أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان مجيد - ( تكلم لأراك )















المزيد.....

( تكلم لأراك )


سلمان مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 4281 - 2013 / 11 / 20 - 13:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تحضرني حكاية فيلسوف أتاه امير وقد أرتدى ( طيلسانه ) الملوكي بما فيها الحرير و الالوان ، و كان مظهره مهيبآ يأخذ الألباب ...... و عندما رأه الفيلسوف قال له : (( تحدث يا هذا لكي اراك )) غير عابئ بطلته الاميرية و مكانته العالية ، ان معنى هذا ان الانسان هو عبارة عن شكل و مضمون ، وان الشكل يتجسد بألشكل و الصورة الطبيعية التي خلق الانسان عليها كألطول و الحجم و اللون ، اما مصدر الشكل الاخر يتمثل بكل مايضيفه ذلك الانسان على جسده من اردية و ملابس تأخذ شكلها من المكانة الاجتماعية و الاقتصادية التي عليها ذلك الانسان ، و دائمآ تلك الملابس و ازياءها تأخذ شكلآ مبالغآ فيه ، اما في البهرجةو ألأناقة محاولآ في ذلك التفرد بين الافراد حتى يشار اليه بأنه ليس كغيره ، وقد تكون المبالغة في اهمال الشكل الخارجي ، ليس لعدم القدرة على تحقيق الشكل المبهرج و انما يعود الى قيم و مبادئ يؤمن بها بعض الذين يحملون افكارآ استثنائية ، كألفلاسفة و المفكرين و العلماء و الفنانين ، الذين تجاوزوا المراحل الاولية لتطورهم و وصلوا الى مرحلة النضوج الذي جعلهم لا يهتمون كثيرآ بمظاهرهم الخارجية ، و انما يرون ان تواصلهم مع محيطهم من خلال اختصاصهم الفكري او العلمي او الفني ، الذي لا علاقة له بمظهرهم الخارجي ، و عندما نصف بألمبالغة في المظهر الخارجي للذين يهتمون به او يهملونه انما يعني ذلك انهم يشكلون القلة في المجتمع ، فأن غالبية افراد المجتمع او مايطلق عليه ( عامة الناس ) كما ان لهم دواخلهم المتنوعة فأن لهم طابعهم المميز في الشكل الخارجي المتمثل بألأزياء و الملابس ، فان التنوع في هذا الامر محدود جدآ داخل المجتمع الواحد ، اما التنوع الابرز يظهر بين المجتمعات ، فنرى ان لكل مجتمع له ما يميزه من الازياء و الملابس التقليدية التي تستمد اشكالها و الوانها من تأريخها و تراثها الشعبي ، كذلك للبيئة الطبيعية اثر في تحديد هذه الاشكال الخارجية للانسان و المتمثلة بألأزياء و الملابس ، و الذي يلاحظ ان هذا التنوع الذي تميزت به الشعوب و المجتمعات بدأ ينحسر مع زيادة سعة التواصل بين المجتمعات و خاصة تلك المرئية التي ساعدت المجتمعات على الاطلاع على صور الحياة الاجتماعية للامم و الشعوب ، لذلك نرى بان هناك اتفاق على ( زي ) اصبح هو الشائع عالميآ ، و ان الملابس و الازياءالتقليدية اصبحت خاصة بألمناسبات و الاعياد لتلك الشعوب ، حيث يقتصر ارتدائها على تلك المناسبات ، وسوى ذلك نجد ان غالبية افراد المجتمع العالمي يكادوا ان يتفقوا على لباس واحد ، مع وجود استثنائات تتعلق بالحالة الموضوعية التي عليها الفرد و المتعلقة بطبيعة الوظيفة او المهنة ، حيث لكل مهنة ما يناسبها من لباس معين يوفر لمرتديه الحركة و المرونة في اداء وظيفته .
