محمد ماجد ديُوب
الحوار المتمدن-العدد: 4272 - 2013 / 11 / 11 - 23:38
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ربّما قد لايعجب الكثيرين هكاذا عنوان لأنه يشي بسقوط نظرية أن هناك عقلاً كليّاً صمّم وخلق وأتاح لنا حرية الإختيار كما يقول رجال الكهنوت ويؤيدهم من حيث لايدرون بعض رجال الفكر وبعض رجال العلم ولكن تقضي ألمانة العلمية أن نستفيد مما يقوله العلم وهو مستمّدٌ مما جاء به العلم وخصوصاً الفيزياء عبر نظرياتها المثيرة للجدل بما يتمّ تأويله لهذه النظريّة أو تلك
عندما تأسس علم الحركة والتحريك على يد العلم الفذّ إسحق نيوتن من خلال قوانيه الثلاثة والتي بات يعرفها الجميع وتُدرّس في المستوى الثانوي في كل مدارس العالم تنطّح من يقول وفي تأويلٍ فلسفيٍّ مباشرٍ لهذه القوانين أننا لم نعد بحاجة لمن يخبرنا بما سيكون لأنه من خلال معرفتنا بالشروط الإبتدائية لأية حركة أن نحسب وبدقّة تامّة مستقبل هذه الحركة مثلاً موضع نقطة الوصول زمن الوصول السرعة الآنيّة للوصول .........
مما يعني أن هناك حتميّة ما تفرض نفسها على الحركة لكلّ متحرّك في هذا الوجود مما يعني أننا كبشر محكومون بهذه الحتميّة والتي تمّ تعميمها على الفلسفة والسّياسة وسائر مجالات النشاط البشريّ مما رسخ في اللاوعي البشري فكرةً مقتضاها أننا مسيّرون لامخيّرون وأن هناك قضاء وقدر يحكم حياة كلٍّ منّا في هذه الحياة حتى ذهب التطرف بالبعض إلى القول بمبدأ الجبر أي أننا مجبرون ولاخيار لنا في هذه الحياة مما وجه ضربة كبرى لفكرة الله الحر والذي منح الحريّة لخلقه مما يساهم في إسقاط نظرية الثواب والعقاب التي بشّر فيها وتبنّاها اللاهوتيّون في كلّ العصور التي سبقت إكتشاف قوانين الحركة النيوتونيّة حتى أنّ مفكّراً كبيراً ككارل ماركس تبنّى مقولة الحتميّة
ومع ظهور نظريّة النسبيّة لأنشتاين تمّ مايشبه الثورة على الفكر الماديّ بمجمله مع نشر آنيشتاين لمعادلته الشهيرة التي تنصّ على التكافؤ مابين الكتلة والطاقة .فإنبرى اللاهوتيّون إلى القول بأن هذه النظريّة تدعم وبشكلٍ نهائيٍّ فكرهم المثاليّ والقائل بوجود العقل الكليّ الذي ينحدر عنه الوعي البشريّوإعتبروا أن هذه النظريّة تضرب وتجتث من الأساس كل الأفكار التي بنيت على تأويلات قوانين نيوتن الفلسفيّة
ومما ساعد في تثبيت مواقف هؤلاء اللاهوتيّين بل وإنفتاحهم على مقولة حريّة الإرادة هو ظهور ميكانيك نظريّة الكموم على يد ماكس بلانك والذي بُني على مفاهيم علم الإحتمال
وهنا بالذات تمّ اللغط والذي مازال يجري حول السؤال : هل الإنسان حرّ أم لا ؟
في هذا المجال لابد من القول أنّ نظرية علم الإحتمال لم تُفهم بشكلٍ عميقٍ لدى أغلب من تنطّح للقول أن الإنسان حرّ الإرادة قياساً ما تبنته نظرية الكموم حول الحركة المفهومة بشكلٍ دقيقٍ وعميقٍ لحركة الجسيمات مادون الذريّة كالإكترونات والبروتونات والميزونات والكواركات ...
