أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - دبلوماسية مكافحة الإرهاب!















المزيد.....

دبلوماسية مكافحة الإرهاب!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4273 - 2013 / 11 / 12 - 20:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تنجح واشنطن في الترويج للديمقراطية بالقوة أو حملها بالطائرات إلى مناطق النزاعات الساخنة والحروب الأهلية والارهاب والعنف الذي يسود الكثير من مناطق العالم، وليس بمعزل عن دور الولايات المتحدة، خصوصاً في استمرار الهوّة على النطاق العالمي، بين عالم المحرومين وعالم المتخومين، وبين من يملكون ومن لا يملكون، وبين الشمال الغني والجنوب الفقير، وبين الدول الصناعية المتقدمة، وشعوب البلدان النامية التي تعاني من الفقر والجهل والمرض، تلك الآفات الوحشية التي تفتك بالبشر وتشكل بيئة حاضنة لاستمرار تفقيس بيض الارهاب.
وإذا كانت تلك الرؤية تمثل « المحافظين الجدد»، فإنها تحوّلت خلال إدارة أوباما إلى رؤية أكثر تطرفاً حتى وإن حاولت الظهور بمظهر آخر، بسبب ما تبعها من فشل وإحباط وأزمات اقتصادية ومالية. وبدلاً من خطط الإصلاح بالإكراه وإملاء الإرادة والتدخل العسكري والحرب ومن ثم الاحتلال، لا سيّما في أفغانستان والعراق، أصبحت الرؤية الجديدة بعد عهد الرئيس بوش تدعو إلى قطع الرقاب، ولكن بطائرات من دون طيار، وعبر مداهمات خاطفة، سواء في باكستان أو اليمن أو الصومال أو غيرها، وإن ظل العنوان واحداً وهو « مكافحة الإرهاب»!.
وأصبحت المعركة ضد الإرهاب أقرب إلى حرب ضد جهات مجهولة أو شبه مجهولة أو غير رسمية، وهي أقرب إلى حروب المافيا منها إلى الحروب النظامية، خصوصاً وأن واشنطن كانت قد أعلنت بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الإرهابية الإجرامية أنها ستشن حرباً ضد الإرهاب، وقد تشمل 40 بلداً وستلاحق نحو 60 حركة وتياراً «إسلامياً» وسياسياً تدمغها بالارهاب، وإن تم خلط المقاومة به على نحو متعمد، خصوصاً لحركات تناضل من أجل حقوقها العادلة والمشروعة في تقرير المصير والتحرر والاستقلال والانعتاق، وخصّصت لذلك مبالغ ورسمت خططاً وسعت لجلب حلفاء، محددة جوانب فكرية وثقافية وقانونية لملاحقة الارهاب والارهابيين، داعية إلى تجفيف بيئة الارهاب وقطع خطوط مواصلاته واتصالاته تمهيداً للاجهاز عليه واجتثاثه.
وقد حاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحسين صورة أمريكا، وخصوصاً في العالم العربي والإسلامي منذ توليه دست الرئاسة، وخصوصاً منذ خطابه الأول في جامعة القاهرة (4 حزيران 2009)، لكن هذا الجهد لم ينصب على تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على بؤر العنف وردم الثغرات التي يتسرب منها التطرف ولجم كابح التعصب، سواء في العالم العربي أو في آسيا، وخصوصاً في الباكستان والهند وأفغانستان وغيرها، إضافة إلى أفريقيا، ولا سيّما في مالي والصومال وغيرها، وإنما خصص الوقت لرفع شعارات ظلّت عائمة وتدور في فلك السياسات القديمة.
وتعرّضت استراتيجية واشنطن في هذا الجانب للاخفاق، وهو ما حصل ما بعد الربيع العربي حيث شملت الجماعات الارهابية بنشاطها، إضافة إلى المغرب، ليبيا وموريتانيا، وأخيراً تونس دون اهمال استمرارها في الجزائر، وامتدّ الارهاب إلى سوريا، حيث لا يزال يفعل فعله الخطير طيلة عامين ونيّف من الزمان، وتزداد الصورة بؤساً وتشاؤماً حين لا يبدو هناك ضوء في آخر النفق، ولا يظهر أمل بتوقفه على المدى المنظور، وفي العراق يستمر الإرهاب والتطرّف منذ الاحتلال في العام 2003 دون ايجاد معالجات سليمة له، لا من جانب واشنطن المسؤولة عن تحطيم الدولة العراقية وحل أجهزتها العسكرية والأمنية بحيث أصبحت البلاد كلها مرتعاً لتنظيمات القاعدة والتنظيمات الارهابية الأخرى، ناهيكم عن فشل مزاعمها بنشر الديمقراطية، كما لم تتمكّن القوى العراقية فيما بعد من وضع حد له أو التفاهم بشأن وقفه، خصوصاً بالامتدادات الإقليمية وتعارض المصالح الدولية.
