سلطان الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1219 - 2005 / 6 / 5 - 12:12
المحور:
الادب والفن
في صباح 26-تموز عام 1956 حصلت على اجازة أربع وعشرين ساعة ، وكنت على موعد مع صديقتي (ا،ب) لقضائها في بيروت . وانطلقت سيارة شقيقها الذي كان يقودها بنفسه ------------- وبجانبه جلس أحد أصدقائه . أما شقيقته ، ورفيقتها فقد انفردت بهما في المقعد الخلفي.
ولما كانت معرفتي بصديقتي قديمة -----وكان للجديد أبدا نكهته الخاصة----------- فقد توجهت بحواسي نحو رفيقتها الجالسة الى يساري---وكان الثوب الحريري الأبيض المطرز بزهور بنفسجية --------------------- يغري يد المرء بأن تتحسس النعومة- أي الحرير- أو نعومة ما تحت الحرير -------------------- وكنت كل مرة أدفع يدي أو تندفع أكثر فأكثر ، علً الله يوفقني الى اثبات كروية الأرض عن طريق المرور بخط الاستواء.
ولم يستوقفنا أحد عند الحدود السورية اللبنانية ------السوريون من هنا: مع السلامة---واللبنانيون من هناك أهلا وسهلا.1
وعدما علونا ضهر البيدر التفت بحركة لا شعورية الى ساعتي------------- فوجدتها قد قاربت الثامنة عشرة----فهتفت بقائد السيارة:
-من فضلك الراديو، فان الرئيس عبد الناصر سيخطب الآن في الاسكندرية----------------وهو سيرد من دون شك على صفاقة وزير الخارجية الأمريكيية بالغاء اتفاقية بناء السد العالي .
وبعد دقائق معدودة كان ما توقعت------------------ فقد أعلن، الرئيس جمال عبد الناصر باسم الشعب العربي في مصر تأميم قناة السويس ليشكل دخلها البالغ مئة مليون دولار موردا أساسيا لتمويل عملية السد العالي------وبذلك نستغني مصر عن المعونة الأمريكية التي لم تكن لتزيد عن سبعن مليون دولار فقط---
واستطارتني الفرحة التي لم يكن سببها تأميم القناة وحده -------------------انما تأكيد الرئيس على حقيقة تاريخية وهي أن القومية العربية ------------------------------------أصبحت اليوم في ضمير الأمة العربية ووجدانها وأنها لن تسمح للاستعمار أيا كان شكله ، أن يجثم بعد اليوم على صدورنا--------وترديده لهذا التأكيد أكثر من مرة في خطابه التاريخي ذاك.----------------- فماذا ينتظر القارئ مني أن أصنع وأنا أسمع رئيس أكبر دولة عربية ينادي بالشعارات نفسها التي تربيت عليها منذ الصغر في حزب البعث العربي الاشتركي----ويضعها موضع التطبيق العملي.
ونسيت القطب! وكروية الأرض! وخط الاستواء ! وغير الاستواء؟ والفيتني مشدودا الى المذياع ------------------حتى وصلت بيروت. وفي فندق السان جورج انضمت الى الجمهور المتحلق حول المذياع في البهو الكبير حتى انتهاء الخطاب الذي استمر أكثر من ساعتين.
وقضيت ليلة من أهنأ ليلي حياتي؟؟؟بعد سهرة طويلة لم يفارقني فيها صوت الرئيس لحظة ، وفي الصباح استأذنت الرفاق بالعودة ودهشت صديقتي!!!
ولما أصروا على بقائي معهم أكدت لهم بأن الواجب فوق كل الاعتبارات!!!!!!!!!!!!!!!!!!
من مذكرات اللواء مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري
مرآة حياتي
الصفحة رقم 510
#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