أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - حاضر غزة مستقبل ليبيا..!!














المزيد.....

حاضر غزة مستقبل ليبيا..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 4280 - 2013 / 11 / 19 - 14:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ليبيا فوضى عارمة. أليس كذلك؟ حكومة عاجزة، وميليشيات انفتحت شهيتها على السلطة والثروة. وفي خلفية المشهد تحيّزات جهوية وقبلية، وأيديولوجية، تكرّس العجز، وتُموّه انفلات الشهية بحب الوطن. ولكن هذه المقالة ليست عن ليبيا بل عن غزة. ولماذا نبدأ بليبيا، إذاً؟
الجواب: إذا أردنا أن نفهم ما حدث في غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي في العام 2005، فلننظر إلى ما يجري في ليبيا هذه الأيام. وبالقدر نفسه، إذا أردنا أن نفهم ماذا يجري في ليبيا هذه الأيام، فلنعد إلى ما جرى في غزة في تلك الأيام.
ولا ألغاز في الأمر، أو كلمات متقاطعة. كلمة السر في الحالتين: عجز السلطة المركزية، وشهية وشهوات الميليشيات. وإذا أراد أحد قراءة "مستقبل" ليبيا، إذا استمر الحال على هذا المنوال، فما عليه سوى العودة إلى غزة وحاضرها.
موضوعياً، ومنطقياً، وعقلانياً، وعملياً، وسياسياً، ووطنياً، أصبحت ميليشيات غزة عاطلة عن العمل بعد الانسحاب الإسرائيلي بربع ساعة. لم تفكك إسرائيل المستوطنات، وتسحب المستوطنين والجنود، لتعود في اليوم التالي. ومعنى هذا الكلام أن مهمة الفلسطينيين بعد الانسحاب بربع ساعة، كانت تكريس السلطة المركزية، وتجريد الميليشيات من السلاح، وإنشاء شرطة قوية، والبدء في مشروع التنمية والتعمير والبناء.
كان الكلام عن خطورة الميليشيات، بما فيها "الثورية"، على السلطة المركزية، جزءاً من نظرية حرب العصابات في ستينيات القرن الماضي. تشي غيفارا، العَلَم في ذلك الزمن، حذّر بعد الانقضاض على العاصمة هافانا من جبال السييرا ماستيرا في كوبا، من خطورة المقاتلين على الثورة "بعد نزولهم من الجبل".
وهذه القاعدة لم تكن حكراً على منظري حرب العصابات، فحتى أصحاب المشاريع الكولونيالية لم يشذوا عنها. بعيد إنشاء الدولة اليهودية في فلسطين، أمر بن غوريون بدمج كل الميليشيات الصهيونية في جيش موّحد، وقصف سفينة تحمل السلاح لجماعة بيغين، وأغرقها قبالة شاطئ يافا.
أضاع الفلسطينيون فرصة تجريد ميليشيات غزة من السلاح بعد الانسحاب الإسرائيلي، فضاعت السلطة المركزية، وضاعت غزة. جاء هذا، كله، بعد انتخابات ديمقراطية كتلك التي جاءت بالإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في القاهرة، ولو لم يكن لمصر جيش يحميها لأصبح حاضر غزة مستقبل مصر.
وليس في حاضر غزة ما يسر الصديق، أو يكيد العدى. فبعد تصفية السلطة المركزية وطردها، واستيلاء حماس عليها، أصبح الاقتصاد السياسي للميليشيات كلمة السر في كل كلام هناك بدءاً بالسياسة، وانتهاء بحليب الأطفال.
فالميليشيات مُشغّل رئيس في الدورة الاقتصادية المادية، وكبير المُنتجين في عملية إنتاج وتدوير رأس المال الرمزي والوطني. وباعتبارها سلطة الأمر الواقع، فهي مطالبة بتوفير الخدمات الأساسية من ماء، وكهرباء، ووقود، وعلاج، ومساكن، علاوة على السلع الاستهلاكية. وكلما قلّت قدرتها على توفير السلع والخدمات الأساسية زادت حاجتها للاستثمار في رأس المال الرمزي والوطني، بما في ذلك القرابين البشرية.
بيد أن القدرة على الاستثمار في رأس المال الرمزي والوطني (بما في ذلك القرابين البشرية) محدودة، ومشروطة بالنتائج، ومحفوفة بالمخاطر. فكلما أصبح لدى الميليشيات ما تخاف عليه، أصبحت أكثر إدراكاً لحقيقة ومخاطر ما تخاف منه. وهذا يحتاج إلى وقت، وإلى أكثر من اختبار. وكلاهما ألحق من العذاب بغزة ما لا تطيق، ولا تستحق.
