أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - ( تفكيك السعادة للشاعر مؤمن سمير: تعالوا لنحكي عن السعادة قليلاً ) بقلم د. أحمد الصغير















المزيد.....


( تفكيك السعادة للشاعر مؤمن سمير: تعالوا لنحكي عن السعادة قليلاً ) بقلم د. أحمد الصغير


مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري

(Moemen Samir)


الحوار المتمدن-العدد: 4305 - 2013 / 12 / 14 - 00:52
المحور: الادب والفن
    


( تفكيك السعادة للشاعر مؤمن سمير: تعالوا لنحكي عن السعادة قليلاً ) بقلم د. أحمد الصغير

مؤمن سمير شاعر مصري أحد أبناء جيل التسعينيات الشعري ، يمتلك صوتاً شعرياً مائزاً في الحركة الشعرية المصرية ، فقد استقر الشاعر مؤمن سمير في أرض التجريب الشعري بكياناته المتعددة وفي نصوصه وعوالمها الغرائبية.
كَتَبَ مؤمن سمير في ـ شكل بسيط ـ قصيدة النثر ، منذ ديوانه الأول ( بورتريه أخير لكونشرتو العتمة 1998 ) ، مؤمناً بألاعيبها وتشظيها المنفلت الذي لا حدود له ، ومنحته القصيدة النثرية بعض ملامحها المطلقة التي تعطي للشاعر كياناتها وعذاباتها المتعددة ، فمعظم نصوص سمير هي صورة من حياته الشخصية، ومعاناته إزاء أفكار بالية ومجتمع ينزف أبناؤه كل ثانية ..
حاول مؤمن ولا يزال الاتكاء على جراح الماضي مستشرفا أحداث المستقبل من خلف نظارته العميقة التي تترصد أجساد الشوارع والحواري والأزقة في القاهرة ، وبني سويف والسويس والبحر الأحمر، يبحث عن قصيدته في جيوب عمال التراحيل ، وأصدقاء الغرفة التي ينبعث منها دخان الخلود .. هذه هي قصيدة مؤمن سمير كما تجلت في ديوانه المهم ‘ تفكيك السعادة ’ .
تفكيك السعادة هو الديوان الشعري الثامن للشاعر، فقد صدر له منذ أواخر التسعينيات ديوانه الأول ـ بورتريه أخير لكونشرتو العتمة 1998 ـ هواء جاف يجرح الملامح 2000 ـ غاية النشوة 2002 ـ بهجة الاحتضار 2003 ـ السريون القدماء 2003 ـ ممر عميان الحروب 2005 ـ تأطير الهذيان 2009 ـ تفكيك السعادة 2009 .
اللافت للنظر في تجربة الشاعر مؤمن سمير الشعرية هذا الإنتاج الشعري الغزير الذي قدمه في فترة زمنية قصيرة من زمنه الشعري لم تتجاوز عشر سنوات ، وهذا لا يخلو من دلالة مفادها ، أن الشاعر مؤمن سمير غزير الإنتاج الشعري ، يمتلك عوالم عدة من المجازات والاستعارات المتوالدة من رحم قصيدة النثر؛ لأنه يملك أرضية الشعرية المتحركة دائماً التي استقر نصه فيها ، وتسيطر عليه رغبات المغامرة الإبداعية ، والمبارزة الشعرية ، أو فيما عرف بالنزال الشعري في قصيدة النثر الذي يختلف عن المفهوم القديم للنزال ـ لأن مؤمن لا يرى في نفسه إلا شاعراً مغامراً بالشعر ومن أجل الشعر .
تجلى في نصوص ديوان تفكيك السعادة المفهوم المنطقي لطبيعة الديوان ، وهو أنه يتكون من مجموعة من القصائد المتضامة فيما بينها حول فكرة رئيسة واحدة ، أو حالة شعرية متشابكة. هذه الحالة النصية المخاتلة التي نَتَجَ عنها مجموعة من الحالات الشعرية الفرعية التي تلتحم بذات العالم الأرضي؛ ملبية نداءات الآخرين الذين يلهثون خلف حقائق مكذوبة منها السعادة الأبدية ، فلا سعادة منقوصة ، ولا سعادة دائمة ولا فرح أو حزن ، يتخللان حياتنا الورائية التي نلوذ بها كلما ضاقت مسالك الراهن التعس والممزق الغاضب دائماً.
أولى العتبات النصية لهذا الديوان ألا وهي : العنوان ( تفكيك السعادة ) ، وعلى الرغم من بساطة العنوان ، من خلال عملية التفكيك التي تقوم بها الذات الشاعرة ، فإنه عنوان فلسفي يحمل الكثير من الغموض والمخاتلة والخلل المنطقي ، وإثارة الأسئلة في الوقت نفسه ، ومنها كيف تتفكك السعادة؟ وكيف نوزعها على الأصدقاء والمعارف؟ ـ الأمر جد مقلق ومربك ـ في حقيقة الأمر ؛ لأن الذات تبحث عن ماهية السعادة من خلال تفكيكها وتفتيتها إلى جزيئات صغيرة أيضاً ، يبدو أن الذات الشاعرة تعتصم بحبال السعادة كي لا تفر من أيديها محاولة خلق عوالم أكثر اتساعا مناسبة، للسعادة في شكولها الجديدة في واقعنا الراهن .
العتبة الثانية للديوان صورة الغلاف تصميم الفنانة علا بدار، وهي ترصد تلك الوجوه التي تبتسم ابتسامات تائهة لا هدف منها ، بل مجرد ابتسامات صفراء ، لا تحمل صورة السعادة الحقيقية ، وقبل الولوج في المتن ، نلاحظ التناص المباشر لمقولة ماركيز: ‘بلسمي السم يا أماه’، تنبثق روح ماركيز في أول جملة يتناص معها سمير في ديوانه تفكيك السعادة لنرصد من خلالها الوجع الحياتي الذي تعاني منه الذات الشاعرة فتقوم بتفكيك السعادة الصاخبة التي لا لون لها ، بل هى مجرد تهويمات عادية ، وكأن السعادة هي السم والبلسم في الوقت نفسه ، ولا مفر من تذوقه والحياة به . يقول مؤمن سمير في الفصل الأول من الديوان : تهويمات الفرشاة، ‘التي لا ينقصها الإخلاص عادة’ :
