أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - ( ديوان -غاية النشوة - وذات تختبئ خلف الأشياء ) بقلم / عبد العزيز موافي















المزيد.....

( ديوان -غاية النشوة - وذات تختبئ خلف الأشياء ) بقلم / عبد العزيز موافي


مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري

(Moemen Samir)


الحوار المتمدن-العدد: 4301 - 2013 / 12 / 10 - 15:00
المحور: الادب والفن
    


( ديوان "غاية النشوة " وذات تختبئ خلف الأشياء ) بقلم / عبد العزيز موافي

عن مكتبة الأسرة صدر ديوان " غاية النشوة " للشاعر مؤمن سمير ، ويتميز هذا الديوان بالحضور الطاغي للأشياء على أجواء القصائد ، وحين يستخدم فنانٌ ما تكنيك " التشيؤ " داخل عمله الإبداعي ، فإن ذلك يتم بهدف تحقيق إحدى رؤيتين : إما استهداف تغييب الذات الإنسانية خلف طغيان الأشياء ، أو إعادة اكتشاف هذه الذات من خلال مفردات عالمها الذي تشكله أشياؤها الأليفة . في الحالة الأولى يصبح حضور الأشياء" غاية " في ذاته ، وفي الثانية يصبح مجرد " وسيلة " ، إذ يُستخدم كستار شفيف تتجلى عبره الذات الإنسانية ، وتنطبق الحالة الثانية على ديوان " غاية النشوة " حيث الأشياء هي شاهد على حضور الذات .
يمتلئ الديوان بالعديد من الأشياء حتى أن عالم كل قصيدة يتأسس – عادةً - على شئ ما ، يشكل العنصر المهيمن داخله ، فهناك القابس " الكوبس " والكرسي الكهربائي و الساكسفون .. الخ ، وإلى جانب الأشياء تأتي أيضاً الأعضاء الإنسانية مثل : القدم ، والصدر ، والعين ، والساقين ، باعتبارها أشياء ، ويكتمل مشهد غياب الذات من خلال حضور الكائنات : الطائر، والحصان ، لتصبح شاهدة على هذا الغياب .
في قصيدة " يا نافذتي وتضحكين " نجد أن الذات الإنسانية يتم استكشافها من خلال الأشياء القديمة ، التي استهلكت نفسها في خدمة البشر :
بائع الروبابكيا شاب صغير
بائع الروبابكيا ليس قديماً مثل ما يحمل ..
إذن فمعالم الذات يتم التعرف عليها زمنياً من خلال الأشياء ، والتي تتحول إلى كائنات حية تتجادل مع تلك الذات :
بائع الروبابكيا يستقبل الفجر
وقد سمع بكاء أشيائه مطفية اللون ..
إذن ، فنحن أمام ذات تقيم علاقة ممتدة مع مفردات الكون ، خاصة مع أشيائها ، وربما لافتقادها القدرة على التواصل مع ذوات أخرى ، وهنا يتحول العالم الشخصي ليعادل كوناً بأكمله ، فيصبح انغلاق العالم المتسع رديفاً لانفتاح العالم الداخلي للذات .
وحين تصر القصيدة على ترديد صفة بائع الروبابكيا على الذات داخلها ، فكأنما تستعير التعبير الأشعري أن " الصفة عين الذات " باعتبار أن الصفة هي عين الموصوف وليست منفصلة عنه :
بائع الروبابكيا شاب صغير
لم يَطْلُع في قلبه
شَعْرٌ أبيض ..
وبالتالي ، فإن القصيدة أيضاً تُصر على التعويض عن طفولة المشاعر بالأشياء " الشَعْر الأبيض " ، فالشَعْر الأبيض – هنا - ليس تعبيراً عن شيخوخة الذات ، بل عن شيخوخة المشاعر.
وفي قصيدة " مثل رائحة النغمة في العيون " يتم التوحيد بين المتسول الأعمى و الساكسفون الذي يتسول به ، وهنا يصبح الساكس معادلاً لذات الأعمى :
تنفخ من قلبك
من دهاليزك التي لا يحسها أحد
وتحرك مشاعرك على حافة الأصابع .
صوته الحاد الذي يصعد
ثم ينتشر في سديم عقلك
سوف يضطرك إلى إغلاق عينيك
حتى لا يشيل المارة
من ترنيمتك وهم يتدافعون .
بالطبع كونك أعمى
يجعل الموضوع كله
في كريات دمك ذاتها ...
وعلى ذلك ، يتحول الشئ ، الساكسفون ، لكي يكون ضرورة وجود للذات .
