|
الجريمة والعنف الاجتماعي (Crime and Social violence )
سجاد الوزان
الحوار المتمدن-العدد: 4272 - 2013 / 11 / 11 - 22:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الجريمة والعنف الاجتماعي (Crime and Social violence )
الجريمة : Crime لغتاَ : أصل كلمة جريمة من جرم بمعنى كسب وقطع .(1) فالجريمة والجارم بمعنى الكاسب وأجرم فلان أي اكتسب الإثم.(2) كما تعني ما يأخذه الوالي من المذنب .(3) والجريمة تعني الجناية والذنب .(4) وتقول جرم بأخاه ( زيدٌ )، أي فعل زيدٌ جنايتاً وذنباً مع أخاه . اصطلاحا : ويعرف فقهاء الإسلام الجريمة بأنها : ((عرفت الجريمة بأنها محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير، ولها عند التهمة حال استبراء تقتضيه السياسة الدينية ، ولها عند ثبوتها وصحتها حال استيفاء توجبه الأحكام الشرعية )) .(5) أي وهي (( صدور المنع من الله وزجره عنها، عند وقوع الفعل بمعناه، فتوجب سياسة النص الديني، إبداء الرادع عنها، ووضع الحد والعقاب لفاعلها )) . بل ويتعدى الفقهاء إلى معناً أوسع ليشمل كل من يخالف فعل الشريعة .
وفي القانون الوضعي تعرف الجريمة : (( وجاء في الموسوعة الميسرة في تعريف الجريمة " أنها خرق للقواعد الاجتماعية وفعل يعد ضارا بالجماعة ولاختلاف الحضارات في التنظيم والقيم يختلف ما يعد جرماً )) (6) وهذا التعريف وغيره لا يعد كافياً وافياً لذلك الفعل، فأغلب التعاريف التي تناولت معنى الجريمة، لم تشتمل على معنى شامل يحتضن شناعة هذا العمل، كفعل يهدم كيان المجتمعات وأمنها، ويزعزع أستقرارها، وطمأنة نفوسها . ونستطيع وضع تعريف شامل لهذا المعنى، مستوحى من أغلب التعاريف بهذا الشأن فنقول : (( هي إتيان فعل قبيح، وخارجٌ عن الأطر والقوانين التي اعتمدتها البشرية لضمان تعايشها وأستقرارها، ويقابله ترك فعل حسن، أقرته الشرائع البشرية، ليكون بديل الحسن ذلك الفعل القبيح، والذي يسبب ضراراً بالغاً أو جزئياً في المنظومة الاجتماعية، وهي المنظومة التي حماها المشرع بقواعد، تجرم من يتعدى عليها، وتوجب عقوبته ولو جزئياً )) . وقد لا يختلف المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي كثيراً كما هو ظاهر . العنف الاجتماعي : Social violence
لغتاً : عَنُفَ، عَنْفاً، وعَنَافَةً، بالرجل، أي لم يرفق به وعامله بشدَّة . لذا فهو عَنيف ... والعُنْف والعَنْف والعِنْف : ضد الرفق، الشدة والقساوة . (7)
والعنف، هو بمعنى الشدة والقسوة والحدة، وهو ضد الرفق واللين والرقة . اصطلاحا : (( هو نمط من أنماط السلوك الإنساني، يستخدم الشدة والقوة كسلوك فعلي لإلحاق الضرر والأذى بالأشخاص، وتدمير وأتلاف الممتلكات العامة والخاصة كضرر اجتماعي )) .
وقانوناً : (( هو استعمال غير القانوني لوسائل القسر والتدمير المادي والبدني بهدف تحقيق غاية فردية ( شخصانية ) أو جماعية )) .
وحسب علم الاجتماع : (( هو سلوك يتسم بالعدوانية، يصدر من طرف أو أطراف، فرد أو أفراد، جماعة أو مجتمع، دولة أو مدينة، بسبب أخضاع الطرف المقابل في أطار علاقة قوة غير متكافئة، تكون فيها القوة لطرف دون طرف في تحصيل الغلبة، فيتم من خلاله أخضاع أفراد أو جماعة أو دول )) .
وحسب علم النفس : يقول فرويد (( العنف خاصية تمتد جذورها إلى الطبيعة البشرية، وتثار إذا أعترض نشاط الفرد )) .
لذا فحسب مفهوم علم النفس للعنف، هو سلوك إنساني، نابع من أسباب نفسية كثيرة، تراكمت على مدى معين من الزمن، فظهرت كظاهرة طبيعية في سلوك الفرد، فأصبح ينظر اليها وكأنها جزء من غايات وأهداف ينشدها، وذلك تنفيساً عن صراعات الاحباط وعدم المفهومية التي يعيشها . وسوف ندرس هذه الظاهرة من منظور نفسي، أكثر من التركيز على المنظور الاجتماعي .
الخلل الإجتماعي : Social Disorder
ويقصد بظاهرة الخلل الإجتماعي : "" هو ما يصيب المجتمع من مظاهر القلق والاضطراب والتناقض في العلاقات الإجتماعية بين أعضائه، سواء كان مجتمعاً صغيراً كالأسرة، أم كبيراً كالأمة بأسرها، أم اكبر وأشمل كالمجتمع الدولي، وتنجم هذه الظاهرة عن تقدم بعض وحدات هذا المجتمع، وتخلف بعضها الآخر ثقافياً أو أجتماعياً أو اقتصادياً ... فهي تمثل الصراع بين القديم والحديث "" . (8)
ويتبلور هذا الصراح ويصبح واضح على أرض الواقع، عندما يكون بين القيم الاجتماعية القديمة المعوقة، وبين القيم الاجتماعية الجديدة، فغالباً ما يتمسك الناس بعادات قديمة، على الرغم من حدوث التطور في طبيعة الحضارة .
وأظن إن هذا العنف والذي يتحول إلى خلل اجتماعي، وبعد متابعة دقيقة من قبلنا، بين الظروف والطبيعة والسلوك التي يعيشها سكان القرى، وبين الظروف والطبيعة والسلوك التي يعيشها سكان الحضارة والتمندن . فعندما تبدء عملية نزوح سكان القرى والريف، إلى المدن والاختلاط مع ذلك الفرد المتحضر، ستتولد فروقات فردية يحس بها كل من شخص القرية وشخص المدينة، فتبدأ عملية حدوث خلخلة في طبيعة السلوك لتلك الإفراد، فيبدأ الشخص المتحضر والذي يؤمن بالحضارة الجديدة وبكل ما تنتجه كوسيلة لممارسة حياته الطبيعية بنقد وتجهيل ذلك الشخص الأمي الريفي، والذي لا يعرف من الحضارة شيء، لذا سوف تنتج مشكلتين طبيعية من حيث لا يشعر كلا الطرفين وهيه : i. ينظر القروي إلى المتمدن كأنه ظاهرة بعيدة المنال، والإحاطة وهي تخالف جميع قيمه ومبادئه التي كان يعتقد بها، والتي كان يمارسها، كسلوك طبيعي يحمد عليه في تلك البيئة، فأصبح الآن يذم عليه من قبل الجميع . وعند ذلك سينظر إلى نفسه نظرة استصغار وإحباط ويعيش الفروق الجمعية قبل الفردية مع تلك الأفراد. ii. ينظر المتمدن والمتحضر إلى ذلك الفرد القروي على أنه ظاهرة مملة وقديمة وتعيش حياة الاجداد، الذين لا يفهمون من سلوكنا هذا غير، الدابة ولف السكائر، وشرب الماء بإناء فخاري، ولبس الملابس العربية القديمة، ولبس الخف، وغير ذلك من وسائل التخلف، بحسب منظور هذا المتمدن .
