شاكر كريم القيسي
كاتب وباحث , ومحلل سياسي
الحوار المتمدن-العدد: 4284 - 2013 / 11 / 23 - 15:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحديث عن هموم الناس كثير ومؤلم وعندما نسال هل كان الناس فيما مضى من الزمن الطويل أكثر إنسانية وإشفاقا على بعضهم من التردي في مسألة الفقر و الجوع والعوز؟ سؤال قد تصعب الإجابة عليه، ولكن يمكن أن نجيب بأن موت المشاعر الإنسانية قد بات الطابع المميز للعلاقة بين بني البشر نتيجة الأوضاع المعقدة التي يمر بها العالم، خاصة بعد أن تدهورت القيم الإنسانية والأخلاقية وساد الجشع والاستحواذ والكذب والنفاق وهذا ما يحصل ليس في الشعوب الفقيرة وإنما حتى في الشعوب التي تبدو أكثر ثراء ورفاهية وتطور تقني، وهذا ما يجعلنا نحن بني البشر نعيش تجربة مريرة وقاسية، خاصة بعد ان اتسعت دائرة الجوع والمرض التي تؤدي بموت الملايين ممن لايجدون ما يسد رمقهم.
ولندع التعميم جانبا، ونبدأ في النظر لهمومنا نحن ،هموم المواطن العراقي وهي هموم مصيرية تتعلق بلقمة عيشه وسكنه وتدبير أمور حياته اليومية خاصة بعد أن اجتاحت المفخخات والكواتم ومياه الأمطار والمجاري حياة المواطنين ومنازلهم في المدينة والريف على حد سواء
نتيجة تسلط اشخاص ليس بمستوى المسؤولية تسير بأمور الناس من سيئ إلى أسوأ، ومن فقر مستور إلى فقر مكشوف وفاضح، ومن جوع محتمل إلى جوع لا يحتمل وأمراض لاتحصى ولاتعد . واللافت -يا للأسف- أن من بيدهم مفاتيح الحل من هؤلاء يدورون في حلقة مفرغة من اتهامات بعضهم البعض الاخر بالفساد وسرقة المال العام وأعمال القتل والإتاوات والارتماء بأحضان قوى خارجية ورغم النقاشات والحوارات السياسية ولكنها بالنسبة للمواطن الجائع لا تقدم حلاً ولا تغني ولا تسمن من جوع.
ويمكن القول بوضوح أكبر إن المواطن العادي، المواطن الجائع الحائر والمحروم، كان قد فقد صبره منذ سنوات، وأعلن تبّرئته بل وسخطه في أكثر من مناسبة من هذه الأحزاب والكتل التي جلبت للبلاد الخراب والدمار وصلت ذروتها في ثورة الشباب وهتافاتهم يوم العاشر من محرم في كربلاء المقدسة وفي خروج الجموع الغفيرة و الفقيرة من ابناء مناطق شرق القناة في بغداد وباقي المحافظات إلى الساحات تعبيراً عن معاناتهم المتزايدة نتيجة سيول الأمطار التي أغرقت وهدمت دورهم ومحالهم وقطعت أرزاقهم بسبب الإهمال من قبل الدوائر الخدمية لافتين النظر لتغيير أسلوب التعامل مع الهموم المتراكمة، والنظر إلى القضايا المعيشية ومخاطر الفوارق التي بدأت تتسع وتشكل هوة ساحقة بين من يملكون ومن لا يملكون بين المترفين من المسؤولين وبين من يعيشون تحت خط الفقر في العراق" الجديد" وهذه الهموم والمطالب تعد أساسية غير قابلة للانتظار أو التأجيل.
إن بلادنا تمر بلحظات تاريخية غير مسبوقة، تتطلب النظر العاجل في هموم المواطن العراقي الذي أصبح يموت ببطيء نتيجة الإقصاء والتهميش والاعتداء على حقوقه وتوفير المواد الأساسية له وخلاف ذلك قد تتعرض البلاد لكوارث لا تحمد عقباها، فالجوع كافر ولا يمكن مخادعته أو تنويمه بالوعود، وكرامة الإنسان غالية لا يمكن أن تهان بهذه الطريقة التي نراها ونسمعها، خاصة أوضاع الشرائح الفقيرة التي تمثل الغالبية من أبناء الشعب، والتي تسير نحو الأسوأ...
#شاكر_كريم_القيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