وحتى في محاولة البحث عن حلول سريعة، وغير مكلفة، من نوع حفر الأنفاق على الحدود مع مصر، لتوفير السلع، وتلبية الحاجات الأساسية، وتنويع مصادر الدخل للإنفاق على القطاعين العسكري والمدني، أصاب الإفراط في استثمار رأس المال الوطني والرمزي، حماس بالعمى السياسي. فلا توجد دولة في الكون تقبل بانتهاك سيادتها على حدودها باسم الحاجات الإنسانية لجيرانها، أو التضامن مع كفاحهم الوطني.
وعلى جانب آخر، يمثل الاقتصاد السياسي "للمقاومة والممانعة" مفتاح السر في كل كلام، أو سلوك، محتمل للميليشيات باعتبارها جزءاً من لعبة الأمم في الإقليم. فهي لا تستطيع، إذا كانت في غزة بالذات، وعلى الرغم من الحمولة الرمزية للمسألة الفلسطينية، التنافس على دور اللاعب الرئيس، في ظل وجود حيتان من نوع إيران، ونظام آل الأسد، وحزب الله، فتقبل دور الحليف المساعد، مع كل ما ينطوي عليه أمر كهذا من ضرورات الانسجام مع الخيارات السياسية، والمصالح العليا، لكبار اللاعبين. وتحصل، في المقابل، على مكافآت مالية، وخدمات لوجستية، علاوة على المكافآت الرمزية، بطبيعة الحال.
وهذا كله تغيّر الآن. لم تعد خارطة التحالفات في الإقليم، كما كانت عليه قبل عام. مشروع الإخوان المسلمين، والإسلام السياسي، سقط في مصر، ويعاني صعوبات حقيقية في كل مكان آخر، بما في ذلك غزة.
ولكن ما لم يتغيّر، ولن يتغيّر، يتمثل في الخدمات الأساسية، والسلع الاستهلاكية، في مكان لا يوجد فيه ما يكفي من الماء للشرب، وما يكفي من الأرض للسكن، وما يكفي من مواطن الشغل لكسب القوت، وما يكفي من التسامح لنيل نعمة الحرية. هذا المكان اسمه غزة، وهو وسيلة إيضاح مثالية للتفكير في الراهن من الأحداث، حتى وإن كانت في مكان بعيد مثل ليبيا. فحاضر غزة هو مستقبل ليبيا، إذا استمر الحال على هذا المنوال.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة جانبية لمحمد مرسي..!!
- فتّش عن المرأة..!!
- حجاب اللغة..!!
- الصليب، والكنيسة، والكهنة، والنبيذ..!!
- قرب النافذة، والضوء قوي..!!
- على باب حارة الأرمن في القدس..!!
- كش ملك..!!
- نزهة المشتاق في علم الأنفاق..!!
- الإخوان، سردية جديدة..!!
- مصر فازت، والديمقراطية لم تخسر..!!
- شعبان وبعض من وعود العلمانية..!!
- سلاح التلميذ النجيب في مفاوضات رام الله وتل أبيب..!!
- طه حسين في التحرير وقطب في رابعة..!!
- مصير مصر في الميزان..!!
- حقيقة الصراع في مصر وعليها..!!
- مصرُ التي في خاطري..!!
- يومٌ من أيام القيامة..!!
- لا ثورة، ولا إنقاذ..!!
- جريمة الغامدي وموت الضمير..!!
- وأخيراً، دولة الحق الطبيعي..!!


المزيد.....




- اليمن: الحوثيون يعلنون مقتل ستة وإصابة العشرات في ضربة أمريك ...
- محمد بن زايد يستقبل الشرع ويؤكد دعم الإمارات لإعادة بناء سور ...
- السلطات الروسية تتلقى عشرات الطلبات من أقارب الجنود الأوكران ...
- -أكسيوس-: الجولة الثانية من المفاوضات الأمريكية الإيرانية قد ...
- يواجه -خطرا كبيرا-.. نتنياهو مفصول عن الواقع وينفذ -استراتيج ...
- -لوفيغارو-: الجزائر تطرد 12 موظفا من السفارة الفرنسية في قرا ...
- المغرب.. وفاة معلمة متأثرة باعتداء طالب عليها وسط غضب كبير ( ...
- مستشار ترامب ينفي وجود أي توترات في علاقته مع ماسك
- طفرة كبرى.. فك الشفرة الوراثية الكاملة لستة أنواع من القردة ...
- الإكوادور.. الرئيس الحالي دانييل نوبوا يتقدم في انتخابات الر ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - حاضر غزة مستقبل ليبيا..!!