أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - ليلةُ حُبٍّ فيسبُكِّيَّة... قِصَّةٌ قصيرةٌ














المزيد.....

ليلةُ حُبٍّ فيسبُكِّيَّة... قِصَّةٌ قصيرةٌ


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 4289 - 2013 / 11 / 28 - 07:06
المحور: الادب والفن
    


لكلِّ حِرفة مسلزماتُها التي لابُدَّ أن تكون بحوزة الذي يُجيدها، بها يستعين في إنجاز ما يبتغيه، ولها دور في سرعة ذلك الإنجاز، ودقته؛ إلا الحبّ، فهوعلى حين غرَّة يغزوكَ، دون سابق إنذار، ولا مُقدمات، هو أول حالات استبداد عرفتها الأرض؛ بل مُصادرة الحريات؛ كل قوانينها وشرائعها، ما سُنَّ وفقا لأعرافها، وما أنزلته السماء؛ لم تجرؤ على النيل من أحكام هذا الكائن العجيب، أو تثلم منها بعض الشيء، الحبُّ يُنزِل الملوكَ من عروشهم، ويُلقي على الأرض بما استحكموا به من تيجان، يرقى بأبسط خلق الله إلى عوالم بها تحلم السلاطين؛ حيث تتوضأ النفوس بأمواه الجنة التي بها وعدتْ كتبُ الأنبياء، عالَمٌ بلا حُكَّام، لا عسس، ولا حدود، دستوره ما مرَّتْ عليه أقلام ساسة، أو غيرهم من الكاذبين المُراوغين، الحُبُّ أوَّل شريعة لم تُكتب، ولا فرضتها عصا جلاَّد.
أجملَ ما يحفَظ في خزانة الملابس من ثياب انتقى، بدلتين أنيقتين، واحدة بيضاء، وأخرى سوداء، ربطة عنق لكل بدلة وقميصاً يُناسبها، ولكلٍّ منهما حذاء يكمل مشهد ليلة عرس لم يقرأ عن مثلها، ولم يشهد فيما صنَّعه المُخرجون على الشاشات، أو ما شاهده على الساحات، قميص نوم طويل كما اعتاد العرسان على ارتدائه مثل هذا اليوم، قنينتا عطر، أنثوية لها، ورجالية له، مناديل كتلك التي يعلقها أبطال الروايات من شخصيات الإرستقراط، علبتان مُغلَّفتان بورق الهدايا اللماع، خاتم ذهبي بكل منهما؛ خاتمان في تلك الليلة يساويان كل ما في خزائن الكون من مجوهرات، قنينة النبيذ الأحمر الرائق؛ هي لا تستسيغ سوى ذلك الصنف من الشراب، وهو رهن الإشارة؛ ألم يكن عبوديةً هو الحبّ؟ بأطراف أنامله تحسَّس ذقنه؛ لعل شعرة شاردة هنا أو هناك، حدَّق في المرآة مُستعرِضا طوله، من الأمام ثم استدار إلى الخلف، عدَّل خصلةَ شَعر قفزت كطفل مُشاغب لايروق له أن يستكين، هزَّ كتفيه استعدادا لمجازفة لا يقدم عليها سوى الأبطال.

حوائجها كلُّها، بشكل فوضوي على الطاولة مُلقاة، مُجفف الشعر وأمشاطه، علب المكياج الفاخر منشؤوها، قناني العطور، شَعر اصطناعي بمختلف الألوان، أربطة نسوية، ملابس داخلية، قمصان نوم لتلك الليلة خصيصاً، هو يُجن بالأحمر، وهي تهوى الأبيض؛ لتصطحب معها إذًاً الاثنين، بدلة العرس معلقة لم تزل في خزانة الثياب، بدلات السهرة قد رُصفت في الحقيبة، دُمية قطة تتثاءب، مهووسة بالقطط، باقة ورد مُشكَّلة من شتى الألوان، تعشق الورود، وكل يوم تنثرها على صفحات الأصدقاء، الأجمل منها تبعثه على بريده الخاص، على الهاتف خزَّنت كلَّ ما يُطربُه من مُختار الموسيقا والغناء، وصوراً لها في غرفة النوم بشتى الأوضاع، وبعضاً من خواطر غير موزونة كتبَتْها في لحظات انفعال، أوقات درجات الغليان.

