سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4271 - 2013 / 11 / 10 - 18:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (32) .
" تنبيط " كلمة عامية مصرية تعنى نَََكت أو تَندر أو لَََسن عليه بدون أن يفصح صراحة عما فى داخله وتناظرها كلمة عامية أخرى " لقح بالكلام " لتفى بنفس المعنى من حيث القول بطريقة غير مباشرة وصريحة ليستخدم القائل أمثلة خارجية يسقطها فى كلامه لمن يوجه له حديثه .
لا يعجبنى التنبيط كأسلوب حديث فى الحوارات العادية فهو فى الغالب يبغى السخرية كما يعبر عن ضعف ومراوغة وخبث وعدم وضوح وشفافية القائل عند طرحه لنقده وملاحظاته ,ولكن أرى التنبيط فى الحوار الفكرى ذكياً ولماحاً ومفيداً فهو يستثير الفكر والعقل عند مواجهته للأفكار المتصلبة المتشنجه التى تُستنفر وتَتجهم من الوضوح والشفافية , فلعل التنبيط هنا يوقظ العقول الغافلة عندما تجد أنها كونت موقف من المثال المطروح أو الكلام المنبط فلعلها تراجع نفسها بعد أن عرفت طريقها بإتخاذ موقف تقارنه مع مواقف اخرى مماثلة كانت قد أقرتها بتسليم أو تعنت .
سأقدم مجموعة من الأمثلة والأفكار وأصيغها فى أقوال مُنبطة معتمدا على ذكاء أعهده فى قرائى وكل أملى أن نتخذ موقف من كل مثال مطروح قبل أن نبحث عما يرمى إسقاطه حتى يكون للتنبيط ذو فائدة مرجوة .
* يا عزيزى كلهم نصابون .
يُعرض علي "سعد" فرصة عمل عند "سنحور" براتب كبير مغرى لا يحلم به ليفرح سعد بذلك ولكن يحركه الفضول لمعرفة "سنحور" ليجيبه مدير أعماله أنه لم يرى "سنحور" ليستغرب سعد من ذلك ويسأله كيف عرفت إذن "سنحور" وهل لى أن أقابله فينتفض وكيل أعمال سنحور ليقول له أن "سنحور" لا يمكن رؤيته أو رصده أو مقابلته فكل ما أستطيع أن أقدمه لك هو عرض مغرى بأنه سيمنحك مرتب رائع ولكن لا تسأل عن ميعاد إستحقاق الراتب فأنت ستناله بعد إنتهاء العقد ولكن إذا فكرت أن ترفض عرضه المغرى هذا فإنه سيشتاط غضباً ليكون مصيرك معتقل جوانتاناموا ,وما أدراك جوانتاناموا.
يترك مندوب "سنحور" سعد فى حيرة من أمره فهو لا يعلم عن "سنحور" شيئا سوى أنه يعد بجوائز عظيمة أو مصائب جمة وفى الحالتين لن يكون الدفع فى التو بل بعد إنتهاء مدة العقد ولكن شئ غريب هذا الغضب الشديد للسيد "سنحور "حال رفضت العمل لديه ليتوعدنى بهكذا عقاب قاسى ,ثم من أين لى الثقة فى أن كلام وكيل أعمال "سنحور" صحيحاً فقد يكون نصاباً يبغى أن أعمل لديه ولا أنال مقابل فى النهاية .
بينما "سعد" فى هذه الحيرة يدخل رجل محترم آخر بعقال يظهر من هيئته أنه قادم من بلد خليجى ليستقبل سعد مهللاً : ابشر يا سعد فقد أحضرت لك وظيفة رائعة عند "فنكوش" ليقف سعد فرحاً ويسأله عن الراتب الذى سيتقضاه , ومن هو الشيخ فنكوش وهل يمكن مقابلته للتعرف عليه لينتفض وكيل فنكوش ويقول : الفنكوش ليس شيخاً ولا يوجد أحد يرى الفنكوش بل إننى لم أراه بعد ولكن كل ما أعرفه عنه أنه شديد الثراء ويسكن فى مكان بعيد وسيراه كل العاملين لديه بعد نهاية مدة عقد كل منهم ليمنح الجائزة الكبرى للمجتهدين , ولك أن تسألنى عن تلك الجائزة فهى إقامة رائعة فى جزيرة موناكو حيث الطعام الفاخر "أوبن بوفيه " والخمور الإسكتنلدية المعتقة علاوة على نساء أوربيات جميلات وما أدراك عن نسوان أوربا لتمارس معهن الجنس بقضيب لا ينثنى ,ولكن أحب أن أكون واضحاً معك فرفضك العمل عند فنكوش سيجلب غضبه ليدخلك معتقل الباستيل وانت تعلم مافى هذا المعتقل من صنوف العذاب ,كما احب أن أشير أن الجائزة الكبرى فى موناكو أو العقاب الشديد فى الباستيل سيكون بعد إنتهاء مدة العقد.
