|
قوانين الديالكتيك و تخريفات أبراهامي بصدد عدم وجود الصراع داخل البوزون / 5
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 25 - 17:33
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الجسيم المضاد و الجسيم المضاد لنفسه جرى التطرق في الحلقة السابقة إلى مصطلح فيزياء الكم : "الجسيم المضاد لنفسه " . فما هو المقصود بالجسيم المضاد لنفسه ؟ في فيزياء الجسيمات الإبتدائية ، الجسيم المضاد هو أية مجموعة من الجسيمات الإبتدائية ( مثل البوزيترون و الأنتيبروتون و الأنتي نيوترون ) التي لها نفس الكتلة و اللف المغزلي مع نظائرها من الجسيمات ( هنا : الألكترون و البروتون و النيوترون ) ، و لكنها تمتلك قيماً معاكسة بالنسبة لكل الأعداد غير الصفرية المتكمِّية الأخرى لنظائرها ، مثل : إشارة الشحنة الكهربائية ، المساواة الجوهرية المعاكسة ، و الإتجاه المعاكس للحظة المغنطيسية . و عندما يصطدم جسيم بجسيمه المضاد ، فإن هذا الإصطدام يؤدي إلى فنائهما معاً ، مخلِّفَين طاقة مُشعَة . هنا لدينا مثال لحظوي لـ " فناء المتضادين " المتصادمين . فالبوزيترون ذو الشحنة الكهربائية الموجبة هو الجسيم المضاد للألكترون ذي الشحنة السالبة . و الأنتينيوترون ذو اللف المغزلي – مثل مضاده : النيوترون – صافي شحنته الكهربائية هي صفر ؛ و لكن أستقطابه المغنطيسي يعاكس الإستقطاب المغنطيسي للنيوترون الذي يشابهه في اللف المغزلي . و النيوترينو – و هو جسيم لا كتلوي ، عديم الشحنة الكهربائية ، يسير بسرعة الضوء – يلف مغزلياً عكس إتجاه عقرب الساعة عندما ينظر إليه من الخلف ؛ أما الأنتينيوترينو ، فيلف مغزلياً باتجاه عقرب الساعة من نفس زاوية النظر . و يطلق على المادة المؤلَّفة من الجسيمات الإبتدائية المضادة إسم : " المادة المضادة " (antimatter) ، و ذلك تمييزاً لها عن " المادة " (matter) لنظائرها من الجسيمات غير المضادة . نخلص من هذا الكلام الى وجود تضاد متكمِّي ما بين الجسيم من ناحية و بين جسيمه المضاد من ناحية أخرى . أما بوزون هيغز فهو نفسه ضد نفسه : عند إصطدام بوزوني هيغز ، يفنيان معاً رغم عدم وجود تضاد مُكتشَف في قيمهما المتكمية . هنا لدينا مثال لحظوي لـ " فناء المثيلين " في التصادم . كما أن هذا البوزون يتحول حال تكونه تقريباَ من طاقة متكمِّية ذاتياً إلى كتلة لجسيم ثان . هذه النزعة الكتلوية الذاتية (intrinsic tendency) لبوزون هيغز مؤشر صارخ للصراع النابع من مميزات جوهرية في داخله تتمظهر بإفناء الذات لقاء منح الجسيمات الأخرى كتلتها . أما الأستاذ يعقوب إبراهامي ، فأنه يريد مني أن أثبت له بكون داخل البوزون يتألف من "مكوِّنات" متصارعة مع بعضها - و بعكسه فإننا يجب أن نعتبر قوانين الديالكتيك خرافة - رغم أننا هنا إزاء جسيم إبتدائي حامل للطاقة بقي العلماء نصف قرن يبحثون و يصادمون حتى كادوا أن يلحظوه أصلاً قبل أن يَفنى حال تكونه تقريباً ، فمتى سيستطيعون معرفة مكوناته الداخلية ؟ الجواب على هذا السؤال مطروح أمام البحوث المستقبلية . و لكن مجرد واقع فنائه خلال أقل من ترليون من كسور الثانية يقدم أبلغ مثل للصراع : صراع الفناء بغية منح بقية الجسيمات كتلتها . آفاق إكتشاف بوزون هيغز و الديالكتيك و بالطبع ، فإن البحوث العلمية بصدد حقل هيغز ما تزال في بدايتها ، و لكنها لم ، و لن تنته . و سيتم إكتشاف أشياء و أشياء جديدة أخرى بخصوصه و بخصوص وجود الغرافيتون المسؤول عن الجاذبية ( يعتقد العلماء المتخصصون أن جسيم الغرافيتون يُستبعد أن يُكتشف منفرداً بسبب ضعف قوة الجاذبية ، و أن الأمر سيحتاج إلى غاجليونات – أي عدد هائل جداً - من الغرافيتونات المكوِّنة لأمواج الجاذبية و ذلك بملاحظة و قياس جاذبية النجوم و الكواكب الضخمة من طرف علماء الفيزياء الفلكية ) أو غيرهما من الجسيمات الإبتدائية . و هناك توقعات بوجود خمسة أنواع من بوزونات هيغز ( و ليس بوزناً واحداً فحسب ) في حقله و ذلك وفقاً لنموذج نظرية : " التناظر-المتفوق " (super-symmetry) . أحدهما يُكسب نصف الجسيمات كتلتها ، و ثانيهما يكسب النصف الثاني من الجسيمات كتلتها ، و البقيه تحوم منجزة وظيفتها الخاصة . ما هي ؟ ذلك ما يحاول العلماء المتخصصون معرفته . و يتميز بوزون هيغز بميله للتفاعل بسهولة مع غيره من الجسيمات . هنا يتساءل العلماء : هل يتفاعل هذا البوزون مع المادة السوداء عندما يفنى ؟ هل يفنى هذا الجسيم في أشياء لا نستطيع رؤيتها ؟ هل يمكن إستخدامه لتيسير التحري عن وجود المادة السوداء في مختبر تحت الأرض ؟ كل هذه و غيرها هي آفاق للبحث المستقبلي في هذا الحقل المثير الجديد . هكذا تطورت و تتطور كل العلوم : بالإستقراء ، و ليس بالدحض و التعزيز مثلما يدعي بوبر الكذاب . نعود الآن للديالكتيك و كيفية إشتغال وعيه في تقدم البحث العلمي في حقل فيزياء الكم . بدأت قصة حقل هيغز مع مشكلة "الكتلة" في نظريات فيزياء الكم . فرغم النجاحات التي أحرزتها تلك النظريات ، إلا أنها كانت تعاني من مشكلة التناظر المفرط ، بحيث أن كل الجسيمات التي تصفها كان يتوجب أن تكون لا كتلوية (أي أن كتلتها يجب أن تكون بالضبط : صفراً) . و كان هذا نقصاً جسيماً في كل تلك النظريات - يتجلى فيه غياب الوعي المادي الديالكتيكي - لأنه إذا كانت كل الجسيمات الإبتدائية المكونة لكل شيء في العالم لا كتلوية ، فمن أين تكتسب الأشياء كتلتها المعروفة لدى البشر ؟ لحل هذه المعضلة ، إفترض ، في عام 1964، خمسة من علماء الفيزياء – أحدهم هو هيغز – وجود حقل جديد في الطبيعة لم يخطر على بال أحد من قبل ؛ حقل من شأنه كسر هذا التناظر ليسمح لكل الجسيمات الإخرى أن تكتسب الكتلة . هذا الحقل هو : حقل هغز ؛ و الإهتزازات في ذلك الحقل هي التي تعطينا بوزون هيغز . هذا هو المقصود بالقول : أن تجاهل قوانين الديالكتيك يفضي دائماً إلى الوقوع في الأخطاء ، و العكس صحيح . و هذا هو المقصود من القول بأن العلم يتطور بالإستقراء : كيف نفسر وجود قوى الحقل المغنطيسي و القوة الأضعف و القوة الأكبر و الكتلة و الجاذبية في المادة ؟ نفترض وجود جسيمات إبتدائية مختلفة ناقلة لكل واحد من هذه القوى المختلفة . بدأ هذا الإستقراء مع إكتشاف كون الفوتونات هن حاملات القوة للحقل الكهرومغنطيسي ؛ ومنه إنتقلنا – بالإستقراء و ليس بغيره – لأكتشاف بوزوني (w) و (z) ، ثم الغلونات ، و الآن بوزون هيغز ، و بكرة الغرافيتون ، و هكذا إلى ما لا نهاية ، لأنه ليس للعلم نهاية . يتبع ، لطفاً .
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قوانين الديالكتيك و تخريفات أبراهامي بصدد عدم وجود الصراع دا
...
-
ألحمار المناضل
-
طبيعة قوانين الديالكتيك و طريقة إستنباطها و فحصها و علاقتها
...
-
قصة البغل المتهوِّر
-
قصة العيد
-
رفسة إسطنبول
-
تخريفات إبراهامي و التشكيك بصدد طبيعة الصراع و قوانين الديال
...
-
تخريفات إبراهامي و التشكيك بصدد طبيعة الصراع و قوانين الديال
...
-
نَجْلاء
-
الخِطّة الأمنيّة العبقريّة
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 7 الأخيرة
-
مهرجان الصماخات
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920 - 1950 / 6
-
خروف الطاقة و سيّده
-
شعشوع ، تائه الرأي
-
البومة زلومة المشؤومة و خماسي الحُكم
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 5
-
نمط الإنتاج الأنديزي ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إنتا
...
-
نمط الإنتاج الأنديزي ؛ الإشتراكية التوزيعية : من كل حسب إنتا
...
-
تطور الشعر الإنگليزي 1920- 1950 / 4
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
-
تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا
...
-
برقية تضامن ودعم إلى الرفاق في الحزب الشيوعي الكوبي.
-
إلى الرفيق العزيز نجم الدين الخريط ومن خلالك إلى كل مناضلات
...
-
المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان
...
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|