|
جوزيف شاينا، كاظم حيدر ... وتماثل التصميم السينوغرافي
فاضل خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4287 - 2013 / 11 / 26 - 18:48
المحور:
الادب والفن
( جوزيف شاينا ـ 1922 ) الأسم اللامع في سماء الاخراج المسرحي، والذي تدرس تجربته الاخراجية في الكثير من المعاهد المسرحية في العالم. بسبب الظروف التي ساعدت علي تكوينه، فهو المنظر والتشكيلي والمخرج العظيم، فيما بعد. هذا هو ( جوزيف شاينا )، الذي وجدناه اسما لامعا في الفنون التشكيلية أولا، ومن ثم تطورت مواهبة ونمت عنده فلسفة الأفكار، حتي صيرته مخرجا متميزا. وكان قد بدأ حياته الفنية مصمما للديكور من خلال انجازاته ذات الابتكارات المتميزة والجديدة، والتي لا تخلو من الغرابة والجدة في الكثير من الاحيان تخرج من أكاديمية الفنون في مدينة ( كراكوف ) باختصاص الكرافيك ( الحفر ) ودبلوم آخر في اختصاص الديكور المسرحي. وفي العام 1954 قام بالتدريس في أكاديمية الفنون في ( وارسو ). وللحرب عليه فضيلة ذلك التكوين الممزوج بالنضوج المعذب. وذات الفضل للحرب في انضاج تجارب ( كاظم حيدر بغداد 1932 ـ 1985 ) الذي شهد له المسرح العراقي مشاركات مثيرة للاعجاب ومثار للجدل ولازمان طويلة، من خلال العروض المسرحية المهمة التي سهم في نجاحاتها، بالديكورات التي قام بتصميمها ووضع الاضاءة لها ومنذ الستينيات، حتي وفاته نهاية في منتصف الثمانينيات. فقد نما اهتمام كاظم حيدر بالمسرح، والسينوغرافيا، بعد حصوله علي بعثة الي بريطانيا لدراسة الفن التشكيلي سنة 1958. وازداد ولعه بذلك العالم الساحر، اثناء متابعته للمسرح الانكليزي العريق، الوريث الشرعي للمسرح الاليزابثي الشكسبيري. يوم قرر وياصرار دراسة تصميم الديكور المسرحي وتقنياته، اضافة الي دراسته للفن التشكيلي. والتي أضفت علي تجربته غني وعلمية مضافا اليها مشاهداته لامهات العروض المسرحية التي قدمها ( مسرح الرويال ثييتر ) آنذاك. وعليه ومنذ اوائل الستينيات بداية عودته العراق، بدأت معها تجاربه في تصميم السينوغرافيا لعروض المسرح العراقي. في كتاب (تجربتي في المسرح)، يذكر المخرج والممثل سامي عبدالحميد، انه حين قرر اخراج مسرحية (كنوز غرناطة) لجبرالدين سكر، سنة 1964، أعلن ( كاظم حيدر ) عن اعجابه بالنص، وابدي استعداده في عمل الديكور لهذه المسرحية واعتبرها الفرصة التي يستطيع من خلالها تقديم افكاره لتقديم افكاره وفق رؤيته التشكيلية الخاصة، وخلق التنوع في الاشكال والالوان، وسهولة تحريك مفردات المنظر حسب تصوراته الخاصة، في ابراز الطراز المعماري الاندلسي بمعزل عن تأثيرات المخرج ومتطلباته. وبالمقارنة بين التجربتين، تجربة شاينا وتجربة ( كاظم حيدر )، التي تتماثل الكثير من المشتركات، في الموهبة، وفي التنظير، وفي دراسة الفن التشكيلي، التي انتقل منها ( شاينا ) الي الاخراج المسرحي، و( كاظم حيدر ) الذي ظل يراوح في مكانه، مصمما للسينوغرافيا، علي أن نعرف من أن السينوغرافيا تعني الاخراج بالمفهوم المعاصر للمسرح ولها تعريف يعني: فن تنسيق الفضاء، وللمسرح مصمميه ومنفذيه وبقية فريقه المسرحي، لكنه لا يحتمل الا مخرجا واحدا بالشكل لرسمي. والذي يؤكد تفرده في صناعة السينوغرافيا نعود بالمرجعيات الي ما ثبته ( سامي عبدالحميد ) في كتابه ( تجربتي في المسرح ) عن وصف عمل ( كاظم حيدر ): بانه ومنذ ذلك الوقت، قد