|
العقل العربي والقومية العربية---جنين مشوه في ر حم عاقر 1-5
سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1222 - 2005 / 6 / 8 - 10:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يتضمن مناخ الأسرة العربية مقدارا كبيرا من العقاب الجسدي، وغالبا ما ينفذ هذا العقاب أب ينتحل إزاء ابنه القسوة والعبوس والسلطة، بينما تمثل الأم دور الحب والحنان - ينشأ الابن محترما للأب محبا للأم. والأسرة العربية تفضل الصبي وتصاب بخيبة أمل عندما تولد البنت، مما يترتب عليه إعلاء منزلة الزوجة التي تلد البنين. والصبي ينال ثدي أمه كلما بكي حتى يتجاوز الثالثة من عمره، أما البنت فتفطم بسرعة، وعلاوة على هذا ينال الصبي من التدليل والعناية مالا تناله البنت ويعلق (باتاي) على أن الصبي حين يتعلم الكلام ما أن يذكر رغبته في الإرضاع حتى تلبيه الأم -------- لأن لهذه التجربة أثرا دائما على شخصية الرجل العربي. فليس من الصعب أن نجد صلة بين هذا الوضع في الطفولة وصفة مميزة للعربي الراشد لاحظها كثيرون وعلقوا عليها: الميل إلى الإدلاء بتصريحات فيها تشديد لفظي على النوايا، والإخفاق في إتباعها بأي عمل يؤدي إلى تحقيقها. فكأن التصريح بالنية أو بالرغبة ذاتها يزود العربي بإشباع نفسي يمكن أن يمنعه من القيام بالعمل المصرح به... فلدى كل من الرضيع والراشد يكون التصريح اللفظي بالرغبة أو بالنية أو بالطلب توقعا بأن ينجز هذا التصريح الرغبة بدون أي عمل إضافي.؟.. المطلوب الوحيد هو الكلمة: وبعدها يستريح المتكلم ويترك للكلمة أن تجلب معها تحققها فوق هذا إن إطالة فترة رضاعة الطفل وسرعة تلبية الأم لطلباته يجعلانه حين يبلغ يتوقع أن تمتثل كل النساء لرغباته ونرى بهذا أصلا موقف الرجل العربي من المرأة: فقدر المرأة عامة، وخاصة ضمن الأسرة، أن تخدم الرجل وتطيعه... كما نلاحظ أن الأم العربية تهدهد العضو الجنسي عند الذكر مما يصوغ مثال المرأة على أنها موضوع جنسي، وأنها مخلوق لا يمكنه مقاومة الإغراء الجنسي - هذا المعتقد يؤدي إلى ختان البنات في بعض المجتمعات العربية، والى اعتقاد الذكر بأن، في وسعه مغازلة أية فتاة تروق له إذا سنحت له الظروف بذلك، مما يجعل المجتمع يفرض التفريق بين الرجل والنساء. تدخل البنت مجتمع النساء فإن تزوجت اضطرت إلى تحمل معاملة حماتها القاسية، والى توقع إنجاب البنين، والى عبودية العمل المنزلي، مما يجعل ارتباطها بأمها شديدا، وتظل أسرتها مسئولة عن سلوكها. أما الصبي فتزداد عناية أبيه فيه منذ أن يبلغ الرابعة فتكون مهمته أن يكون قاسيا عليه لأعداده لمواجهة قسوة الحياة بالتوبيخ وبالضرب . يعلمه احترام من هم أكبر منه ولو بسنوات ، أكثر مما يحترم النساء فيتعلم الطفل أن يكون قاسيا على من هم أصغر منه وعلى النساء اللواتي تقتصر مهمتهن على تدليله وجعله سعيدا . وما أن يتعلم الطفل هذه الدروس، ولنفترض أنه أتقنها تماما، حتى يكون اتخذ لنفسه الشخصية النموذجية للذكر العربي ويضيف بالتاي إلى ذلك تلخيصا لدراسة البروثرو ( تربية الطفل في لبنان ) حيث وجد أن الأمهات المسلمات قلما يكافئن أطفالهن على إنجاز عمل من الأعمال، وأنهن كثيرا ما يهددن الطفل بالعقاب ثم لا ينفذن التهديد وأنهن لا يشجعن الأطفال على الاستقلال، ويتركن السيطرة المطلقة للأب... ويرى باتاي أن هذا يؤثر على إنتاجية العربي عامة وأنه توجد صلة إيجابية بين مكافآت الأبوين في الطفولة لحث الطفل على الإنتاج وبين قدرته على الإنجاز حين يكبر، لأن غرس الحافز على الإنجاز في الصغر يخلق حاجة للإنجاز عند الراشد. مايزال العديد من سكان المدن يتغنون بأصلهم البدوي و أهم من ذلك أن أهل المدن ما يزالون يعتبرون أن شيم البدو مثلا أعلى يقيسون عليهم سلوكهم --------. عند العرب ، بما لديهم من لا إحساس نموذجي بالتاريخ ، ليس للعصر البطولي وقت . لقد