|
ست ساعات هزت مصر
محمد منير
الحوار المتمدن-العدد: 1218 - 2005 / 6 / 4 - 08:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
وسقطت ورقة التوت ماحدث فى مصر خلال يوم 25 مايو من هذا العام لابد وان يؤرخ له ضمن الايام ذات الملامح النادرة فأحداث 6 ساعات فى هذا اليوم كشفت عن زيف 25 عاماً من الادعاء بالديموقراطية والتحضر ، وأكدت لنا ان اليوم الوحيد التى ظهرت فيه حكومتنا على حقيقتها منذ 25 عام هو يوم الاربعاء 25 مايو 2005، اما باقى الايام والسنوات فكانت بمثابة فاصل درامى تقدمه الحكومة المصرية امام العالم لثبيت قواعد عرش السلطة ، ووضع سبل واطر لمزيد من النهب والفساد فى ثوب من التحضر والرقى . صور من باقيا الوطن : ولكى يتضح المعنى لابد وان نعاين صورة ماحدث فى شارع عبد الخالق ثروت بعد ظهر يوم الاربعاء ، عندما التف آلاف من جنود الامن المركزى حول مظاهرة من عدة مئات من الذين صدقوا دعاوى الحكومة بأحترام الحقوق المدنية ، واخذوا يهتفون فى مظاهرة سلمية بما تجيش به نفوسهم من هم وكرب ، وكان مثل هذا الامر يتكرر فى الايام السابقة وسط تحرشات امنية طفيفة ، إلا ان فى هذا اليوم استجلب السادة قيادات وزارة الداخلية مجموعات من اسوأ النماذج المجتمعية قوادين و تجار مخدرات ولصوص على جميع الانواع ومتسولين ، جمعتهم لا لتقومهم او تهذبهم بل لتشجعهم على تنشيط سلوكهم الاجرامى ، واطلقوهم على المتظاهرين الذين حوصروا ما بين الامن وجيوش المنحرفين ، وبدأ الضباط يشاهدون الصراع وهم يضحكون ويتندرون فى مشهد اشبه بمشاهد عهود الاضطهاد المسيحى عندما كان الاباطرة يلقون بالعبيد المضطهدين فى حلبة المصارعة ويطلقون عليهم الوحوش تنهش لحومهم وسط سعادتهم وشذوذهم ، نظرات التلذذ الشاذة كانت تملأ عيون قيادات الداخلية ولواءات امن الدولة ، وهم يلفتوا نظر بعضهم لبعض المشاهد، كمشهد متظاهر تم حمله ليلقى اعلى فى الهواء ويتلقفه اخرون على الاحذية والعصى ، أو وضع عصى فى مؤخرة أخر وهم يضحكون بشدة ، ولكن المشهد الاعظم والواضح هو المبالغة فى الاعتداء على النساء تحت اشراف الحكومة واحياناً بتوجيه منهم ، فى مشاهد اغتصاب واضحة تنم عن كبت جنسى شديد لدى المعتدى والمشاهد الذى لم تنتابه أى لحظة ألم من صرخات النساء وهن واقعات تحت العشرات من المجرمين يخلعون عنهم ملابسهم ويعملون فيهم ايديهم بل وجد الشواذ من هذه القيادات فى المشهد صورة مبهجة ربما تعوضهم عن اشياء كثيرة محرومون منها .