ماذا تقول نظريّة الإحتمال من الناحية الرياضيّة البحتة ؟
تقول هذه النظريّة بنتيجة متوقعة وغير أكيدة لحادثة ما كأن تشتري ورقة يانصيب فهناك إحتمال ربح يساوي 1العدد مقسوماً على عدد أوراق اليانصيب المطبوعة وإا إشتريت 6 أوراق سيكون هناك إحتمال ربح يساوي العدد 6 مقسوماً على عدد الأوراق المطبوعة أي أنّه كلما زاد عدد الأوراق المشتراة كلّما زاد إحتمال الربح ومن نافل القول أنك إذا إشتريت كل الأوراق المطبوعة فإنك ستكون الرابح وبشكلٍ أكيد للجائزة الكبرى
ولكن ماذا لوبقيت ورقة واحدة لم تشتريها وكانت هي الرابحة ؟
فعلى الرغم من صغر إحتمال أن تربح هذه الورقة فبمجرد أن تربح ينتقل الإحتمال من حالة الممكن إلى حالة الأكيد
ماذا نفهم من ذلك ؟ وماهو تفسير ذلك؟
نفهم ن ذلك أن الإحتمال يقدم صورة عن الممكن فقط وليس بوسع أحد أن يؤكد أنه أكيد على الرغم من إرتفاع نسبته وذلك بشراء كل الأوراق الصادرة بإستثناء واحدة وقد كانت الرابحة على الرغم من صفر إحتمال ربحها
ماهو تفسير ذلك ؟ هنا مربط الفرس كما يقولون إذ أن شرطاً ما مجهولاً ما قد تدخّل وأكد على الإحتمال الصغير بربح هذه الورقة ونفى الإحتمال الكبير بخسارة كل الأوراق لهذه الجائزة الكبرى
يقول قانون العامل (س) الذي كان لي شرف تسميته بهذا الإسم بدلاً من الصدفة التي تعني أن عشوائية ما تحكمت بكل العملية وأدت إلى ربح هذه الورقة وخسائرة كل الأوراق
ماهو قانون العمل (س) ؟
العامل (س) هو مجموعة المجاهيل التي تتدخل في سير حادثة ما وهنا هذه المجاهيل (والتي يستحيل على العقل البشري مهما تقدمت وسائل رصده أن يحيط بها كلّها كاملةً لسببٍ بسيطٍ هو أن المعرفة البشريّة ستبقى ناقصة إلى الأزل كما يُستنتج من علاقة الإرتياب لهاينزبرغ وعلى البشرية أن تكفّ عن الحلم بالمعرفة الكاملة )هي التي تحكمت وجعلت تلك الورقة هي الرابحة وليس سواها
هنا يأتي التأويل المضلّل من قبل من يقولون بحريّة الإرادة أن وعياً ما هو من تحكم وقرّر أن تكون تلك الورقة هي الرابحة وليس سواها وهذا الوعي قد يكون إلهيّاً تحت مسمى حكمته في تقسيم الأرزاق وقد يكون على مستوى الآلات التي أجري بواسطتها السحب على الأوراق الرابحة
لننظر الآن يكون الحتميّ غير حتميٍّ في آن
لنأخد حالة طائرة مجهزة بكل وسائل الرصد وفيها كمبيوتر عملاق في قدرته على إجراء عمليّات هائلة العدد وهي تطير على إرتفاع كبير يمكنها من رصد حركة السير في مدينة كبيرة كنيويورك مثلاً هذه الطائرة بالتأكيد ستتنبأ وبشكلٍ أكيد مسبقاً بحادث سير ٍ بين سيارتين قبل وقوعه بزمن ٍ ما من خلال رصدها لسرعات السيارات ومعرفة مواضعها لحطةً بلحظة عندها سنقول أن الطائرة قد علمت المستقبل بشكلٍ أكيدٍ ولكن هل سائقي السيارتين المتصادمتين سيقولان ذلك لاأظن ذلك بل سيقولان أنه قضاءٌ وقدر إن كانا مؤمنين أو في أحسن الأحوال إنه إحتمالٌ وحدث كما هو الحال مع ورقة اليانصيب الرابحة إن كانا ملحدين
هنا نرى أن الإحتمال هو حالة أكيدة لمن يقوم بالرصد في الطائرة ولكنه في الوقت نفسه هو حالة إحتماليّة بحتة لكلي السائقين فأيهما نحن في الكون ؟ من يرصد وهو قابعٌ في هذه الطرائرة أم السائقين ؟
في الواقع نحن كلاهما معاً كيف ذلك ؟
نحن في الطائرة في حالة معرفة كل مجاهيل حركة السيارت في هذه المينة وهذا الواقع مازال غير ممكن الحدوث ولن يكون أما الواقع فيقول نحن سائقا السيارتين
هذا مايقوله قانون العامل (س) :يقول أنه إذا توفرت معرفة كل قيم المجاهيل لحادثة ما فستكون معرفتنا بنتيجتها أكيدة ولكن بما أنّ ذلك مستحيلٌ تماماً فليس أمامنا إلا القول بأن هذا النتيجة هي مجرد إحتمال
ماذا عن الإنسان فيما ينص عليه قانون العامل (س) :
الإنسان وكما هو معروف مشروطٌ تماماً في كل مايفعله أكد ذلك فرويد ودعم هذا التأكيد العبقريّ كارل غوستاف يونغ من خلال دخوله إلى قوة الرمز في خافية الإنسان هذه الخافية التي لن يستطيع أحدٌ مهما ببلغ من قدرة على التحليل النفسي أن يعرف محتوياتها بشكلٍ كاملٍ ماهو موجود في خافية كلٍّ منا هو الذي يحدد وبشكلٍ تامٍّ كيف سنتصرف في أي موقفٍ ما وعندما تأكد عجزنا عن معرفة كل محتويات هذا الصندوق الأسود المُسمى العقل الباطن أو اللاشعور أو الخافية أو الخفي كما أفضّل أن أسمّيه هو ما يوهمنا بمايسمى حريّة الإرادة
تقول الرياضيات إنّه يوجد الفضاء الذي تكون في درجات الحريّة لانهائية ولكن الفيزياء تقول بعكس ذلك والسؤال كيف يكون الإنسان حرّ الإرادة وهو جزءٌ أصيلٌ من الوجود الزمكاني الذي قالت به النظريّة النسبيّة
متى نكون أحراً ؟ سنكون أحراراً عندما نكون كما هو تصورنا عن الآلهة هل هذا ممكن الحدوث في المستقبل ؟ آمل ذلك
#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