وجد في الماضي بطبيعة الحال، ولكن بما أن البيئة التي كانت مسرحا له لم تتغير، فهو يستمر في الحاضر... فعند العقل العربي لا نرى عصرا بطوليا بل بيئة بطولية استجاب البدوي لتحديها واستطاع منها أن ينطلق إلى العالم رغم أنها قلما تستطيع أن تزوده بأكثر من الوجود الضروري. فالبدوي هو ابن الصحراء وسيدها الذي لم تتغير حياته منذ ثلاثة آلاف عام . تتراوح حياة البدوي بين آماد طويلة من الكسل وانفجارا من النشاط المجنون ، بعد أن علمته الظروف أن التحمل أفضل من العمل على التغيير. وهو فردي لا ينقاد بسلطة ولا يمنح ولاؤه لغير أسرته وقبيلته، فالصحراء ذاتها معلم شديد القسوة وتتطلب من التنظيم ما لا يبقي للبدوي صبرا على أي نظام تفرضه سلطة من الخارج... وبالتالي نلاحظ انعدام المواظبة على العمل عند العربي، إنفجارات مرهقة تعقبها فترات طويلة من الراحة - يعزو إلى هذه الصفة فترات الحماسة لعقد مؤتمرات القمة العربية وما يعقبها من إهمال. يلاحظ باتاي بدهشة أن الخصال التي مدحها الشعراء العرب قبل الإسلام على أنها أحسن الفضائل العربية، من إقدام ومروءة وشرف وكرم - ما تزال بالضبط تحتل المركز الأساسي في الأخلاق العربية وأن المرء يجد بدلا من العدد الكبير من أوامر القرآن ونواهيه، خمسة أو ستة ماتزال تعمل عملها وتملأ كامل الأفق الأخلاقي عند العرب وفي الفصل الذي يعنونه ( المكون الإسلامي في الشخصية العربي )، يعزو فيه كل ضعف في هذه الشخصية وكل تخلف في المجتمع العربي، إلى الدين الإسلامي.والذي يتميز بالحمية الدينية وعدم تسامح والاعتقاد بأن المؤمنين به فقط هم على حق وصواب، وأن المؤمنين بغيره على خطأ وحين تجري الأمور على ما يرام يكون لقدرية المسلمين أثر خفيف: إنها تجعل الناس يمتنعون عن أي جهد يؤدي إلى البحث عن تحسين أوضاعهم. وحين تنزل بهم النوازل فإنها أداة لا تقدر بثمن فهي تمنح الناس القدرة على تحمل أقسى ضربات القدر. وبالتالي فإن العرب المعاصرين هم بدو في قرارة نفوسهم، فعقلهم الباطني لا يريد أن ينسى، كما أن تبعات التخلف العربي المعاصر يتحمل وزرها الإسلام الديني . ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------ رافائيل باتاي فيلسوف هنغاري- متخصص في تاريخ حضارات الشرق الأوسط ولغاته. من كتابه العقل العربي-----
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الآلهة لا تستقيل---بل (تعتزم)
-
وتوكلت على الله--وقررت بأن أركب الشعب-----من الآن الى يوم ال
...
-
آخر فرسان القومية العربية؟؟؟؟؟؟
-
الأثنين 30-آيار-السادسة مساء-بوابة الصالحية---لا تنسوا اصطحا
...
-
وصل القمع إلى حد أن عصابة الأخوان المسلمين استنكرته!!؟؟قدرنا
...
-
تنبيه الأمة وتنزيه الملة-------لشيخ الاسلام محمد حسين الغروي
...
-
Mission impossible---------مهمة مستحيلة
-
انهضيييييييييييييييييييييييي1--------------------الليبراليون
...
-
عزيزي الدكتاتور---اهتم بالقطنيات بعد اليوم!!!!!!!!!!!!!!!!!!
...
-
تعابير انسانية-----أعدمها حكم الحزب الواحد---المساواة1
-
حرام عليكم---كله أكل عيش يا شباب!!!!!!!!!
-
ما يطلبه المواطنون-------------!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
-
الاخوان المسلمون --------لماذا تعادون السلطة وتغضبون ربكم؟؟
-
اقتراح عيد----يوم الرقيب الأمني العربي!!!!!
-
-------الامبراطور بوشام الثاني يستعد لغزو وادي بردى
-
أم المتسكعين---------------------ج2
-
من أم المؤمنين---الى أم المتسكعين---والله أعلم
-
ستار--آكاديمي!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
-
جرمانا مدينة سورية---تشرب من الصهاريج---وتختصر قصة فساد دولة
...
-
لا يمكن للبعض أن يتحملوا التفكير بإنسان لامع------- لأنهم يش
...
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|