لذا فأنا كباحث لا أعزي عملية العنف التي أصبحت ظاهرة اجتماعية تقتل الحرث والنسل، إلى معتقد ديني أو علمي أو قروي، بل هي نتاج أفعال فردية، أنتقلت إلى بيئة لا تعرف منها شيء، فحياة البداوة مثلاً لا يمكن لها أن تعرف حياة التمدن في حياة البداوة نفسها، وذلك لأنعدام المثلية التي يمكن للشخص البدوي أن يصنع لها تصوراً ذهنياً ليصبح مفهومها شيء سهل وله سابق معرفة لدى الذهن . لذا فحياة البداوة هي حياة روحية نفسية غائبة عن العقل والوعي كظاهرة طبيعية في حياة الشخص المتمدن، لذا فهي تعيش الإرادة في كل شيء، ولكنها لا تدرك تلك الإرادة كمعرفة عقلية تسندها النفس لدى الذهن . وهذا ما لا يلاحظه أفراد المجتمع المتمدن، بل على أفراد المجتمع المتحضر نقل ذلك الوعي وتلك الثقافة إلى سكان القرى والأرياف، قبل حدوث عملية النزوح إلى المدينة، لتصبح المشكلة معقدة وصعبة الحلول، بل وسيشتعل الاقتتال بين هذه الطبقتين، لوضاحة نكران كل منهما للآخر، والذي يحدث كسبب طبيعي وكردة فعل طبيعية لسلوك كل منهما والذي لا يستطيع الآخر تحمله .
أنواع الصراعات الناتجة من هذا الخلل : (Conflict )
مجمل ما أريد قوله في هذا المقال حول العنوان الذي بيناه والذي نحاول بيانه وحله ومعالجته، هو إن جميع العمليات التي تصدر عن الإنسان بهذا الصدد هي نتيجة (( فعل وإنفعال )) نفسي، قبل أن يكون عقلي، ويقول رينيه ديكارت حول بيان الفرق بين هذين المعنيين في كتابه إنفعالات النفس : (( إن كل ما يعمل أو يحصل من جديد فإن الفلاسفة يطلقون عليه بشكل عام لفظ أنفعال بالنسبة للشخص الذي يحصل له، ولفظ فعل بالنظر إلى الشخص الذي يجعله يحصل أو يقع، حتى إن الفاعل والمنفعل على الرغم من إنهما يكونان في غالب الأحيان مختلفين اختلافاً كبيراً، فإن الفعل والإنفعال لا يستطيعا إلا أن يكونا شيئاً واحداً له هذان الاسمان بسبب هذين العاملين المتباينين اللذين نستطيع أن ننسبها له )) .(9)
وعملية الصراعات التي تحدث والتي تكون سبب رئيسي في ظهور الجريمة والعنف في المجتمع، هي صراعات تنافسية، أو طبقية، أو دينية مذهبية، أو غير ذلك، والتي ستخزنها النفس كمادة أولية لها لإنتاج جرائمها واندفاعاتها العنيفة اتجاه الآخر، وسنبين عملية الصراع هذه من منظور علم الإجتماع ليسهل فهم السببية الهجومية الناتجة عن هذا الفعل من قبل الفرد، وبعد بيان ذلك سنوضح، السبب النفسي السيكولوجي والسبيل إلى حلها وعلاجها .
