أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الربضي - حينما ذهب – من وحي الخياطة














المزيد.....

حينما ذهب – من وحي الخياطة


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4273 - 2013 / 11 / 12 - 19:39
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ثلاثة ُ أعوام مرت مُنذ أن فارق زوجها الحياة، ترك لها طفلين و أمه و ذهب. كم كان صوتُه ُ يملأ البيت و هو يُجلجل ضاحكا ً حين يُمازح ُ أطفاله، لكن العمر انتهى، هكذا قالت أمه و هي تنتحب قبل أن تنكمش هي الأخرى على نفسها و على حزنها تباعا ً مع الأيام و الشهور.

لم تكن تملك بين يديها شهادة ً سوى دورة سكريتارية، و هذه الأخيرة لم تؤهلها لعمل ٍ يفي بحاجات طفليها و جدتهم و تستطيع منه أن تدفع إيجار البيت و الفواتير و مواصلاتها التي تحتاجها للذهاب إلى عملها و العودة منه. أحد أصحاب العمل عرض عليها مبلغا ً محترما ً جدا ً لوظيفة إدارية، إلا أن الأسبوع الأول من العمل كان كفيلا ً بتوضيح حقيقة عملها "الإداري" المطلوب، فاختارت أن تبقى كما تعرف نفسها و كما عرفها زوجها فاستقالت غير آسفة.

قبلت بعدها بوظيفة سكرتيرة في شركة ٍ صغيرة، وظيفة ٌ محترمة دخلها قليل، لكن أعمال الخياطة التي كانت تمارسها بعد العمل أمّنت دخلا ً إضافيا ً مدّهم بمردود ٍ لا بأس به يُعين على النفقات و يُتيح لها أن تبقى مع أطفالها في الفترة المسائية. كانت حماتها تساهم هي الأخرى بشرائها الملوخية و السبانخ ثم تجهيزها للطبخ و وضعها في أكياس ثم بيعها من أمام مخبز ٍ في منظر ٍ كان يثير المارين فيشترون منها ربما لحاجتهم لمحتوى الأكياس لكن أكثر منه صدقة ً و شفقة.

كانت تقوم بتقصير بنطلون لأحد أبناء إحدى زبوناتها حين شكَّـت إصبعها، لم تتألم لكن نزف َالإصبع قطرة ً صغيرة ً جدا ً من الدم فوجدت نفسها تبكي بحرقة و أخذت تشهق ُ مخنوقة ً، و كأن الوخزة الصغيرة كانت في قلبها لا في إصبعها، و فعلت فيه كمطرقة ٍ هدت جدار الكبت الذي نصبته أمام الألم، فانهمر الفيضان ُ طاغيا ً بدون توقف.

كانت و هي تبكي تذكر أباها قبل سنوات ٍ طويلة و هو يحاور أمها في حديث ٍ هو أقرب إلى إلقاء بيان عسكري، قال وقتها "لا نستطيع أن نصرف على إثنين في الجامعة، أخوها أحق بالدراسة فهو سيتزوج و سيكون رب أسرة، أما هي فيمكن أن تدرس دورة سكرتاريا و سيكون زوجها مسؤلا ً عنها"، احتجت أمها وقتها و قالت "لكنها متفوقة في الدراسة و حرام أن يضيع تعبها، ثم إنها قد تخرجت من المدرسة بالفعل بينما أخوها سيتخرج بعد سنتين، و فيهما يخلق الله ما لا تعلمون".

لم يكن الاحتجاج ذا أثر ٍ على الإطلاق. دخلت دورة السكرتارية، و أخوها بعد عامين دخل جامعة ً خاصة كلفت الأب عرق السنين و عانت العائلة كلها من سياسة ربط الحزام حتى كاد الحزام أن يشنق الخواصر، لكنه تخرج في النهاية و هنأته هي و زوجها.

تذكرت أباها و أخاها و زوجها و هي تبكي، كان شئ ٌ فيها يتوقع منهم المزيد، فهم القوامون و هم الأعلى و الأقدر، داهمها شعور ٌ بالخوف لم تستطع تحديد سببه بالضبط، فمسحت دموعها و تعوذت من الشيطان ثم بسملت باسم الله الرحمن الرحيم و هي تهم بإكمال عملها.

علا صوت ابنتها و هي تشكو من أخيها الذي يضايقها، فنهرته بصوت ٍ أقرب إلى الرجاء "أترك أختك" ثم نظرت إليها و قالت لها بحنان: "شو بدك في أخوكي تعالي جنبي تعلمي خياطة".

و أكملت البنطلون



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة من سفر الحكمة – الفصل الثالث
- نيتشه – الإنسان عاريا ً.
- الهجوم على المسلمين – الإنصاف يقول توقفوا
- المطرانان المخطوفان – موسكو و الشيشان و حلب
- قراءة في سفر الإنسان – الله
- أضواء على التطور – القرد الذي لم يصبح إنسانا ً
- حين رأت جدها – لا تخافي
- مشكلة الشر في العالم – بين الإيمان و الإلحاد
- هذربات الفلافل - قصيدة نهاية الصيف
- تمثال العذراء المكسور – رمزية الاعتداء
- الهالوين – شاهد على أسرار البنية الدينية
- المُشترك الأعظم – الإنسانية
- الإنسانية في الفكر المسيحي – إنسجام المنطق بفعل المحبة.
- الرجال و مرآتان لهوية التعريف
- الإخوان المسلمون و العلم الأردني و إشاره رابعة
- Tell me why بين الإيمان و الإلحاد
- ما زلت أذكر ُ تلك العجوز – ما زلت أذكر سيدي
- قوك يا أردن – مع محمود الحويان
- كيف نفهم حادث كنيسة الوراق – بين أميرة و مريم و محمد.
- الثقة بالله – خاطرة قصيرة جداً.


المزيد.....




- بعد تبرئة ألفيش من الاغتصاب.. تطورات جديدة في القضية
- بقصف مدفعي لـ-قسد-.. مقتل امرأة وإصابة طفلها ومواطنين آخرين ...
- ما هي خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائر ...
- العثور على ملكة جمال ميانمار مدفونة تحت مبنى بعد محاولتها إن ...
- 800 دينار سجلي حالاً.. كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة ...
- فتح باب التقديم: مهمة استشارية للتدريب على مهارات المفاوضة ا ...
- الكوريات في رحلة المطالبة بالإبقاء على الجامعات النسائية
- السويد.. القبض على شرطي من ستوكهولم للاشتباه في اغتصابه طفلا ...
- البرلمان العربي يطالب بتمثيل المرأة الفلسطينية بفريق العمل ف ...
- السويد.. القبض على شرطي من ستوكهولم للاشتباه في اغتصابه طفلا ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الربضي - حينما ذهب – من وحي الخياطة