أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فرات محسن الفراتي - العين الزرقاء.. تعويذة النجاة للمرأة التركية















المزيد.....

العين الزرقاء.. تعويذة النجاة للمرأة التركية


فرات محسن الفراتي

الحوار المتمدن-العدد: 4276 - 2013 / 11 / 15 - 07:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في اسطنبول اللون الازرق لا يختلف كثيراُ عن واقع المدينة.. فالبحار زرقاء والسماء زرقاء، الا ان زرقة الطبيعة تنافسها زرقة صناعية جارفة بالملابس والاكسسوارات واللوحات والميداليات والاشارات والعديد من المقتنيات.. تمثل ثقافة تركية فلكلورية موروثة عن الواقع العثماني الشرقي لأعتقاد بأن اللون الازرق مضاد قوي للعين الحاسدة.. وبطبيعة الحال لا يختلف هذا الاعتقاد عما موجود في الثقافات العربية.. الشرقية الجذور ايضاً.
العين التركية الزرقاء وثقافة اللون الازرق تمثل روح الفولكلور الاجتماعي التركي.. خاصة الاسطنبولي.. وتعد تعويذة شعبية لاشك بأنها الاشهر.
الزينة والحلي التركية الزرقاء..
اينما تسير في اسطنبول وخاصة عند اسواقها الشعبية الشهيرة (البازارات) والتي تنتشر في العديد من احياء المدينة التي يقصدها عادة السياح، وخاصة على مشارف البحر وقرب القصور السلطانية الكبيرة، اينما تذهب تجد الاعمال اليدوية الحرفية المميزة خاصة في عالم الاكسسوارات النسائية من حلي تقليدية كالخواتم والاساور والقلائد الى الحلي المعاصرة المختلفة والغريبة.. وعلى التنوع الرهيب بالانواع والمواد المستخدمة فلا قاسم مشترك بين هذه الاكسسوارات سوى اللون الازرق.. فهو السيد.. الاكثر استخداماً في كل الاكسسوارات.
الازرق وخاصة العين الزرقاء.. تجده في كل انواع الاكسسوارات من رباطات الشعر وحلقات الاذان الى القلائد والمعاظد مروراً بالاساور والخواتم انتهائاً بالخلخال اسفل الساقين.. بل وحتى على الخواتم عند اصابع القدمين.
بين حريم السلطان وفاطمة..
السيدة ساريم وهي صانعة حلي يدوية محترفة وصاحبة محل للحلي اليديوية في منطقة لاللي السياحية تقول ان الدراما التركية تنهكنا وتتحكم بأذواق مرتادينا من سياح او اتراك.. فتارة يتحول الطلب على ما ترتديه السلطانات في حريم السلطان من حلي فاخرة وموديلات غريبة وعشوائية وكثيرة الاحجار ومتنوعة الصياغة.. وتارة ينشط الطلب على السوار البسيط والرخيص الذي ارتدته النجمة بيرين سات في (مسلسل فاطمة).. ثم اردفت اننا نبيع كميات لا تصدق من هذا السوار.. فهو من جهة ارتبط بالنجمة الكبيرة وشخصية فاطمة غول المحبوبة ومن جهة اخرى فالسوار يحمل العين الزرقاء الصغيرة وهي اهم تعويذة ثقافية تركية.. وهذا السوار هو خيط اسود بسيط تكون بأخره عين زرقاء صغيرة متدلية.
وقريباً من منطقة لاللي واعداد سياحها الغفيرة، وعند منطقة سلطان احمد الشهيرة توقفنا للحديث مع السيدة مريم صاحبة احد محال بيع الاكسسوارات التركية يدوية الصنع.. وما ان سألناها حول العين الزرقاء حتى التمعت عيناها بالأبتسام ورفعت يدها اليسرى تهز سواراً اسوداً تتدلى منه عين زرقاء عند معصمها.. وقالت كل ما لدي في المحل تقريباً مزود بعين زرقاء.. نعم انا اخشى الحسد واعتبر العين الزرقاء كالملاك الحارس.. لدي اعتقاد وهو موروث وفلكلوري بمجتمعنا التركي بأن اللون الازرق هو الاكثر جذباً للعين بالتالي فأن كانت هنالك عيون بنظرة حاسدة فستنشغل عني بالانتباه للون الازرق.. واردفت ان الطلب على الاكسسوارات الزرقاء ازداد مع تعدد موديلات الالبسة الشبابية والوانها واصبحت الفتيات التركيات يرغبن بالتزين بحلي زرقاء ليس خشية للحسد فقط بل لكونها تقليعة لا تنتهي ولكون ما يصنع منها من موديلات بالغة الجمال والتجدد.
السائحة اللبنانية علا قالت انها وجدت اكسسوارات جميلة في مراكز التسوق التركية ولكن بأسعار باهضة تصل الى نحو 30 دولار للقطعة الواحدة.. اما في البزارات فتجد ان الاكسسوارات ارخص واجمل واكثر تنوعاً.. واردفت انها اعجبت بمشدات شعر الرأس الزرقاء ذات الاحجار المختلفة الزرقة.
داخل المؤسسات الرسمية..
وبعيداً عن عوالم الموديلات والملابس وصرعات الاكسسوارات وهوس التجميل لدى بعض الفتيات التركيات.. فأن الاعتقاد بالعين الزرقاء الحارسة في تركيا يبتعد كثيراً عن عوالم المودة.. ليصل الى داخل المؤسسات الحكومية الرسمية والخاصة على حد سواء.. ففي زيارة بالمصادفة لمبنى البلدية الرسمية لمنطقة فاتح كبرى مناطق اسطنبول وذات اهم المواقع السياحية الكبرى الواقعة عند مشارف القرن الذهبي بأسطنبول.. ما ان دخلنا مبنى البلدية حتى وجدنا العيون الزرقاء تزين الجدران.. بل ان النحوتات البهية على اعمدة المبنى الفاخر رسمت عليها لوحات كرانيتية تتوسطها العيون الزرق.. وحتى في المستشفيات ستجد العين الزرقاء تلتمع في صالة الاستقبال او بغرف الاستراحة.. انها بأختصار تعويذة شعبية وبأمتياز.