(( تأخذ المنافسة في العادة مظهراً سلمياً حتى إذا ما تغير الوضع وأخذت مظهراً عدائياً سميت صراعاً، وذلك عندما يصبح المقصود منها ليس شيء موضوع المنافسة فحسب، بل أيضاً الرغبة في هزيمة الشخص المتنافس، وتتميز المنافسة بسيادة العامل الشخصي عند المتنافسين والرغبة في التشفي، وتتدخل العاطفة بشكل واضح ثم تتحرك إلى شعور بالغضب والكراهية، كما تخلق عدداً من الدوافع للمهاجمة والإضرار قد تنتهي بالقضاء على الفرد أو الجماعة الأخرى )) . (10)
وعل هذا الشكل تتحول المنافسة إلى صراع يعرفه جلين كالتالي : (( Conflict is the social process in which individuals´-or-groups seek their ender by -dir-ectly challenging the antagonist by violence´-or-the threat of violence )) .(11)
حيث يقول ما معناه إن الصراع هو عملية أو فعل أجتماعي يقوم به الأفراد أو الجماعات، من خلال تحدي مباشر على خصم منافس بواسطة العنف أو التهديد بالعنف . ويأخذ الصراع أنواعاً مختلفة، كأن يكون شخصي، أو سياسي، أو طبقي، أو ديني، أو جنسي ( عرقي، أو ما يتعلق بالصفات الجسمية وغيرها من اختلاف الأجناس للجنس البشري ) . وجميع هذه الصراعات والتي تتحول إلى عملية عنف وتهديد للفرد الأمن أو للمجتمع ككل، هي حدثت وما زالت تحدث إلى يومنا هذا، بل وتطورت هذه الصراعات لتكون واحدة في الفرد الذي يعيش هذه الحالة، أو بمجتمع كامل . فقد نرى إن فرداً واحداً يستطيع أن يعاني صراعاً شخصياً، يعطي لنفسه واعزاً لعملية العنف والإجرام، وكنتيجة لتحول الصراع الشخصي ولنفس المرحلة ذاتها وبنفس القضية إلى صراع سياسي، أي يأخذ من الدافع السياسي وسيلة لتبرير عملية العنف والإجرام التي يقوم بها، بل وسرعان ما تتعذر هذه الوسيلة على هذه الشخصية العنيفة، حتى تحيل عذرها إلى صراع طبقي – كما جاء في نظرية ماركس حول ما سينتهي إليه الصراع بين الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة، ليحل محلها حكم الطبقة العاملة، بل ويجب أن يكون هذا الصراع في كل بلد تمارس فيه الرأسمالية -، بل سيكون هذا الصراع ذاتياً في نفوس الطبقة العاملة عند تواجد الرأسمالية، وهذا ما لا يمكن أن يكون . بل ويمكن أن يتحول الصراع الطبقي إلى صراع ديني، أي ترك معذرية الصراع الطبقي والأخذ بمعذرية الصراع الديني، ليكون دافعاً للعنف والقتل والإجرام، ضد جميع الصراعات السابقة، فيهاجم من يخالفه بالهوية الشخصية، أو السياسية، أو الطبقية، ليغلب عليه هويته الدينية، ليجد معذرية سائبة عن هويته، ليتفادى المحذورية التي تفرضها عليه تلك الهوية وذلك الأنتماء، بل وهناك قسمٌ يحيل الصراع إلى صراع جنسي بعد فناء تلك الوسائل، كما حدث هذا الشكل من الصراع بين سكان الولايات المتحدة الأمريكية، نتيجة شعور البيض أنهم أرقى من السود . وإذا مر الفرد بجميع هذه الصراعات أو حتى المجتمع ككل، فذلك لا يمكن أن نحيله إلى فعل شاذ أو استثنائي طارئٌ على سلوكيات الأفراد في المجتمع، بل هذه السلوكيات إذا تتبعناها كإحصائية نقوم بها نجدها قد تشكل ظاهرة متفشية، وتكاد تكون هي القانون، وهي الفعل الصحيح والذي يجب على الجميع ممارسته من بين جميع الأفراد في المجتمع، وهذا ما اصطلحنا عليه بـ (( الخلل الإجتماعي )) - Social Disorder-، أي : ( أي اعتبار سلوك أحد الأفراد أو سلوك جماعة لعملية عبثية تهدد أمن المجتمع وتفشي فيه عملية العنف والجريمة، لتكون مبدأ وذات قيمة عند أصحابها، في حال إنها تخالف جميع النظم والقوانين والأعراف والديانات، بل وتتعدى إلى تقبيحها ذاتاً من قبل العقل )
والسؤال الذي سوف يطرح علينا، مع كل هذا التشخيص للحالة، أين تكمن المشكلة (Where lies the problem )؟ .
