|
الماركسية والدين
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4296 - 2013 / 12 / 5 - 09:21
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الماركسية و الدين تباينت الأراء حول المسألة الدينية، منها ما ذهب إلى تفسيرها حسب المفهوم المادة التاريخية، ومنها اعتمد على النظرية الأجتماعية، ومنها من تحدث بالمنظور الديني، الذي ينسب وجود المخلوقات إلى إرادة الله، وهناك الكثير من علماء الأجتماع الذين تناولوا موضوع الدين من هذه الزاوية أو تلك، وما زال الأختلاف على جوهر الدين قائماً بينهم، وهذه بعض الرؤى حول المسالة الدينة. تقول المادية التاريخية إن المجتمع البشري يمر بمراحل تطور متتالية، هي المشاعة البدائية، حيث لا توجد ملكية خاصية لوسائل الإنتاج، ويشترك الجميع في العمل، الذي يتوزع بالتساوي على كل أفراد القبيلة، وفي هذه المرحلة لا يوجد تقسيم للعمل، أما على الصعيد العقائدي، فهي مجرد مجموعة من الأفكار تتعلق بالطبيعية، وتكون الطقوس الدينية أقرب إلى الشعوذة والسحر منها الى دين واضح المعالم والافكار، وهذه المعتقدات اكون متعلقة بما يرتبط بالأرض وانتاجها من الثمار، وهي نواة ستشكل فكراً اكثر تطورا ًفي المرحلة التالية للمجتمعات البشرية . أما المرحلة الثانية فهي العبودية، والتي تنشأ بعد تطور المجتمع القبلي، الذي توسع ولم تعد الأرض المتواجد فيها تكفيه، فأخذ يبحث عن أماكن جديدة، وأيضا لاستخدام أيدي عاملة تساعد في العمل، من هنا ظهر مجتمع جديد، وبتقسيم العمل، بين الأسياد والعبيد الذي أوجد بعض الحرف اليدوية، ثم تطورت ملكية وسائل الإنتاج في هذا المجتمع وكان ظهور الملكية الخاصة، وخير مثل على هذه المرحلة روما وثورة العبيد بقيادة سبارتكس، أما على الصعيد الفكري، فقد تطور الدين وأصبح هناك مجموعة من الكهنة، يقومون بالأشراف على المعبد ورعاية ألا لهة، وتم تطوير المعبودات بحيث تجسدت بصور آلهة على شكل إنسان، من هنا كانت الوثنية هي السائدة في هذا العصر، وكانت الالهه اليونانية خير دليل على ذلك، من هنا نجد آلهة الحب والهة الحرب والهة المياه والهة الهواء وهكذا، وفي هذا المجتمع ظهر الصراع الطبقي من جديد، الذي سيعمل على تحطيم هذا الشكل من مراحل الاستعباد للإنسان . وبعد أن كثرت أزمات مجتمع العبودية، ولم يعد بمقدور الأسياد مواجهة الظروف الجديدة، ظهر شكل جديد من الأستغلال وهي المرحلة الثالثة (الاقطاعية) والتي تتمثل بتحرير العبيد من العبودية، وجعلهم يعملون في الأرض، مقابل الحصول على المأكل والمشرب والمسكن، فكان الإقطاعي يمتلك الأرض الشاسعة، والفلاح جهده الشخصي فقط، فلا مهرب أمام الفلاح سوى العمل بالأرض وبأخذ نصيبه من الإنتاج، وتمثل هذا المجتمع في أوروبا بالعصور الوسطى، حيث كان أكبر انتشار لنظام الإقطاع، وقد ازدادت متطلبات هذا العصر، مما دفع المجتمع إلى تطوير بعض الصناعات اليدوية، من هنا ظهرت طبقة ثالثة في المجتمع الأقطاعي، أخذت تنافس الإقطاعيين، وتطور من وسائل إنتاجها من خلال تقسيم العمل، فكانت عملية الزيادة في الإنتاج بحاجة إلى أيدي عاملة جديدة، تأتي من المناطق الإقطاعية، فضعف النظام القديم، وأخذ يظهر مجتمع جديد يتمثل بألطبقة البرجوازية وطبقة العمال، وهنا تجاوز المجتمع الفكرة التقليدية للدين، الذي انتقل من المعبودات المتعددة إلى الثالوث والله الواحد، وتكونت طبقة من رجال الدين أخذت تعمل لحسابها الخاص، فدفعت المجتمع إلى خوض حروب داخلية وخارجية، والتي تمثلت في الحروب داخل اوروبا ثم حروب خارجها في الشرق (الحروب الصليبية) أما المجتمع الجديد الذي تكون فلم يكن أفضل من سابقه، إذ لم يعط الطبقة العاملة حقوقها، وكان العامل لا يحصل إلا على القدر الزهيد من الأجر، الذي يبقيه قادراً على مواصلة العمل فقط، وفي هذه المرحلة توسعت الأسواق وازدادت المنتجات، وكبرت المنافسة بين المنتجين مما أدى إلى وقوع الحروب _ الحرب العالمية الأولى والثانية _ وفي عصر الرأسمالية تم وضع أول فكر متكامل يتحدث عن الصراع الطبقي، يتمثل بالفكر الماركسي الذي أوضح مراحل الصراع الطبقي على مر مراحل التاريخ الإنساني، من هنا تنظر الماركسية إلى الدين على انه أحد الإنتاج الفكري، الذي استخدمته الطبقات