ست ساعات هزت مصر : فى السبعينيات من القرن الماضى كنا نتظاهر ، وعندما كان الامن يدخل لتفريق المتظاهرين كان من الصعب ان ترى مشهد عسكرى او ضابط يعتدى على سيدة ، ولكن يبدوا ان مؤسسة الحكم الحالية لم تجد مكاناً لها وسط القيم والمبادئ ففضلت ان تقف متلاصقة كتفاً بكتف مع المجرمين والشواذ والذى ترى فيهم جمهورها الحقيقى . مجموعة من المجرمين تحاصر مبنى نقابة الصحفيين، نقابة القلم، وهم يتحدثون مع كتاب وشخصيات محترمة بألفاظ نابية ، فشخص يجذب الكاميرا من يد مصور صحفى ، واخر يطلب من احد الصحفيين ان يحمل صورة مبارك بالقوة ، اما العديد منهم فكانوا يبحثون عن النساء ليمارسوا معهم شذوذهم من جذب وتقطيع ملابس وغيرها ، ووصل الامر الى سرقة الحلى والحقائب الخاصة ، الغريب ان هذا لم يكن فقط تحت نظر الامن بل كانت تحت توجيهم فمعظم النساء اللاتى تم الاعتداء عليهن كان بسبب اشارات من ضباط الامن والمباحث. المعادلة : عندما "حَضّر" السادات عفريت الارهاب بين الجماعات المتأسلمة لم يستطع ان يصرفه وقضى عليه ، اما العفريت الجديد وهو عفريت المجرمين والمنحرفين فسيقضى على المجتمع كله ، فإذا ما افترضنا ان كل ضابط مباحث احضر من قسمه عشرة مجرمين ليساهموا فى تأييد الريس وضرب المعارضين ، فيكون بذلك عدد المجلوبين من اقسام العاصمة فقط يزيد عن الف مجرم ، قدموا خدماتهم للباشا الحكومة ويريدون المقابل ، والمقابل هنا ليست السندوتشات وزجاجات المياه التى قدمتها قيادات الحزب الوطنى لهم اثناء المعركة ، ولكن الخدمات تكون غالباً فى نفس المجال الذى يعمل فيه المجرم سواء نصب او اتجار فى المخدرات او سرقة او اغتصاب ألخ .... فكيف يمكن ان نتصور الوضع الامنى فى مصر بعد شهور عندما يُجبر رجال المباحث ان يقدموا الثمن للمجرمين من أمن الوطن ؟ . المعادلة الثانية المحيرة هى وقوف شخصيات من المفروض ان يكون لها وضعها الادبى والاجتماعى مثل الدكتور مجدى علام مساعد رئيس جهاز شئون البيئة والمنوط به استئصال القاذورات من المجتمع ، فيهبط منحطاً ليشرف على جيوش البلطجية والمنحرفيين فى مواجهة أى معارض لرئيس الدولة الذين نعموا فى عهدة بفرص فى النهب والسرقة والانحراف ، والدكتور مجدى يعرف شخصياً ماذا اقصد ؟ اما رجال الامن فحدث ولا حرج فهم اسوأ من " الصيع " شكلاً ومضموناً هم نوع من البلطجية المتعلمون والمتنكرون فى ابهى الحلل ، فرجل امن محترم يرتدى بذلة انيقة و "مسشور " شعره على احدث موضة يدفع صحفى قائلاً له " زق الجثة " طبيعى..... فكل إناء بما فيه ينضح . فى هذا اليوم تساوت الرؤوس الباشا والمجرم فكلاهما "بلطجى" . وورقة التوت لم تسقط فقط عن حكومتنا فالزميل الذى نشر فى الاهرام ان صحفية مزقت ملابسها لكى " ترمى بلاها " على الحكومة ، عليه ان يسأل زملائه فى نفس الجريدة والذين شاهدناهم يحاولون انقاذ زميلاتهم من بين ايدى المغتصبين دون جدوى ، لحساب من يكذب هذا الصحفى ، والصحفى الذى يتشفى فى فنان تعرض لحادث خيانة زوجية مشيراً الى أن الانشغال فى المظاهرات والسياسة ادى الى مشكلته ، نسأله مالذى يؤديه الانشغال فى البحث عن طرق الصعود السهلة لغير اصحاب المواهب مثلة ، وماالذى قدموه ليصلوا لهذه المناصب دون سند من الامكانية .
#محمد_منير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاحدث السياسية تفرض نفسها على نقابة الصحفيين المصريين
-
حوار مع أيمن نور ،
-
يأس بين قيادات المعارضة المصرية من استجابة الحكومة لمطلب الا
...
-
لا ياسيدى الرئيس ، ليس الشيخ ياسين هو القعيد
-
مظاهرات مارس تؤكد تشرذم فى الشارع السياسى المصرى
-
ازمة المهندسون المصريون هل ستؤدى الى جبهة يسارية اسلامية
-
المهندسون المصريون يتوحدون للخروج من ازمة الحراسة
-
مقدرات المصريين
-
صحة المصريين - فى وزارة الصحة -الناس على دين ملوكهم-
-
تحديات تواجهة نقابة الصحفيين المصريين فى مؤتمرهم المقبل
-
من مرعى لعبيد ومن -اللحمة- لل- العدس -
-
من ينقذ المصريين من عائلة -حمزة - عائلة- حمزة- تمارس هوايتها
...
المزيد.....
-
مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا
...
-
في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و
...
-
قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
-
صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات
...
-
البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب
...
-
نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء
...
-
استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في
...
-
-بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله
...
-
مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا
...
-
ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|