العرس12

ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4301 - 2013 / 12 / 10 - 01:25
المحور: الادب والفن
    

العُشَّة

بعد عودة العروس إلى مدشرها وقد روضت الحصان الجافل، استقبلتها الخالات والعمات بكل حفاوة بعد أن وصلهن خبر صمودها على ظهر الجواد الهارب الذي تمكنت منه بعد أن استطاعت الوصول إلى اللجام. وكانت قد قطعت مسافة طويلة يستحيل الصمود فيها على ظهر حصان منفزع وجافل بلجام متحرر من يد أي فارس دَرِب.

أُدخِلتِ العروس على عجل إلى خيمة النساء ليتم إعادة ترتيب زينتها. وبعد لحظات فقط أعطيت انطلاقة القافلة إلى مدشر العريس. وحتى لا يتكرر الحدث الذي كاد يمس بسلامة العروس، اتفق أهل العائلتين على تغيير الحصان بفرس أخرى، ولكي يتجنب الجميع أي طارئ على الطريق المتعرجة الطويلة، أُسندت مهمة التحكم في اللجام إلى صاحب الفرس الذي سيمشي متقدما ساحبا وراءه دابته بكل لطف.

اقتربت القافلة من مضارب أهل العريس وقد خرج لاستقبالها بعض الفرسان والكثير من الصبية. ولما حل الضيوف بخيام الصهر الجديد اندهشوا لحفاوة الاستقبال، وقد اصطفت فرق من الرجال والنساء في رقصات أحيدوس، وفرق أخرى تدك الأرض في رقصات "لعلاوي" و "النهاري". وفرسان آخرون يطلقون أعيرة نارية من باروداتهم المصنوعة محليا.

وقبل أن تترجل العروس عن الفرس، قامت برمي قطع صغيرة من مكسرات قوالب السكر، فتخطفتها الأيادي قبل أن ترتطم بالأرض لتستسيغ حلاوة السكر الأفواه الكثيرة. ومن لم يحصل على شيء من المكسرات اللذيذة لشدة التدافع سارع إلى دعوة المحظوظ من معارفه لكي يمنحه قطعة صغيرة، فلسكر العروس نكهة مميزة وفأل حسن.

وقام بعض الرجال والنسوة المكلفين بالسهر على تنظيم الاحتفالات بتوزيع الضيوف على المجالس المختلفة، كلٌّ حسب جنسه وسنه وقدَره. في حين أُدخِلتِ العروس برُفقة أختها لتشد من أزرها إلى "عُشَّة" معتمة جديدة أُقيمت خصيصا لها ، وهي خيمة صغيرة غير بعيدة عن باقي الخيام. وتخطت العروس بيضة نيئة وُضعتْ لها عند مدخل الخيمة درءً لكل الشرور.

وقد صُنعت العُشّة من حصير جديد منسوج من سعوف الحلفاء، وأُفرشت بأنعم الزرابي والألحفة الصوفية، بينما جلست بعض النسوة من كلا الطرفين في جميع الأركان الخارجية للعُشّة، يحرسن عروستهن، وينهرن المتطفلين الذين لم يكفوا عن الطواف حول العُشَّة لاقتناص أي حركة أو كلام يبدر عن محيط العروس.
يتبع...

#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات