانسية حرب التحرير الشعبية آنذاك، أكدتها انتفاضات سعوب مغاربية و عربية و النضال الجماهيري لحركة 20 فبراير مهما كان هذا الواقع قاسيا و مرتدا و منهزما و انتهازيا. إن ردة اليسار الذي أصبح يطرح الليبرالية طريقا للديمقراطية، لا يمكن اعتباره يسارا! لقد طلق يساريته و سقط في انتهازية متخلفة. و بالتالي ما يجري في المغرب اليوم هو محاولة الالتفاف على أطروحات اليسار الماركسي و استعمالها و توظيفها لتلميع الدولة المخزنية التبعية خصوصا عبر "هيئة الانصاف و المصالحة" و عبر انتقال يساريين، ماركسيين أواتحاديين أو غيرهم من اليساريين السابقين، للاصطفاف وراء النظام المخزني و خدمته. و لا ننسى اللقاء الذي خطط له النظام المخزني، من وراء قرارات أجهزة اليسار الاشتراكي الموحد، و الذي جمع فؤاد عالى الهمة و مستشار الملك محمد معتصم بمحمد الساسي و محمد حفيظ (كانا آنذاك عضوين في المكتب السياسي لليسار الاشتراكي الموحد).. و الذي كان الهدف منه جر هذا الحزب إلى الحاشية الخادمة للمخزن الذي كان يريد الاشتغال بأطر ه1ا اليسار كما اشتغل ببعض من كانوا من بين "قيادييه" (أحمد حرزني، صلاح الوديع، اليزمي، بلكوش، عبد القادر الشاوين البردوزي... و غيرهم )! إن المسألة في السياسة ليست مسالة الخسارة و الربح!! و الانتصار و الانهزام!! إن نضال اليسار من أجل التغيير الديمقراطي للمجتمع و تغيير النظام السياسي من نظام مخزني تبعي إلى نظام سياسي ديمقراطي و مجتمع ديمقراطي بأفق التحول الاشتراكي، و هو نضال طويل الأمد، نضال طويل الأمد لأن المطلوب من اليسار الراديكالي هو العمل من أجل بلورة قوة اجتماعية شعبية ديمقراطية بقيادة يسارية ديمقراطية ثورية قادرة على تغيير ميزان القوى و إنجاز الثورة الديمقراطية. لا يجب أن ننسى أن حركة 20 فبراير رسمت الطريق لإنجاز هذه الثورة الديمقراطية غير أن اليسار الراديكالي لم يكن مهيأً ً سياسيا و تنظيميا لقيادة انتفاضة حركة 20 فبراير بالنظر لضعف ارتباطه العضوي السياسي و الإيديولوجي و التنظيمي بالطبقة العاملة و الفلاحين و المأجورين، أي الطبقات و الفئات الاجتماعية المنتجة. لم ينهزم اليسار الراديكالي من المنظور التاريخي. بل يعاني من أزمة إعادة تشكله السياسي و النظري و التنظيمي. إن حصيلة كفاح اليسار الجديد و اليسار الإصلاحي منذ نهاية ستينات القرن الفارط فرض على النظام السياسي الاعتراف بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي مارسها ضد مناضلي و مناضلات اليسار عموما و مواطنات و مواطنين في جميع مناطق المغرب، فرض نضال اليسار الجديد و اليسار الإصلاحي على النظام السياسي توسيع حرية التعبير و الحريات العامة.. و لا ننسى أن مناضلي اليسار الراديكالي أو المناضلين و المناضلات اليساريين الراديكاليين لهم دور أساسي في توسيع نضال و ثقافة حقوق الانسان، و وسع و قاد هؤلاء المناضلون و المناضلات، بالنظر لجرأتهم و تضحياتهم، النضال الاجتماعي الذي أصبح يعم كل مناطق المغرب خصوصا في المدن الصغيرة و البادية. كما كان اليسار الراديكالي وراء نضالات نقابية و اجتماعية في عدة مناطق (سيدي إفني، طاطا، بوعرفة، الحسيمة، كلميم، آيت أورير..) رغم أن القمع و خرق هذه الحقوق لا زال مسلطا على الطبفات الشعبية. في هذا الواقع، واقع أزمة اليسار السياسية و النظرية و ازمة ممارسته السياسية، تنظرح أزمة و تراجع جماهيرية حركة 20 فبراير. لكن يجب أن لا ننسى أن جل النخب السياسية و الاجتماعية اليسارية المغربية ستفاجأ بالتحول النوعي في الحركة الاجتماعية الذي جعل هذه الحركة تنتقل من الكمون و "الركود" إلى الظهور و الفعالية السياسية و الحيوية المضالية مع حركة شباب 20 فبراير. و هي النخب السياسية و الاجتماعية التي ظلت في غالبيتها تنعت الجماهير الشعبية بالركود و التأخر التاريخي و تخلف الوعي الديمقراطي و ظلت تربط "الإصلاح" السياسي و الاجتماعي بإرادة المؤسسة المخزنية و النخب. لقد برهنت جماهير شعبية مغربية منذ 20 فبراير 2011 في جل المناطق المغربية، و هي تردد شعارات"إسقاط الاستبداد و "إسقاط الفساد" و "حرية".. "كرامة".. "عدالة اجتماعية".. "مساواة"، عن طموحات و قدرات و طاقات نضالية عظيمة لا زالت لم تجد التنظيمات السياسية و الاجتماعية و النقابية اليسارية القادرة على تحويلها لحركة اجتماعية منظمة، واعية و حاملة لمشروع مجتمعي ديمقراطي بديل، حركة ممتدة في مستقبل زمننا السياسي و النضالي الديمقراطي. ذلك ما نبه له السوسيولوجي ألان تورين حين خلص إلى ضرورة بناء رباط بين الحركة الاجتماعية و الهيئات السياسية. و نعتبر أن ارتباط العلاقة بين حركة 20 فبراير و النضال السياسي اليساري الراديكالي ارتباط طبيعي و موضوعي، لأن الحركة الاجتماعية لا تلغي الحركة السياسية اليسارية أو تأخذ وظيفتها. فحركة 20 فبراير حركة للمستقبل الديمقراطي المغربي كما هو الحال مرحليا لليسار الراديكالي الاشتراكي فمشروعه مشروع المستقبل، و هذه العلاقة هي ما يؤكد عليها ماركس السوسيولوجي عندما يقول: "لا تَدَّعُوا أن الحركة الاجتماعية تستبعد الحركة السياسية، فلا توجد حركة سياسية حقيقية لا تكون اجتماعية في نفس الوقت" ("بؤس الفلسفة" دار مكتبة الحياة - لبنان - الطبعة الثانية 1979، ترجمة: أندريه يازجي). من جانب ثاني، أوضح نضال حركة 20 فبراير في المغرب، و لا زال يوضح، أن ديناميتها في التغيير فرضت على النظام السياسي الملكي المخزني تقديم تنازلات. و لم يكن هذا النظام يُـقـَدِّر، و لا قوى اليسار الإصلاحي المخزني، و لا حتى وسط اليسار الراديكالين أن النضال الديمقراطي الجماهيري سيُرْغِمُ النظام السياسي على تقديم هذه التنازلات لولا النضال الجماهيري العارم لحركة 20 فبراير. أكيد أن دينامية نضال حركة 20 فبراير في التغيير في نهاية سنة 2011 تراجعت بالنظر، كما أسلفت، إلى أن اليسار الراديكالي المنحدر من اليسار الجديد الماركسي و اليسار الإصلاحي المخزني لم يكونا مهيأين سياسيا و تنظيميا و إيديولوجيا للمساهمة الوازنة و الجدلية مع شباب حركة 20 فبراير في قيادة موحدة لجماهير حركة 20 فبراير (الجماهير التي استجابت سياسيا لنداء و برنامج حركة 20 فبراير) في أكثر من مائة موقع و منطقة في المغرب. و بامقايل و مع الأسف ظهرت تناقضات و صراعات بين أطراف اليسار الراديكالي داخل حركة 20 فبراير بالنظر لأن كل طرف يساري بدون قصد مبيت، لم يتوفر لديه وعي ثوري عميق بما تتطلبه المرحلة لضمان استمرار زخم النضال الجماهيري الديمقراطي الذي أطلقته حركة 20 فبراير، إضافة إلى خطأ مد جسور بعض اليساريين الماركسيين مع جماعة العدل و الإحسان، و رفع شعارات مفصولة عن واقع الصراع السياسي و تطوره، مما أربك جماهير حركة 20 فبراير، لأنها جماهير عفوية و لم تنظم بعد في معمعان الصراعالطبقي السياسي. في حين أن المنعطف السياسي و المرحلة التاريخية الجديدة اللذان فجرتهما حركة 20 فبراير، على خلفية بداية ثورات شعوب مغاربية و عربية، كانت تتطلب من فصائل اليسار الراديكالي، داخل حركة 20 فبراير، توحيد الشعارات و توحيد البرنامج الديمقراطي وفق ما يسمح به تصور هذه الحركة، و هو التصور الذي تهدف نقطه البرنامجية إلى تفكيك المؤسسة المخزنية و النظام التبعي لتجاوزهما بمشروع مجتمعي ديمقراطي يساري. إن انتفاضة حركة 20 فبراير هي انتفاضة تلقائية لا قيادة لها سوى الجموع العامة، و هي جموع عملية و إجرائية، استطاعت أن تُخْرِجَ الجماهير للشارع بشكل منظم مما مكن هذه الجماهير من "تقرير" مصيرها النضالي و تعبر عن رفض واقع الاستبداد و الاستغلال و القهر و هدر الكرامة كما تعبر عن طموحهاتها الدمقراطية. و رغم تراجع كبير لنضال حركة 20 فبراير، لم يستطع النظام السياسي رغم تعديل الدستور و الانتخابات السابقة لأوانها.. و تشطيل حكومة بقيادة جماعة العدالة و التنمية، احتواء شباب حركة 20 فبراير، و بالتالي لا زال هذا الشباب يحمل حركته في وعيه الخصب و في طموحه السياسي. و أعتقد أن حركة 20 فبراير وقعت بين أخطاء سياسية ثلاثة: * أولا، خطأ النزعة الهادفة لإصلاح جزئي للنظام السياسي المخزني التبعي و عدم طرح بديل واضح، متماسك، شامل للنظام السياسي السائد و في نفس الوقت يستطيع أن يساهم في حل تناقضات الأطراف السياسية اليسارية الراديكالية. و هذا ما ادخل عدد من شباب حركة 20 فبراير في نوع من الانعزالية و التوجس تجاه هذه الأطراف السياسية اليسارية الراديكالية. * ثانيا، خطأ النزعة الشعبوية الإطلاقية، و هي نزعة ضعيفة الوعي و العمل الذي يرتقي سياسيا و تنظيميا بدور الجماهير في التغيير الجذري للوضع السياسي. * ثالثا، عدم قدرتها على استشراف جميع الاحتمالات، أي ضعف التحليل السياسي لاستيعاب واعي إلى أين يتجه الصراع السياسي الذي اطلقته حركة 20 فبراير، و هذا ما جعلها غير قادرة كحركة سياسية اجتماعية جماهيرية على وضع خطط متعددة للإجابة السياسية و التنظيمية على احتمالات تطور الصراع السياسي. أي ما العمل إذا تجاوز النظام السياسي المخزني التبعي أزمته و أعاد ترتيب نظامه السياسي بدستور 1 يوليوز 2011 و انتخاباته و إذماجه لجزء من الحركة الإسلاموية؟ لقد مر اليسار الماركسي الينيني من السرية إلى العلنية، و من مشروع الثورة الشعبية إلى اختيار التغيير الديمقراطي الجذري، اي غلى الثورة الديمقراطية. و بالتالي ما الذي تغير، و من غير من ، اليسار من غير الواقع أم الواقع هو من غير اليسار؟ السرية ليست لازمة للعمل السياسي و الاجتماعي و الثقافي لليسار الماركسي. كنا نعي أن السرية نمارسها لمقاومة القمع البوليسي و المخابراتي لنظام الملك الحسن الثاني و لعدم تعريض المناضلين و المناضلات للقمع و الاختطاف و الاعتقال، السرية كانت أسلوب للمقاومة و للاستمرار في ظل القمع الأسود الذي تمارسه الأجهزة المخابراتية و البوليسية لمواجهة نضال اليساريين و اليساريات ماركسيين أو اتحاديين أو غيرهم. و بالتالي كانت السرية ضامنة لاستمرار التنظيمات اليسارية الماركسية. عندما نحلل بالملموس الواقع السياسي و الاجتماعي من منظور يساري حقيقي، لا زلت أطرح ضرورة ثورة ديمقراطية شعبية سلمية لتجاوز النظام المخزني التبعي. لننظر إلى تجارب الشعوب التي تماثلنا! كدول أمريكا اللاتينية و بعض دول آسيا كجورجيا و أوكرانيا.. و أخيرا و ليس آخرا ثورات شعوب تونس و مصر و اليمن و ليبيا و هي ثورات ديمقراطية شعبية لازالت في بدايتها و أمامها طريق طويل و تحديات كبيرة.. و في مسارها سيتعمق وعي الشعب و طبقاته الشعبية بمصالحها و بطموحاتها الديمقراطية.. و تكالب الأنظمة الخليجية و الامبريالية الأمريكية و الأروبية و تدخلها السافر أو المستتر في مصير هذه الثورات يؤكد خوفها من أن تحول الشعوب هذه الثورات إلى ثورات ديمقراطية تناهض، في منطقة الشرق الأوسط، المصالح السياسية و الاقتصادية الاستراتيجية لهذه الأنظمة الرجعية و بالتالي لهذه الامبرياليات. و من جملة ما ارتبط باليسار كما عاشه اليساريون الماركسية، مفهوم الطليعة التكتيكية الذي جرى إخضاعه للنقد فيما بعد، و حركة 20 فبراير لم تنشأ إلا و قد كان الشباب المغربي مفجرها و طليعتها. هل في هذا ما يعني ان للنقد السابق للمفهوم راهنية ؟ أم انه الواقع من تطور؟ بموضوعية نقدية، ممارسة فصائل الحركة الماركسية اللينينية المغربية للطليعة التكتيكية تجسد بشكل واقعي. نعي جيدا ما أكده لينين من كون دور المثقفين الثوريين هو بلورة الوعي الثوري للبروليتاريا، و أكد لينين في "ما العمل؟" أن العمال غير ممكن أن يمتلكوا الوعي الاشتراكي الديمقراطي من خلال نظالهم ضد الباطرونا و الوعي الاشتراكي الديمقراطي لا يمكن أن يأتيهم سوى من خارجهم، أي من الأنتليجينسيا. لم تفهم فصائل الحركة الماركسية اللينينية مفهوم الطليعة التكتيكية فهما ماركسيا، أي طليعة ماركسية مثقفة و واعية مهمتها نقل الوعي السياسي الديمقراطي و الاشتراكي للطبقة العاملة و الفلاحين لتجاوز وعيها العفوي و النقابي. و لينين عندما يطرح أن الوعي الاشتراكي تستمده الطبقة العاملة من خارجها يطرح كذلك أن العمال يساهمون في بلورة الوعي و النظرية الاشتراكيين. إنها جدلية الممارسة و النظرية. خاصية حركة 20 فبراير أنها لم تنشأ من النظرية. بل نشأت من الفعل. فعل النزول إلى الشارع، إلى النضال السياسي الجماهيري الديمقراطي. لم يتشكل شباب 20 فبراير كطليعة للشعب! بل الفعل من أجل حركة جماهيرية الذي مارسه شباب الحركة هو الذي جعل منهم طليعة حركة ينظمها الجمع العام و ترتبط بها جماهير شعبية في الفعل الجماهيري في الشارع. و لم يبلور و يمارس شباب حركة 20 فبراير خطة تنظيم و توعية الجماهير التي تنزل للنضال إلى الشارع. و أستنتج أن هذا الاختلال أدى إلى تآكل الجماهرية التي انطلقت بها الحركة. فالجماهير حين لا يتشكل عندها، خلال الصراع