وفي قصيدة " دبيب اللعنة القاسي بحق " نجد أن الكهرباء أو " الكرسي الكهربائي " هي محور القصيدة .. فهي - كأداة تعذيب أو كأداة للموت - تكشف بوضوح عن ضعف الجسد الإنساني .
فكأن الكرسي الكهربائي يقوم- في هذا النص- بدور " المُخَلِّص " الذي يحررنا بالموت من خطيئة خروجنا من الجنة ، والتي لم نستطع ترويضها لأنها تحتمي منا بالغرائز .
تلعب الأعضاء دوراً ملحوظاً في تشكيل جماليات القصائد داخل ديوان " غاية النشوة " . وهي - شأن الأشياء - تقترب بنا من عمق الحالة الإنسانية للذات ، فيما يشبه نوعاً من " المعادل الموضوعي " لهذه الحالة في تجلياتها المختلفة . وفي قصيدة " سمت" نجد هذا المقطع :
أحكي لنفسي
عن حبيبة حقيقية
لها صدر وعين وساقان
وليست مثل الأخريات
رمت معي القنابل
على السلطة " البطريركية " القديمة
ونامت على ذراعي في القطار ..
ففي هذا المقطع نجد أن الأعضاء الأنثوية " الصدر- العين- الساقان " تندرج والسلطة البطريركية داخل منظومة واحدة . حيث أن تلك السلطة لم تتأسس إلا لقمع هذه الأعضاء . وبالتالي ، فإن الأعضاء الأنثوية حين تتآزر مع رجل ثائر بدوره ، فإن إلقاء القنابل على سلطة القمع يعتبر ضرورة على مستوى القيم ، كما يصبح معادلاً لمحاولة الذات تعديل اتجاه تلك القيم " القديمة "على المستوى الفني .
في موضوع آخر ، تلعب القدم نفس الدور في التعبير عن الذات ، ففي مقطع من قصيدة " في الشارع كله لا تجد إلا ساحراً واحدا ً" يقول الشاعر :
ثمة شفرة
وأنا فقط من يقرؤها
أنا من تبكي له الأقدام .
هل تعلم أني أعرف عمرك
من قدمك ؟
وحبك من قدمك
ولحظة خروجك على المعاش
وقرب موتك ..
فالأقدام – في هذا النص- هي معادل للذات الإنسانية ، داخل امتدادها الزمني.. فالخطوات لغة تحتاج إلى من يفض شفرتها ، وإذا تمكن أحد من ذلك فيمكنه – بالقطع- أن يعرف عمر الإنسان من قدمه ، حيث أن الزمن هو تعبير عن المسافة مقدرة بعدد الخطى ، التي هي معدل تغيرها ، كذلك يمكن لهذا الشخص / الساحر أن يعرف المحب من قدمه العاشقة ، التي يختلف خطوها – سرعة ومرحاً - عن خطى الأقدام المهجورة أو البائسة ، والتي تبحث عن العشق . وإذا كان العمر يمكن التماسه من القدم التي تُسَرُّ به ، فإن من الطبيعي أن تشي بلحظة خروج صاحبها على المعاش ، أو قرب موته .
يقوم الطائر في الديوان بنفس الدور الذي تقوم به الأشياء ، من حيث أنه يأتي كمعادل موضوعي ، ليس للذات كما في حالة الأشياء ، ولكن للحالة الإنسانية التي تكتنف تلك الذات :
الطائر الذي ينظر في عين الثعبان
ويسري الخدر رويداً رويداً
في سنواته
ليهب نفسه بهدوء جميل
للأنياب المشطوفة ..
فالطائر – في مواجهة الثعبان- هو تعبير عن حالة المواجهة الدائبة بين الإنسان والقدر ، إذ يظل ينظر إلى تصاريف القدر وقد جمده الخوف والعجز ، إذن ، فالطائر يجسد حالة الخوف من المجهول الميتافيزيقي ، والتي تنتاب الذات بامتداد وجودها .
وفي قصيدة " الميناء " يرصد الشاعر تجلياً آخر للطائر :
قطعة الحديد داخلها
طائر
وصاري السفينة ينتظر شهوراً
ممتدة ليرى دراما إنزال الهلب ...
عندها يحلق طائرٌ
ويضحك ..
فقطعة الحديد / السفينة ينطلق بداخلها طائر ، هو حركة السفينة المندفعة خلفه ، وكأن السفينة – ممثلة في الصاري – تنتظر الوصول إلى مرفأ ما . وعندما يتحقق ذلك ، يحلق طائر آخر ، هو النورس ، مصفقاً بجناحيه فرحاً بوصول السفينة . وهنا يصبح الطائر الأول تعبيراً عن حالة الاغتراب داخل المكان ، بينما الثاني تجسيد لحالة الاستقرار ، أي عودة الذات إلى نقطة اتزانها .

* جريدة " أخبار الأدب " ، العدد 570 الصادر يوم الأحد13-6-2004 . ثم نفس المقالة في كتاب " دراسات وقضايا في قصيدة النثر العربية : تحولات النظرة وبلاغة الانفصال " الصادر عن مكتبة الأسرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2005 ص 172



#مؤمن_سمير (هاشتاغ)       Moemen_Samir#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - سِريُّونَ .. وقدماء - بقلم / محمد الأسعد
- ( جدلية الهواء .. في محاولة تضميد جرح الملامح : قراءة أولية ...
- - غاية النشوة - بقلم / بهيج إسماعيل
- ( - ممر عميان الحروب -.. صرخة شعرية ضد تشوهات الحرب ودمارها ...
- - ممر عميان الحروب لمؤمن سمير: اعتيادية القهر وألفة الاغتراب ...
- - كونشرتو .. العتمة - بقلم / محمد مستجاب
- - مؤمن سمير: قراءة في دفتر البهجة - بقلم / عيد عبد الحليم
- - مؤمن سمير وكيمياء بهجة الاحتضار - بقلم / د.مصطفى الضبع
- - خلفيات شعرية - بقلم د.عبد الحكم العلامي
- - مؤمن سمير يحاصر الاحتضار بالبهجة - بقلم / يسري حسان
- - في جَوْفِ كلِ نغَمَةٍ - شعر / مؤمن سمير
- - في الصباح الأول ، شربتُ ماءَ اللَّعنةِ .. واَنْتَظَرْت -
- - غابةٌ أخرى -
- - طائرة ورقية .. تَحُطُّ على مَرَايَاكِ - شعر/ مؤمن سمير
- ديوان - رفة شبح في الظهيرة - 2013 شعر / مؤمن سمير
- ظَلَمتني الرواياتُ والمقاهي ضَحِكَت عليّْ
- - عن الذاكرة و الصورة - قراءة في ديوان - يطل على الحواس- للش ...
- - منطاد - شعر / مؤمن سمير
- * تَلٌ من الهواءِ الأصيل *
- * حُفرَةٌ في البيتِ * شعر / مؤمن سمير


المزيد.....




- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - ( ديوان -غاية النشوة - وذات تختبئ خلف الأشياء ) بقلم / عبد العزيز موافي