جمال رفعت
الحوار المتمدن-العدد: 4309 - 2013 / 12 / 18 - 08:23
المحور:
الادب والفن
من أنت ؟!
لا تسألني من أنت ؟!!
فهذا سؤال يضايقني و يشعرني بالعجز ، لأني لا اعلم من أنا . فهل تفضلت أنت و اخبرتني من أنا ؟! ، أم تريديني ان ارد لك تجريحك بالمثل و اسألك ، من أنت ؟!
فليست هناك و لو اجابة واحدة مقنعة لهذا السؤال ، فلقد حاول الانسان طوال تاريخه ان يجيب على هذا السؤال ، و لم يخرج إلا بتفاهات و اجابات سطحية تستهين بعمق السؤال!!
اريد ان اخبرك ، قبل ان تطرح أنت عليا هذا السؤال ، فلقد طرحته أنا مراراً و تكراراً على نفسي و لم اجد اجابة ، و من حينها استسلمت و رضيت بكوني اعرف فقط ، ان ، أنا ، مجرد شخص متواجد ، معك ، على كوكبك هذا ، و سط مليارات التائهين عن انفسهم .
أنا لا اقلل من شأن نفسي ، و لا أعظم منها ، ف أنا كما اخبرتك لا اعلم شئ عنها ، إلا انني اتيت بها الى هذه الحياة و بمجرد خروجنا سوياً من رحم والداتي ، لم اراها مرة اخرى ، أنا مازلت ابحث عنها ، لأني اعلم بالفطرة اهميتها بالنسبة لي ، لقد كان صراخي بعد مولدي مجرد نداء عليها ، و بكائي لم يكن مجرد طفولة او عبث مني كما ظن الكبار ، انما كان رد فعل طبيعي لشخص كان يبحث عن نفسه و لم يجدها ، خيبة أمل .
انشغل الناس ببعضهم البعض عن ، انفسهم ، فلا يهم هذا إلا معرفة ذاك ، و هذا رد فعل لشخص عجز عن معرفة نفسه ، فحاول التخلص من عجزه بمعرفة ، من هو الاخر .
و لكني ، اعتقد ، ان ، انفسنا ، لا يمكن ان نراها ، تماماً ك عيوننا التى نرى بها و لا نراها .
و ربما ، اننا قد خرجنا باحثين عن انفسنا ، و فى نفس التوقيت ، انفسنا ، فى مكان اخر تبحث عنا .
و ربما انفسنا ، هى ذاتها انفس الاخريين .
و ربما انفسنا هاجرتنا ، لحين ، و ستعود لأجسادنا وقت مراسم دفننا ، لتُدفن معنا ، كما اتت معنا .
و ربما لم تُخلق انفسنا بعد .
و ربما انفسنا ، كانت موجودة فى الماضي فى عصر ما على هيئة ارواح ، و نحن الان فى عصر التجسيد ، لعالم روحي ، كان .
و ربما انفسنا موجودة تحت الماء ، و ربما موجودة هناك فى الفضاء ، و ربما ، موجودة فى لوح محفور ، فى مكان ما .
لا اعلم من أنا ، و لا أعلم من أنت ، و لكني أعلم انك لست أنا ، و انا لست أنت .
( اللغز المحير )
#جمال_رفعت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