و الممارسة، وعي البديل السياسي الديمقراطي الواضح و الملموس و تلمس أن نضالها غير قادر على تحقيق مصالحها الملموسة.. تتراجع و تعود إلى روتينيتها اليومية. و هذا ما جرى للجماهير التي خرجت إلى الشارع بكثافة غير مسبوقة! لأن شباب حركة 20 فبراير لم يبلور تصورا و خطة و برنامج و أساليب عملية و أشكال تنظيمية تمكن شباب الحركة و العناصر من الجماهير الأكثر استعدادا و وعيا ديمقراطيا من صياغة طليعة عضوية لجماهير حركة 20 فبراير. لم تفهم حركة 20 فبراير و فصائل اليسار الراديكالي أن واقع الحرمان السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و النفسي و واقع الكدح و انعدام الحرية و العدالة الاجتماعية و الكرامة الذي تعيشه جماهير الشعب المغربي طَوَّرَ وعيها الجنيني و حررها من الخوف و من القمع و الاستبداد الذي ظل طبيعة جوهرية لنظام الملك الحسن الثاني و ورثه خلفه، لكن وعي هذه الجماهير لم يتطور إلى وعي سياسي مرتبط بمصالحها و حقوقها الديمقراطية. و أكد واقع اليسار الراديكالي اليوم و نضال حركة 20 فبراير، خصوصا منذ 20 فبراير سنة 2011 إلى حدود نهاية هذه السنة النضالية النوعية سياسيا، أن الشباب هو مُوَلـِّـد و دينامو النضال الديمقراطي الشعبي و الجماهيري. لا ننسى أن الحركة الماركسية اللينينية المغربية (الحملم) كانت بامتياز شبابية، و حتى كهول قيادة الحملم كان وعيهم و عقلهم شابا و ممارستهم شابة، يعني أنها تناضل من أجل المستقبل الديمقراطي و الاشتراكي. لقد ارتبط اليسار المغربي تاريخا بفعالية أشخاص أفراد و بما ميز حضورهم و فعاليتهم من قوة تأثير، و هذه الجاذبية ألقت بأثرها حتى على التنظيم نفسه، و باتت رموزا لا تاريخ لها خارج تاريخ اليسار، لكن حركة 20 فبراير ظلت رمزا شبابيا بامتياز. و هذا يفرض على اليساريين الماركسيين استخلاص الدروس السياسية و الفكرية التي يؤشر لها هذا التحول. أكيد أن اليسار ارتبط بأشخاص أفراد (رغم أن استعمال مصطلح أشخاص غير علمي سياسيا و نظريا) خلال تاريخه النضالي و هو واقع عادي لأن هؤلاء "الأشخاص" كانوا يشكلون الانتلجينسية اليسارية الثورية. و قد أشار لينين إلى هذا ذلك و أكد أن ماركس و غيره من المثقفين الثوريين انبثقوا من النخبة المثقفة و كان لهم أثر وازن غَيَّرَ تاريخ البشرية مع انبثاق الاشتراكية بديلا واقعيا و تاريخيا للرأسمالية. و كانت لأفكارهم و ممارستهم و نضالهم من أجل أفكارهم المرتبطة عضويا و جدليا و نقديا بالطبقة المنتجة، الطبقة العاملة و الفلاحين و عموم المأجورين، تأثير حاسم في نجاح ثورة أكتوبر 1917.. لأن أفكارهم و نظريتهم هي وليدة نقدية و جدلية الواقع الملموس الذي تعيشه الطبقة العاملة و عموم الطبقات الشعبية. أما اليوم و مع انفجار تكنولوجية الإعلام مع الإنترنيت و الفضائيات، التي تتحكم فيها بشكل كبير شركات العولمة الرأسمالية، بدأ يسود وعي "الفوضى" إلى حد أن عدد كبير من مناضلي اليسار أو غيرهم أصبحوا يمارسون إنتاج الأفكار و المواقف و النقد بشكل عشوائي و غير منظم كما هو حاصل مثلا في المواقع الإلكترونية و الفايسبوك!! لقد تحولت الديمقراطية نسبيا مع وسائل الاتصال هذه إلى نوع من فوضى