|
الدستور بين السلفيين والكنيسة
هشام حتاته
الحوار المتمدن-العدد: 4271 - 2013 / 11 / 10 - 17:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من اهم مزايا الثورة الاولى فى 25 يناير 2011 انها شرت حاجز الخوف من نفوس المصريين التى استحكمت فيهم طوال تاريخ مليئ بالقهر السياسى والاستبداد السلطوى ناهيك عن قهر الفقر والمرض وان كانت حالة الفوضى التى تلت هذا الكسر لحاجز الخوف تعتبرمن الاثار السلبيه فهذا من طبائع الامور حتى تعود الدولة الى فرض هيبة القانون على الشارع . من اهم ماكشفه لنا كسر حاجز الخوف هو ظهور حالة التناقض العميق بين تيار ليبرالى مدنى يريد ترسيخ الهوية المصرية بما فيها من الاسلام المتسامح ، امام تيار اسلام سياسى يتاجر بالدين متحالف مع تيار سلفى يريد ترسيخ الهوية العربية على حساب الهوية المصرية تحت ادعاءات الهوية الاسلامية والتى لاتعدو الا ان تكون الاسلام المتشدد . انكشف تيار الاسلام السياسى بعد عام من وصولهم للسلطة ، وبقى التيار السلفى والتى استعانت به الثورة الثانية فى 3 يوليو كحائط صد امام اى ادعاءات من جماعه الاخوان ان الثورة الثانية كانت ضد التيار الاسلامى او المشروع الاسلامى ولكن ومع البدايات الاولى اتضح وبجلاء ان السلفيين يكررون نفس ادعاءات الاخوان المسلمين عندما اعتبروا انفسهم ممثلى المشروع الاسلامى ضد الكفار . متناسين ان الصراع الحقيقى لم يكن بين مسلمين وكفار، ولكنه كان بين المطالبين بترسيخ الهوية المصرية فى الدستور بما تحمله من الاسلام الوسطى ، ضد ممثلى الهوية العربية البدوية الوافدة على الثقافة المصرية تحت زعم الحفاظ على الهوية الاسلامية للدولة علينا ان نعرف اولا وبايجار شديد ماهية الهوية ؟ الهوية حسب اعتقادى انا هى ( التكوين المعرفى ) للانسان فى اى زمان واى مكان ، هناك خطوط عامه لمدخلات الهوية للشعوب ، اماالهوية الفردية للانسان داحل اى من هذه الشعوب فتختلف من انسان الى آخر حسب (التراكم المعرفى ) تتكون هوية الشعوب من الجغرافيا والتاريخ والدين ، فاجغرافيا تعنى طبيعه المجتمع مابين مجتمع زراعى ومجتمع صحراوى ومجتمع بحرى وآخر جبلى ، اما التاريخ فهو مجموع الفترات التاريخية التى مر بها هذا الشعب سواء غازيا منتهبا ام محتلا خانعا ودورة الحضارى فى زمانه ومكانه ، اما الدين فهو افراز طبيعى للجغرافيا والتاريخ فالدين هو ابن شرعى للزمان والمكان وتظهر المشكلة عند نقل هذا الابن الشرعى اى مجتمع آخر يختلف فى الجغرافيا والتاريخ وله جذور اخرى ممتده فى عمق التاريخ ، وهذا هو المازق الحقيقى للمجتمع المصرى والتى اظهرته الثورة المصرية . الشعب المصرى ترسخت فى هويته الدينية الدين الليبرالى ( تعدد الآلهه الاقليمية مع وحدانية الاله الجالس فى السماء والذى يمثله على الارض الفرعون ) والذى كان نتاجا للطبيعه المجتمع الزراعى فى تعدد كافة اشكال الحياه . وعندما جاء الاسلام بالتوحيد المطلق لم يعدم المصريين حيله من آختراع تعدديه اخرى فى ظل هذا التوحيد وهو المتمثل فى الياء الله الصالحين بداية من القرية وحتى عاصمة الاقليم والاقاليم الاخرى حتى العاصمة ( مابين الشيخ النشار فى قريتناالصغيرة والذى عشت تاريخ صناعته فى الستينات من القرن الماضى – من موته الى اعتباره وليا من اولياء الله حتى اصبح له مقام ويحتفل فيه بمولده كل عام – وحتى الشيخ البسيونى فى مدينة بسيون التابعه له قريتنا ثم السيد البدوى فى طنطا وانتقالا الى الحسين والسيده زينب وعلى زين العابدين وغيرهم فى القاهرة ) انها العبقرية المصرية فى الاحتفاظ بليبرالية التعدد الدينى اما قسوة التوحيد البدوى والذ ايضا كان نتاجا للطبيعه الصحراوية الممتده بلا نهاية ذات اللون الواحد ( الاصفر ) ومصارد انتاج واحده ( الرعى ) واسلوب حياه واحد ( الترحال ) وحمى القبيلة مستعينا به عن حمى الوطن . وهذا الفكر هو الذى تسلل الى مصر بداية من منتصف سبعينات القرن الماضى قادما الينا من صحراء جزيرة العرب والمختلف تماما عن الثقافة المصرية الضاربة فى العمق .