العقل والنفس وعملية أنتزاع المفاهيم : (Process to extract... ) بين في مقالنا السابق ( الروح بين العالم العقلي والعلم النفساني)، عملية فصل العالم العقلي المجرد عن الانفعالات وغيرها، عن العالم النفساني والذي يمتاز بالسلوك والإرادة والفعل والانفعال وغيرها . ولتحليل نص المشكلة ندرج المثال التالي :
عندما تريد أنت أن "" تنتحر"" مثلاً فإن هذه الإرادة هي ليست من العقل . وذلك لأن عمل العقل هو أدراك تلك الإرادة بغض النظر عن قبحها أو حسنها، ولكن تلك الإرادة ليست هي انبعاث عقلي . وهذه هي أزمة الأفراد الذين يعيشون حالة العنف والإجرام وهو إنهم ذو إرادة قوية جداً، ولكنهم لا يدركون تلك الإرادة عقلاً، فتبقى أغلب أفعالهم عبارة عن إرادات كمية خالية من النوع الفكري والتأملي لحدثٍ من الأحداث، ولفعلٍ من الأفعال، فتصبح هذه الإرادة عمياء ناتجة من الدافع النفسي البحت، من غير عقلنة تلك الإرادة . والسؤال الذي يبرز هنا، كيف لا يدرك العقل تلك الإرادة أو ذلك الفعل، فيقبحه، مع إن عملية الوعي لدى الإنسان تسلسلية مرتبة ؟ . أقول : ذلك صحيح لمن يفكر بالأمر من خارج الوجود الإنساني من حيث : (( وذلك لأن العقل سيرجح صحة ذلك الفعل والسلوك وتلك الإرادة ويحيلها إلى الصحة، وكونها هي السلوك الصحيح والصائب الذي يجب فعله من ذلك الفرد أو الشخص، لأن العقل أنتزع ذلك المفهوم الإرادي أو السلوكي من النفس، فأقر العقل بأن ذلك السلوك يقيني وصائب، وذلك لكونه ظاهرة طويلة المدى محتوية في النفس، بل وأحالت النفس تلك السلوكيات لذلك الفرد الذي يقوم بها دائماً إلى عالم ما بعد النفس ( العمق النفسي )، الذي تتراكم به جميع السلوكيات الإنفعالية للإنسان، لذا فأستل العقل ذلك المفهوم واعتبره صائباً لذلك السبب، حيث إنه بحث في النفس الأولى فوجد المفهوم مريداً في النفس، وأنتقل إلى النفس الثانية ( العمق ) فوجد له محلاً فيها، فحصل لدى العقل ما يشبه الأستقرار للظواهر الخارجية، فجعل احتمالية صحتها كبيراً جداً، فرجح أولويتها، فقر بصدقها، فأصبح العنف والجريمة ظاهرة طبيعية عند ذلك الفرد وتلك الجماعة )) . التوازن الإجتماعي : ( Social Equilibrium ) إن عملية إحداث التوازن الإجتماعي في مجتمعاتنا وخصوصاً العربية منها، أمر قد يكون صعب بل ويظن البعض بأنه مستحيل، أما هذه الصراعات المتلاطمة والمختلفة والتي لا تريد أن تعرف أين هي تسير، وأي توجهٍ هي تسلك بغض النظر عن الانتماء . إلا إن عملية إحداث توازن في المجتمع العربي غاية في الأهمية، وحلاً للمعضلات والمشاكل التي نعاني منها نحن اليوم، وكما صور كونت واسبنسر إن هذا التوازن هو ظاهرة تمتاز بالهدوء والاستقرار، هدوء سياسي واقتصادي، بل وحتى عقائدي وديني، كما إننا لا ننكر إننا لا نستطيع سلب جميع تلك السلوكيات المتناقضة عند الأفراد في المجتمع، إلا إننا نقول يمكن حلها وتحويلها إلى مبدأ للمناقشة والحل بأسلوب حضاري يناشد الأختصاص واللين في ذلك . فمثلاً عندما يؤدي كل فرد في المجتمع دوره بانتظام وبلا مخالفة، سينتج هدوء وسكينة بلا تكلف بل وتتم أداء ما على الفرد من واجبات أتجاه المجتمع وأتجاه أفراده كجزء من ذلك الدور النظامي الذي يفرضه على نفسه لتحقيق غاية كبرى هي أستقرار وتسكين المجتمع، وقد يتعدى ذلك الدور إلى أن يكون مؤسساتي، يصنع عملية وعي شاملة يعيشها جميع أفراد المجتمع وبلا استثناء، ليفكر الجميع في هدف وحيد يخوض مخاض الإدراك المتوازن، في سبيل تحقيق استقرار شامل للمجتمع ككل . لذا سوف ننتج توازن اجتماعي على جميع الأصعدة، فنرى الاتزان يعمل من قبل الفرد عند أضطراب الفرد فيكون التوازن نتاج السكون، وننتج توازن اجتماعي شامل متعلقٌ بالعمل المؤسساتي الكبير والوعي الجمعي، عندما يضطرب كل المجتمع ويعيش الأزمة فتشخص من قبل الجميع، فيكون التوازن متحرك، ويعيش الاستمرارية ويتحرك مباشرة عند كل أضطراب .
المصادر : (1) الإمام محمد أبو زهرة ـ الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي ـ الجريمة ـ دار الفكر العربي ـ ص 12 (2) محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح القرطبي ـ تفسير القرطبي ـ دار الشعب بالقاهرة 1372 ـ الطبعة الثانية ـ حققه أحمد عبدالعليم البردوني ـ ج 6 ص 45
(3)بطرس البستاني ـ محيط المحيط قاموس مطول للغة العربية ـ مكتبة لبنان بيروت ـ طبعة جديدة 1983 ـ ص 104 . (4) القاموس المحيط - الفيروز آبادى ج 4 ص 88 ، محب الدين أبى الفيض السيد محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدى الحنفي ـ تاج العروس من جواهر القاموس ـ مكتبة الحياة بيروت – لبنان ج 9 ص 341 ـ بطرس البستاني ـ مرجع سابق ـ ص 104
(5) أبي الحسن على بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الماوردي ـ الأحكام السلطانية ـ دار الكتب بيروت ص 273
(6) د. عبدالله بن الشيخ محمد الأمين بن محمد مختار الشنقيطي ـ علاج القرآن الكريم للجريمة ـ مطبعة أمين محمد سالم بالمدينة المنورة ـ الطبعة الأولى 1413هـ ـ ص 17 محيلاً إلى الموسوعة الميسرة ص 626 مؤسسة فرانكلين بإشراف محمد شفيق غربال .
(7) : المنجد في اللغة والاعلام، مادة – عَنَفَ – ص533 .
(8) : معجم العلوم الإجتماعية، الشعبة القومية للتربية والعلوم الاجتماعية (يونسكو)، اعداد نخبة من الأساتذة المصريين والمختصين العرب، ص 254 .
(9) : رينيه ديكارت، انفعالات النفس، المقالة الأولى، ص15 .
(10): علم الإجتماع، د. عبد الحميد لطفي، دار النهضة العربية، بيروت، ص139 .
(11) : Gillin and Gillin, op.,ci., p. 625 .( نقلاً مصدر سابق مصدر رقم -10- )
#سجاد_الوزان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الروح بين العالم العقلي ... العالم النفساني (Mental world… P
...
-
الكون بين أزلية التفكير وإشكالية الوجود (niverse Between the
...
-
الشباب بين مشكلة العقل وخطأ التفكير ( Young people between t
...
-
النظرية العكسية ( Inverse Theory )
-
التطرف الإسلامي ( Radicalism Islamic) أسبابه وعلله
-
نظرية المعرفة عند العرب Epistemology when the Arabs
-
الهوية العربية ...بين أزمة البحث عن الذات، والثقافات الدخيلة
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|