سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1225 - 2005 / 6 / 11 - 10:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
---يعقد رافائيل باتاي فصلا طويلا يتحدث فيه عن تقاليد الوساطة بين القبائل العربية المتنازعة، وكيف انقلبت هذه العادة البدوية إلى (مؤتمرات) بين الدول العربية تتدرج من مستوى الموظفين الرسميين إلى مستوى (مؤتمرات القمة).
فالوساطة عند العرب وسيلة لتسوية النزاع مع حفظ كرامة الطرفين المتخاصمين، والوسيط دائما شخص محايد، قوي النفوذ، واسع الصلاة. وهو يستنجد بصلاته الواسعة للضغط على الطرفين وإصلاح ذات البين. الوسيط عند العرب ليس قاضيا. فهو لا يحدد المذنب والبريء أو الظالم والمظلوم. انه وسيط ينهي الخلاف بشكل أو بآخر. ويلاحظ باتاي إن هذه العادة سارية المفعول إلى اليوم:فبالرغم من إنشاء المحاكم، فان معظم الخلافات تسوى خارج المحاكم والشرطة، أي على يد وسيط لا علاقة له بالقانون بل يحتكم إلى العرف والأخلاق والضمير. ينطبق هذا على العلاقة بين الأفراد كما ينطبق على العلاقة بين الجماعات، ويصدق على المستوى الاجتماعي كما يصدق على المستوى السياسي.
فعلى هذا المستوى أيضا، يتوجب على الوسيط أن يكون محايدا يتحلى بمزايا ويمارس نفوذا، ويستطيع أن يرجو الطرفين المتخاصمين أن ينهيا خلافاتهما من أجل خاطر الوحدة العربية ذات الأهمية القصوى؟؟؟؟؟؟؟
ويتحدث عن الوساطات التي جرت بين الملكيين والجمهوريين ثم مصر والسعودية من أجل تسوية النزاع في اليمن. والوساطات والمؤتمرات التي عقدت لإنهاء الاشتباكات بين الجيش الأردني ومنظمة التحرير الفلسطينية: (ففي الخمسة عشر شهرا التي دام فيها الصراع الفعلي حدثت خمس عشرة محاولة وساطة لاستعادة السلام -أو واحدة كل شهر.
ميل العرب إلى المؤتمرات، أو ما يعرف بالروح المؤتمراتية، ويرجع به إلى التقاليد البدوية في عقد مجلس لشيوخ القبائل. حيث يعتمد وزن رأي كل رجل على سنه وحجم أسرته، وشهرته وحكمته وفصاحته وشخصيته. إن مجلس القبائل لا يصوت بل يتذاكر ويناقش. إن شيخ القبيلة ليس رئيس الاجتماع بل مضيف المؤتمرين----فإذا ما شعر الشيخ بأن الأكثرية تميل إلى رأي ( وهو في الغالب متأثر في رأيه) لخص الآراء الغالبة. عند هذه النقطة ، ودون أي تصويت رسمي يعرف الجميع أي قرار قد اتخذ .
ويعلق باتاي بأن حب الاجتماعات وعقد المؤتمرات، والاستماع إلى المداولات الفصيحة لم يقتصر العرب على نقلها معهم من الخيام إلى الأشكال السياسية في الدول الحديثة، فصار كل مؤتمر يتمخض عن مؤتمرات أخرى تعبر عن ميل العرب إلى إحلال الكلمات محل الأفعال، كما يتجلى في البيانات الجميلة والحازمة التي تعبر عن روح الأخوة العربية، ولكن قل أن ينفذ شيء منها، ويستشهد على ذلك بالمؤتمرات العربية التي أعقبت إحراق المسجد الأقصى عام 1969:
إننا لا نأخذ فقط شيئا هزليا ويثير الشفقة بل نجد أيضا شيئا نبيلا وحنونا في المحاولات الدائبة المتكررة التي تقوم بها الدول العربية كي تتوصل إلى التفاهم على مائدة المفاوضات.
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