العزلة-The Isle2000 للمخرج الكوري كيم كي دك:مخرج ضد الكيتش وشخصيات تنجذب إلى قطبها المشابه

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 22:13
المحور: الادب والفن
    

يبدو فيلم العزلةأو(الجزيرة) هو الانطلاقة الحقيقية الفعلية لهذا المخرج الكوري غريب الأفلام،فهو يعمل على تأكيد عناصر خاصة جدا به وهو بذلك يعمل في نفس الوقت على تأكيد نفسه كمخرج متميز له اسلوبه ونكهته الخاصة،وهو ايضا يعمل على تكثيف هذه العناصر بحيث يصل فيها إلى الذروة الفنية والاشكالية في نفس الوقت،وكما قلنا سابقا عن سينما هذا المخرج بانها اشكالية من ناحية سردية(الظروف والشخصيات) حيث تبدو شخصياته على الدوام اشبه بالكائنات البشرية.
اشخاصه في هذا الفيلم على الغالب خارجين عن القانون يلجأون الى اكواخ تطفو في عرض البحر للهرب او الاستمتاع بالصيد وارضاء رغباتهم الجنسية من خلال العاهرات،والتي تقوم على خدمتهم امرأة صامتة وهي الوحيدة التي تنقلهم من من ارض البر الى تلك الجزر،واحيانا تجلب لهم العاهرات واحيانا اخرى تقدم هذه الخدمة بنفسها...
التناقض الكبير ان الفيلم قاسي جدا ولكنه يمتلك حسا عاليا من الشاعرية غير المألوفة عند مخرج ايطالي كبير قمنا ذات مرة بتشبيهه بهذا المخرج ألا وهو بازوليني...
هي صامتة طوال الفيلم،هناك رفض واضح للحياة نفهمه من خلال صمتها هذا ومن خلاله نفهم ايضا أن هناك ماضي سحيق وغامض يجمع هذه المرأة بالصمت،ولكن من النادر أن تكون شخصيات متكلمة كما انه من النادر ان يركز أو يشير مجرد اشارة الى الماضي،والذي يحدث امامنا الآن هي اللحظات الحاسمة وهي التي ستؤدي طبعا الى النهاية.
إذا دك يرفض اعطائنا أي اسماء لشخصياته في الفيلم كما ان الشخص المركزي في الفيلم مجهول الاسم ايضا يرى احلاما عن اتهامه او قيامه بجريمة قتل صديقته،والمحسوس من هذا الماضي والمطلوب ايضا هو التقاء مصيره مع تلك الفتاة الصامتة التي ترعى الجزر العائمة لأن بكاؤه وكوابيسه هي اشياء تشعرها باقترابه منها.
هو شخص غير عادي بالنسبة اليها،يمتلك صمتا شبيها بصمتها،ونزعة فنية وتأملا طويلا...
افلام دك حتى الآن تحتوي على شخصيتين سوف تلتقيان على نفس المصير...هناك رابط قدري غريب يجمع بينها،وهذا ما نلاحظه على سبيل الثال في الانتحار القسري للتمساح فيلم دك الأول التمساح،والتقاء الفتاتين الى العهر في فيلم( خان قفص العصفور).
مشاهد قتل قاسية لضفدع،وذبح اسماك بدون سبب والقسوة على كلب من دون سبب وقتل عصفور غرقا،هذه المشاهد عن الحيوانات اثارت الحنق ضد المخرج،وما كان منه سوى أن علّق قائلا:
كل الحيوانات التي ذبحناها في الفيلم قمنا بأكلها
ويبرز دك في شيء من الوضوح أن شخصياته تقضي حاجتها في البحر...
دك يتحدث عن الجنس بانفتاح شديد،كما أن علينا أن لا نتغاضى عن ان دك يمارس نوعا من التركيز في فيلمه هذا عن الشخصيات وكيف تقضي حاجتها في هذا المكان المنعزل وهذا بالذات عقدة الكيتش الأولى وربما يكون تعريف الكيتش نفسه.
إذا يوجه دك رسالة قوية-سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة-بانه مخرج ضد الكيتش
الاستلطاف حاصل بينها...تحبه...تجنح اليه...تجلس معه تحت المطر من دون موعد مسبق ويكون الحب ايضا من دون موعد....ولكنه لاحقا سوف يثير غيرتها باستدعائها لعاهرة التي ستقع في غرامه هي الأخري.
عندما تحضر الشرطة للبحث عن مشبوهين يستخدم طريقة قاسية في الانتحار بابتلاع خطاف صيد سمك،وهنا تبرز بقوة القسوة والواقعية البحتة،وهنا نقول بكل اختصار وبساطة أن الألم عند دك هو جزء من الحياة.
عندما تقوم بانقاذه عن طريق اخراج تلك الصنارات من حلقه بطريقة لا تقل قسوة من بلعها...في ظل هذه اللحظات القاسية تعمد إلى ارضاء رغباتها الجنسية النابعة من الحب اصلا.
اذا مشهد قاسي سوف يقود إلى مشهد جنسي ،وهو على ألمه ودمائه المتناثرة يحاول الاستمتاع في تركيب غريب بالرغم من كل شيء ...هل دك يقول...أو يحاول ان يقول بان هناك علاقة بين الألم والجنس...هل نحن في خضم نظريات جورج باتاي...؟
دك لايفلسف الأمور،لا يقول عن نفسه بأنه مثقف أو فيلسوف بل كل ايقوله عن نفسه بانه فنان...
فنان قاسي لذلك لانستطيع ان نضع هذه الاحتمالية حتى لوكانت قابلة للتصديق ولكن تبقى كناياتها ضعيفة..
إذا الحالة القائمة الآن وبالنسية اليها بشكل خاص هي الوقوع في الحب،فالفيلم هو عن علاقة حب بين رجل وامرأة في اماكن وظروف غريبة وشخصيات تقبع في الصمت نظرا لماضيها العريق.
الصدف تقود الى ان يقع الحب بينهما بشكل اكبر وفي شيء من الصمت جو محاط بعزلة تامة،لأن الهجر سوف يعني ان تجرح نفسها في مكان حساس وبنفس الخطاف الذي ابتلعه صديقنا ذات مرة محاولا الانتحار....عندما تجرح نفسها تصرخ وهذه الصرخة هي الكلمة الوحيدة التي تنطق بها طوال الفيلم...
هذا الشيء الذي يحدث الآن يقود إلى الندية لأنه سوف يعمل ى مداوة جرحها وبنفس الطريقة التي عملت على مداواته بها سابقا...
الفيلم قاسي ومن اكثر من ناحية...قسوة على الحيوانات...قسوة على النفس...محاولة ابتلاع خطاف ومن ثم جرح نفسها ومن ثم نحن نخمن ان هذه الشخصيات تعيش في عزلة وتوتر نتيجة لصدمة ومن ثم فقدان الأمل ولكنها في اعماق ذاتها فعليا ترفض هذه العزلة...تنجذب إلى قطبها المشابه.

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات