|
الأساس العلمي لدراسة النفس والسلوك
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4273 - 2013 / 11 / 12 - 19:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أساسيات المنهج الصحيح عليه فلا يمكن بناء علم نفس صحيح استنادا إلى النتائج المتحصلة من دراسة النفس المريضة المتحررة من ضوابط الكمال والتمام ضوابط الوجودية الشاملة طالما إن العلم يستهدف الفئة الغالبة بالدراسة ويستهدف النفعية والمصلحة الشاملة بالغائية ,فمثلا كل دراسات فرويد ومدرسة التحليل النفس إنما نشأت عن مفاهيم تحصلها نتيجة ممارسة الطب النفسي على أناس مرضى, وحتى التحول الرئيسي الذي اشرنا إليه في بداية البحث وقاده إلى بناء مدرسة التحليل النفسي إنما بنيت على حالات مرضية وليس دراسة الحالة السوية الأصلية. فكانت جهوده العلمية ونظرياته نتيجة حالات استثنائية وما بني على الاستثناء لا يمكن تعميمه واعتباره منهج عام شامل وحتى في المدرسة السلوكية التي صاغ قواعدها عالم النفس الروسي بافلوف إنما جرت على الحيوان وبالذات السبعية مثل الكلاب فجاءت تعميماته خاطئة لأنها جزئية والجزئي لا يمكن معه التعميم والإطلاق الشامل فهو درس النفس الحسية الحيوانية ولم يلتفت للجوانب الأخرى من النفس الإنسانية واعتقد كما اعتقد آخرون انه وَصَلَ للحقيقة الكاملة وهذا قصور علمي واضح ولا يغتفر. أما الغضب فيجب أن نفرق بين الغضب كخاصية للنفس الحيوانية وبين الغضب كمرض نفسي ويتم ذلك من خلال التعريف به فقد عرفته الوكييديا بأنه(الغضب هو ردة فعل عاطفية نتيجة لإحساس الشخص بالمساس بكرامته، مما يؤدي إلى حدوث خلاف أو نزاع).هكذا وبكل بساطة ردة فعل لفعل سابق عنه متعدي على حدود لا يمكن تجاوزها سابقا مثل الكرامة أو المبادئ أو المحرمات والمقدسات عند الإنسان وهو تعريف معقول لحد ما عند أكثر الناس ولكن من الناحية العلمية إن الغضب ليس بهذه البساطة للأسباب التالية: 1. صحيح إن الغضب هو فعل مقابل فعل ولكنه ليس له علاقة بالعواطف فالعاطفة حسب التعريف العلمي(فالعاطفة تتكون من مجموعة من الانفعالات المتباينة تدور حول موضوع واحد, وقد تثير العاطفة الواحدة أكثر من انفعال)وفي تعريف أخر(العاطفة في التعريف العام، هي حالة ذهنية كثيفة تظهر بشكل آلي في الجهاز العصبي و ليس من خلال بذل جهد مُدرَك، وتستدعي إما حالة نفسية إيجابية أو سلبية. ولذا يستلزم التفرقة بين العاطفة و الشعور.) فكلا التعريفين يبتعدان عن كون الغضب فعل أصلي مبعثه المساس بالحاجة المحترمة عند النفس فهو إذن مرتبط ابتداء بالشهوة وهو بالنتيجة اعتداء عليها وليس انفعال سلبي أو ايجابي مجرد . الانفعالات لها أسبابها الإنشائية أو الباعثة لها وقد لا تكون لها علاقة بالشهوة مثل الانفعال الهستيري الناتج عن أمراض نفسية متعلقة مثلا بالتربية الشخصية فهذه الانفعالات وان صاحبها نوع من الرفض المجسد بتصرف غاضب أو حيواني فلا يعد غضبا بمعنى التعدي على الشهوة كَانَ علياً عليه السلام يقول في الغضب كونه حاصية محكومة بالقدرة والقدرة تحتاج الى قوة(( يَقُولُ مَتَى أَشْفِي غَيْظِي إِذَا غَضِبْتُ أَ حِينَ أَعْجِزُ عَنِ الِانْتِقَامِ فَيُقَالُ لِي لَوْ صَبَرْتَ أَمْ حِينَ أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ لِي لَوْ عَفَوْتَ)) فقد تقدم القول في الغضب على أنه خاصية فهي على قول الإمام عليه السلام سبيل لي إلى شفاء الغيظ عند الغضب لأنه إما أن يكون قادرا على الانتقام (بقوة) فيصد عن تعجيله قول القائل لو غفرت لكان أولى و إما ألا يكون قادرا على الانتقام فيصده عنه كونه غير قادر عليه, فإذن لا سبيل له إلى الانتقام عند الغضب. و كان يقال العقل كالمرآة المجلوة يصدئه الغضب كما تصدأ المرآة بالخل فلا يثبت فيها صورة القبح و الحسن. على أن أفضل الأعمال الحلم عند الغضب والصبر عند الطمع. 2. ليس شرطا أن يؤدي الغضب إلى نزاع أو خلاف ولكن يمكن أن يظهر حالة حسية فقط لبيان رفض الاعتداء على الشهوة كما في حالة ظهور الاحمرار في العينين أو احمرار الخدين على بعض الأشخاص نتيجة شعورهم بالغضب أو إصابة البعض بحالات مرضية عضوية جسدية مصاحبة ونتيجة للغضب منها تسارع القلب وارتفاع ضغط الدم الشرياني والارتعاش وهذا في حقيقته نتيجة لارتباط القلب مع القوى الحسية ألخمسه وكونها منبعثة منه . ففي الدراسات العلمية الحديثة والثابتة بالتجربة والبرهان ومن ثم التصديق بها على سبيل الاعتقاد والجزم اثبت العلم بان في حالة الغضب يقوم القلب ومن خلال المخ بحث بعض الغدد وبالذات الكظرية على إفراز بعض الهرومانات لمواجهة حالة الخوف أو الغضب مثل الأدرينالين وهو هرمون تفرزه غدة الكظر و هي فوق الكلية، حيث ينتج في الخلايا أليفة الكروم في لب الكظر ، وهو يعمل على تحضير الجسم للمجهود أو التوتر في حالة الخوف مثلا أو الإثارة. للأدرينالين تأثير معاكس للأنسولين، يطلق عند انخفاض مستوى السكر في الدم.يعمل الأدرينالين كناقل عصبي ويؤثر في الجهاز العصبي السمبثاوي " القلب ، الرئتين ، الأوعية الدموية ، المثانة " . وهذا الناقل العصبي يُطلق استجابة إلى أي ضغوط وترتبط بمجموعة خاصة من البروتينات تُسمى مستقبلات الفعل الأدرينالي.قدرة هذا الهرمون على الاستجابة لحالة الغضب والخوف هي التي تحدد السلوك اللاحق للحالة. 3. إن الغضب صفة تتبع النفس الحيوانية وبالتالي فهي ذاتية خاصة بها يمكن أن تنطلق متى ما توفرت الأسباب والمسببات والعلل وليس ظرفية طارئة يمكن توقعها أو حساب وقوعها والذاتي في الشيء جزء منه باق مع بقاءه ومنتف بانتفاء الأصل وبهذا الفهم نعرف إن الغضب حالة أصلية كحالة الشهوة ومرافقه لها بل هي الدليل المادي على الاعتداء عليها وخاصة في نطاق النفس الحيوانية عند السباع كثيرة الغضب عند ألمس بشهواته السبعية التي لا يمكنها السيطرة عليها فان من الحيوان السبعية من تتقاتل على الغذاء أو الجنس ليس بسبب الندرة ولكن لأسباب الغضب مع توفر الطعام وتوفر الإناث فهي حالة ثابتة إذن تتعلق بالشهوة وحامية لها وهذا الفهم والتصور إذا انتقل إلى الإنسان أصبح سلوك الإنسان تدميري عليه وعلى الآخرين لذلك كان يقال (إن الغضب أوله جنون وأخره ندم) لأنه عندما لا تمتلك السيطرة والضبط ينفلت الغضب إلى حالة قاتلة وهو ما وصفه الأمام علي بقوله وهي أشبه بحالة السباع. إن النفس الحيوانية الحسية تكتمل وتبقى في الإنسان طالما إن القلب يعمل بصورة صحيحة ومن ثم سلامة أعضاء وأجهزة القوى الحسية وليس لها فترة زمنية محددة تنتهي بها كما يتصور البعض ونقلنا مثالا في مقابسات التوحيدي الذي يعطي للزمن دور في تعاقب النفوس الثلاث في رؤيته وفهمه بل هي تجري في خطوط متوازية مع بعضها البعض لتشكل الشخصية الإنسانية الكاملة بمعنى الجامعة وهي النفس البشرية الكلية.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفهوم الوجود فلسفيا
-
العقلانية ودورها في تثبيت دور العقل
-
الوعي العلمي والتجريبي وفهم التأريخ
-
الحرية قبل الدين
-
التصنيف العقلي والديني
-
تجربة الدين
-
الورشة العلمية حول إعادة قراءة الشخصية العراقية واستراتيجيات
...
-
شروط القراءة التاريخية
-
التأريخ الإسلامي بين الأسطورة والتزييف
-
أهمية التجرد والموضوعية في كتابة التأريخ
-
حوار أم دوار
-
يا سيدي يا حسين أمض بنا
-
عالم أبيض وعالم أسود
-
الدين السياسي وصورة الرب
-
الدستوريه ومفهوم الدولة
-
ربط المعرفة بالعمل صناعة العقل الفاعل
-
محل العقل ووظيفة التعقل
-
التعصب الحضاري ومشكلة أنا وأنت
-
الشعوب وخيار الحياة
-
ملامح العالم الكوني بعد عالم الحداثة
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|