الاستثمار التجاري الذكي..
في البلاد العربية لازالت تعاويذ العيون الزرقاء في ذاكرتنا كلوحات صغيرة بحجم صحون الطعام تعلق على الجدران وعند مداخل الدور.. اظافة الى استخدام الاحجار الزرقاء الكريمة والساحرة في الخواتم الذهبية للسيدات العربيات خاصة الكبيرات.. اما الواقع بتركيا فهو شيء ابعد من ذلك بكثير درجة تثير الدهشة احيانا.. فبعيداً عن الاعتقاد والخشية من الحسد.. لا ننسى براعة الاتراك بالتجارة والتسويق والاعلان.. هم موهوبين بذلك حقاً.. فما ان يجدون طلباً على سلعة ما حتى يتفننون في صناعاتها وينوعون ما ينتجون منها وبالتالي يزيدون من المبيعات والارباح.. الحال مع العين الزرقاء واستثمارها التجاري مدهش فعلاً ففي اسواق اسطنبول تصادف فساتين سهرة نسائية على شكل عين زرقاء او فرشة عروس كاملة بحجم السرير تتوسطها عين زرقاء كبيرة.. لوحات جدارية لعيون زرقاء.. بل بلغت الغرابة ان احد المراكز التجارية الكبرى بأسطنبول (مول) طبع العيون الزرقاء على الاكياس الكبيرة الموجودة لدى محال المركز العديدة.. فكم من الغريب ان تجد السيدات وهن يحملن اكياس تسوقهن ذوات العيون الزرقاء ولسان حالهن يقول لا تحسدوا ما اشترينا داخل اكياسنا المحصنة بالعيون الزرق!
هنالك محال كاملة لبيع الاحجار والتعويذات الزرقاء.. سألت اصحاب احد المحال بأسطنبول بمنطقة السوق المسقف الكبير في سركجي عن العيون الزرق التي يبيعها.. فمحله الكبير مخصص تماماً لبيع العيون الزرق.. الرجل الثلاثيني اجاب بأنه يبيع سلعة شعبية متداولة في تركيا ومرغوبة من قبل السياح الاجانب وان معامل كاملة تنتج هذه السلع.. فضلاً عما يستورد من مناشىء اسيوية تجارية.. وعندما سألت الرجل وهل يؤمن بالعين الحاسدة ام يعتقد انها خرافة.. ابتسم وقال انا لا افكر بخرافة ام صدق الحسد.. ما يهمني انها تجارتي ومصدر رزقي ولها جمهورها الكبير، وحتى بعيداً عن الاسواق وعند الساحات الفنية فأسطنبول مدينة مفعمة بالفن فليس غريباً ان تجد معارضاً للرسم في اغلب المناطق.. ولكن الغريب ان تجد العديد من اللوحات وهي رسمت عيون زرقاء او عين زرقاء كبيرة او محيط ازرق.. اقتربت من احد الرسامين الشباب الذي عرض لوحاته بأحد ساحات منطقة بايزيد بأسطنبول وسألته لما تستخدم اللون الازرق كثيراً فقال الازرق يعني الصفاء وجمال البحر والتحام البحر بالسماء.. والازرق لون ثقافي تركي يعتقد انه يدفع الارواح الشريرة والعيون الحاسدة ولذلك تجده في معظم الاكسسوارات النسائية!! وكأن الفنان الشاب ادرك اننا نبحث عن هذا الموضوع تحديداً.
قد تصل الغرابة في العديد من المصنوعات التركية حول العيون الزرق.. فحتى بعض مداسات الارضيات تجدها على شكل عين زرقاء كبيرة لتبعد الحسد عن مداخل المنازل التركية!
ثقافة الحسد والتقاليد الشعبية..
لعل السؤال الاهم عند نقاش ضاهرة كالحسد هو (هل انتي تؤمنين بالحسد؟) العديد من السيدات التركية عبرن بأن الحسد حقيقة اجتماعية لا تنكر، السيدة ساراب وهي بائعة في احد محال الملابس النسائية بأسطنبول قالت بأنها تعتقد بالحسد اعتقاد كامل وتعتبره حقيقة مذكرة بأنه ذكر بالقرأن، الا ان العديد من الفتيات التركيات الشابات اعتبرن استخدامهن للاكسسوارات الزرقاء تماشياً مع موديل دائم ومتغيير ليس اكثر.. سائحة اوربية اعتبرت ان الحلي الزرقاء جميلة وغريبة ولها روح ترتبط بالفلكلور.
العرب والازرق والحسد..
لا تختلف الثقافة العربية عن نظيرتها التركية في العديد من الفلوكلوريات الشرقية الاجتماعية.. خاصة القديمة منها.. ولعل ثقافة الحسد والخوف من العيون المسببة للضرر موجودة ولازالت تعج بالمجتمعات العربية، وكذلك الازرق كلون وكعيون زرقاء زجاجية او احجار للاكسسوارات لها جمهورها ومقتنيها.. الا ان البائعات التركيات للاكسسوارات الزرقاء اختلفوا في السبب وراء اقبال السائحات العربيات لشراء الحلي الزرقاء منهن.. فمعظمهن اعتبرن ان السائحات العربيات يشترين الاكسسوارات ملاحقة لجديد الموديل وفرادة الاشكال بعيداً عن التعويذة الزرقاء.. الا ان البعض من البائعات قالت ان السيدات العربيات يقتنين العيون الزرق كما السيدات التركيات حماية لهن من شرور الحسد.



