|
جدلية العلاقة بين الشكل والمضمون
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4299 - 2013 / 12 / 8 - 13:32
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
"ما فائدة مقال منمق ومحترف الصياغه وهوخالي من المضمون والفكره ولا يطرح قضيه ويبحث عن حلول." في تعليق لها على مقالي المنشور هنا بعنوان " هل حقا هذا موقع للحوار ؟؟" ، تتساءل الزميلة سناء البدري عن جدوى الشكل الفني للمقال ، أذا كان بلا مضمون أو فكرة ؟؟ ولهدف اثراء النقاش فقد أخترت أن أنطلق من سؤال الزميلة ،لأبداء وجهة نظري في أهمية أن يكون الشكل ( أي الصياغة الفنية ) للمقال ، أن يكون في الشكل جمالية تليق بالمضمون . وبداية أود أن أُنوه الى أمر قد يكون غائبا عن أذهان البعض ، وهو أن موضوع العلاقة بين الشكل والمضمون قد أشغل بال الكثيرين من النقاد والفلاسفة . بل ونشأت مدارس في النقد الأدبي فضلت الشكل واعتبرته الأساس . وقد كان كافيا أن أتوجه الى غوغل العظيم وأبحث عن العلاقة بين الشكل والمضمون ، لأحصل على كم هائل من المعلومات القيمة ، لكنني أخترت أن اقتبس من ثلاثة مقالات فقط . أحدهما هو للكاتبة أيناس حسيني ، أما ألأخر فهو للدكتور عبد الكريم بكار، وثالثهما للدكتور عاطف البطرس . وقد التفت كبار الكتاب العرب في القديم الى أهمية الشكل أذ قال الجاحظ بأن " المعاني ملقاة في الطريق " !!! أذن وحسب الجاحظ تتجلى قدرة الكاتب في" وضع " هذه المعاني في قالب جميل ، يجذب انتباه القراء ، وهكذا تتم عملية ايصال المعنى (المضمون ) المُراد ايصاله الى القارئ . " ولقد كانت المدرسة الكلاسيكية تحترم الشكل ، ولكنها لم تكن نهمل المضمون أو المحتوى ، أمَا المدرسة الجمالية فهي تتعصب للشكل وتنكر المضمون . ولا تنحصر قيمة الشعر عندها في مضمونه بحد ذاته سواء كان واقعيًا أو مثاليًا أو رجعياً ، وانما هي في كيفية التعبير عن المضمون . فهى ترى أن َ المهم هو الشاعر وكيفية تعبيره وليس الموضوع في حد ذاته ". ايناس حسيني . الشكل والمضمون ، أيهما أهم من الأخر ، وماذا يُميز العمل الابداعي عن غيره ،؟ أليس "الشكل " الذي أختاره فلان أو علان من المُبدعين ، لكي "يصب " في قالبه ، أعماله الابداعية . وبعيدا عن الجدل حول "البيضة والدجاجة " الشكل والمضمون " ، فأن العمل الأدبي هو "تركيبة " متناغمة ومنسجمة ومتوازنة بين شكل ومضمون . وقد أشار البعض الى هذه التركيبة بالشكل التالي : " الفن هو تشكيل، أو إعطاء الأشياء شكلاً، والشكل هو الذي يجعل من الإنتاج عملاً فنياً. فالشكل هو سيطرة الإنسان على المادة بإعادة تشكيلها وفق إرادته ورغباته واحتياجاته. هناك وحدة لا تنفصم عراها بين الشكل والمضمون، وسؤال الأسبقية لمن، والغلبة والأهمية لأيهما، لم يعد يحتل الموقع الذي شغله في تاريخ الأدب، وهناك اتفاق على وحدة الشكل والمضمون، مع الاعتراف بميزة المضمون في تحديد شكله، هذه الإمكانية لا نهائية، فهناك أشكال متعددة للمضمون الواحد، ولكن شكلاً منها أكثر مناسبة لهذا المضمون أو ذاك. وهذا ما يمكن التعبير عنه فلسفياً بوحدة وصراع المتناقضات، والشكل والمضمون أحد تجلياتها. صراع المتناقضات يمر بمراحل استقرار نسبي، (نقاط التقاطع) التي تعطي أفضل النتائج، واستثمارها وتوظيفها، يساعد عملية ولادة الجديد، وعدم استيعاب أشكال الصراع قد يقف ضد تقدم الجديد وبذلك يعزز مواقع القديم. " (الدكتور عاطف البطرس ). لكن ومع كل ما قيل اعلاه فالشكل والمضمون وحسب رايي المُتواضع توأمان ، يُكما أحدهما الأخر ، ويشكلان بوحدتهما وصراعهما ايضا ، قيمة جمالية وفكرية ، أعلى وأكبر مما لو كانا مُنفصلين . لذا ، فالأعمال الفنية على كافة اشكالها وتنوعها ، يجري "الحُكم" عليها بناء على تقييم للشكل والمضمون . ومدى قُدرتها على أن تكون لها حياة خارج مُبدعها . الدكتور عبد الكريم بكار يتحدث عن هذا الترابط :" لا شكل من غير مضمون، ولا مضمون بدون شكل، فالشكل مهما جردناه هو رمز لشيء مهما كان. ولا يمكن أن نتعرف على المضامين إلا من خلال الأشكال. والمضامين التي لا تتراءى في شيء من المحسوسات يسهل تجاهلها وتأويلها وإلغاؤها! إن كلاً منهما يجد كيفه في الآخر، ويستمد شيئاً من قيمته منه، وقد ثارت معارك في النقد الأدبي حول هذه القضية ، واختلف النقاد في منبع القيمة الفنية للنص أهي من الشكل ، أم من المضمون أم منهما معاً ، والراجح الأخير ". اذن يميل الجميع الى حتمية " التعايش " بين الشكل والمضمون في وحدة وصراع ، تؤدي في النهاية الى اكساب النص قيمة جمالية ومعرفية ، تصل القارئ على الشكل الأمثل . ولو حاولت تبسيط الامور لقلت بأن الاحساس بالجمال ، والبحث عن الجمال المصحوب بال"طعم " الحسن ، يُرافقنا طيلة حياتنا ونسعى اليه كذلك . فنحن وفي طعامنا نقول " العين تأكل " ، نبحث عن المظهر الجميل ونعتز به ( في الملبس والمسكن ) ، نعمل كل ما باستطاعتنا لنبدو في اعيننا واعين غيرنا كأجمل ما يكون ( مواد الزينة ، التجميل ، العطور وصالونات الجمال ) ، نختار لأنفسنا شركاء وشريكات حياة وفق معايير جمالية ، نهتم بأن يتم تغليف هدايانا للأخرين بشكل جميل و...و...و.. اذن لماذا لا نُوصل افكارنا ورسائلنا الفكرية الى القراء بشكل جميل ؟؟؟ http://www.artsgulf.com/articles-action-show-id-84.htm عاطف البطرس http://www.hayran.info/articles.php?catid=105&id=463 عبد الكريم بكار http://www.diwanalarab.com/spip.php?article476 ايناس حسيني
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل حقا هذا موقع للحوار ؟؟
-
العملاق هوى .. مانديلا يفارق الحياة
-
لنا .. ولكم .
-
لوركا وعُرس الدم السوري ...!!
-
سيدنا ماعز والمُراهقان المغربيان ..أو التلاميذ أشطر من المُع
...
-
ألهوية والجغرافيا ..
-
عرب اسرائيل وجدلية العلاقة بين المُواطن والدولة ..
-
-نحن لا نضرط أبدا ..!!-..
-
اليهود ، العرب وصراع الحضارات ..
-
أفضل الانفاق ..
-
علماني يُؤمن بالخزعبلات ..
-
اليسار وأمراض الشيخوخة ...
-
من هو الوالد السعيد ؟؟رامان أم خليل .؟!
-
شو قصة الخيانة هاي ؟ تعليق على مقال الزميلة سناء بدري ..
-
أرض الأحلام ...
-
رأي في الحب ..
-
بوستات عضو -الهيئة -...
-
الجنس :ميكانيكي (غريزي ) أم شُعوري ؟؟!!
-
ليالي الكريستال الاوكرانية..
-
طوفان الزبالة
المزيد.....
-
قبل موتهم جميعا.. كشف آخر ما فعله مسافران قبل اصطدام طائرة ا
...
-
الصين تعرب عن استيائها الشديد إزاء الرسوم الجمركية الأميركية
...
-
حرب تجارية جديدة: كندا تفرض رسوما على سلع أمريكية بقيمة 155
...
-
دراسة تكتشف أسرار الأذن البشرية
-
دلالات طريقة المشي
-
علماء الفيزياء الكمومية يبتكرون فضاء مكونا من 37 بُعدا
-
واشنطن تريد انتخابات بأوكرانيا إذا توقفت الحرب
-
عشرات الآلاف دون مأوى وفي وضع مأساوي بغزة
-
حراك طلابي في صربيا يُطيح برئيس الوزراء وموسكو وبروكسل تراقب
...
-
الولايات المتحدة تفرض رسوما جمركية على كندا والمكسيك والصين
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|