المستغلة، لمساعدتها في إخضاع الطبقات الضعيفة لسيطرتها، أما المرحلة الأخيرة التي وضعتها الماركسية، فهي الاشتراكية ثم الشيوعية، حيث يتم إزالة كافة أشكال الملكية الخاصة من المجتمع وتصبح الملكية عامة . أما رؤيتها للدين فتقول : _ إن الفكر الإنساني هو انعكاس للواقع الاقتصادي، الذي يؤثر في الفكر ويكونه، وتفسر الماركسية المرحلة الأولى (المشاعة البدائية) قائله، لم يكن الإنسان يمتلك من وسائل إلانتاج إلا جهده الشخصي، الذي يتحد ويتكامل مع مجهود الآخرين في القبيلة أو الأسرة، وهذا المجتمع كان ضعيفاً، بحيث انه لم يكن قادراً على مواجهة الظواهر الطبيعية، وعجز عن تفسيرها تفسيراً علمياً، ولذلك انكب على تعظيمها وعبادتها، ومن هنا كانت عبادة الشمس والقمر والشجر والمطر والنار وغيرها، وتضيف الماركسية قائلة، وبما أن الفكر البشري يمتاز بالجدلية فانه في حالات معينة كان يسبق التأثير _ الانعكاس _ الاقتصادي للمجتمع، ويأخذ الفكر المبادرة، قبل نضوج المجتمع للحالة الجديدة، ومن هذه النقطة جاء التفسير الماركسي للدين الإسلامي، حيث كان مجتمعا قبلياً غير واضح المعالم الاقتصادية والاجتماعية، فكانت الجزيرة العربية تعيش نظام العبودية بالإضافة إلى حركة تجارية قوية، كما أن العلاقات الاجتماعية والاقتصادية تخضع للقبيلة بكل ما فيها، بالإضافة إلى تعدد الأديان فنجد اليهودية والمسيحية والوثنية، فهذا المجتمع المتباين والمتناقض يوحي باستحالة توحيده ضمن نظام اقتصادي اجتماعي ديني سياسي واحد، ففسرت الماركسية ذلك ضمن الرؤية العامة للدين وتضيف الماركسية قائلة، لقد تم تجسيد تلك الآلهة بصورة إنسان أو حيوان أو ملاك أو عنصرين أو ثلاثة عناصر مجتمعة مثل الثور ذو الرأس البشري، وبعد تطورت وسائل الإنتاج وظهرت الدولة، التي هي أول مظهر من مظاهر الاستغلال الطبقي، أخذت كل دولة تخصيص اله آو آلهة قومية، وذلك لتدفع الدولة المجتمع إلى عدم الالتفات إلى التفاوت الطبقي بين الأسياد والعبيد من جهة والى تبرير وجود التفاوت الطبقي إلى إرادة الإله آو الإلهة، التي تتماثل مع المجتمع في مراتبها، فمنها ما هو كبير (أبو الآلهه) ومنها ما هو صغير (الابناء)، وكذلك لتكون هذه ألا لهه صاحبة الشان في كل ما يصيب المجتمع من خير آو شر، إلا أن تطور وسائل الإنتاج أولاً، ومن ثم الفكر دفع تلك المجتمعات إلى تخفيض عدد ألا لهة، من هنا جاء الدين المسيحي الذي تمثل بالأب والابن والروح القدس، إلا أن ذلك التخفيض لم يكن يفي بالحاجة التطورية لاقتصاد المجتمع و الدولة، أو لأن حالة الفكر سبقت عصرها، تمخض المجتمع إلى فكرة توحيد الآلهة، من هنا جاء الدين
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة العرابية لرفعت السعيد
-
السادات والبحث عن الذات
-
غطاء العقل العربي
-
الثابت والمتحرك والعقل العربي
-
أوراق بعيدة عن دجلة
-
المسألة الطائفية في مصر
-
الفدائي الصغير بين الشكل الأدبي والمضمون
-
ماركو فالدو والتقديم الهادئ
-
عمارة يعقوبيان والفساد الطاغي في مصر
-
التشدد والتكفير
-
استنساخ قرطاج في بغداد ودمشق
-
الديانات الثلاث ودخول الجنة
-
التخندق القبلي في المجتمع العربي
-
أوهام الشيوعيين الفلسطينيين
-
رجوع الشيخ والانسجام بين الشكل والمضمون
-
الاسود يليق بك
-
إنتقائية التاريخ
-
العشيرة العربية
-
ثروة الإيمان
-
العقل العربي والاحتكام للنص
المزيد.....
-
أحمد الشرع: سنشكل حكومة شاملة وسنعلن في الأيام المقبلة عن لج
...
-
مراسم يابانية قديمة لجلب الحظ والسلامة البحرية في فوكوكا
-
القسام تؤكد مقتل قائد أركانها محمد الضيف ونائبه وعدد من أعضا
...
-
وزير الدفاع اليوناني يطلب رسميا من سفيرة فرنسا توضيحات حول ص
...
-
ترامب يعرب عن تعازيه إثر مقتل روس في تحطم طائرتين بواشنطن وي
...
-
صحيفة تكشف التقارير الأخيرة لجهاز استخبارات بشار الأسد قبل س
...
-
السفارة الروسية في واشنطن: نعرب عن تعازينا بضحايا حادثة الطا
...
-
مرتضى منصور يهدد ترامب: التراجع أو المحاكمة أمام الجنائية ال
...
-
وكالة: الشيباني يشارك في مؤتمر دولي حول سوريا في باريس
-
واشنطن تخطط لتفجير اختباري للبلوتونيوم العسكري
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|