بعد استعراضنا الشكل الخارجي او الزي الاميري الذي استفز ذلك الفيلسوف حتى انه ادعى بأنه لا يراه بل طلب منه ان يتحدث لكي يراه ، معتمدآ في ذلك على ان صورة الانسان و شكله يكمن بين ( طيات لسانه ) و ليس بين ( طيلسانه ) و بألتأكيد ان في عصر ذلك الفيلسوف قدرآ كبيرآ من المصداقية في التعبير عن دواخل الانسان دون ان يكون هناك نوع من المخادعة و اعلان ماليس في داخل الانسان ، وهذا طبعآ لايعد قاعدة ، فهناك النفاق وعدم المصداقية التي سادت الحياة البشرية منذ ان اوجدها الله تعالى على الارض ، ولكن هناك نوع من احترام القيم و المثل التي منها الصدق في التعبير عن ما في داخل الانسان عندما يتحدث مع الاخرين ، ومع تطور المجتمع البشري في الجوانب المادية وخاصة بعد الثورة الصناعية و صناعة الالات و المعدات الصناعية التي ادت الى وفرة في الانتاج برزت الحاجة الى ضرورة نقل الفائض من الانتاج الى الشعوب التي لا تتوفر لديها تلك المنتجات ، فظهرت الحاجة الى ايجاد الادوات و الوسائل لتحقيق هذا الامر ، فظهرت فكرة الاستعمار التي كان من نتائجها ظهور مبادئ تجيز للفرد و حتى المجتمعات ان تغلب مصالحها على الاخرين مستخدمة في ذلك اساليب الكذب و الاحتيال ، اعتمادآ على فكرة مصلحتي اولآ، اعتمادآ على ان الغاية تبرر الواسطة او ما يعرف ( بألبركماتية ) و لم يقتصر الامر على المراحل الاولى لظهور الاستعمار كفكرة او تطبيق و انما اخذ الشر يسود المجتمع البشري قاطبة ، حتى اصبحت عملية ابادة امة لمصلحة امة مسألة ليست بألمسألة التي توخز ضمير احد ، كما حدث في ابادة شعوب الهنود الحمر في امريكا و استراليا ، كذلك القاء القنبلتين الذريتين على ( هيروشيما ) و ( نكزاكي ) كذلك القاء الاف الاطنان من الاسلحة المحرمة دوليآ في حربي الخليج و حرب احتلال العراق.
الذي يمكن قوله ان القيم التي كانت محط احترام العقل الانساني على مدى التأريخ البشري اصبحت نادرة الوجود ، حتى طلب الفيلسوف من ذلك الامير ليتحدث لكي يراه ، اصبحت غير قادرة على معرفة حقيقة دواخل الانسان ، حيث اصبح ( النفاق ) من الادوات المشروعة بعرف اشرار الناس ، فعندما لاترى شخص ما الا بعد ان يتحدث ادرك ذلك المطلوب منه الحديث ، كيف يتحدث و يعمل على اظهار ماليس في داخله لكي يرضي او قل يخدع من طلب منه الحديث مما يؤدي الى ايهام طالب الحديث ان المتحدث يتطابق لديه الشكل و المضمون .
ما نلاحظه في وضعنا السياسي و المتمثل بمعظم سلطات الدولة ، كألسلطة التشريعية و السلطة التنفيذية ، و عناصرهما من المسؤولين ، وليس بألضرورة ان هؤلاء يتزينون بأحلى الازياء و يتحدثون بأرق الكلمات ، بل تجد بعظهم يقلد بعضهم البعض في ارتداء بدلات عمل العمال و القيام بكنس الشوارع او المشاركة في ازاحة مياه الامطار التي اغرقت اكثر من نصف المدن العراقية ، بل الاغرب و الذي يثير اكثر من سؤال ، ان مسؤول اداري كبير ينزل في ( منهول للمجاري ) لكي ينظفه من الاوساخ المتراكمة فيه ، وان هذه الصورة تثير عدة اسئلة : ان كان العمل لوجه الله تعالى و انه جزء من عمل الموظف الاداري ، لماذا الاصرار على توثيقه بالصورة و الصوت وتداوله على وسائل الاتصال و قنوات البث الفضائي ، اما السؤال الاخر : هل هناك شحة في اليد العاملة في دوائر المسؤول هذا ، بحيث لم يكن غيره لكي يقوم بهذا العمل الذي هو ليس من اختصاصه ، ام ان كل ذلك يمثل شكلآ من اشكال النفاق السياسي الذي دائمآ يظهر قبل كل انتخابات كانت محلية او برلمانية ، ومن مظاهر التعبير عن النفاق الذي هو تعبير عن التناقض بين دواخل هؤلاء المسؤولين وبين حقيقتهم ، هو ظهورهم على الشاشات الفضائية بأبهى صور الاناقة و بألكلام المنمق الذي