سياسية و فكرية لا تَعْتَبِرُ و لا تـُـقـَـدِّر مسئولية الكلمة و الموقف و الرأي!! و هذه الفوضى ليس لها علاقة بحرية التعبير و الديمقراطية داخل المجتمع و داخل التنظيمات اليسارية و غيرها! إذ عندما تعم الفوضى، داخل المجتمع أو داخل تنظيمات سياسية أو نقابية أو ثقافية أو مدنية، تتسرب ممارسات ليبرالية، بمعناها السلبي، و ممارسات فوضوية إلى المجتمع أو إلى هذه التنظيمات و حتى اليسارية و الديمقراطية منها. و قد عانى شباب حركة 20 فبراير من هذه الفوضى و التسيب لأن أغلب هؤلاء الشباب لم يتمرس تنظيميا و لم يتكون نظريا و سياسيا و ليس له مشروع مجتمعي ديمقراطي واضح، لأنه يعرف و يعي ما الذي يرفضه لكنه لا يعرف ماذا يريد؟ لا يعرف ما هو النظام السياسي الديمقراطي الذي يناضل من أجله! لا يعرف ما هو المجتمع الذي يطمح لتحقيقه! لقد تشكل وعيه من هذا الواقع الذي نعثته بالفوضي و التسيبب و هو واقع كما نعيشه لا يؤمن بفعالية "الأشخاص"، "الأشخاص" كنخبة مناضلة و منتجة للافكار الثورية و الديمقراطية البديلة.. و لا ننسى كذلك أن أشخاص من صفوة الحركة الوطنية و اليسار انهزموا و و باعوا و أذعنوا لسطوة الدولة المخزنية و لمؤسساتها و لمالها و لهباتها، بل و أصبحوا يخدمونها. و بالتالي أية مصداقية و رمزية ستكون لمثل هؤلاء الأشخاص وسط الشباب و الطبقات الشعبية؟! بالمقابل أفرز واقع نضال اليسار "أشخاصا" استمروا في مناهضة النظام السياسي المخزني مثل محمد بنسعيد آيت إيدر و بعض رفيقاته و رفاقه، و الفقيد ادريس بنعلي و عبد الله الحمودي و بعض الجامعيين و الجامعيات، و عبد الحميد أمين و بعض رفيقاته و رفاقه... على سبيل المثال.. و بالتلي يجب فهم و وعي دور هؤلاء "الأشخاص" كإنتليجينسيا داخل حركة و دينامية الفعل او التنظيم السياسي أو النقابي أو الثقافي أو المدني و موقفهم و ممارستهم داخل المجتمع و مع الطبقات الشعبية، بل و طرح إلى من يتوجهون بموقفهم و بممارستهم؟؟
هل باتت رموزا لا تاريخ لها؟ بالفعل هي رموز لا تاريخ لها في التاريخ الرسمي الذي يتحكم فيه النظام السياسي المخزني! يجب أن نعي أن الإنتلجينسيا الثورية و الديمقراطية انبثقت من صلب الحركات الشبابية الحاملة لوعي التغيير، وعي الثورة بمعنى الثورة على ماهو قائم و مستبد بالواقع السياسي و المجتمعي. و بالتالي لا يمكن أن تكون حركة 20 فبراير سوى حركة شبابية و رمزا شبابيا بامتياز، و قد فهم اليسار الراديكالي ذلك و كانت ممارسته من موقع دعم حركة 20 فبراير و المشاركة العضوية في نضالها وفق قرارات تجمعاتها التي كانت تمارس أسلوب الديمقراطية المباشرة في اتخاذ قراراتها، أي أن قراراتها يتم اتخاذها في الجمع المفتوح للجميع. ثم لماذا "كهول" و "شيوخ" اليسار، نساء و رجال، ناضلوا تحت راية تصور و شعارات شباب حركة 20 فبراير؟! لأنهم بالضبط "كهول" و "شيوخ"بأعمارهم و ليس بأفكارهم و بمواقفهم الديمقراطية الثورية. و بالتالي فالمغازي السياسية و الفكرية التي يؤشر لها هذا التحول، و أعتقد أن هذا التحول كان تاريخيا، بمعنى أن الواقع الملموس للمجتمع و الشعب و الصراع السياسي و الطبقي هو الذي أفرزه و ليس رغبات الأشخاص مهما كانت