فهم التصميم لن يكون فنا مرموقا، الا اذا استقل عن تصورات المخرجين، وان الابتكارات التصميمية لن تتحقق فيه اذا كانت تتبع لعمل المخرج. فالمصمم هو الفنان الذي يضيف الي العمل المسرحي، رؤية اخري مستقلة، بالاضافة الي رؤية المخرج الخاصة والمستقلة، مثلما هي رؤية السينوغراف المستقلة. ويؤكد المخرج سامي عبد الحميد في كتابه، اصرار ( كاظم حيدر ) علي وضع تصاميمه بحرية، وعدم تدخل مباشر من قبله مخرجا، ومن دون ما أية ملاحظات اخراجية مسبقة، أوملاحظات. وفعلا اثمر التعاون بين الاثنين، سامي عبد الحميد مخرجا، وكاظم حيدر مصمما للديكور والاضاءة، عن العديد من المسرحيات الناجحة، التي تركت اثرها البالغ في حركة المسرح العراقي. نستذكر من تلك المسرحيات: ( كنوز غرناطة ) لجير الدين سنكر و( تاجر البندقية ) لشكسبير، و( انتيغونا ) لجان انوي، و( الحيوانات الزجاجية ) لتينسي وليامز، و( النسر له رأسان ) لجان كوكتو. وجميعها كانت من انتاج الفرقة القومية للتمثيل. يقابلها تعاونهما المشترك في تقديم المسرحيات: ( صورة جديدة )، و( المفتاح )، و( الخرابة )، و( الشريعة )، وجميعها من تأليف يوسف العاني. يضاف اليها تجاربه الاخري مع المخرج ( قاسم محمد ) في المسرحيات: ( النخلة والجيران ) المعدة عن رواية الكاتب الكبير غائب طعمة فرمان، ومسرحية ( نفوس ) المعدة عن مسرحية ( البرجوازيون ) لمكسيم غوركي، وكلتا المسرحيتين من اعداد: قاسم محمد، ومسرحية ( بغداد الازل بين الجد والهزل ) المقتبسة من التراث العربي. ولعمل الديكورات في هذه المسرحية حكاية أقرب الي الخيال في صناعة الديكور. عندما قدمت في أربعة مدن جزائرية هي: الجزائر العاصمة، ووهران، وعنابة، وسيدي بلعباس. حين طالب القائمون علي ادارة المسارح من فرقة المسرح الفني الحديث، احترام التقاليد المتبعة في مسارحهم والتي تقضي، بأن لا يدق مسمار علي الخشبة عند نصب الديكور، فكان لكاظم حيدر مقترحاته لقيام الديكور تتفق مع طلبهم ومع طبيعة كل خشبة ومواصفات من خشبات المسارح الأربع لكل مدينة قدمت علي مسرحها المسرحية ( بغداد الأزل بين الجد والهزل ).
#فاضل_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أهمية الأسلوب في الثقافة وألفن
-
انا ويوسف العاني ... ومسرحية [خيط البريسم]
-
المغالاة في المسرح
-
مسرحية [ منعطف على الدانوب ]
-
فرقة المسرح الفني الحديث سفيرة الفن العراقي
-
المرونة صنو الممثل المجتهد
-
على المخرجين أن يظلوا الطريق الى الهدف
-
المسرحية الجيدة.. الممثل الجيد
-
التأليف... المهنة الأسهل في المسرح
-
عودة المسرح الضال
-
المسرح المتشائل
-
قاسم محمد .. وعمق البساطة في مسرح الواقع
-
يوسف العاني، ومسرحية [خيط البريسم] ، وأنا
-
مسرحية (السفينة التي لم تبحر)
-
مسرحية قمر من دم
-
جليلة بكار ... التكامل الفني في المونودراما
-
آفاق اللقاء بين القديم والجديد في المسرح العربي
-
الممثل يصنع المسرح
-
في ذكرى رحيله .. جعفر علي عراب السينما العراقية
-
يوسف الصائغ
المزيد.....
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
-
أحلام سورية على أجنحة الفن والكلمة
-
-أنا مش عايز عزاء-.. فنان مصري يفاجئ متابعيه بإعلان وصيته
-
ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ-بنت الأجيال-؟
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|