|
اعتراف محمد الأخير
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 4282 - 2013 / 11 / 21 - 07:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من عادة الفلسطينيين انهم يحرصون على تلبية رغبة المقبل على الموت. حتى انهم يضعون في مكان خاص بطيخة مغلفة في طين لحفظها عندما يتوجسون أن احد اعضاء العائلة قد يموت ويشتهي أكل البطيخ قبل موته خارج موسم البطيخ. هذه كانت العادة عندما كنت شابا، ولا اعرف ان ما زال الفلسطينيون محافظين على هذه العادة أم لا.
وفي احدى السنين اقبل احد الفلسطينيين المسيحيين على الموت. وبينما هو على سرير الموت، بدلا من أن يطلب بطيخ، طلب من أبنائه احضار كاهن الرعية. فسارع ابناؤه بدعوة الكاهن.
جاء الكاهن وجلس قرب الرجل المسن وبعد السلام سأله عن سبب دعوته له. فقال له انه يريد ان يعترف بخطاياه كما هي العادة عند المسيحيين، لعل الله يغفرها له. والعادة ان يتم الاعتراف بصوت خافت، بينه وبين الكاهن. إلا ان الرجل المسن شدد على رغبته في الاعتراف بخطاياه علنا، وأمام الجميع. فرضخ الكاهن لرغبته.
الكاهن: ما هي خطاياك التي تريد ان تعترف بها؟
الرجل المسن: إن سألتني هل قتلت قلت لك قتلت، وإن سألتني هل زنيت قلت لك زنيت، وإن سألتني هل سرقت قلت لك سرقت.
كل ذلك امام الجميع. فساله الكاهن: ولكن لماذا فعلت كل ذلك؟ فأجابه الرجل المسن: هيك كانت الدنيا بدها. وبعدها منح الكاهن بركته للرجل المسن الذي فارق الحياة دون تأخر.
*******
في آخر يوم من شهر صفر في السنة الحادية عشرة الهجرية، الموافق السادس من حزيران - يونيو عام 632 ميلادية كان النبي محمد ينازع الموت في احضان زوجته المفضلة عائشة، فطلب ممن كانوا في حضرته من الصحابة قرطاسا وقلما قائلا: "أعطوني قرطاسا وقلما أكتب لكم كتابا لا تضل بعده امتي".
وهنا نطرح سؤال: يدعي المسلمون ان النبي كان اميا، فكيف يطلب قرطاسا وقلما ليكتب. نترك الجواب لمن يشاء.
والسؤال الأهم هو ماذا كان رد فعل الصحابة؟ منع عمر، اقرب صحابة محمد، تلبية طلبه قائلا: "دعوه إنه يهجر فقد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله". وكلمة هجر تعني يهذي. وإذ لم يجبه أحد إلى طلبه وكثر اللغط بين أقربائه وأصحابه امرهم محمد بالانصراف وأسند رأسه على راحتي عائشة ومات دون ان يكتب ما شاء أن يكتب.
يا ترى ماذا كان يريد النبي محمد أن يكتب قبل وفاته؟ لا احد يعرف، ولكن هناك من يعتقد بأنه كان يريد إثبات الخلافة لابي بكر، بينما يرى آخرون بأنه كان يريد اثبات الخلافة لعلي.
وبعد قراءة هذا الخبر في المصادر الإسلامية الموثوقة، بقيت طول ليلتي افكر في الموضوع ونمت على حيرتي. وفجأة استيقظت من نومي بعد حلم غريب عجيب. فقد رأيت النبي محمد في منامي. ولكن شككت في الأمر. هل فعلا هو محمد من رأيته في منامي؟ فتذكرت الحديث النبوي الشهير: "من رآني في المنام، فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي". وإذا كان الأمر كذلك، فلا داع للشك في أني رأيت النبي محمد في منامي.
وبطبيعة الحال أول ما خطر على بالي عندما رأيت النبي محمد في منامي هو سؤاله ماذا كان يريد أن يكتب لو أنه تم اعطاؤه قرطاسا وقلما قبل وفاته. فقد كان هذا السؤال يؤرقني. وبما أن أعز مقربيه رفض تلبية طلبه، فقد كان من واجبي أن أساله عن ذلك بعد وفاته لكي ابلغ قومه إرادته. وقد بان على وجهه ارتياح كبير لسؤالي. كيف لا، وقد كانت ارادته الأخيرة. هذا هو اذن ما سمعته يقول في رده على سؤالي:
"اشكرك على اهتمامك في معرفة ما كنت اريد ان اكتب قبل وفاتي. لقد خذلني أعز اصحابي وتركوني اموت بعدما أن اتهموني بالهذيان. سامحهم الله. خذ قرطاس وقلم وسجل وبلغ عني: أولا اعتذر على ما قمت به من قتل وزنى وسرقة في حياتي وأرجو ان يصفح الله لي آثامي. والأهم من كل ذلك اعتذر على تضليلي لقومي عندما ادعيت بأني استلمت كتابا نازلا من السماء. ولكني لا احمل وزر هذا الإثم وحدي. فقومي الذين صدقوني يحملون نصف هذا الوزر لأنهم لم يستعملوا عقلهم. فلو انهم استعملوا عقلهم لفهموا بأني كنت اغرر بهم. وانا في الواقع كنت اهزر معهم، ولم يفهموا ذلك، لا بل أخذوا كلامي على حذافيره. فهل انا مسؤول عن غبائهم؟ فأرجوك ان تبلغهم هذه الرسالة لعل الله يغفر لي آثامي".
وعندها ذرف النبي محمد دموع الندامة وأخذ يبكي بأعلى صوته. وعز علي بكاؤه، وبدأت اطبطب على ظهره معزيا: "لا تبكي أبا العرب. اللي فات مات. وأنا اعدك بأني سوف ابلغ كلامك لأمتك لعلهم يرجعون الى الصواب فيغفر لك الله ذنوبك. اه لو تعلم ابا العرب الحالة المزرية التي فيها امتك لبكيت عليها أكثر من بكائك على آثامك".
وما انهيت كلامي حتى استيقظت من نومي.
ألا هل بلغت: اللهم فاشهد.
د. سامي الذيب مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com كتبي المجانية: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14 حملوا طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي: http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315 حملوا كتابي عن الختان: http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131 ومن يجد مشكلة في التحميل أو يريد التبرع، يمكنه الاتصال بي على عنواني التالي: [email protected]
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قاعات مشتركة للعبادة وحل مشكلة المسجد الأقصى
-
حوار حول طبعتي للقرآن
-
القرآن بين الفهم والبصم
-
قرآن سعودي للببغاوات
-
القرآن: طبعة علمية منقحة
-
نكتة مؤلف القرآن رقم 3
-
نكتة مؤلف القرآن رقم 2
-
نكتة مؤلف القرآن
-
آيات القرآن المحرفة وفقا للشيعة
-
القرآن كتاب محرف
-
عقوبة تحريف القرآن عند وزراء العدل العرب
-
اعادة طبع القرآن
-
الشيعة يهملون القرآن
-
طلب رسمي لله: اريد أن اصير حمارا
-
قد كانت لكم اسوة حسنة في الحمار
-
جريمة الختان 157: عندما يحكمنا اغبياء مجرمون
-
جريمة الختان 155: مقابلة مع حاخام بلجيكا وسامي الذيب
-
جريمة الختان 154: التم الهمج على بعض
-
الجامعة العربية تريد محاكم تفتيش
-
نقاش مع مسلمة مسيحية
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|