أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - ايران حصار بصيغة الانفتاح















المزيد.....


ايران حصار بصيغة الانفتاح


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4274 - 2013 / 11 / 13 - 12:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع اعادة لندن للعلاقات الديبلوماسية مع طهران يكون جدار الحصار وقطع العلاقات الديبلوماسية الغربية مع ايران قد بدأ فعليا بالانهيار ؛ بعدما كان قد بدأ بالتشقق منذ انتخاب السيد روحاني رئيسا لجمهورية ايران الاسلامية ، ليتأكد بالملموس أن السياسة عموما لا تعترف بالماضي ، كما لاتعترف بالعواطف ، وهي أيضا لاعلاقة لها بالعداء الثابت أو الصداقة المطلقة . وهذا ما يجعلني أصف السياسة بكونها من أشد العلاقات الانسانية حساسية ، مما يجعل رجل السياسة رجلا استثنائيا من حيث الاستشعار الدقيق للمصالح البعيدة ، ومن ثمة لترتيبات العلاقات المستقبلية بين الكتل السياسية ؛ سواء على الصعيد الداخلي ، داخل الدولة ، أو بين الدول .
واذا كانت الخارجية الانجليزية قد وضعت شروطا لاعادة العلاقات بين انجلترا وايران ، كالحد من درجات التخصيب ، وفتح جميع المنشآت النويية الايرانية أمام الفنيين الدوليين ، فان فن التفاوض الديبلوماسي يقتضي دائما في المفاوضات المعقدة حدا عاليا من الالتزامات أو السقوف والشروط التي يكون معروفا عدم تحقيقها مائة في المائة ، ووترتبط نسبة تحقيقها بدهاء المفاوض وقوته التي تستند الى أرضية صلبة . وهي تقنية يعلمها المفاوضون الايرانيون ، كما يعرفها المفاوضون الغربيون جميعهم . فتوزيع الأدوار بين الأنظمة الغربية في مفاوضاتها مع ايران لن يربك الاستراتيجية التفاوضية لايران ، والغرب يعلم أن النظام الايراني يتقن اللعب على أكثر من حبل ، فايران أصبحت في علاقاتها مع مجموعة الست تحديدا شبيهة بالراقص الذي يتجاوب في نفس الان مع جميع الايقاعات رغم اختلافها وتحولها في نفس الوقت .
فرنسا تحاول أن تلعب في اللقاء الأخير دور الشرطي الشرس ، بينما أسند دور الشرطي الطيب لانجلترا ، وأخذت أمريكا دور الشرطي المتقلب المزاج ، وان امتنع نتنياهو عن مصافحة جون كيري ، فاسرائيل هنا تتقمص دور الفتاة المتغنجة أو دور الطفل المدلل ، بينما ارتأت ألمانيا أن تلعب دور معطي طلقة الانطلاق على اثر تصريح وزير خارجيتها قبل انطلاق المفاوضات حول الخطوط العريضة لنفس السيناريو الذي تابعناه بعد المفاوضات ، أي هناك مبدأ سياسي قديم يرتكز على لعبة الوعد والوعيد أو الجزرة والعصى ، وهناك مبدأ جديد يستند الى لعبة خلط الأوراق . لكننا حين نكون أمام لاعب مرن يصعب انتظار نتائج مرسومة مسبقا .
لقد استطاعت ايران بدهاء وحنكة أن تضمن لها موقعا متقدما من أي مفاوضات مع الغرب العتيق ، وامتلكت قدرة هائلة على اللعب بالزمن ، وهو عامل أساسي في مثل هذه القضايا الحساسة . فعامل الزمن يعطي للاعب الجيد والمتمرس القدرة على المناورة في مثل هذه القضايا ، كالاخفاء أو الانتاج المكثف ، أو نقل المعدات والآليات ، أو انتظار انهيار قوة الخصم ، كما أنه يمنح طرفا من الأطراف -هنا ايران - فرصة لتجاوز الصدمات والاستعداد الحذر والعقلاني للمستقبل . خلاصة الأمر في قضية اللعب بالزمن أنه يحمل من الايجابيات ما يحمله من السلبيات ، ويبقى أمر الاستفادة من الايجابيات ، او التأثر بالسلبيات معلقا بشخصية المفاوض ومدى قدرته التفاوضية ، وسرعة بديهته في التعامل مع المستجدات المتراكمة .
الحصار الغربي الطويل على ايران أكسبها مناعة كبيرة ضد أي اختراق خارجي لمنظومتها القومية ولأمنها القومي . فقد أخذت وقتا كافيا من تأمل الخارج ومعرفة دقائق نواياه ، انه أشبه بخلوة متصوف حيث يصفو ذهنه ويرى العالم الخارجي رؤية صافية ، بانورامية يعجز الآخر عن معايشتها ، وهي خصلة يلزمها كثير من الدربة والجهد النفسي والجسدي الشاق . خاصة اذا امتلكت الدولة كل مقومات القوة واستطاعت أن تحتفظ على شعلة التحدي بالعمل الدؤوب والأبحاث الدقيقة ، وعلى درجة مقبولة وان في حدها الأدنى بعلاقات خارجية تضمن لها اطلالة معقولة على العالم الآخر ، انطلاقا من نظرية -تقاطع الطرق - أو الأثر المحمول -* .