مكانتهم الفكرية أو السياسية، هذه المغازي تتبلور أساسا: - أن اليسار الراديكالي المغربي، كاستمرار نقدي و جدلي للحركة الماركسية اللينينية، تأخر في إعادة تشكله نظريا و سياسيا و تنظيميا، في ضوء انهيار الاتحاد السفياتي و محاولة العولمة الرأسمالية فرض سياستها و إيديولوجيتها و تصورها للعالم (فرض زمن العولمة الراسمالية الامبريالية). و صيرورة التشكل لا زالت جارية. و كنت و لا زلت أرى أننا كيسار راديكالي فوتنا إمكانية إعادة تشكيل نظري و سياسي و تنظيمي يسارنا بجميع فصائله المنظمة السياسية و الثقافية و الطلابية و النقابية و المدنية كيسار راديكالي جديد، ماركسي حسب تصوري، له إرادة قوية نظرية و سياسية و في الممارسة لاقتحام الطبقات الشعبية و تأطيرها تأطيرا ديمقراطيا نظريا و سياسيا و ثقافيا و مدنيا و نقابيا. و فوتنا إمكانية بناء حركة جماهيرية ديمقراطية تشكل قوة مجتمعية ديمقراطية قادرة على فرض تغيير ديمقراطي حقيقي. فبدون عمل اليسار الراديكالي و الديمقراطي لبلورة و تشكيل قوة اجتماعية تغييرية ديمقراطية واعية عميقة مرتبطة عضويا نظيرا و سياسيا و اجتماعيا و ثقافيا و مدنيا بالمجتمع و أساسا بطبقاته الكادحة و المحرومة لا يمكن تحقيق الديمقراطية في المغرب. - انتفاضة حركة 20 فبراير، على خلفية ما يجري من تفاعلات و تناقضات في "ثورات" شعوب مغاربية، ما يجري في تونس، و بالنسبة لشعوب مغاربية و عربية، ما يجري في مصر و سوريا و اليمن و السودان... و ما يحققه يسار و شعوب أمريكا اللاتينية و بعض شعوب آسيا و إفريقيا، مع الأخذ بالاعتبار و التحليل ما يجري في الصين من تحول، كل ذلك يجعل من انتفاضة حركة 20 فبراير انعطافا سياسيا ثوريا تاريخيا في تاريخ النضال الديمقراطي للشعب المغربي رغم استطاعة النظام السياسي المخزني التبعي و نخبه، بما فيها اليسار الإصلاحي المخزني، الالتفاف على صيرورة التغيير الديمقراطي الحقيقي. و هو انعطاف، رغم بطء ديناميته الآن و بطء فرز سياسي طبقي واضح، سيستمر في التفاعل و ستستمر ديناميته في التحول النوعي نحو ثورة ديمقراطية جماهيرية قادرة على تفكيك مؤسسات النظام المخزني التبعي و تجاوزه لبناء نظام سياسي و مجتمعي ديمقراطي حقيقي. - أن الشباب المغربي و حركاته الديمقراطية المناضلة و على رأسها حركة 20 فبراير في تصورها و أساليب عملها الديمقراطية و الجماهيرية رسمت طريق التغيير الديمقراطي الحقيقي. و على اليسار فهم نقدي و وعي ثوري و ممارسة فاعلة لدروس ما قدمته "ثورات" شعوب مغاربية و عربية أسقطت رؤوس الاستبداد و ما قدمته حركة 20 فبراير من بداية تحرر وعي الطبقات الشعبية الكادحة و المحرومة المغربية من استبداد و فساد النظام السياسي المخزني التبعي و مؤسساته.
#عبد_الغني_القباج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لفهم اليسار الماركسي الديمقراطي الجديد
-
النضال الديمقراطي... المخزن و حركة 20 فبراير بعد تمرير دستور
...
-
المغرب بين استمرار النظام السياسي المخزني و الهامش الديمقراط
...
-
اليسار المغربي بين الخط اليساري الديمقراطي و الخط -الليبرالي
...
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|