ولم تتمكن واشنطن أيضاً بعد عقد ونيّف من الزمان على إعلان الحملة الدولية للقضاء على الإرهاب من تحقيق أهدافها وإنْ استطاعت من إصدار ثلاثة قرارات دولية من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لصالحها، ولاسيّما القرار 1368 الصادر في 12 أيلول (سبتمبر) 2001 والقرار 1373 الصادر في 28 أيلول (سبتمبر) من العام ذاته والقرار الثالث 1390 الصادر في 6 كانون الأول (يناير) 2002، تلك القرارات التي فيها عودة للقانون الدولي التقليدي باعطاء الحق بالحرب الاستباقية، تحت عنوان «وجود خطر وشيك الوقوع» أو «محتمل» يقتضي مجابهته بحرب وقائية قبل وقوعه، بل أن تلك القرارات ألزمت الدول على التعاون للقضاء على الارهاب، والاّ تتم معاقبتها في حالة امتناعها عن ذلك دون الاتفاق على تحديد معنى الارهاب أو تعريفه.
لكن ذلك حتى وإن أبعد نسبياً الإرهاب عن الولايات المتحدة، الاّ أنه أضرّ بالمصالح الدولية على المستوى الكوني، حيث يمتد الارهاب وينتشر في العديد من مناطق العالم، وخلال السنوات العشر ونيّف ضرب الإرهاب: الباكستان وأفغانستان وتركيا والعراق والأردن ولبنان ومصر والسودان وبعض بلدان الخليج ودول شمال أفريقيا، ولم تسلم أوروبا منه سواء روسيا أو بريطانيا أو فرنسا أو إسبانيا أو إيطاليا أو ألمانيا أو اليونان أو بلغاريا أو غيرها من دول الاتحاد الاوروبي.
وخلال تلك السنوات لم يستوعب البيت الأبيض أن جهوده لمكافحة الارهاب، طالما ستقتصر على الجهد العسكري والأمني والاستخباري والدعائي، فإنها لن تنجح في استئصال شأفة الارهاب، لأنه يكمن في التعصب والعنصرية والتطرف والغلو، الذي يزداد بسببه الفقر والجهل والمرض، خصوصاً بعدم تكافؤ الفرص ونهب ثروات العالم الثالث، كما يستمر الارهاب بسبب الحروب والعدوان والاحتلال والمجاعة والتصحّر وتجارة السلاح، وهكذا.
ولعلّ هذا الفشل هو ما دفع أوباما اليوم إلى القول عشية الحديث عن توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا وبعدها، بأنه لا يمكننا استخدام القوة في كل مكان به جذور للأفكار المتشددة. إن الحرب على الارهاب ليست حرباً أمنية وعسكرية بقدر ما هي حرب فكرية وثقافية، وهي تحتاج إلى جهد سياسي واقتصادي واجتماعي مكثّف وتعاون وتنسيق وعدالة في العلاقات الدولية لتجفيف منابعه وقطع محاولات تفريخه.
لقد أدرك أوباما أن طريقة جورج بوش الإبن التي استمر في استخدامها على الرغم من حديثه المختلف، لم تؤد إلى النتائج المرجوّة، لأن الارهاب حتى لو استطعت هزيمته عسكرياً، فإنك لا تستطيع اجتثاثه إنْ لم تتمكّن من إلحاق الهزيمة به فكرياً وثقافياً، وللأسف فإن إدارة أوباما وإن أدركت متأخرة أن السبيل لمكافحة الارهاب يحتاج إلى جهود متنوعة أساسها بيئة فكرية وثقافية وتربوية سليمة وتنشئة دينية صالحة ليتم تطويقه ومحاصرته تمهيداً للقضاء عليه، لكنها عمدت إلى أساليب قديمة منها تخصيص 200 مليون دولار على امتداد عشر سنوات قادمة لمكافحة التطرف، ولا سيّما الديني، والأمر يتعلّق بالدعاية ضد الارهاب ولهذا تقرّر تأسيس صندوق دولي لمشاركة صمود المجتمع، والمقصود من «الإسلام المتطرف»، وقد استبعد اسم الإسلام لأنه يثير حساسية شديدة، حتى وإن كان الهدف محاربة التطرف الإسلامي، بل وتشترك فيه دول إسلامية، حيث ستكون تركيا إضافة الى الولايات المتحدة في رئاسة الصندوق وستدعمها قطر بخمسة ملايين دولار.
وقد أطلق على المبادرة اسم «المنتدى العالمي لمكافحة الارهاب» وهو على غرار الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز، وستكون برامجه في 6 بلدان غالبيتها من المسلمين باستثناء كولومبيا، وسيجمع وزير خارجية واشنطن جون كيري مبالغ من القطاع الخاص، وستكون مهمته تمويل المنظمات المحلية وتوزيع كتب وكراريس عن التسامح وبرامج التدريب على الوظائف لاستقطاب الشباب الذين يمكن أن تستقطبهم الأفكار المتشدّدة، وكذلك تأهيل أئمة وخطباء الجوامع والمساجد ليقدّموا مواعظهم للمسلمين سواء في السجون أو خارجها، وكذلك ليساهموا في مكافحة الأفكار المتطرفة، كما يتطلب ارسال محامين لزيارة السجناء وعقد ورش عمل وبرامج تلفزيونية وغير ذلك.
ولكن هل هذا هو السبيل لمكافحة الارهاب مع بقاء التفاوت الاجتماعي وانعدام تكافؤ الفرص واستمرار الاحتلال والعدوان ونهب ثروات الشعوب وفرض الارادة عليها وتجارة الأسلحة، وكذلك استمرار الهوّة السحيقة بين الدول المتقدمة وبين العالم الثالث!؟ وقد جرّبت واشنطن طيلة عقود من الزمان مثل هذه الأساليب لمكافحة ما سمّي بالأفكار الهدّامة، لكنها لم تنجح في القضاء عليها، وكان سبب انهيار الكتلة الاشتراكية داخلياً بالدرجة الأساسية يتعلق بالأزمة الاقتصادية وانصرافها لقضايا التسلح في سباق محموم لم تكن قادرةً عليه، إضافة إلى شحّ الحريات وأساليب الحكم الدكتاتورية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الغاز وراء التفاهم الروسي – الأمريكي؟
- في الظاهرة العنفية عراقياً
- ما بعد -جنيف 2-
- ماذا يعني رفض عضوية مجلس الأمن؟
- الإرهاب ومعادلة الأمن والكرامة
- الهجرة غير الشرعية . .الأحلام تتحوّل إلى كوابيس
- العرب وبعض تجارب الحقيقة والمصالحة
- الحقوقي والسياسي وما بينهما
- اليوم العالمي للاعنف . . يوم ميلاد غاندي
- تونس ما بعد النهضة
- من القوة الخشنة إلى القوة الناعمة !
- التفكير السياسي لسسيولوجيا المعرفة الإسلامية!
- حيرة المثقف!
- ما بعد الكيمياوي!
- في الحاجة إلى التسامح: منظور إليها عراقياً!
- اللاجئون السوريون والضربة العسكرية: متى تنتهي المأساة؟
- ساعة الصفر السورية في واشنطن!
- هل المسيحيون أقلية مضطهدة؟
- أوراق خيرية المنصور وشجرة يوسف شاهين
- الرسالة الأمريكية لسورية!


المزيد.....




- مصر والصومال.. اتفاق للدفاع المشترك
- ترامب يحذر من عواقب فوز هاريس في الانتخابات الرئاسية
- أربعة أسئلة حول مفاوضات الخميس لوقف إطلاق النار في غزة
- بايدن وهاريس يتلقيان إحاطة بشأن التطورات في الشرق الأوسط
- عزيز الشافعي يدعم شيرين ويوضح موقفه من إصدار أغنيتها الجديدت ...
- أمريكا تجدد دعوتها لسوريا للإفراج عن الصحفي -المختطف- أوستن ...
- قصف مدفعي إسرائيلي من العيار الثقيل يستهدف مجرى نهر الليطاني ...
- متهم بالعمالة للحكومة المصرية يتوصل لصفقة مع السلطات الأميرك ...
- في ختام اليوم 313 للحرب على غزة.. آحدث تفاصيل الوضع الميداني ...
- مصراتة الليبية تعلن إعادة تفعيل المجلس العسكري ردا على نقل ص ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - دبلوماسية مكافحة الإرهاب!