والذى ساعدت على انتشارة ظروف اقتصادية واجتماعيه عديدة شرحنا كثيرا فى العديد من كتاباتنا ( انظر مقالة لناعلى الحوار المتمدن بعنوان : دور المخابرات السعودية فى نشر المذهب الوهابى ) وكان هذا هو توصيف المشهد الذى رأيناه بعد الثورة بداية من جمعه قندهار التى اسفر فيها السلفيين عن وجههم القبيح ورفعوا اعلام السعودية والقاعدة ، وحتى رأينا الانقسانم فى لجنة الخمسين لاعداد الدستور . انصار الدولة المدنية يريدون الدولة المدنية التى التى يكون عنوانها هو الهوية الصرية بما فيها الدين الاسلام المتسامح والتى يمثلها المثقفون والفنانون والليبراليون والعلمانيون واليساريون والناصريون ، وانصار الدولة الدينية يريدن الهوية الاسلامية بما تحملة من الثقافة البدوية الرجعية المتخلفة الظلامية المتكلسة منذ اكثر من 1400 عاما على اعتاب اهل السنه والجماعه معتمدين على الجهلة وانصاف المتعلمين والمخدوعين من بعض المثقفن بالحل الاسلامى ، ويريدون تضمين ذلك فى الدستور الجديد . اخطات الدولة حينما سمحت للسلفيين باحتكار الحديث والدفاع عن الهوية الاسلامية لتكرس الفرز مرة اخرى بين الاسلام والكفر ، ولكن هذا ماحدث واصبح امرا واقعا . واخطأ ممثلى الكنيسة المصرية الثلاثة فى اللجنه عندما سمحوا بعدم تضمين المادة الاولى فى الدستور كلمه ( مدنيه ) علما بان وثيقة الازهر الشهيرة منذ حوالى عامين نصت على ( مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة ) وفى حوار للدكتور جابر نصار استاذ القانون الدستورى ورئيس جامعه القاهرة وعضو ومقرر لجنه الخمسين لاعداد الدستور فى حواره مع الاعلامى اسامه كمال فى برنامج القاهرة 360 على فضائية القاهرة والناس اول امس تطرقوا الى وغيره من الاتهامات الموجهه الى اللجنه بهمينه السلفيين عليها وفرض رؤيتهم للهوية الاسلامية فكان تعليل الدكتور نصار ان ممثلى ان ممثلى حزب النور فى اللجنه واحد لاغير فى حين ان ممثلى الكنسية ثلاثة ، وقد وافقوا على عدم تضمين المادة الاولى بهذه الكلمة ، وعلل ايضا انه لايوجد دستور فى العالم يحمل كلمة مدنية ، وهذا ايضا ما صرحت به المستشاره تهانى الجبالى امس فى حوار لها على فضائية التحرير ، وقالت ان اجمالى المواد التى يتضمنها الدستور هو الذى يعبر عن مدنية الدولة او عدم مدنيتها . فاذا كان هذا القول حقيقيا واعتقد انه ذلك لاننى اثق فى المستشارة الجبالى وايضا الى حد ما بالدكتور نصار وان كان يدافع عن الججنة بصفته احد اعضائها ومقررها ، الا اننا فى مصر امام وضع مختلف عن باقى دول العالم ز هناك فريق من الشعب يزيد عن السبعين فى المائه ( اذا اضفنا الكتله التصويتيه المسيحية ) مع الدولة المدنية بهويتها الاسلامية المصرية ، وفريق آخر مع الدولة الدينية بهويتها الاسلامية البدوية ، وهذا وضع لم نجده من قبل فى اى دولة وكان نتيجة للتراكمات التى ذكرناها فى يداية المقال . فكل دولة لها طبيعتها ، لا اختلاف فى مفاهيم الديمقراطية والليبرالية ، ولكن عند كتابه الدستور يجب ان يراعى ان هناك انقسام بين هويتين ، هوية اسلامية مصرية وسطية ، وهوية اسلامية بدوية متشدده وافده من صحراء جزيرة العرب وكان يجب ان ينص الدستور على الدولة المدنية للفصل بين الهويتين . ربما اقتنع ممثلى الكنيسة بتفسير الدكتورنصار وغيرة من اساتذه الدستور ومنهم المستاشارة الجبالى ، ولكن كان عليهم ان يعلموا ان الحالة المصرية مختلفة ، فكان لابد من حسم الصراع بين الهويتين فى الدستور . ولكن من الواضح من وجود ممثلى التيارات الدينية المختلفة على الساحة المصرية فى لجنة الخمسين كان مدعاه لكل طرف ان يحصل لطائفته على النصيب الاوفر من العنائم الدستورية ، فارتاح ممثلى الكنسية الى نص الدستور على احتكام المسيحيين الى شرائعهم فى الاحوال الشخصية والى النص على حرية ممارسة الشعائر الدينية – الذى عليه خلاف حتى الان وان كنت اعتقد انه سيتم الموافقة عليه – فى مقابل التنازل عن مدنية الدولة لارضاء السلفيين ، دون ان يعلموا ان عدم النص على مدنية الدولة فى هذا الظرف الحساس سيترتب عليه آثار وخيمة سيدفع ثمنها الاقباط المصريين بعد حين وبالامس وجدت عل الفيسبوك اتهامات من المسيحيين لشيخ الازهر بانه انحاز الى السلفيين ، ناسين او متناسين ان وثيقة الازهر التى اشرت اليها كانت تحمل عبارة ( مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثه ) ومن تنازل عنها هم ممثلى الكنسية المصرية مكتفين من الغنيمة بترسيخ هيمنه الكنيسة على رعاياها دون اى اعتبارات اخرى . كنا نامل من ممثلى الكنيسة الدفاع عن الهوية المصرية والتى هى هويتهم بالاساس ضد الهوية البدوية الوافده ، واعتقد ان الكنسية ستوجه رعاياها الى الموافقة على الدستور، وبذلك يفقد انصار الدولة المدنية شريحة تصويتيه كبيرة كنا نعتمد عليها فى اسقاط هذا الدستور بما يحملة من فيروسات السلفيين ، وسيندمون يوم لاينفع الندم . وان غدا لناظره قريب
#هشام_حتاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسكوكات العمله وتزوير التاريخ : دور الامويين فى الاسلام (3 )
-
فى ممالك البترودولار : الامير وهاب نهاب
-
تزوير التاريخ : دور الامويين فى الاسلام (2)
-
تزوير التاريخ : دور الامويين فى الاسلام (1)
-
فى ممالك البترودولار : قهوة الامير ب 2 مليون ريال
-
التاريخ النائم : مقتل عثمان وعزل مرسى
-
التاريخ النائم : من سقيفة ابوبكر الى لجنة انتخاب مرسى
-
الى لجنة الدستور : حذار من شريعة السلفيين
-
الدين بين الحوريات والافيون
-
حزب الظلام الوهابى ولجنة الدستور
-
الاسطورة واللاوعى الجمعى : السيسى نموذجا
-
الضلالات الدينية وخطأ وخطيئة البرادعى
-
حقوق الانسان وحقوق البشر
-
خواطر رمضانية ( الحلف الثلاثى واللواء صلاح حتاته والاخوان )
-
ردا على مقالة خير اجناد الارض للزميل يونس : نعم .. مصر خير ا
...
-
كيميت تنهض من جديد وحورس يحلق فى سمائها
-
العودة للقرابين البشرية فى أبو النمرس
-
ردا على مقالة خير اجناد الارض للزميل يونس : نعم .. مصر خير ا
...
-
( حور محب - السيسى ) هل يتكرر التاريخ ؟
-
مرسى بين ايزيس المصرية والبعولة العربية
المزيد.....
-
استقبل NOW تردد قناة طيور الجنة أطفال 2024 بجودة فائقة على ا
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف هدف حيوي جنوب فلسط
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق: هاجمنا بالطيران المسير هدفا عس
...
-
“ماما جابت بيبي” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة 2024 على ا
...
-
الحلو صار يحبي .. استقبل تردد قناة طيور الجنة 2024 الجديد عل
...
-
خلى طفلك يستمتع باجمل الاغانى والاناشيد.. التردد الجديد لقنا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن استهداف مستوطنة مرغليوت بصل
...
-
غضب فرنسي من إسرائيل واستدعاء لسفيرها بعد اعتقال دركيين في إ
...
-
فتوى دينية من غزة تدين هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أك
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام في باريس تقرع مجددا لأول مرة منذ حري
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|