يقاطع سعد حديث وكيل أعمال "فنكوش" ويقول له أن وكيل أعمال "سنحور" ذكر لى نفس الكلام ليصرخ وكيل أعمال فنكوش فى وجه سعد قائلا: إياك أن تصدق كلامه فهو نصاب وما يذكره عن سنحور كذب فلا وجود لسنحور هذا بل كل الوجود والعظمة لفنكوش لينتاب سعد القلق والحيرة ويقول فى سريرته ما الفارق بين سنحور وفنكوش فيبدو اننى وقعت وسط شلة نصابين يريدونى أن أعمل بلا مقابل لأأخذ خازوق فى النهاية فلا أجد سنحور هذا ولا فنكوش ذاك .
ما رأيك هل يعمل "سعد" عند سنحور أو فنكوش أو يهملهما .
* العلبه دى فيها فيل .
فيلم "سر طاقية الإخفاء " من كلاسيكات السينما لمصرية تدور احداثه حول الصراع بين توفيق الدقن وعبد المنعم ابراهيم حول الإستحواذ على طاقية الإخفاء ليستحوذ توفيق الدقن على الطاقية ويرغب فى إذلال عبد المنعم ابراهيم بقوته وشراسته ليعرض عليه علبة مجوهرات مغلقة ويسأله : العلبة دى فيها إيه؟!, فيبدى عبد المنعم جهله وحيرته ليصفعه توفيق الدقن على خده ويكرر بصوت أجش "العلبة دى فيها فيل" فيندهش عبد المنعم ابراهيم ويرتبك ويخاف ليسارع توفيق الدقن بصفعات متتالية صارخاً فى وجهه " العلبة دى فيها " ليردد عبد المنعم إبراهيم "العلبة فيها فيل" إتقاءاً للصفعات التى تنهال عليه ويجرى عبد المنعم إبراهيم فى الشارع هاذياً "العلبة فيها فيل" .!
ليس عبد المنعم ابراهيم الوحيد الذى يصرخ " العلبة دى فيها فيل" فالحياة تعج بمشاهد كثيرة تجعلنا نصرخ "العلبة دى فيها فيل" من تأثير صفعات نتوهم أنها بسبب الفيل الذى فى العلبة .
* الإمبراطور قزمان وجحر النمل .
يُحكى عن إمبراطور عظيم ذو ممالك عظيمة لا تغيب عنها الشمس قد إعتكف فى سنينه الأخيرة بقصره المترامى الأطراف لا يبارحه فلا يتفقد شئون مملكته العظيمة بكل ما يعتريها من مشاكل وأزمات ليتفرغ لمراقبة جحر نمل فى حديقة قصره يجلس أمامه بالساعات مراقباً النمل الذى يتحرك باحثاً عن رزقه لتستهويه هذه القضية وتأسر عقل الإمبراطور ويزيد من مراقبته اليومية مكلفاً رئيس حرسه ومخابراته "شوشان " ان يدون كل صغيرة وكبيرة لكل نمله فى الجحر فهاهى تلك النملة تختلس فتفوتة خبز وتضعها فى مكان متوارى وهاهو الشيصبان ( الشيصبان مذكر النملة ) يختلس النظر لنهد نملة عارى ,, فلتسجل هذا يا " شوشان" فأنا سأعاقبهم على فجرهم وقبحهم .
يُعجب الإمبراطوار بفرد من الشيصبان ويبديه عنايته فيرى ما يعتريه من مشاكل وأزمات فى علاقته العاطفية مع النملة "زمردة" لتتحرك قريحة الإمبراطور ويوصى "شوشان" أن يرسل رسالة عاجلة إلى الشيصبان يخبره بأنه يبارك زواجه من النملة "زمردة" فلا يبتئس ولا يحزن.
تمر السنون والأعوام والإمبرطور قزمان يجلس راصداً كل ما يدور فى جحر النمل بالرغم إمتلاكه لإمبراطورية مترامية الأطراف تداعت عليها المصائب والبلايا من قحط وجفاف وتفجيرات وإنهيارات ليظل الإمبراطور "قزمان" مُعتنى بجحر النمل لا يفارقه .
ماذا تقول عن الإمبراطور " قزمان" هل هو عاقل أم تافه أم من سردوا هذه الرواية عنه أصحاب عته .
* المهندس العبقرى "شوكت " .
"شوكت " يراه البعض مواطن حاصل على دبلوم مدرسة الصنايع ويراه مريديه مهندس عظيم فى مجال الإنشاءات الخرسانية والمعدنية ليتم تكليفه ببناء مدينة كبيرة كالقاهرة بكل مافيها من عمارات وأبراج وشوارع وميادين فى مشروع أطلقوا عليه مشروع القرن ليَهم "شوكت" بالبناء وينتهى فى مدة زمنية قياسية لم تتجاوز الست سنوات يتم بعدها إفتتاح المدينة فى حضور شخصيات عالمية ووكالات الأنباء والمحطات المتلفزة الفضائية ليتفاجأ الجميع بمهزلة القرن فقد وجدوا أن مئات الآلاف من الوحدات السكنية غير صالحة للسكن فقد نسى المهندس الهمام "شوكت" إمدادها بوسائل الحياة من مياه وكهرباء وصرف الصحى بل بلغ به الغباء نسيانه إنشاء سلالم فى العمارات والأبراج ليسخر الحاضرون منه ولكن مريدى المهندس "شوكت" وجدوا غرفة فى وحدة سكنية من ملايين الوحدات الخربة تحتوى على مياه وكهرباء وصرف صحى ليهللوا لمهندسهم العبقرى .
ماذا يمكن أن تصف ذلك المهندس و بماذا نصف المصفقين للمهندس الهمام.؟!
*ماذا لو فعلها بيل جيتس .؟!
يدور صخب شديد فى العالم حول ما يتردد حول عزم "بيل جيتس" مالك شركة مايكروسوفت حجب برامجه من الأسواق وعدم بيعها ليعلن أنه سيمنحها مجاناً لكل مُستخدم يفتح برامجه مسجلاً الدخول بباسورد يكتب فيه إسمه مع عبارة " كل المجد والعظمة لبيل جيتس " ففى حال كتابته لهذه العبارة فيمكن الدخول على برامجه والإستفادة منها بدون أن دفع أى مقابل مادى أما فى حال عدم كتابته التمجيد والتعظيم فلن يفتح البرنامج ولن يستفيد شيئاً لتدور نقاشات حول هذا المشهد ذو النرجسية الشديدة ليقول المقربون من "بيل جيتس" أن الرجل شديد الثراء والغنى وليس بحاجة إلى المزيد من المال وانه يمنح البشرية عصارة تفكيره وعبقريته فى برامج تفيد وتطور العمل والإنتاج فما المشكلة أن تقدموا له التمجيد والتسبيح وهو الملك المتوج على عرش البرامج الإليكترونية والمانح كل إبداعه للبشرية بينما هناك ملوك لا يقدمون شيئا ويحظون على التمجيد ,وهناك من يقدمون وعود وهمية لشعوبهم وينالون التمجيد أيضا فألا تتفكرون – يبقى الجدل قائما حول رغبة بيل جيتس الغريبة - فما رأيك !
* القائد نيسان سوزوكى .
يُحكى من تاريخ اليابان العظيم أن هناك قائد عسكري اسمه " نيسان سوزوكى ", حوصر مع جنوده في احدى المدن التي إحتلها, وتنامى لعلم هذا القائد من مصادر مخابراته أن بعض سكان المدينة هم السبب فى حصاره بتنسيقهم مع قائد الجيش الآخر "هونداى ميتسوبيشى " ليمدوه بالمعلومات اللوجستية ورغماً عن ذلك انتصر القائد " نيسان سوزوكى " العظيم وإنسحب الجيش الآخر ليفكر فى الإنتقام من خيانتهم له فيقرر أن يجمع كل ذكور المدينة ويطلب من جنوده ان يشلحوهم ليكشفوا عن أعضاءهم الذكورية وكل من وجودوا شعر عانته قد نبت تم إطلاق النار عليه ليدفن فى حفرة مكان وقوفه ,لينتهى القائد وجنوده من هذه المذبحة ويسمح لجنوده ان ينهبوا كل ما تطوله أيديهم وأن يأخذوا فتيات المدينة على معسكراتهم كترفيه لهم بعد عملهم المضنى .
السؤال هنا : كيف تصف القائد " نيسان سوزوكى " قائد محنك عادل جاء عقابه بقتل الصبية نبتت شعر عانتهم إنتقاماً من خيانة أباءهم هو تصرف حكيم رحيم أم هو قائد دموي عنيف لا يستحق أن يُطلق عليه لقب قائد نبيل.
* فتحى وسعدية ومتين .
ينوى "فتحى" السفر إلى إمارة " شبقستان" للعمل بعقد عمل مصاحباً معه زوجته " سعدية" وعند دخوله المطار أحس بنظرات شبقة من عسكر الإمارة لزوجته فقد كانت سعدية باهرة الجمال لتكاد العيون تخرج من مقلتيها من شدة أنوثتها وحسنها .. يصل أخيرا "فتحى" لمكان إقامته حيث كان فى إستقباله ابن بلده "سيد" مرحباً به ولكن فتحى ظل حائراً متوجساً من الإستقبال الذى لقيه بالمطار ليعلن ل"سيد" عما صار وتلك النظرات الشبقة لإمرأته ليقول له "سيد" أن رجال هذه الأمارة شبقون للنساء الجميلات وعلى رأسهم أمير الإمارة الشيخ " متين" لذا إحترس من الأيام القادمة فهم فى سبيل شهوتهم لا يتهاونون فيبذلون الغالى والنفيس فى سبيل نيل النساء او يضطهدون ويحاصرون عندما يفشلون فى نيل مرادهم .
يذهب "فتحى" لإستلام عمله فى صباح اليوم التالى ليجد رئيس العسكر فى صحبة مدير المؤسسة ليسأله رئيس العسكر عن المرأة المليحة التى كانت معه فى المطار فالأمير "متين " وصلت إليه معلومات أنه إمرأة موزة لم تشهد الإمارة مثلها من شهور عديدة .(موزة كلمة مصرية تعنى أنثى رائعة )
تنتاب فتحى حالة ممزوجة من الدهشة والخوف ليتذكر كلام ابن بلده "سيد" عن شبق الأمير وشراسته فيقول لقائد العسكر أن "سعديه"هى أخته فيتهلل وجه قائد العسكر ويعلن أن الأمير سيفرح لذلك وسيجزل لك الهدايا والعطاء وكل ما تريده من مال وذهب وسيارات ستناله فى سبيل ان تكون سعدية فى حضن الأمير " متين" .
يذهب فتحى مسرعا لسعدية ويخبرها عما حدث ويرجوها أن تقول عنه أنه أخوها حتى لا يضهده الأمير ويبشرها فرحاً بالخير الوفير الذى سينالونه عندما تذهب للأمير فى مخدعه .
ما رأيك فى السيد فتحى .؟!
* الباحث عن المفتاح .
نكته طريفة تحكى عن شخص مسطول وقع منه مفتاح منزله فى شارع مظلم فوقف حائراً لدقائق ليذهب بعدها إلى عمود نور يبحث تحته عن المفتاح , ليقابله جاره ويسأله عما يبحث فيقول له: أبحث عن مفتاح وقع منى ليعرض الجار مساعدته فى البحث عن المفتاح ويسأله هل وقع منك عند هذا العمود فيقول له المسطول : لا وقع فى المنطقة المظلمة التى هناك ليستغرب الجار ويقول لماذا تبحث عند العمود ولا تبحثه فى مكان وقوعه ليبادره المحشش : شايفنى عبيط فكيف أبحث عنه فى الشارع المظلم .!
ما رأيك فى فكر المسطول ولكن قبل ان تتسرع فى الإجابة فعليك أن تدقق وتتأمل كثيرا فستجد أن مشهد الذين يبحثون عن مفاتيحهم الضائعة تحت عمود الإنارة تاركين مكان سقوطه شائع والكثيرون يمارسونه .
وإلى تنبيطات أخرى لكم منى كل المودة .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته "- حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