التمساح 1996(للمخرج الكوري كيم كي دك):بازوليني السينما الكورية يبتدع سينما الكائنات

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 25 - 21:00
المحور: الادب والفن
    

التمساح 1996(للمخرج الكوري كيم كي دك):بازوليني السينما الكورية يبتدع سينما الكائنات
ولد المخرج الكوري كيم كي دك في كوريا عام 1960 ودرس الفن في باريس 1990-1993 وحصل عام 2004 على جائزة افضل مخرج عن فيلمين مختلفين في مهرجانين مختلفين ((Samaritan Girl 2004 في مهرجان برلين وفي مهرجان فينيسيا عن فيلم 3 اقنعة وهو المخرج الكوري الأول الذي يحصل على 3 جوائز واحترام في ثلاثة مهرجانات اوروبية رئيسية...
ونستطيع القول عن هذا المخرج بانه مخرج حداثي على الاطلاق يخلط احيانا بين المعتقدات الكورية والحالات الخاصة بحداثة خاصة جدا في المواضيع التي يخرجها في افلامه...
ونحن نلاحظ الأثر المطلق لخلفيات المكان (كوريا) وما يحقق هذا المكان من خلفيات ثقافية سوى في افلام قليلة على شاكلة (فيلم الفصول) وحتى ان ظهر هذا الاثر فهو يبدو على اية حال رومانسيا مهجنا مع حالة عصرية...
هنا علينا ان نتحدث بوضوح اكثر عن قضية التأثر والتأثير بالنسبة لهذا المخرج غريب الأفلام،القاسي،غير الحذر ابدا أو المتحفظ في المشاهد الجنسية...
في ظهوره الأول-منخفض الميزانية-يقدم دك نموذجا لشخص متشرد يعيش في العراء على حافة النهر،متمكن جدا في السباحة والغطس مفترس ومتوحش وعدواني كالتمساح تماما يعيش على سرقة الممتلكات القادمين للأنتحار في هذا النهر...
يقابل نبله لاحقا بالدونية الانحطاط من منبع رغباته الجنسية،فهو يدافع عن فتاة تعرضت للتحرش ومن ثم يحاول هو اغتصابها،ومن ثم ينقذ امرأة حاولت الانتحار في النهر ومن ثم يغتصبها بل يحاول أن يجعل منها عبده لرغباته في مقابل الخدمة التي قدمها لها باعتبار انه انقذ حياتها....
إذا الشيء المثير المشوق في سينما هذا المخرج هي في النماذج الحياتية الغريبة التي يقدمها دك،مع معالجة شاعرية جدا على الرغم من قسوة الموضوع والشخصيات معا،فشخصياته تكمن اشكالياتها في انها قاسية وغريبة على المجتمع وعلى الحياة...أشبه بالكائنات...
ولكننا لا نلاحظ أي ابداع سينمائي خاص خارج نطاق هذا السرد أو المعالجة،فهو من هذه الناحية يعتبر تقليديا جدا.
إذا شخصيات متناقضة تتميز بالعدوانية والشهوانية وشاعرية في نفس الوقت تمتلك حسا عاليا من الكآبة والحزن،وهذا نلاحظه في فيلم آخر لهذا المخرج يعتبر من اشهر افلامه(شخص سيء) وعلى الغالب تكون انطلاقات شخصياته من القاع ومن اقصى درجات الهامش الاجتماعي...
فعلى سبيل المثال،نلاحظ أن التمساح مدفوع بقسوة من قبل الرغبة الجنسية وهو لا يستطيع أن ينفذ عمل واحد نبيل من دون أن تهدمه لاحقا الشهوة الجنسية(يانج بي) والاغتصاب بالنسبة إليه يكون بصفة عامة وعلى مرآى من زميليه الرجل العجوز والطفل اللذين لا نعرف وحتى نهاية الفيلم درجة قرابتهما منه...
للجنس دور كبير في سينما هذا المخرج،وموضوع اساسي في كل فيلم من افلامه باعتباره امرا واقعا مثل الحياة نفسها
فالمخرج يقدم الجنس بوصفه حالة عامة حقيقية أكثر منها تابو،والجنس ايضا ليس ذا ابعاد نفسية أو ثقافية أو اي شيء من هذا القبيل سوى بالكائن الذي يقدمه دك في افلامه...
هذه الفتاة تستقر معهم بالرغم من كل شيء على الرغم من العدوانية والاغتصاب المتكرر....تأكل معهم وهو يتابع اغتصابها...ليس هناك اسئلة عن الماضي...ليس من هناك أي اسئلة لهذه الفتاة
ولكن هي ليست سينما اللحظة...هي شخصيات تعيش تكرار لا بد منه وهي ليست راضية عن هذا التكرار وفي نفس الوقت لا تستطيع أن تفعل حياله اي شيء...كيم كي دك هو من ذلك النوع من المخرجين الذي اراد أن يكتب قصيدة عن الانسان مستخدما سردية غير منتهية،ونستطيع القول أن فيلم التمساح فيلم تجريدي موضوعه الإنسان،وعلى الرغم من الوحشية الشديدة والقسوة فدك يدفع المتفرج للتأمل من زاوية اخرى غير المعهودة لدينا،ونلتمس ذلك بقدرة التمساح على البقاء لفترة طويلة تحت المياه وتعليقه لصورة تشكيلية على جدار في قاع النهر،ومن ثم سوف يعمل في محال بيع الصور والألعاب الاباحية...
النموذج البطولي المطلق عند دك هامشي وهي حالة مكررة عند هذا المخرج بالاضافة إلى غيره من المخرجين ولن نذكر اسماء مخرجين للمقارنة أو حتى للمشابه لأن دك حالة خاصة فعليا ونموذج متفرد.
هو-أي التمساح-يصرح عن نفسه قائلا:أنا مجرد مرفوض من المجتمع
الفتاة الصامتة بدأت بالحنو عليه وردات فعلها حول اغتصابها من قبله اصبحت سلبية...رافضة بصمت...ترسم بورتريه له...العدوانية الشديدة جعلتها تحبه ونتوصل إلى ان فيلم شخص سيء الذي سوف يحققه المخرج لاحقا يستمد كثير من ثيماته التي تخص الشخصية بالتحديد من هذا الفيلم...
يتعرض للغواية من شخص شاذ جنسيا وهويرفض الشذوذ..اذا الحالة عدوانية شرسة ولكن هناك اعتبارات بالرغم من كل شيء في سينما قاسية،شديدة الواقعية بالنسبة للجنس تقترب جدا من سينما بازوليني مع اختلاف والأهداف والخصوصية حيث أن مخرجنا تعتبر حالاته خاصة اكثر من بازوليني،والموضوع في فيلم التمساح أقرب إلى حالة تجريدية متخيلة...
يتعرض التمساح للكثير من الضرب من قبل المجتمع الذي يحيط به وحتى الدراجة ترفضه ذات مرة وتضربه هي الأخرى ويتعرض للكثير من الظلم وهو غير قادر على الانتقام وحتى الفتاة تعلن عدم انتمائها اليه،والنتيجة أن التمساح هو اكثر شخص مظلوم على وجه الكرة الأرضية فدك يطلب منا أن ننظر إلى الأعماق...
تنتحر الفتاة ويحاول التمساح التراجع عن الانتحار ولكنه لايستطيع ذلك...
من النهر بدأ كل شيء وانتهى كل شيء...
هناك شيء مثير للأعجاب ليس في سينما هذا المخرج،بل في نماذجه وطريقته في ادارة هذه الشخصيات والقصة
بلال سمير الصدّر 4/4/2013

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات