سلمان محمد شناوة
الحوار المتمدن-العدد: 1219 - 2005 / 6 / 5 - 11:06
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
العراق ,, اول كلمة خطت على وجه الارض ,,
والعراق هو اول كلمة الم ,, تشكلت على وجه الارض ,, المسافة الكبيرة ,, بين بين الحقيقة والخيال ,, وبين الحاكم والمحكوم ,, وبين السيد والعبد ,, وبين عظمة الامراء والحكام ,, وبين وضاعة المحكومين ,, او ,, المسافة الكبيرة ,, بين الصروح والقصور الكبيرة ,, وبين بيوت الصفيح على قارعة الطريق ,,العلاقة الازلية بين الانسان والانسان ,, وبين قابيل وهابيل ,,بين القاتل والمقتول ,, بين العظمة ,, والالم ,,,,
العراق عظيم ,, ولكن العراقي ,, منبوذ محروم ,, العراق ,, تتطلع له كل امم الارض ,,تريد ان يكون لها اسهام ولو بسيط يسطر فى تاريخ العراق ,, وحتي يقول القائل ,, ان اسمي كتب بسجل العراق العظيم ,, والعراقي ,, وصلت اناته الى اقصى اطراف الارض ,, ولا من مجيب لدعواته ,,,
اغرب الغرائب حين تتامل بالعراق والعراقيين ,, لتجد امتزاج النقيضين ,, الاسود والابيض ,, والعظمة واالالم ,, الحب والكره ,, الاستبداد والحرية ,,الغني الفاحش والفقر المدقع ,,أبار ضخمة من الذهب الاسود تشكلت بحيرات تحت الطبقات السفلى للعراق ,, بحيث تشكلت هيئات وهيئات فى العالم اجمع من امريكا الى اليابان مرورا بفرنسا وانكلترا ,,وكل امم الارض , تفكر وتدبر كيف تستفيد من النفط العراقي ,, وفى اعلى سطح الارض فوق هذه البحيرات ,, تجمعت بيوت الصفيح لتاوى الانسان العراقي ,, لاماء لا كهرباء ,, لا امل فى يوم او غد جديد ,,
سخرية قدر عجيبة تتمثل فى حياة العراقي ,, وما اشبه الامس باليوم ,, فحين اراد عظماء العراق بناء زقورة اور بقيت شاهدة لعظمة هذا البلد ,, ولا زلت لليوم تذكر بالعظمة كان بقربها تل العبيد ,, وكأن العظمة فى العراق ,, لا تتشكل الا على الم ومعاناة الانسان ,,وحين اراد ملك بابل بناء برج يعتلى به للسماء فقط ليكن هو الواحد القهار ,, ليقف امام ارادة الله والانسان ,, كم من شعوب انتهكت ,, وكم من نساء اغتصبت وكم من مقابر جماعية اقيمت ,, ليشرب هذا العظيم او ذاك كاس الانتصار الاخيرة ,, وحين اتى النبي محمد باعظم ما فى الانسانية دين المحبة والرحمة دين التسامح ,, دين الاخوة ,, ودخل الفاتحون الى العراق ,, اغتصب الحق فى ابشع صورة شهدتها التاريخ , فقامت الدولة الاموية والعباسية والعثمانية باسم الاسلام ,, وحكمت باسم الاسلام ,, واضطهدت الانسان باسم الاسلام ,, فكان اسلام اشبه به بدول كسرى وفارس ,, كل اراد ان يبني له صرحا يكن به خالدا ,, او يبني جامع فلان او مسجد الامير او السلطان , فكيف تاتي الاموال ,, الضرائب والسخرة ومصادرة الاراضى ,,والاقطاع الصفحة المظلمة فى تاريخ العراق ,, التي استعبدت الانسان وهو حر ومصادرة الارداة ,, مئات السنوات والعراق حديقة خلفية لدار الخلافة او السلطنة ,, كلما اراد الخليفة او السلطان اعلان حرب او اعداد جيش او اقامة حفل زواج او ختان او استقبال ,, واحتاج للاموال ,, اين يذهب طبعا للحديقة الخلفية ,,,مئات السنوات والعراقي يعطي ولا يبقي لنفسه الا ما يسد رمقه ,,حتي اصبحت الولايات العراقية معروضة للبيع ,, والذى يشترى له مدة معلومة يجب ان يحصل كل ما دفعه فى هذه الولاية ,, حتي باتت الطرق غير امنه والنساء تخطف من بيوتهن لتباع فى اسواق النخاسه الشرعية بامر الخليفة والسلطان فى اسواق بغداد والاستانة ,, حتي اذا اتي العصر الحديث وكان اكتشاف الثروات فى بلد به الوفره فى كل شي الا الانسان ,, له النقص فى كل شي ,, وافكار القومية والحرية والاشتراكية ,, ونفط العرب للعرب ,, وتشكلت اسطورة القائد الضرورة على اجساد وحرية العراقيين ,, ومع تاميم النفط جاء الموت فى حروب لا معنى لها ,, سوى اقامة مجد القائد , ثم رعونة غزو الجار التي ادخلت البلد فى جحيم الحصار , الذى اكل من العراقى كل شي حتي اضطر الى بيع كل شي فى البيت من اثاث وحيطان واسقف حتي يعيش ,, وبدات اكبر هجرة شهدها التاريخ امام انظار العالم كله ,, هجرة الى كل بقاع العالم ,, وبدات فصول الالم الكردى وحلبجة والهروب الكبير للحدود حتي قدر ان اللاجئين بلغوا المليونين على الحدود الايرانية والتركية ,, ثم بدات فصول الموت الجماعي فى مقابر اعدت للعراقيين ,, فى مأساة عرفت بالمقابر الجماعية ,, كل عراقي بات مجموعة من القصص الحزينة المتنقلة ,, كتلة من الالم المتحرك ,, ثم كان ماكان من سقوط عصر الظلمة والاستبداد ,, ومحاولة خروج الفجر ,, حتي اتت غربان الشر تزرع فى كل بيت شهيد او ارملة او يتيم ,, وتحرق كل ماله صلة بالحضارة ,, يقتلون بالجملة العراقيين وينشرون مجالس العزاء ويرسلون عليهم غربان الموت ليقتلون العراقيين فى هذه المجالس , والم بعد الم بعد الم ,, ودم بعد دم بعد دم ,, هذا هو تاريخ العراقي البسيط ,, تغلغلت المأساة والالم والموت ,, فى فكره وعاداته وطباعه , فصار يخشي الضحك ,, يسترسل بالبكاء ,, يقيم مواسم للعزاء ,,
شكل العراقي من الالم ,,, اسطورة حياته ورسمها فى اغنياته وبات يعرف الغناء العراقي بالحزن ,, ونستغرب ان نسمع يوما او لنقل نستنكر ان نسمع يوما اغنية فرح عراقية ,,
العراقي ,, ربما مثل النخلة , صنوان رفيقان ,, من الازل ,,من بدء الخليقة مثلما هى النخلة لا تعطي اجمل ثمرها الا فى اشداد الحر ,, كذلك هو العراقي ,, ربما تشكلت الاسى والالم ,, اسطر حياته ,, ومثلما ,, والمأسأة هى قدرته على الحياة والوجود ,,,
كم انت عظيم ,,, ايها العراقي البسيط والتي تشكلت فيك كل معانى الوفاء والعزة والكبرياء ,, وابيت الا تكون مغروسا فى فى ارض ما بين النهرين ,, وقدرت على المقاومة بعد كل ضربات الالم والموت التي تسللت اليك .
#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