‘ تعالوا لنحكى عن السعادة
نحكى قليلاً ..
أجل ، السعادة يا أصدقاء
صدقوني
الأمر يستحق بجد
أن نترك مشاعرنا
إلى جانبنا على المقعد
التعب زاد كثيرا، والمرارة لم تعد تُصَدِّقُ
أننا مللنا طعمها الاستعماري’
يبدأ النص الشعري عند مؤمن سمير بالحوار الافتراضي الذي يفترض مُخَاطبة مجموعة من الأصدقاء ( المتلقين أو القراء ) الذين يتفاعلون مع عالم النص الشعري ، ويمنحهم طرفاً واضحاً للمشهد الدرامي الذي تتناوله الذات الشاعرة ، رغم سخرية الأصدقاء ، واندهاشهم من القول ، تعالوا نتحدث عن السعادة يا أصدقاء ، يرتكز النص السابق على بنية لغوية حزينة أيضاً ومندهشة مما يحدث ، تعالوا ـ صدقوني ـ أن نترك ـ مشاعرنا ـ الأمر يستحق ـ الخ) من خلال هذه البنية النفسية للتركيب اللغوي للنص تمدنا بمدلولات متعددة ، منها طرح بنية السعادة المفككة في مشاهد شديدة الحزن والوجع الدرامي الذي تتنوع أشكاله داخل الذات التي تعبر من نص إلى نص داخل المتن الشعري وهى متلبسة لحالات الأصدقاء الذين كانوا قد كفنوا السعادة في قلوبهم وبيوتهم وغرفهم المغلقة ومما يعزز هذا القول في موضع آخر من الديوان، حيث يقول الشاعر:
‘أنا وصديقي
نصنع كلاما
لنسمعنا
ونرسل الضحكات
كلما سنحت الظروف
لضعفنا
الأجمل
من الطيور
والصور’
يتكىء الشاعر على بنية درامية تتخلق من خلال الحوار الداخلي الذي صنعته الذات، من خلال حديث الأنا للأنا التي تحاول أن تُلَمْلِمَ أجزاء السعادة جزءاً جزءاً ، ومن ثمَّ فإنه حاول أن يصنع هذا المشهد المضغوط ( المكثف في مساحة النص الشعري ) .. ونلاحظ الفراغ الذي تشكله السعادة في النص الشعري فيقول سمير :
تعريف السعادة
السعادة هي ……………
………………………،
………………………………. ،
تفيد الأسطر الفائتة التي تشكل البياض الأعلى ماهية السعادة المتوهمة التي يفر الناس إلى حيواتهم الورائية ؛ بحثا عن ملذاتها ، وفي النهاية لن يجدوها كما تخيلوها أو قرأوا عنها في مواقع افتراضية متعددة ، حتى المواقعة الافتراضية تفترض عليهم سعادة متشابهة سرعان ما يتبدد ألقها ، وتنقلب إلى الحزن والتشاؤم المقيم في قلوبها …
يلعب الشاعر بالفراغات التي تفرض على المتلقي أن يشارك في عملية الخلق النصي نفسه ، أو بمعنى آخر، هو أنَّ كل إنسان لديه سعادة تختلف عن الآخر فكلٌ يصنع سعادته بنفسه ، محاولاً استنطاق الكائنات التي تتسرب إلى روحه متخفية في مسام البدن الحائر . يرتكز مؤمن سمير على صياغة الألعاب الشعرية من خلال الألوان المختلفة التي تكمن السعادة داخلها ، حيث إنها تمنح الذات شكولاً مختلفة من السعادة الغائبة في العوالم الأرضية . فيقول :
‘ الأحمر، عندما نكتشف فجأة
وبدون ترتيب
أننا نحب الحياة :
أنت تقيم في نقطة
لا يراها غيرك
على الخريطة المدرسية
تخرج مبكرا
ليتاح لك
نعيم الحديث مع السيارات’
يتكيء الشاعر على اصطياد لحظات السعادة من خلال العشق الأبدي للألوان التي تعبر عن سعادة البشر من خلال انتقائها وارتدائها فالأحمر يدل على السعادة والفرح والرومانسية ، ومن ثم تصبح الألوان هي بنية أساسية من البنى التي تتكون من خلالها سعادة البشر ، ويأتي اللون الأخضر ليضفي نوعاً جديداً من السعادة التي تضيع في التفاصيل اليومية دائماً عندما يهمشها الإنسان ويبحث عن قوت الحياة ومادياتها التي لم تنته ولن تنتهي طالما بقى الإنسان على وجه الأرض يعدو في جنباتها بحثاً عن نفسه ولن يجدها إلا إذا ترك كل شيء وانتبه إلى أبسط الأشياء وهي تفاصيل السعادة اليومية الحزينة ، فيقول مؤمن سمير :
‘ الأخضر ،
عندما تتأكد من حب أحدهم :
أبوك بالضرورة يحبك
وأمك بالضرورة تحبك
وكل صديق تأتي فترة عليه
كل مرحلة
يكن لك حباً حقيقياً. ’
يشي النص القصير السابق بالعلاقة الأبدية بين الألوان والأحبة ، محبة الأب والأم والصديق ، فكل مرحلة من حياة الإنسان لها ألوانها كما لها أحبتها ، وكأن الكائنات اللونية هنا تبدو أكثر إشراقاً في الدلالة على محبة الابن لأبيه ، ومحبة الصديق لصديقه ، فالأب هو صانع السعادة في فترة الطفولة مثلاً ، أما الصديق فهو صانع السعادة في فترة الشباب ، وباقي العمر، لكن البعد الرؤيوي للذات الشاعرة يكمن في إزاحة الألوان ( ومنها الأخضر ، الأحمر) عن دلالتها المباشر إلى موقع أكثر عمقاً وانصهاراً داخل الذات المشغولة بتفكيك الأشياء بحثاً عن رغبتها في الحياة … …


