|
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء السادس
أشواق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 1218 - 2005 / 6 / 4 - 07:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
و في بعض الأحيان يدعى أيضا انه يمكن الوصول إلى تشجيع السياسات الاقتصادية الفاضل من خلال المحادثات و الحوار بين الحكومات و بين وكالات المساعدات و من خلال التدخل الوثيق لمقدمي المساعدات في اختيار السياسيات للبلدان المتلقية للمساعدات . لكن منح المساعدات لا يجب أن يكون مشروطا باتفاق الطرفين و فكرة الشرطية أو الرافعة كما تسمى ، فكرة أساسية و ربما كامنة في سياسات الوكالات المالية الرئيسية التي تهتم حاليا بالسياسات الاقتصادية العامة للبلدان النامية و تلك هي ( البنك الدولي – صندوق النقد الدولي – وكالة الولايات المتحدة للتنمية ) و هذه المؤسسات الثلاثة سنشير إليها لاحقا بالتفصيل ، منهمكة بشكل عميق في وضع مبادئ العمل العام لاستخدام مصادرها . و الإشكالية أن هذه الوكالات الثلاثة تحظى باحترام كبير في الدول المتقدمة لأنه ليس هناك إلا معرفة ضئيلة بما تقوم به فعليا و ذلك بسبب قلة ما ينشر عنها ، و بين وجهات نظر هذه الوكالات من التنمية و أساليبها في حفز البلدان على إتباعها مثل صندوق النقد الدولي و السبب في ذلك طبعا أن المفاوضات لكي تبني سياساتها تتم في سرية مطلقة لحساسية الموضوع . لذلك فالافتراض السائد في البلدان المتقدمة أن الروافع أو استخدام المساعدات من اجل التأثير في سياسات الدول النامية هي بطريقة أو بأخرى ضرورية بل و مرغوب فيها و فكرة الروافع لم تناقش كثيرا . و حتى من وجهة نظر أولئك الذين يتلقونها فان للمساعدات عددا من المساؤى الإضافية ، فمثلا يمكن استخدام المساعدات مباشرة كرشوة للتأكد من تبني إجراءات في العالم الثالث موائمة لمانحي المساعدات و غير موائمة لمتلقيها ، و قد يمكن أن تستخدم عن سبق إصرار أو بدونه في مشروعات تفقر جماهير السكان . و هي في العادة تضيف إلى حمل الديون التي تحملها الدول التي تتلقاها ، و من هنا تزيد تبعيتها و من ناحية أخرى فهي شكل من أشكال الدعم للشركات الدولية يقدمه دافعوا الضرائب في البلدان الامبريالية . لقد دفع العالم المتقدم للعالم الفقير خلال الثلاثين سنة الماضية مايزيد عن 1400 مليار دولار لكن الفقر خلال نفس السنوات ازداد انتشارا . فما حدث ؟ و أين ذهبت تلك المعونات ؟ ، مع العلم انه في نفس تلك الفترة بلغت مديونية العالم العربي 1200 مليار دولار . أي أن المعونات غطت المديونية بل فاقتها بـ 200 مليون دولار . يبقى السؤال أين ذهبت أموال المعونات ؟ ، و أين ذهبت أموال القروض و كيف تفاقمت المديونية رغم توازيها مع الحصول على المعونات ؟ . الهدف المعلن هو رخاء العالم و لكن تحت اسم المعونات تمشي الصفقة ، فمثلا إسرائيل و مصر تحصلان على اكبر المعونات التي تدفعها أمريكا و السبب طبعا المصالح الأميركية في المنطقة أما الجانب الآخر من التل فهم هؤلاء الذين يتلقون العون عبر آلية محفوظة ، أي الخضوع لشروط المانح و حاجته لتحقيق توازن اقتصادي و مالي هو غير موجود دائما ، إلا أن الإشكالية الحقيقية تكمن في أن الجزء الأعظم من المعونات يعود إلى موطنه و قسم كبير يتم إنفاقه على الخبراء و المستشارين الذين تفرضهم الدول المانحة على الدول المتلقية عند إعطائها المنح بالإضافة إلى سلع باهظة الثمن . إذا إنها تبعية و استعمار من نوع جديد لأنه مقابل العون هناك تسهيلات حربية و تدخل في السياسيات و القرارات و المواقف ، لذا لا بديل عن التنمية الذاتية و الجهد الوطني و قد حان وقت الفطام فلا شئ لوجه الله و إنما كل شئ من اجل المصالح .
المشكلة الكبرى تكمن في أن كثيرا من الحكومات العربية تعرف قيمة العون ، لكنها لا تريد أن تعرف كم تدفع من ثمن . فالعالم الثالث بشكل عام و العرب بشكل خاص بحاجة إلى ثروة اقتصادية و ثورة في المفاهيم ، انه بحاجة إلى أن يصنع نفسه بنفسه لا أن يستورد كل شيء حتى برامج و فلسفة الإصلاح ، و هذا لا يعني طبعا أن المطلوب هو الانعزال عن العالم لكن السؤال الذي يطرح نفسه علينا ، أي قدر من الاندماج و أي قدر من الخصوصية ؟ ، أي قدر من الاعتماد على الذات و أي قدر من الاعتماد على الآخرين ، تلك هي القضية . فارتفاع رقم المديونية العربية رغم حجم المعونات الكبيرة التي تحصل عليها يترجم بغياب البرامج الوطنية و الإدارة الاقتصادية السليمة . ففقراء العرب مازالوا يستمرون فباستيراد أنماط الحياة الغربية ، و بالتالي أصبح عليهم أن يدفعوا إضافة إلى ديونهم ثمن تقليدهم للأغنياء ، و بالتالي زادت الديون وزاد اقتراض الدول العربية و النامية . المعادلة واضحة جدا فهل نقبل بفكرة الاندماج عالميا و نأخذ الروشتة التي تم تجهيزها لنا ، الاستسلام لا يفيد ! . فالدول الرأسمالية تسعى في إتمام سيطرتها على دولة ما بمنحها أحيانا القروض أو بإعطائها المعونات و المساعدات . فعند دراسة حالة الدولة المدينة تقرر الدول المانحة فيما إذا كانت تبعية هذه الدولة المدينة ستكون أقوى فيما إذا دفعت لها بأموالها على شكل قروض أو على شكل منح و معونات . أي اعتمادا على دراسة واقع الدولة الاقتصادي و المالي و السياسي يتقرر ما إذا كانت الأموال ستصلها قرض يعاد تسديده علنا أو منحة يعاد تسديدها سرا و بشكل غير مباشر .
#أشواق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الخامس
-
التضخم المستورد
-
رسالة إلى المؤتمر القطري العاشر .
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الرابع
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الثالث
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الثاني
-
خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الاول
-
اسباب نشأة المديونية الدولية
-
الاسرائيليين و هوس الكلام
-
مالذي يريده الاخوان المسلمين بالتحديد
-
كيفية وضع دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع
-
من اين يبدأ الاصلاح
-
قراءة في مفهوم الديمقراطية الشرق أوسطية
-
العلاقات السورية – الأميركية
-
النفط العراقي و الخصخصة القادمة
-
العلاقات السورية اللبنانية
-
ألية وضع الخطة المالية في المشاريع الاستثمارية
-
قضايا الإصلاح في العالم العربي
-
عراق ما بعد الانتخابات
-
منتدى المستقبل و الاصلاح في العالم العربي
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|