لم تتوقف ايران يوما عن الاشتغال على تحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة ، امتلاكها للطاقة النووية ، أو السلاح النووي ، فالخبراء يدركون أن الوصول الى مستوى عشرين في المائة من تخصيب اليورانيوم المخضب طريق صحيح الى انتاج القنبلة النووية ، كما أن من أنتج نسبة 20 في المائة ، بامكانه انتاج 80 في المائة أو أكثر . ولايمكن لأحد أن يقدر المستوى الحقيقي الذي بلغته ايران في تخصيب اليورانيوم المخضب ، كما لايمكن لأحد ان يحدد درجات تطور الصناعة النووية الايرانية . ومثال الاتحاد السوفياتي لا يزال حاضرا في الأذهان حين فاجأت الولايات المتحدة الأمركية العالم حين أطلعته أن الاتحاد السوفياتي استطاع صنع القنبلة النووية سنة 1949 ، في حين أن الغرب كله كان يظن أن صناعتها تحتاج لسنوات طويلة .
نحن الآن أمام انفتاح غير مسبوق على الجمهورية الايرانية الاسلامية من قبل الغرب ، وهو ليس له الا أن ينفتح على قوة اقليمية صاعدة بثبات وبحساب دقيق . فروسيا تستعيد دورها الكامل ، وهي لن تتخلى عن حليفها الاستراتيجي الأهم في الشرق الأوسط ، والغرب يدرك أن حربه القديمة على الاتحاد السوفياتي فقدت كل مبرراتها ،بانهيار الايديولوجية الشيوعية ، ولم يعد عمل الاستخبارات يقتصر على تجييش وتهييج العواطف بين الملاحدة والمؤمنين ، بين البروليتاريا والرأسماليين ، بين اللون الأحمر واللون الهلامي . فالصعوبات الاستخبارية أصبحت تكتسب طابعا أكثر تشابكا وغموضا . وأصبحت الاستخبارات الاقتصادية والمالية تتسيد الاستخبارات السياسية .
تدرك ايران اذن ، أنها تلعب اليوم بأريحية تمكنها من فرض حقوقها على الغرب المتغطرس مادامت تمتلك قوتها الذاتية ، في امتلاك اسباب الصناعة النووية والدقيقة وتكنولوجيا المعلومات التي استطاعت بواسطتها أن تحجب كل المعلوات التي يمكن ان تكون أداة ضغط في يد الأعداء . وبذلك كان على الغرب أن ينفتح هو نفسه على ايران دون أن تضعف الأخيرة وتستجدي انفتاحه ، وان كانت في حاجة الى هذا الانفتاح .
ما لا يعرفه ولا يطرحه أحد ، هو هذا الغياب الكلي للمعلومات الدقيقة عن مستوى تطور الصناعة النووية الايرانية . فالجميع يتحدث عن معطيات قديمة ، في حين أن ايران لم تتوقف لحظة عن تطوير امكاناته وتحسين جودة عملها ، خاصة بعدما صارت تعتمد في صناعتها الحربية بما في ذلك السلاح النووي على علماء محليين ، وبدأت توفر لهم حماية خاصة بعد سلسلة الاغتيالات التي تعرض لها الكثير من علمائها . وصار الغرب ينظر الى ايران ويراقبها دون أن يرى شيئا أو يظفر بشيئ ، وهذا ما يؤرق نهم الاستخبارات والرئاسات ولوبيات الصناعات الحربية في الغرب واسرائيل .
نحن اذن أمام تشكل جديد لنظام عالمي جديد . والملاحظ هنا أن التحولات الدولية لم تعد تأخذ حيزا زمنيا طويلا أو متوسطا ، بل يعتمد على روح العصر الموسوم بالسرعة المفرطة والصناعة الدقيقة والمعلومة العابرة في ومضة زمنية جد قصيرة .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرار الى قمة الحلم
- عودة المثقف ومثقف العودة . أي مثقف وأي عودة ؟
- قمم صارت سفوحا
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-23-
- في مفهوم السيادة وأشياء أخرى
- مثقفو أحوال الطقس
- حروب الظلام
- غربة الشعر ،منظور جديد
- رحيل أقسى من الخنجر
- مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟ -3-
- الأنبياء لا يندهشون
- مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟ -2-
- البحث عن الحاضر الغائب -رواية-22-
- حصن اللغة
- الياس العماري وقضية علي أنوزلا
- ضد مركزية الثقافة وتركيزها
- يوم خارج التقويم
- مؤشر الحلم والكابوس - قصة قصيرة -
- ملامسة قشرة الحياة
- لبن الأمل


المزيد.....




- مكتب نتنياهو يتهم -حماس- بممارسة -الحرب النفسية- بشأن الرهائ ...
- بيت لاهيا.. صناعة الخبز فوق الأنقاض
- لبنان.. مطالب بالضغط على إسرائيل
- تركيا وروسيا.. توسيع التعاون في الطاقة
- الجزائر.. أزمة تبذير الخبز بالشهر الكريم
- تونس.. عادات أصيلة في رمضان المبارك
- ترامب: المحتال جو بايدن أدخلنا في فوضى كبيرة مع روسيا
- روته: انضمام أوكرانيا إلى حلف -الناتو- لم يعد قيد الدراسة
- لوكاشينكو: بوتين تلقى اتصالا من أوكرانيا
- مصر.. اكتشاف مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني


المزيد.....

- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - ايران حصار بصيغة الانفتاح