* جريدة " القدس العربي" العدد7991 الصادر يوم الجمعة 15 نوفمبر 2013
ونفس المقالة بجريدة " الدستور" الأردنية العدد 16665 الصادر يوم الجمعة 6 ديسمبر 2013



#مؤمن_سمير (هاشتاغ)       Moemen_Samir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - الوجه الآخر للانكسار - بقلم د.عفاف عبد المعطي
- ( حركية النص واستراتيجية الاحتمال في ديوان - هواء جاف يجرح ا ...
- - المفارقة الشعرية - بقلم / د. محمود الضبع
- - بهجة الاحتضار والبحث عن الذات - بقلم / د.عفاف عبد المعطي
- ( ديوان -غاية النشوة - وذات تختبئ خلف الأشياء ) بقلم / عبد ا ...
- - سِريُّونَ .. وقدماء - بقلم / محمد الأسعد
- ( جدلية الهواء .. في محاولة تضميد جرح الملامح : قراءة أولية ...
- - غاية النشوة - بقلم / بهيج إسماعيل
- ( - ممر عميان الحروب -.. صرخة شعرية ضد تشوهات الحرب ودمارها ...
- - ممر عميان الحروب لمؤمن سمير: اعتيادية القهر وألفة الاغتراب ...
- - كونشرتو .. العتمة - بقلم / محمد مستجاب
- - مؤمن سمير: قراءة في دفتر البهجة - بقلم / عيد عبد الحليم
- - مؤمن سمير وكيمياء بهجة الاحتضار - بقلم / د.مصطفى الضبع
- - خلفيات شعرية - بقلم د.عبد الحكم العلامي
- - مؤمن سمير يحاصر الاحتضار بالبهجة - بقلم / يسري حسان
- - في جَوْفِ كلِ نغَمَةٍ - شعر / مؤمن سمير
- - في الصباح الأول ، شربتُ ماءَ اللَّعنةِ .. واَنْتَظَرْت -
- - غابةٌ أخرى -
- - طائرة ورقية .. تَحُطُّ على مَرَايَاكِ - شعر/ مؤمن سمير
- ديوان - رفة شبح في الظهيرة - 2013 شعر / مؤمن سمير


المزيد.....




- تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر ...
- تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها ...
- مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي ...
- السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم ...
- إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال ...
- اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
- عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
- موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن ...
- زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
- أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - ( تفكيك السعادة للشاعر مؤمن سمير: تعالوا لنحكي عن السعادة قليلاً ) بقلم د. أحمد الصغير