أعددتُ كل أمتعتي، وما يلزمنا، هل ستأتي الآن؟ حبيبي، تركت الكثير مما ليس لنا حاجة به، وهل من حاجة تغنيني عن حضنك الدافئ الذي به احتميت، نظمت لك الكثير من الأشعار، سأُلقيها الليلة في حضرة شهريار، وإن طلع النهار فلن تصمت عن حديثها شهرزاد، وما النهار إلا من نور مُحياَّك يستمد المَعين، إليك خُذني، على جوادك بي طِرْ فوق السحاب، وبين النجوم، حكايا ألف ليلة وليلة نحن نصنعها، أوليس أجمل الحكايا يصنعُها العشاق؟

آتٍ إليكِ أنا أخفَّ من الريح، ذراعيك افتحي، أمطريني بنار جهنم من سعير القبلات، هل عطَّرتِ الوسادة بما أشتهي، بدلة عرسنا البيضاء البسيها، وزيِّني الجِيد بما به يليق، صدرُك الناهد ملاذ لي من جور الزمان، وغدر النائبات، لا أملك إلا قلبا أنتِ ملكتِهِ، فماذا عساني أُهديكِ.
الباب مُشرعة على مصراعيها، بكامل استعدادها فتحت ذراعيها، أسرع من سرحان جائع يجري؛ هأنذا جئتك يا عمري، جاهزةٌ أنا لأجمل ليلة عرس.
كما يرتمي الرضيع في حضن أمِّهِ، تقدم نحوها يجري فاتحاً ذراعيه، كاد يمسُّها، يحتويها بكل ما استعرت فيه من نار الشوق؛ فجأة اختفت صورتها أمامه من على شاشة اللابتوب، معها ضاع الصوت، لا صوتَ ولا صورة على الجات، خبر عاجل على التلفاز، هزَّاتٌ أرضيَّةٌ في مُدنِ العراق، قُطِعَ التيارُ الكهربائي، والنَتّ، وكلُّ وسائلِ الاتصال.

تشرين الثاني - 2013



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يعودُ السنونو؟ نص شعري
- في رحابِ الإمام عليٍّ، عليهِ السلامُ
- قَسَمٌ ... نص شعري
- قَسَمٌ
- لقاءٌ على رصيفٍ رطبٍ
- نداء، نداء استنهاض الهِمم لأهلنا في الداخل العراقي
- امرأةٌ مِن ماءٍ وطين
- أضغاث أحلام
- موجز سيرة حياة المناضل، طيب الذكر، نعمة فضل عبد الزهيري
- يا محلا النصر بعون الله، هه هه ها
- لو.. لو .. لو..؛ لمناسبة يوم الشهيد الشيوعي
- شباطُ الأسودُ، نصفُ قرنٍ، ذكرياتُ الزمنِ المُرّ
- الأخرَسُ لَنْ يَخرَس.. لمناسبة مرورِ عامٍ على اغتيال الشهيد ...
- الصِّياغةُ اللُغَويِّةُ للخِطابِ قد تُشعِلُ حرباً، وقد تُخمِ ...
- خيطُ الدِما من بغدادَ إلى الشامِ... قصة قصيرة
- أوَّل شِيخته شَرَّم تراجيها
- عَزفٌ مُنفرِدٌ على الناي.. قصَّة قصيرة
- عركة بَلَشْتِيَّة .. قصة قصيرة
- محروس بحرز السيِّد، شرهان
- الأركان الأساسية في كتابة القصة الفنية


المزيد.....




- مهرجان كان السينمائي يكرّم روبرت دي نيرو بالسعفة الذهبية الف ...
- صلاح الدين الأيوبي يلغي زيارة يوسف زيدان إلى أربيل
- من الطوب الفيكتوري إلى لهيب الحرب.. جامعة الخرطوم التي واجهت ...
- -النبي- الروسي يشارك في مهرجان -بكين- السينمائي الدولي
- رحيل الفنان والأكاديمي حميد صابر بعد مسيرة حافلة بالعلم والع ...
- اتحاد الأدباء يحتفي بالتجربة الأدبية للقاص والروائي يوسف أبو ...
- -ماسك وتسيلكوفسكي-.. عرض مسرحي روسي يتناول شخصيتين من عصرين ...
- المسعف الذي وثّق لحظات مقتله: فيديو يفند الرواية الإسرائيلية ...
- -فيلم ماينكرافت- يحقق إيرادات قياسية بلغت 301 مليون دولار
- فيلم -ماينكرافت- يتصدر شباك التذاكر ويحقق أقوى انطلاقة سينما ...


المزيد.....

- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - ليلةُ حُبٍّ فيسبُكِّيَّة... قِصَّةٌ قصيرةٌ