#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة الموقف التركي مما يحدث في سوريا
- السينما التركية.. طائر يحلق قريباً
- رسائل التعري.. علياء المهدي فعلتها بمصر والفيمن يجتحن أوربا
- الابداع الروائي بخلطات دان براون المشوقة
- هل ستعود شان إلى العراق يوماً ؟
- وجود وعدمية الله ونقاشات ما بعد الدم
- امرأة بين تجاذبات الماضي وخوف الحاضر
- كذبة الثقافة العربية
- الصابئة المندائيين الاقلية المهاجرة جبراً من العراق
- تجذر الخرافة بالعقل المسلم.. تنبؤات نهاية العالم انموذجاً
- ان كنتم تستخدمون الدين لمصادرة الحريات وقتل الاخريين.. فأنا ...
- روح الاوان السبعة
- وهم الانفتاح الثقافي وازمة الترجمة
- على مشارف السبات
- ملل المعاناة
- قراءة في الدور التركي في ازمة المختطفين اللبنانيين بسوريا
- مشكلة الاقليات الدينية في مصر
- الاحباط الشعبي واللا حلول.. قصة ليست بجديدة
- اعادة الرؤية العربية.. جدلية الداخل والخارج في ضوء صفقة الاس ...
- مشاهدات من داخل كنيسة سيدة النجاة


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فرات محسن الفراتي - العين الزرقاء.. تعويذة النجاة للمرأة التركية