يبهر السامعين ، بحيث تتوهم بأن لم يكن اخلص من هذا المسؤول وهو الوحيد الذي يتصف بألنزاهة و الامانة ، وما يغيظك اكثر ان هؤلاء المسؤولين يحتفظون في خزانات ملابسهم كل انواع الملابس و الازياء التي تناسب كل مناسبة دينية او وطنية ، فهناك الزي الرسمي الذي يصلح لأستقبال ذوي الجاه الرفيع ، وهناك الزي الديني الذي يتناغم مع مناسباتنا الدينية التي اصبحت قريبة من ان تكون يومية ، وهناك البدلةالزرقاء بدلة العامل ، و الزي الذي يقع في دائرة السرية لبعض المسؤولين ــ وليس كلهم ــ هو ذلك الزي المناسب للخلوات السرية الخاصة ، ومن الصور المستفزة لبعض المسؤولين حيث يصور نفسه وهو يتناول غذاءه الذي هو غذاء العراقيين البسطاء ، وكأن هذا المسؤول عاجزآ عن ان يوفر لنفسه غذاء افضل من هذا ، و احيانآ تظهر صور على وسائل الاتصال لهؤلاء او المقربين لهم متحلقين حول صواني الولائم والتي تكون كمياتها تكفي قرية كاملة .
اخيرآ اين انت يا فيلسوفنا مما طلبت من ذلك الامير ، وهل لو اعادك الله تعالى الى الحياة ، هل سوف ترى المسؤول السياسي عندما تطلب منه الحديث لكي تراه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
( تم )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#سلمان_مجيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( لو كنت مكانه لأصبحت مثله )
- الانسان ( حيوان اجتماعي بألطبع )
- العراق و خارطته السياسية و احتمالات التغيير
- ( ساعات نصف نهار ) من يوم هزت العالم
- ( الشخصية التآريخية ) و مدى آنصاف ألتأريخ لها
- مفهوم ( الخدمة الجهادية ) و قانون التقاعد الجديد
- ( الحياة ) هي الاصل
- هل كان ( علي بن ابي طالب ) أشتراكيآ
- مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد / محمد باقرألصدر : ألقس ...
- (( ألتوقف عن ألكتابة )) ألأسباب و ألنتائج :
- مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد : محمد باقر الصدر / الق ...
- مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد / محمد باقر الصدر القس ...
- مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد محمد باقر الصدر
- السياحة و السواح
- السياحة و انواعها
- لحظات ما قبل ( النوم ) او ما بين ( اليقظة ) و ( النوم )
- لو اختفى البشر عن الارض
- (( الكوسموبوليتية و منظومة هارب )) و اخافة الشعوب
- (( التفاح )) و الفرز الاجتماعي و تداعيات اخرى
- (( الدين )) الفطرة و الحاجة


المزيد.....




- اليمن: الحوثيون يعلنون مقتل ستة وإصابة العشرات في ضربة أمريك ...
- محمد بن زايد يستقبل الشرع ويؤكد دعم الإمارات لإعادة بناء سور ...
- السلطات الروسية تتلقى عشرات الطلبات من أقارب الجنود الأوكران ...
- -أكسيوس-: الجولة الثانية من المفاوضات الأمريكية الإيرانية قد ...
- يواجه -خطرا كبيرا-.. نتنياهو مفصول عن الواقع وينفذ -استراتيج ...
- -لوفيغارو-: الجزائر تطرد 12 موظفا من السفارة الفرنسية في قرا ...
- المغرب.. وفاة معلمة متأثرة باعتداء طالب عليها وسط غضب كبير ( ...
- مستشار ترامب ينفي وجود أي توترات في علاقته مع ماسك
- طفرة كبرى.. فك الشفرة الوراثية الكاملة لستة أنواع من القردة ...
- الإكوادور.. الرئيس الحالي دانييل نوبوا يتقدم في انتخابات الر ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان مجيد - ( تكلم لأراك )